البحث

عبارات مقترحة:

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

المؤمن

كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...

تحريم المعاملات الربوية

مع نشوء المصارف والبنوك، نشأت معاملات كثيرة متضمنة للربا، وابتلي الناس بها فما حكم المعاملات الربوية؟

صورة المسألة

الربا: زيادة مشروطة أو متعارف عليها في مبادلة كل ربوي بجنسه، وتأخير القبض في الأموال التي يجب فيها التقابض. انظر: "المعاملات المالية" الدبيَّان (11 /14).

التكييف الفقهي للمسألة

لمَّا كانت حقيقة الفوائد البنكيَّة أنَّها بَيع الأوراق النقديَّة نَسيئةً بزيادة، كانت مُحرَّمةً، كتحريم بَيع الذهَب والفضَّة نَسيئةً بزيادة. وهذا ما أفتَتْ به المجامِعُ الفقهيَّةُ اليومَ، وكثيرٌ من كبار فقهاء هذا العصر. وقد قال بعض أهل العلم في بيان حكمة تحريم بيع الذهب والذهب والفضة بالفضة بزيادة: «الحكمة التي خلق الله الذهب والفضّة لأجلها هي: أنّ قِوام الدنيا بهما، وهما حجران لا منفعة في أعيانهما، إذ لا يَرُدَّان حَرّاً ولا برداً، ولا يُعذّبان جسماً، والخلق -كلّهم- محتاج إليهما، من حيث إنّ كلّ إنسان محتاج إلى أشياء كثيرة في مطعمه وملبسه، وقد لا يملك ما يحتاج إليه، ويملك ما يستغني عنه؛ كمن يملك القمح -مثلاً- وهو محتاج إلى فرس، والذي يملك الفرس قد يستغني عنه ويحتاج إلى البُرّ، فلا بدّ بينهما من معاوضة، ولا بدّ من تقدير العِوض؛ إذا لا يُعطي صاحب الفرس فرسه بكل مقدار البرّ، ولا مناسبة بين البُر والفرس حتى يقال: يُعطي منه مثله في الوزن! أو الصورة! فلا يدري: أنّ الفرس كم يساوي بالبُرّ. فتتعذر المعاملات في هذا المثال –وأشباهه–؛ فاحتاج الناس إلى متوسط، يحكم بينهم بالعدل؛ فخلق الله الذهب والفضّة حاكمين بين الناس في جميع المعاملات؛ فيُقال: هذا الفرس يسوى مئة دينار، وهذا القدر من البُرّ يسوى مثله. وإنّما كان التعديل بالذهب والفضّة؛ لأنه لا غرض في أعيانهما، وإنما خلقهما الله لتتداولهما الأيدي، ويكونا حاكمَين بالعدل. ونسبتهما إلى جميع الأموال نسبة واحدة؛ فمن ملكهما كأنه مَلَكَ كلّ شيء، ومن ملك فرساً –مثلاً–؛ فإنّه لم يملك إلا ذلك الفرس، فلو احتاج إلى طعام، ربما لم يرغب صاحب الطعام في الفرس؛ لأنّ غرضه في ثوب –مثلاً–؛ فاحتيج إلى ما هو في صورته، كأنه ليس بشيء، وهو –في معناه– كأنه كل الأشياء، والشيءُ إنما يستوي نسبته إلى الأشياء المختلفات إذا لم تكن له صورة خاصّة؛ كالمرآة: لا لون لها، وتحكي كلّ لون. فكذلك الذهب والفضّة؛ لا غرض فيهما، وهمـا وسيلتان إلى كـلّ غرض؛ فكلّ مَن عمل فيهما عملاً لا يليق بالحكمة الإلهيّة؛ فإنّه يعاقب بالنار –إن لم يقع السماح–؛ فمن كنزهما من غير أن يعطي منهما قدراً مخصوصاً للفقراء؛ فقد أبطل الحكمة فيهما، وكان كَمَن حَبَس الحاكمَ الذي بين الناس -ويقطع الخصومات- في سجنٍ يمتنع عليه الحكم بسببه؛ لأنّه إذا كنزهما فقد ضيّع الحكم، وما خلق اللهُ الذهب والفضّة لزيدٍ خاصّةً، ولا لعمرو خاصّةً، وإنّـما خلقهـما لتتداولهـما الأيدي ليكونا حاكمين بين الناس. ولا شكّ أنّ العقل إذا عرف هذا الذي قلناه؛ حَكَمَ بأنّ ادّخار الذهب والفضّة عن الناس ظلمٌ، واستحسن العقوبة عليه؛ لأنّ الله تعالى لم يخلق أحداً للضياع، وإنّما جعل عيش الفقراء على الأغنياء، ولكنّ الأغنياء ظلموا الفقراء، ومنعوهم حقّهم الذي جعله الله لهم». ثمّ قال: «وكذا نقول: مَن باع الذهب بالذهب، أو الفضّة بالفضّة بزيادة؛ فقد جعلهما مقصودين في ذاتهما للتجارة، وذلك خلاف الحكمة الإلهيّة؛ لأنّ من عنده ثوب -مثلاً- وليس عنده ذهبٌ ولا فضّةٌ، وهو محتاج إلى طعام؛ فقد لا يقدر أن يشتري الطعام بالثوب، فهو معذور في بيعه بالذهب أو الفضّة، فيتوصّل إلى مقصوده، فإنّهما وسيلتان إلى الغير، لا غرض في أعيانهما. فأمّا من عنده ذهبٌ فأراد بيعه بذهبٍ -أو فضّة فأراد بيعها بفضّةٍ-، فإنّه يُمنع من ذلك؛ لأنّه يُبقي الذهب والفضّة متقيدين محبوسين عنده، ويكون بمنزلة الذي كنز، وتقييد الحاكم -أو الرسول- الموصل الحاجات إلى الغير ظلمٌ، فلا معنىً لبيع الذهب بالذهب، والفضّة بالفضّة إلا اتخاذهما مقصودين للادخار. فإذا عرف العقل هذا حسّنه، وحسّن العقوبة عليه، وإنّما كان بيع الذهب بالفضّة -والعكس- لا عقوبة عليه؛ لأنّ أحدهما يُخالف الآخر في التوصل به إلى قضاء الحاجات، إذ يسهل التوصّل بالفضّة من جهة كثرتها؛ فتتفرق في الحاجات، والمنع تشويش للمقصود به، وهو تسهيل التوصل به إلى غيره. وكذا نقول لِمَن يبيع الفضّة -أو الذهب- بزيادة إلى أجل، كمن يبيع عشرة بعشرين إلى سنة: إنّ مبنى الاجتماع، وأساس الأديان: هو استعمال ما يوجب المحبّة والأُلفة؛ فيحصل التناصر والتعاون، والإنسانُ إذا كان محتاجاً، ووجد من يُسلفه؛ فلا شكّ أنّه يتقلّد مِنَّةَ من أسلفه، ويعتقد محبته، ويرى أنّ نصرته وإعانته أمر لازم له؛ ففي منع بيع الذهب والفضّة بزيادةٍ إلى أجلٍ إبقاءٌ لمنفعة السلف، التي هي من أجلّ المقاصد».

فتاوى أهل العلم المعاصرين

ابن باز
«يحرم التعامل بالربا مع البنوك وغيرها، وجميع الفوائد الناتجة عن الربا كلها محرمة، وليست مالًا لصاحبها، بل يجب صرفها في وجوه الخير إذا كان قد قبضها وهو يعلم حكم الله في ذلك، أما إن كان لم يقبضها فليس له إلا رأس ماله لقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: 278] ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 279] أما إن كان قد قبضها قبل أن يعرف حكم الله في ذلك فهي له، ولا يجب عليه إخراجها من ماله لقول الله عز وجل: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 275]. وعليه زكاة أمواله التي ليست من أرباح الربا كسائر أمواله التي يجب فيها الزكاة، ويدخل في ذلك ما دخل عليه من أرباح الربا قبل العلم، فإنها من جملة ماله للآية المذكورة. والله ولي التوفيق». "مجموع فتاوى ابن باز" الشويعر (14 /154).
الألباني
السائل: حكم أخذ ما يسمى بالفائدة من البنوك الربوية لدفعها كضرائب للدولة حتى لا تؤخذ الضرائب المحرمة من ماله الأصلي. الشيخ: القضية من الناحية الشرعية واضحة جدًّا، لكننا في زمن انتشر فيه الفساد والتكالُب على الدنيا وحطامها. وقد أخبر الرسول عن مثل هذه المشاكل والمصائب، في حديثه المعروف: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله، سَلَّط الله عليكم ذُلاًّ لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم» أخرجه أبو داود (3462). فالتعامل بالربا هو من الأمور المحرمة قطعياً في الإسلام، والتي ليس فيها خلاف». "جامع تراث العلامة الألباني في الفقه" آل نعمان (13 /139).
اللجنة الدائمة
«هل يجوز للمسلم أن يتعامل بالربا في المجتمع الذي تأسس على الربا؟ ج6: لا يجوز له التعامل بالربا، ولو كان المجتمع مؤسسًا على الربا؛ لعموم النصوص في تحريم الربا، وعليه أن يغير المنكر حسب طاقته، فإن لم يستطع انتقل عن ذلك المجتمع؛ بعدا عن المنكر، وخشية أن يصيبه ما أصابهم» "فتاوى اللجنة الدائمة" جمع الدويش - 1 (13 /294).

قرارات المجامع الفقهية

مجمع الفقه الإسلامي
قرار رقم: 10(10/2) بشأن حكم التعامل المصرفي بالفوائد وحكم التعامل بالمصارف الإسلامية «إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ /22 -28 كانون الأول (ديسمبر) 1985م. بعد أن عرضت عليه بحوث مختلفة في التعامل المصرفي المعاصر، وبعد التأمل فيما قدم ومناقشة مناقشة مركزة أبرزت الآثار السيئة لهذا التعامل على النظام الاقتصادي العالمي ، وعلى استقراره خاصة في دول العالم الثالث، وبعد التأمل فيما جرَه هذا النظام من خراب نتيجة إعراضه عما جاء في كتاب الله من تحريم الربا جزئياً وكلياً واضحاً بدعوته إلى التوبة منه، وإلى الاقتصاد على استعادة رؤوس أموال القروض دون زيادة ولا نقصان قل أو كثر ، وما جاء من تهديد بحرب مدمرة من الله ورسوله للمرابين. قرر ما يلي : أولًا: أن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد. هاتان الصورتان ربا محرم شرعًا. ثانيًا: أن البديل الذي يضمن السيولة المالية والمساعدة على النشاط الاقتصادي حسب الصورة التي يرتضيها الإسلام هو التعامل وفقاً للأحكام الشرعية. ثالثًا: قرر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات الإسلامية، والتمكين لإقامتها في كل بلد إسلامي لتغطي حاجة المسلمين كي لا يعيش المسلم في تناقض بين واقعه ومقتضيات عقيدته».

الخلاصة الفقهية

المعاملات الربوية التي تجري في المصارف وغيرها محرمة بكافة أشكالها، كالزيادة على الدين الذي حل للعجز عنه مقابل تأجيله، وكذلك الفائدة على القرض ابتداء، وغير ذلك من الصور. انظر: "فقه النوازل" الجيزاني (2 /768)، "تسهيل الفقه" الجبرين (9 /440)، "المعاملات المالية أصالة ومعاصرة" الدبَيَّان (11 /19).

المواد الدعوية