باكويه
مدينة بنواحي دربند بقرب شروان. بها عين نفط عظيمة تبلغ قبالتها في كل يوم ألف درهم، وإلى جانبها عين أخرى تسيل بنفط أبيض كدهن الزئبق، لا تنقطع نهاراً ولا ليلاً، تبلغ قبالتها مثل الأولى. من عجائبها ما ذكر أبو حامد الأندلسي أن بها أرضاً ليس في ترابها حرارة كثيرة يجدها الإنسان، والناس يصيدون الغزلان وغيرها ويقطعون لحمها ويجعلونه في جلودها مع الملح وما شاؤوا من الأبازير، ويأخذون أنبوبة من القصب الغليظ النافذ، ويشدون القصب على جلد الصيد ويدفنونه تحت ذلك التراب، ويتركون القصب جارجاً فتخرج مائية اللحم كلها من القصبة، فإذا نفدت المائية علموا أن اللحم قد نضج فيخرجونه وقد تهرأ. وحكى بعض التجار انه رأى بها ناراً لا تزال تضطرم ولا تنطفيء لأن موضعها معدن الكبريت. وحكى أبو حامد الأندلسي أن بقر باكويه جبلاً أسود في سنامه شق طويل، يخرج منه الماء ويخرج مع ذلك الماء مثل صناج الدانق من النحاس وأكبر أو أصغر، يحملها الناس إلى الآفاق للتعجب.
[آثار البلاد وأخبار العباد]