جزيرة تنيس
جزيرة قريبة من البر بين فرماء ودمياط في وسط بحيرة منفردة عن البحر الأعظم، بينها وبين البحر الأعظم بر مستطيل، وهو جزيرة بين البحرين، وأول هذا البر قرب الفرماء. وهناك فوهة يدخل منها ماء البحر الأعظم إلى بحر تنيس في موضع يقال له القرباج، وهو يحول بين البحر الأعظم وبحيرة تنيس. يسار في ذلك البر ثلاثة أيام إلى قرب دمياط، وهناك فوهة أخرى تأخذ الماء من البحر الأعظم إلى بحيرة تنيس، وبقرب تلك الفوهة النيل ينصب إلى بحيرة تنيس، والبحيرة مقدار إبلاغ يوم في عرض نصف يوم، ويكون ماؤها أكثر السنة ملحاً لدخول ماء البحر إليه عند هبوب الشمال، فإذا انصرف نيل مصر عند دخول الشتاء وهبوب الرياح الغربية خلت البحيرة وخلا سيف البحر الملح مقدار بريدين، وعند ذلك تكامل النيل وغلبت حلاوته ماء البحيرة، فصارت البحيرة حلواً. فحينئذ تذخر أهل تنيس المياه في صهاريجهم ومصانعهم لشرب سنتهم وهذه صورتها: ذكروا انه ليس بجزيرة تنيس شيء من الهوام المؤذية، لأن أرضها سبخة شديدة الملوحة، وقد صنف في أخبار تنيس كتاب ذكر فيه انها بنيت في سنة ثلاثين ومائتين بطالع الحوت اثنتا عشرة درجة حد الزهرة، وشرفها والمشتري فيها وهو صاحب البيت، فلذلك كان مجمعاً للصلحاء وخيار الناس، قال يوسف بن صبيح: رأيت بها خمسمائة صاحب محبرة يكتبون الحديث، ولم يملكها أعجمي ولا كافر قط، لأن الزهرة تدل على الإسلام، تجلب منها الثياب النفيسة الملونة والفرش الحسن والثياب الابوقلمون. ولها موسم يكون عنده من أنواع الطير ما لا يوجد في موضع آخر وهي مائة ونيف وثلاثون نوعاً.
[آثار البلاد وأخبار العباد]