ادي السّباع
جمع سبع، والسبع يقع على ما له ناب ويعدو على الناس والدواب فيفترسها مثل الأسد والذئب والنمر والفهد، فأما الثعلب فإنه وإن كان له ناب فإنه ليس بسبع لأنه لا عدوان له وكذلك الضبع ولذلك جاءت الشريعة بإباحة لحمهما، ووادي السباع الذي قتل فيه الزبير بن العوام: بين البصرة ومكة، بينه وبين البصرة خمسة أميال، كذا ذكره أبو عبيدة. و من نواحي الكوفة، سمي بذلك لما أذكره لك، وهو أن أسماء بنت دريم بن القين بن أهود بن بهراء كان يقال لها أم الأسبع وولدها بنو وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة يقال لهم السباع، وهم: كلب وأسد والذئب والفهد وثعلب وسرحان وبرك، وهو الحريش ويقال له كركدّن له قرن واحد يحمل الفيل على قرنه على ما قيل، وخثعم، وهو الضبع، والفزر، وهو اليربوع من السباع دون جرم الفهد إلا أنه أشد وأجرى، وعنزة، وهي دابة طويلة الخطم تعدّ من رؤوس السباع، يأتي الناقة فيدخل خطمه في حيائها ويأكل ما في بطنها، ويأتي البعير فيمتلخ عينه، وهرّ وضبع والسّمع، وهو ولد الذئب من الضّبع، وديسم، وهو الثعلب وقيل ولد الذئب، قال الجوهري: قلت لأبي الغوث يقولون إن الدّيسم ولد الذئب من الكلب، فقال: ما هو إلا ولد الذئب، ونمس، وهو دويبة فوق ابن عرس يأكل اللحم وهو أسود ملمّع ببياض، والعفر، جنس من الببر، وسيد والدّلدل والظّربان، دويبّة نتنة الفساء، ووعوع، وهو ابن آوى الضخم، وكانت تنزل أولادها بهذا الوادي فسمي وادي السباع بأولادها، قال ابن حبيب: مرّ وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى ابن دعمي بن جديلة بن أسد بن نزار بن معد بن عدنان بأسماء هذه أم ولد وبرة وكانت امرأة جميلة وبنوها يرعون حولها فهمّ بها فقالت له: لعلك أسررت في نفسك مني شيئا؟ فقال: أجل، فقالت: لئن لم تنته لأستصرخنّ عليك، فقال: والله ما أرى بالوادي أحدا! فقالت له: لو دعوت سباعه لمنعتني منك وأعانتني عليك، فقال: أوتفهم السباع عنك؟ قالت: نعم، ثم رفعت صوتها يا كلب يا ذئب يا فهد يا دبّ يا سرحان يا أسد يا سيد! فجاؤوا يتعادون ويقولون: ما خبرك يا أماه؟ فقالت: ضيفكم هذا أحسنوا قراه، ولم تر أن تفضح نفسها عند بنيها، فذبحوا له وأطعموه، فقال وائل: ما هذا إلا وادي السباع! فسمي بذلك، قال ابن حبيب: هو الوادي الذي بطريق الرّقّة، وقال السفّاح بن بكير: صلّى على يحيى وأشياعه ربّ كريم وشفيع مطاع أمّ عبيد الله ملهوفة، ما نومها بعدك إلا رواع كما استحنّت بكرة واله حنّت حنينا ودعاها النزاع يا فارسا ما أنت من فارس موطّأ الأكناف رحب الذراع قوّال معروف وفعّاله، عقّار مثنى أمّهات الرباع يعدو ولا تكذب شدّاته كما عدا الذئب بوادي السباع وهي طويلة، وقال أيضا: مررت على وادي السباع ولا أرى كوادي السباع حين يظلم واديا أقلّ به ركبا أتوه وبيئة وأخوف إلا ما وقى الله ساريا
[معجم البلدان]
وادي السباع:
بالبصرة على طريق المدينة، سمي بذلك لأن أسماء بنت عمران بن الحاف بن قضاعة (1) كانت تنزله ويقال لها أم الأسبع، لأن ولدها أسد وكلب والذئب والدب والفهد والسرحان. وأقبل وائل بن قاسط فلما نظر إليها رأى امرأة ذات جمال فطمع فيها، ففطنت له فقالت: لو هممت بك لأتاك أسبعي، فقال: ما أرى حولك أسبعاً، فدعت بنيها فأتوا بالسيوف من كل ناحية، فقال: والله ما هذا إلا وادي السباع، فسمي به. وبهذا الموضع قتل الزبير بن العوام
رضي الله عنه لما رجع عن يوم الجمل، قتله عمرو بن جرموز. قالوا (2) : خرج علي
رضي الله عنه حاسراً على بغلة رسول الله يوم الجمل فنادى: يا زبير اخرج إلي، فخرج إليه الزبير شاكاً سلاحه، فقيل ذلك لعائشة
رضي الله عنها فقالت: واحزنك (3) يا أسماء، فقيل لها إن علياً حاسر فاطمأنت، واعتنق كل واحد منهما صاحبه، فقال له علي رضي الله عنك: ويحك يا زبير، ما الذي أخرجك؟ قال: دم عثمان
رضي الله عنه، قال: قتل الله تعالى أولانا بدم عثمان، أوما تذكر يوم لقيت رسول الله
ﷺ وهو راكب حماره، فضحك إلي وضحكت إليه وأنت معه، فقلت أنت: يا رسول الله ما يدع علي زهوه، فقال: " ليس به زهو، أتحبه يا زبير "؟ قلت: والله إني لأحبه، فقال: " إنك ستقاتله وأنت له ظالم ولينصرن عليك "، فقال الزبير: أستغفر الله لو ذكرته ما خرجت، فكيف أرجع الآن وقد التقت حلقتا البطان؟ هذا والله العار الذي لا يغسل أبداً، فقال: يا زبير ارجع بالعار قبل أن ترجع بالعار والنار، فرجع الزبير وهو يقول: اخترت عاراً على نار مؤججة. .. أنى يقوم لها خلق من الطين نادى علي بأمر لست أجهله. .. عار لعمرك في الدنيا وفي الدين فقلت حسبك من عذل أبا حسن. .. فبعض هذا الذي قد قلت يكفيني ورجع الزبير إلى عائشة
رضي الله عنها فقال: ما كنت في موطن منذ عقلت إلا وأنا أعرف فيه أمري غير موطني هذا، قالت: فما تريد أن تصنع؟ قال: أريد أن أدعهم وأذهب، فقال له ابنه عبد الله: جمعت هذين حتى إذا حدد بعضهم إلى بعض أردت أن تتركهم وتذهب؟! قال: ذكرني يا بني أمراً كنت أنسيته، فقال: لا والله ولكن فررت من سيوف بني عبد المطلب فإنها طوال حداد تحملها فتية أنجاد، فقال: لا والله ولكن ذكرني ما أنسانيه الدهر فاخترت العار على النار، أفبالجبن تعيرني لا أبا لك!؟ ثم قلع سنانه وشد على ميمنة علي
رضي الله عنه فقال: افرجوا له فقد هاجوه، وشد في الميسرة، ثم مضى منصرفاً حتى أتى وادي السباع، والأحنف بن قيس معتزل في قومه من بني تميم، فقال له رجل: هذا الزبير ماراً، فقال الأحنف: ما أصنع بالزبير وقد جمع بين فئتين عظيمتين من الناس فقتل بعضهم بعضاً، وهو مار إلى منزله سالماً، ما رأيت مثل هذا، أتى بحرمة رسول الله
ﷺ يسوقها فهتك عنها حجاب رسول الله
ﷺ وستر حرمته في بيته، ألا رجل يأخذ لله منه؟ فلحقه نفر من بني تميم سبقهم إليه عمرو بن جرموز، وقد نزل للصلاة، فقتله وهو ابن خمس وسبعين سنة، وأتى عمرو بن جرموز بسيف الزبير وخاتمه إلى علي
رضي الله عنه، فقال علي: هذا سيف طال ما جلى الكرب عن وجه رسول الله
ﷺ، لكن الحين ومصارع السوء، وقاتل ابن صفية في النار، ففي ذلك يقول عمرو بن جرموز: أتيت علياً برأس الزبير. .. وقد كنت أرجو به الزلفه فبشر بالنار قبل العيان. .. فبئست بشارة ذي التحفه لسيان عندي قتل الزبير. .. وضرطة عير بذي الجحفة وفي ذلك تقول زوجه عاتكة بنت عمرو بن زيد بن نفيل أخت سعيد بن زيد: غدر ابن جرموز بفارس بهمة. .. يوم اللقاء وكان غير معرد يا عمرو لو نبهته لوجدته. .. لا طائشاً رعش البنان ولا اليد ثكلتك أمك إن قتلت لمسلماً. .. حلت عليك عقوبة المتعمد إن الزبير لذو بلاء صادق. .. سمع سجيته كريم المشهد فاذهب فما ظفرت يداك بمثله. .. فيما مضى فيما تروح وتغتدي (1) عند ياقوت: أسماء بنت دريم بن القين، وولدها بنو وبرة بن تغلب. (2) مروج الذهب 4: 317، وفي ما هنا بعض زيادة. (3) مروج الذهب: وأثكلك.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]