البحث

عبارات مقترحة:

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

شروط الموقوف

وللموقوف شروط نذكرها فيما يلي: أ - أن يكون الموقوف عينًا معيَّنة، فلا يصح وقف المنافع وحدها دون أعيانها، سواء كانت هذه المنافع مؤقتة، كأن سكنى داره سنة، أم كانت مؤبدة، كأن وقفها أبداً، وذلك أن الرقبة هي الأصل، والمنفعة فرع، والفرع يتبع الأصل، فما دام الأصل باقياً على ملك الواقف كانت المنفعة كذلك باقية على ملكه، فلا تنفصل وحدها بالوقف. وكذلك لا يصح الوقف إذا لم يكن العين الموقوفة معيَّنة، فلو أنه وقف إحدى دارَية، أو إحدى سيّارتَيه من غير تعيين للموقوف، فإن هذا الوقف غير صحيح لعدم بيان العين الموقوفة، وكان قوله هذا أشبه بالعبث، لا بالجدّ. ب-أن يكون الموقوف مملوكاً للواقف ملكاً يقبل النقل، ويحصل منه فائدة، أو منفعة. وعلى هذا لا يصحّ أن يقف الإنسان شيئاً لا يملكه، لأن في الوقف نقلاً لملكية الموقوف من حَوْزة المالك. وما لا يملكه كيف تُنقل ملكيته منه. لذلك كان وقْفُ ما لا يملك لا غياً. ومن هذا القبيل عدم صحة أن يقف الإنسان الحرّ نفسه، لأن رقبته ليست مملوكة له، حتى يخرجها بالوقف عن ملكه، بل ملكيتها لله تعالى. وكذلك لا يصحّ وقف حمل الدواب وحدها دون أُمهاتها، لأن الحمل وحده لا يصحّ نقل ملكيته ما دام في بطن أُمه، نعم إذا وُقفت الأُم صحّ وقف الحمل تبعاً لها. وكذلك يجب أن يكون الموقوف ذا منفعة تُرجى وفائدة تُقصد، فلو أنه وقف أرضاً لا تصلح لزرع أو بناء، أو ثياباً ممزقة لا تنفع في شئ، فإن هذا الوقف غير صحيح، لأن مقصود الوقف حصول المنفعة، وهذا لا فائدة منه لا منفعة فيه. ج- دوام الانتفاع بالموقوف، فلا يجوز وقف الطعام ونحوه ممّا لا تكون فائدته إلا باستهلاك عينه. والمقصود بدوام الانتفاع بالموقوف الدوام النسبي لا الأبدي، أي إنه يبقى مدة يصحّ الاستئجار فيها، أي تقابل تلك المنفعة بأُجرة، فلو وقف سيارة، أو دابّة صحّ هذا الوقف وإن كانت السيارة لا تبقى منفعتها أبداً، بل قد يصيبها التلف والعطب، وكذلك الدابة. هذا، ولا يشترط الانتفاع بالموقوف حالاً، بل يُكتفى بالانتفاع به ولو مالاً، فلو وقف دابة صغيرة صحّ الوقف، لأنه يمكن الانتفاع بها في المال. د- أن تكون منفعة الموقوف مباحة، لا حُرمة فيها، وعليه فلا يصحّ وقف ما كانت منافعه محرّمة كآلات اللهو، وما أشبهها، لأن الوقف قُربة والمعصية تنافيه. ‌‌وقف إمام المسلمين وخليفتهم من بيت مال المسلمين ولقد أجاز علماء الشافعية لإمام المسلمين وخليفتهم أن يقف شيئاً من أرض بيت مال المسلمين، إذا رأى في ذلك مصلحة لهم، واستثنوا هذا من شرط ملكية الواقف للوقف، فإن الخلفية لا يملك أموال بيت مال المسلمين، ومع ذلك صحَّحوا وقفه هذا، واستدلوا لذلك بوقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه سواد العراق. قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في " الروضة ": (لو رأى الإمام وقف أرض الغنيمة، كما فعل عمر رضي الله عنه، جاز إذا استطاب قلوب الغانمين في النزول عنها بِعوضَ أو بغيره). ‌‌وقف العقارات يجوز وقف العقارات من أرض، أو دور، أو متاجر أو آبار، أو عيون ماء: أيّاً كانت تلك الأرض، أو تلك الدور، والمتاجر والآبار والعيون، ما دامت صالحة للانتفاع بها حالاً، أو مآلاً. دلّ على ذلك الكتاب والسنّة، وعمل الصحابة رضي الله عنهم، فقد سبق أن نقلنا ما قاله جابر رضي الله عنه: (ما بقى أحد من أصحاب رسول الله له مقدرة إلا وقف)، وقول الشافعي رحمه الله تعالى: (بلغني أن ثمانين صحابياً من الأنصار تصدَّقوا بصدقات محرمات)، أي وقفوا أوقافاً. ومعلوم أن أكثر ما كانوا يقفونه إنما هو الأراضي، والدور، والآبار ‌‌وقف الأموال المنقولة وكذلك يصحّ وقف الأموال لمنقولة: كالدواب، والسيارات، والآت الحرب، والثياب، والفرش، والأواني، والكتب النافعة. ودليل ذلك ما رواه البخاري (2698) في (الجهاد)، باب (مَن احتبس فرساً)، والنسائي (6 /225) في (الخيل)، باب (علف الخيل)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله : " مَن احْتبس فرساً في سبيل الله إيماناً بالله وتصديقاً بوعده، فإن شِعَبَةُ ورية وروْثه وبوله في ميزانه يوم القيامة ". [احتبس: وقف]. وروى البخاري (1399) في (كتاب الزكاة)، باب (قول الله تعالى: ﴿وَفِي الرِّقَابِ. .......... وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾، ومسلم (987) في (كتاب الزكاة)، باب (تقديم الزكاة ومنعها)، عن أبي هريرة رضي الله عنه: (وأما خالد، فإنكم تظلمون خالداً، فقد احتبس أدراعه وأعتدة في سبيل الله). [احتبس: وقف. أدراعه: جمع درع، وهو الزرد. أعتده: جمع عتاد، وهو ما أعدّه الرجل من السلاح والدواب، والآت الحرب]. ‌‌وقف المشاع المشاع هو الشئ المملوك المختلط بغيره بحيث لا يتميَّز بعضه عن بعض والمشاع أيضاً يصحّ وقفه، سواء كان من المنقولات، أم من العقارات، سواء وقف الشخص الواحد جزءاً شائعاً، أم وقف الجماعة أجزاء شائعة، لا فرق بين هذا وذاك، فكل جائز شرعاً. ودليل ذلك ما رواه النسائي (6 /230، 231) في (الاحتباس)، باب (كيف يكتب المحتبس)، عن ابن عمر رضي الله عنهما: قال عمر رضي الله عنه للنبي : إن المائة السهم التي لي بخيبر لم أصب مالاً قط أعجب إلى منها قد أردت أن أتصدق بها، فقال النبي : " احبس أصلها وسبل ثمرتها ". وروى البخاري (2619) في (كتاب الوصايا)، باب (إذا أوقف جماعة أرضاً مشاعاً فهو جائز)، عن أنس رضي الله عنه قال: أمر النبي ببناء المسجد، فقال: " يا بني النجار، ثامنوني بحائطكم هذا "، قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله. [ثامنوني بحائطكم: ساوموني ببستانكم وخذوا ثمنه]. قال الخطيب الشَّربيني في كتابه " مغنى المحتاج، إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج " للإمام النووي رحمه الله تعالى: (واتفقت الأمة في الأعصار على وقف الحُصر والقناديل في المساجد من غير نكير). "الفقه المنهجي" لمجموعة من المؤلفين.