مشقة
مدينة واسعة في بلاد الصقالبة على طرف البحر، بين آجام لا يمكن مرور العساكر فيها. اسم ملكها مشقة، سميت باسمه، وهي مدينة كثيرة الطعام والعسل واللحم والسمك، ولملكها أجناد رجالة لأن الخيل لا تمشي في بلادهم.وله جبايات في مملكته يعطي لأجناده كل شهر أرزاقهم، وعند الحاجة يعطيهم الخيل والسرج واللجم والسلاح وجميع ما يحتاجون إليه، فمن ولد أجرى الملك عليه رزقه، ذكراً كان أو أنثى، فإذا بلغ المولود فإن كان ذكراً زوجه وأخذ من والده المهر، وسلمه إلى والد المرأة. والمهر عندهم ثقيل، فإذا ولد للرجل ابنتان أو ثلاث صار غنياً، وإن ولد له ابنان أو ثلاثة صار فقيراً. والتزويج برأي ملكهم لا باختيارهم، والملك يتكفل بجميع مؤوناتهم ومؤونة العرس عليه، وهو مثل الوالد المشفق على رعيته، وهؤلاء غيرتهم على نسائهم شديدة بخلاف سائر الأتراك.
[آثار البلاد وأخبار العباد]
مشقه (1) :
مدينة للصقالبة من أعمال براغة وتلي بلاد الأتراك، ومشقه بلد واسع كثير الطعام واللحم والعسل والحوت (2)، وجبايته المثاقيل البرقطية (3)، وهي أرزاق رجاله في كل شهر، كل واحد عدد معروف منها، ولصاحبها ثلاث آلاف دارع (4)، وهم أنجاد تعدل المائة منهم خمسمائة (5) من غيرهم، ويعطى الرجالة الملابس والخيل والسلاح وجميع ما يحتاجون إليه، وإذا ولد لأحدهم ولد أمر بإجراء الرزق عليه ساعة يولد، ذكراً كان أو أنثى، فإذا بلغ إن كان ذكراً زوجه ودفع عنه النحلة إلى والد الجارية، وإن كانت أنثى أنكحها ودفع النحلة إلى أبيها، والنحلة عند الصقالبة عظيمة، ومذهبههم فيها كمذهب البربر، وإذا ولد للمرء ابنتان أو ثلاث فهو سبب غناه، وان ولد له ولدان أو ثلاثة فهو سبب فقره. ويجاور مشقه من المشرق الروس. (1) البكري (ح) : 166، والبكري (مخ) : 61؛ ومشقه: اسم ملك الجوف من بلاد الصقالبة (Mieszko) وكان ملك بولنده؛ فالحديث هنا عن بلد الملك المسمى مشقه. (2) البكري (مخ) : والحرث. (3) كذا هنا؛ ومرت من قبل: ((المرقطية)) وفي البكري (مخ) المرنطية. (4) ع ص: ذراع. (5) البكري: عشر مائة (ولعله وهم من المحقق، إذ لو كان الأمر كذلك لقال: ألفاً).
[الروض المعطار في خبر الأقطار]