البحث

عبارات مقترحة:

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...

المقتدر

كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...

الحي

كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...

شروط الموقوف عليه

‌الموقوف ‌عليه قسمان: معَّين، واحداً فأكثر. غير معَّين، كالوقف على الجهات، كالفقراء مثلاً. ولكل قسم منهما شروط. ‌‌شروط ‌الموقوف ‌عليه المعَّين إذا كان ‌الموقوف ‌عليه معيناً، واحداً فأكثر، اشترط فيه الشرط التالي: إمكان تمليكه عند الوقف عليه، وذلك بأن يكون موجوداً في واقع الحال. فلا يصحّ الوقف على ولد له، والواقع أنه ليس له ولد. وكذلك لو وقف على الفقراء من أولاد فلان، ولا فقير فيهم عند الوقف، فإن هذا الوقف غير صحيح. ولا يصحّ الوقف أيضاً على جنين، ولا على ميت، ولا على دابة، ولا على دار. وغير ذلك مما لا يتصور صحة تملكهم في حال الوقف عليهم. وعليه فلا يصحّ وقف المصحف وكتب العلم الشرعية على غير مسلم لعدم جواز تمليكه إيّاها. ولا يصحُ وقف من الواقف على نفسه أصالة، لعدم الفائدة في ذلك، لأنه من باب تحصيل الحاصل، فهو ملكه قبل الوقف، ولم يحدث بعد الوقف شئ جديد. ‌‌الوقف على الكافر أجاز علماء الشافعية والوقف على كافر إذا كان ذمياً معيّناً ما دام الواقف لا يقصد بوقفه عليه معصية، وذلك لأن الصدقة تجوز على الذمِّي، فكذلك الوقف جائز عليه. فإذا لوحظ عند الوقف عليه مراعاة معصية، كما لو وقف على خادم كنيسة لخدمته الكنيسة، فإن هذا الوقف غير صحيح، وذلك لمنافاة المعصية المشروعية الوقف. والمُعاهَد والمستأمن في صحة الوقف عليهما كالذميّ، وما داما حالِّيْن في ديار المسلمين، سارية عليهما عهودهم. أما الكافر الحربي والمرتد، فلا يصحّ الوقف عليهما، لأنهما ما داما كذلك، فلا دوام لهما، ولا يُقرِّان على كفرهما، والوقف صَدَقَة جارية فكما لا يصحّ وقف ما لا دوام له، لا يصح أيضاً الوقف على من لا دوام له. فقد ورد الشرع بقتالهما وقتلهما. روى البخاري (25) في (كتاب الإيمان)، باب (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلّوا سبيلهم)، ومسلم (22) في (كتاب الإيمان)، باب (الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله)، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، قال: رسول الله : " أمرت أن أُقاتلَ الناس حَتَّى يشهدُوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ مُحمداً رسولُ الله، ويُقيموا الصلاة، ويُؤتُوا الزكاة، فإذا فَعلُوا ذلك عَصَمُوا مّني دماءهم إلا بحقِّ الإسلام، وحسابهم على الله ". [عصموا مني دماءهم: حفظوها وحقنوها. إلا بحق الإسلام: أي إلا إذا فعلوا ما يستوجب عقوبة مالية أو بدنّية في الإسلام، فإنهم يؤاخذون بذلك قصاصاً. وحسابهم على الله: أي فيما يتعلق بسرائرهم، وما يضمرون]. وروى البخاري (2795) في (كتاب الجهاد)، باب (لا يعذَّب بعذاب الله)، والترمذي (1458) في (كتاب الحدود)، باب (ما جاء في المرتد)، وغيرهما، عن عكرمة رضي الله عنه: أن النبي قال: " مَن بدّل دينه فاقتلوه" ‌‌شروط الموقوف عليه غير المعين: يشترط في الموقوف عليه غير المعين: كالفقراء، والمساجد والمدارس وغيرها، حتى يكون الوقف عليه صحيحاً شرعاً شرط واحد، وهو: أن لا يكون في ذلك الوقف وقف على معصية من المعاصي، لأن الوقف عندئذ إنما يكون إعانة على فعل المعاصي، وتثبيتاً لوجودها، والوقف إنما شُرِّع للتقرب إلى الله تعالى، فهو والمعصية إذاً ضدّان لا يجتمعان. وبناءً على ما سبق، فإنه لا يصحّ وقف يكون ريعه لمعابد الكفّار، كالكنائس والبيعّ، ولا على خدمتها، وفرشها وقناديلها، ولا على تأسيسها أو ترميمها، وغير ذلك مما يتعلق بها. ومثل هذا وقف السلاح على أصحاب الفتن وقّطاع الطرق، فإن ذلك لا يجوز أيضاً، لأن فيه الإعانة على المعاصي، كما سبق أن ذكرنا. يتضح مما سبق أن الوقف على الفقراء، والعلماء والقرّاء والمجاهدين، والكعبة والمساجد والمدارس والثغور، والمستشفيات، وتكفين الموتى، كل ذلك جائز شرعاً، بل هو قربة مستحبة، دعا الدين إليها، ووعد بالثواب عليها، ودليل ذلك عموم تلك الأدلة التي دلّت على مشروعية الوقف، والترغيب فيه، وقد مرّ ذكرها. ‌‌الوقف على الأغنياء هذا ويجوز شرعاً الوقف على الأغنياء لأن الصدقة تجوز عليهم، وليس في الوقف عليهم معصية لله تعالى، وكذلك فالوقف، تمليك، وهم أهل لهذا التمليك. ‌‌حدّ الفقر والغني: لو وقف إنسان داراً، وقال فيه: وقفتها ليكون ريعها للفقراء، أو الأغنياء، فمَن هو الفقير الذي يتناوله اللفظ، ومن هو الغني أيضاً؟ الفقير: قالوا في تحديد الفقير في الوقف: إنه الفقير في الزكاة، فما صحّت له الزكاة لفقره، صحّ له الوقف لفقره أيضاً، وما لا فلا. وعليه يجوز صرف الوقف على المساكين، وهم أحسن حالاً من الفقراء لجواز صرف الزكاة إليهم، ولا يجوز صرف الوقف إلى زوجة فقيرة لها زوج يَمُوْنها وينفق عليها، ولا على أولاد مكفيِّين بنفقة أبيهم، لأن الزكاة لا يجوز صرفها إليهم. الغنيّ: قالوا في تحديده: إنه مَن تحرم عليه الزكاة، إما لملكه، أو لقوّته وكسبه، أو كفايته بنفقة غيره. ‌‌الوقف على سبيل الخير، أو سبيل الله لو قال الواقف في وقفة: وقفت أرضي ليكون ريعها في سبيل البِّر أو الخير، أو الثواب، فمن يستحق ريع هذا الوقف؟ وجوابه: أن الذي يستحق ريع هذا الوقف إنما هم أقرباء الواقف، فإن لم يوجدوا، فأهل الزكاة ما عدا العاملين والمؤلّفة قلوبهم. أما لو قال: في سبيل الله، فإنما يستحق ذلك الريع الغزاة الذين هم " أهل الزكاة فإن جمع في وقفه بين سبيل الله وسبيل البر وسبيل الثواب، كان ثلث هذا الوقف للغزاة، وثلثه لأقرباء الواقف، والثلث الأخير لأصناف الزكاة ماعدا العاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم. ‌‌الوقف على زخرفة المساجد وعمارة القبور قال الفقهاء: لا يصحّ الوقف على تزويق المسجد أو نقشه، ولا على عمارة القبور، لأن الموتى صائرون إلى البلى فلا يليق بهم العمارة، ولا يجوز إضاعة المال وإتلافه في غير منفعة. أ ين هذا الذي قاله العلماء، مما يفعله عّوام المسلمين اليوم، وربما أقرّهم على ذلك علماؤهم، أو سكتوا عليهم؟!. فكم جمعوا أموالاً، من الفقراء والأغنياء، ومن غلاّت الأوقاف، أو هبات الناس ليزوّقوا مسجداً، أو ينقشوا فيه جداراً أو قُبَّة، أو يضخِّموا فيه محراباً أو منبراً، جاهلين أو متجاهلين أن ذلك سرف ممقوت، وإضاعة مال في افتتان قلوب الناس في صلاتهم، وشغل أفكارهم بهذه الزخارف عن عباداتهم!! كأنهم لم يقرؤوا قول الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴿1﴾ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: 1 - 2]. ومن أين يأتي الخشوع، وبين يدي المصلى وفي قبلته وعن يمينه وشماله من الزخارف والنقوش ما يأخذ بقلبه ولُبّه؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله. ومثل هذا السَرَف في المساجد السرف أيضاً في عمارة القبور وتسنيمها وتجصيصها، وبناء القباب والقناطر عليها، حتى ليخيَّل إليك أنها قصور وليست بقبور، وكأن أصحابها أحياء ينعمون بتلك المباني!!. إن بعض الناس لينفقون من أموالهم على بناء قبورهم، ويوصون أن تُجعل لهم قبور ضخمة فخمة يُوضعون فيها بعد موتهم، فهذه وصايا باطلة شرعاً، وأوقاف لاغية. قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في متن " المنهاج ": (ويكره تجصيص القبور والبناء والكتابة عليه، ولو بني في مقبرة مُسَبَّلة هُدم). قال الخطيب الشربيني في " مغني المحتاج ": (يهدم البناء لأنه يضيق على الناس، ولا فرق بين أن يبني قبة أو بيتاً أو مسجداً أو غير ذلك). ‌‌وقف الكفّار على معابدهم قلنا فيما سبق: لا يجوز وقف المسلم مالاً على الكنيسة ونحوها، لوجود المعصية في ذلك. وهنا نقول: لا نجوِّز للذمِّي أيضاً أن يقف لكنيسة أو معبد من معابدهم، عملاً بشرعنا واعتقادنا، هذا حين يترافعون إلينا، ويطلبون منّا بيان الحكم في ذلك، فإننا نقضي ببطلان أوقافهم على تلك الكنائس والبِيَع. أما إذا لم يترافعوا إلينا، ولم يستفتونا في ذلك فإننا لا نتعرّض لهم، ونتركهم وما يدينون به. أما ما وقفوه قبل بعثة النبي على كنائسهم القديمة، فلا نُبطله، بل نقرّه حيث نقرّها. "الفقه المنهجي" لمجموعة من المؤلفين.