البحث

عبارات مقترحة:

النصير

كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...

المهيمن

كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

شرط صيغة الهبة

وهي الإيجاب والقبول: فمن الإيجاب أن يقول: وهبتك، ونحلتك، وملّكتك بلا ثمن، وأعطيتك. وكذلك: أطعمتك هذا الطعام، وجعلت هذا الثواب لك. فهذه ألفاظ بعضها صريح في الهبة لاستعمالها فيها، وبعضها يجري مجري الصريح لدلالته على التمليك في الحال بلا عوض، وهو معنى الهبة. فهذه الألفاظ لا تحتاج إلى نيّة، ولو ادّعى قائلها وعدم إرادة الهبة به فلا يُصدق بدعواه. وهناك ألفاظ في الإيجاب ليست صريحة في الهبة ولا تجري مجرى الصريح فيها، وفتحتاج إلى نيّة مثل قوله كسوتك هذا الثوب، وحملتك على هذه الدابة، فمثل هذه الألفاظ كناية في الهبة، فإن نواها انعقدت بها، وإن قال: لم أرد بها الهبة صدق في ذلك وكانت عارية وإنها تحتمل العارية وتصلح لها، كما تحتمل الهبة. ولو قال: منحتك هذا الشيء، أو هذا الشيء لك منحه، فهو هبة، لأن هذا اللفظ مستعمل في الهبة صراحة. وأما القبول فأن يقول: قبلت، أو رضيت، أو اتهبت. ويشترط في الصيغة: 1 - اتصال القبول بالإيجاب، بحيث لا يفصل بينهما فاصل معتبر عرفاً. 2 - عدم تقيدها بشرط: كان يقول: إن قدم زيد فقد وهبتك هذا الثوب، لأن الهبة تمليك، والتمليكات لا تحتمل التعليق بما له خطر الوجود والعدم، فلم يصحّ الإيجاب. 3 - عدم تقيدها بوقت: كوهبتك هذا الكتاب شهراً أو سنة، لأنه شرط منافٍ لمقتضى العقد، الذي هو التمليك المطلق للحال. ‌‌العمري والرقبي 1 - العمري: مأخوذة من العُمُر، وهي أن يقول الواهب للموهب له: أعمرتك هذه الدار، أو جعلت هذه الدار لك عمري، أو عمَرك، أو حياتك أو حياتي، فإذا متّ فهي لورثتي. وهذه صيغ من صيغ الهبة كما ترى، ولكنها مقيدة بوقت وهو عمر الواهب أو الموهوب له. وقد علمت أن من شرط صيغة الهبة عدم التقييد بوقت، ومع ذلك فالهبة صحيحة والشرط باطل ولاغٍ، استثناء من المنع السابق، لما صحّ في ذلك من أحاديث عن رسول الله . فقد روى البخاري ومسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: ((العمرى جائزة)). ورويا أيضاً عن جابر رضي الله عنه قال: قضى النبي بالعمري أنها لمن وهبت له، وفي رواية عند مسلم: قال رسول الله ((العُمري لمن وهبت له)). (أنظر البخاري: الهبة، باب: ما قيل في العمري والرقبي ومسلم: الهبات، باب: العمري). وروى مسلم أيضاً عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله أمسكوا عليكم أموالكم ولا تُفْسدُوها، فإنَّه من أعْمَرَ عُمْري فهي للذي أعمرها، حياً وميتاً، ولا عقبه (مسلم: الهبات، باب: العمري). قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم: (المراد به إعلامهم أن العمري هبة صحيحة ماضية، يملكها الموهوب له ملكاً تاماً لا يعود إلى الواهب أبدأ، فإذا علموا ذلك: فمن شاء أعمر ودخل على بصيرة، ومن شاء ترك لأنهم كانوا يتوهمون أنها كالعارية ويرجع فيها). 2 - الرقبي: وهي أن يقول الواهب لغيرة: داري لك رقبي، أو: أرقبتك هذه الدار، أو: جعلتها رقبي. ومعناها: إن متَّ قبلي عادت إليّ، وإن مت قبلك استقرت لك. فهي مأخوذة من الرقوب والترقب وهو الانتظار، لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه وينتظره. وهذه الصيغة أيضاً من صيغ الهبة المعتبرة شرعاً، رغم تقييدها بشرط فهي هبة صحيحة، والشرط لاغٍ، لورود السنّة بصحتها كالعمري. روى جابر رضي الله عنه، عن رسول الله قال: العُمْرَي جائزةّ لأهْلها والرُّقْبي جائزة لأهلها: أي نافذة وماضية. (أخرجه الترمذي في الأحكام، باب: ما جاء في الرقبي، رقم: 1351، وقال: هذا حديث حسن. وأبو داود في البيوع، باب الرقبي، رقم: 3558. وإبن ماجه في الهبات، باب: الرقبي، رقم: 2383). وهذا استثناء أيضاً من بطلان الهبة المقيدة بشرط كما علمت. جاء في "مغني المحتاج": قال السبكي: وصحة العمرى والرقبي بعيد عن القياس، لكن الحديث مقدَّم على كل أصل وكل قياس. "الفقه المنهجي" لمجموعة من المؤلفين.