تدمر
مدينة بأرض الشام قديمة، أبنيتها من أعجب الأبنية، موضوعة على العمد الرخام. زعموا أنها مما بنته الجن لسليمان، عليه السلام؛ قال النابغة الذبياني: إلاّ سليمان قد قال الإله له: قم بالبريّة فاحددها عن الفند وخيّس الجنّ إني قد أمرتهم يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد حكى إسماعيل بن محمد بن خالد التستري قال: كنت مع مروان بن محمد، آخر ملوك بني أمية، حين هدم حائط تدمر، فأفضى الهدم إلى خرق عظيم، فكشفوا عنه صخرة فإذا بيت مجصص كأن اليد قد رفعت عنه، وإذا سرير عليه امرأة مستلقية على ظهرها عليها سبعون حلة، ولها غدائر مشدودة بخلخالها، قال: فكانت قدمها ذراعاً من غير أصابع، وفي بعض غدائرها صفيحة ذهب فيها مكتوب: باسمك اللهم! أنا تدمر بنت حسان أدخل الله الذل على من يدخل علي! فأمر مروان بالخرق فأعيد كما كان، ولم يأخذ شيئاً من حليها! قال: فوالله ما مكثنا بعد ذلك إلا أياماً حتى أقبل عبد الله بن علي وحارب مروان وفرق جيوشه، وأزال الملك عن بني أمية. وبها تصاوير كثيرة، منها صورة جاريتين من حجارة نمق الصانع في تصويرهما، مر بهما أوس بن ثعلبة فقال: فتاتي أهل تدمر خبّراني ألمّا تسأما طول المقام قيامكما على غير الحشايا على حبلٍ أصمّ من الرّخام فكم قد مرّ من عدد اللّيالي لعصركما وعام بعد عام وإنّكما على مرّ اللّيالي لأبقى من فروع ابني شمام فسمع هذه الأبيات يزيد بن معاوية فقال: لله در أهل العراق! هاتان الصورتان فيكم أهل الشام، لم يذكرهما أحد منكم، فمر بهما هذا العراقي وقال ما قال!
[آثار البلاد وأخبار العباد]
تدمر (1) :
من مدن الشام بالبرية، أولية يقال إن الجن بنتها لسليمان عليه السلام، وإلى ذلك يشير قول النابغة: ولا أرى فاعلاً في الناس يشبهه. .. ولا أحاشي من الأقوام من أحد إلا سليمان إذ قال الإله له. .. قم في البرية فاحددها عن الفند وخيس الجن إني قد أذنت لهم. .. يبنون تدمر بالصفاح والعمد ومن حلب إليها خمسة أيام وكذلك من دمشق إليها وكذا من الرقة إليها وكذا من الرحبة إليها، ولها حصون لا ترام يسكنها فلال الناس واليهود واباق العبيد، وإليها يقصد كل قاطع سبيل وحامل نهب، ومتاجرة أهل تدمر فيه، وجبل لبنان بالقرب من هذا الموضع. وكانت الزباء الملكة تصيف بتدمر وتربع بالنجار، وسميت بتدمر بنت حسان بن أذينة، وهي بنتها وفيها قبرها وإنما سكنها سليمان بعدها. وعن عبد الله القسري قال: كنت مع مروان بن محمد فهدم ناحية من تدمر فإذا جرن من رخام طويل فاجتمع قوم فقلبوا عنه الطبق وظن مروان أن فيه كنزاً، وإذا فيه امرأة على قفاها قد ألبست سبعين حلة ولها غدائر سابغة قد ردت على صدرها وفي بعضها صفيحة ذهب مكتوب فيها: أنا تدمر بنت حسان بن أذينة الملك خرب الله بيت من خرب بيتي. فما لبثنا إلا قليلاً حتى جاء عبد الله بن علي لقتل مروان. (1) معجم ما استعجم 1: 307، والبكري (مخ) : 29.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]