دير حزقيل
دير مشهور بين البصرة وعسكر مكرم، وهو بالموضع الذي ذهب إليه أهل داوردان الذين خرجوا من ديارهم، وهم ألوف، حذر الموت فقال لهم الله موتوا فماتوا ثم أحياهم. فبنوا ذلك الموضع ديراً، وهو منسوب إلى حزقيل النبي، عليه السلام؛ حكى أبو العباس المبرد قال: اجتزت به فقلت لأصحابي: أريد أن أدخله. فدخلناه فرأينا منظراً حسناً وإذا في بعض بيوته كهل مشدود حسن الصورة، عليه آثار النعمة، فسلمنا عليه فرد علينا السلام وقال: من أين أنتم يا فتيان؟ قلنا: من البصرة. فقال: ما أقدمكم هذا البلد الغليظ هواؤه الثقيل ماؤه الجفاة أهله؟ قلنا: طلب العلم. قال: جيد! أتنشدونني أم أنشدكم؟ قلنا: أنشدنا. فأنشد: لمّا اناخوا قبيل الصّبح عيسهم وثوّروها فسارت بالهوى الإبل وأبرزت من خلال السّجف ناظرها ترنو إليّ ودمع العين منهمل وودّعت ببنانٍ خلته عنماً. .. فقلت: لا حملت رجلاك يا جمل!إني على العهد لم أنقض مودّتهم يا ليت شعري بطول العهد ما فعلوا؟ فقال له فتى من المجان كان معنا: مات! قال: أفأموت أنا أيضاً؟ قال له: مت راشداً! فتمطى وقضى نحبه.
[آثار البلاد وأخبار العباد]