المقدس:
بايليا، وكورة ايليا من فلسطين، والتقديس التطهير، والأرض المقدسة أربعون ميلاً في مثلها، وأول من بنى بيت المقدس وأري موضعه يعقوب، وقيل داود
عليهما السلام، وكان من بناء داود عليه السلام له إلى وقت تخريب بخت نصر إياه وانقطاع دولة بني إسرائيل أربعمائة سنة وأربع وخمسون سنة، فلم يزل خراباً إلى أن بناه ملك من ملوك طوائف الفرس يقال له كوشك ثم تغلبت ملوك غسان على الشام بتمليك ملوك الروم لهم ودخولهم في نصرانيتهم، إلى أن جاء الله تعالى بالإسلام وملك الشام منهم جبلة بن الأيهم، ففتح الله الشام على المسلمين زمن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه، وتولى أبو عبيدة
رضي الله عنه على ايليا وحاصرها إلى أن صالحوه على أداء الجزية، على أن يكون عمر بن الخطاب
رضي الله عنه هو المتولي لعقد الصلح معهم، فكان ذلك سبب مسير عمر
رضي الله عنه إلى الشام ومباشرته لعقد الصلح معهم، وهذا قد سبق فيما مضى من هذا الكتاب، وهو مذكور في فتوح الشام. قالوا: وسخر عمر
رضي الله عنه أنباط فلسطين في كنس بيت المقدس، وكانت فيه مزبلة عظيمة، وقد مر هذا أيضاً في ذكر ايليا. ويوقد (1) في مسجد بيت المقدس كل ليلة جمعة وفي النصف من شعبان وفي الأعياد ألفا شمعة سوى القناديل، وفيه من القباب خمس عشرة قبة سوى قبة الصخرة، وعلى سطح المسجد مع القباب من شقق الرصاص حاشا قبة الصخرة سبعة آلاف شقة وسبعمائة شقة، وزن كل شقة سبعون رطلاً بالشامي، وفيه أربع صوامع للأذان، وكان له من المسلمين ثلثمائة خادم ومن النصارى عشرة يكنسون سطوحه وينظفون قنوات الماء ولا تؤخذ منهم جزية، ومن اليهود نيف وعشرون خادماً ولا تؤخذ منهم جزية، وكانوا يحجبون المسجد وينظفون الظاهر حول المسجد. ووظيفته من الزيت كل شهر سبعمائة قسط بالإبراهيمي، وزن القسط رطل ونصف رطل بالشامي الكبير. وقبة الصخرة على أكمة في المسجد، والصخرة تحت القبة، وتحت القبة مغارة ينزل إليها بدرج مما يلي الباب القبلي من أبواب القبة، والصخرة مرتفعة من ناحية المغرب ذراعين، منخفضة من جهة المشرق، وحول الصخرة حظيرة من رخام ارتفاعها نحو ذراع ونصف، ولقبة الصخرة أربعة أبواب، وفي المسجد القبة التي يذكر أن النبي
ﷺ عرج به منها إلى السماء، ومنارة إبراهيم عليه السلام التي كان يتخلى فيها للعبادة، ومصلى جبريل عليه السلام، ومصلى الخضر، والسطح المسقف من بيت المقدس قد سوي وفرش على بنيان قديم نحت نحتاً، ينسب بناؤها إلى سليمان بن داود
عليهما السلام، ولولا ذلك ما اعتدل سطح المسجد لأنه في سند، وفيما بين تلك الحنايات التي في المسجد والقباب التي في وسط المسجد أكمة مرتفعة من الأرض لها من كل ناحية نحو ست درجات وأكثر، وهناك مقامات للدعاء معروفة وشرف من المسجد على واد ينحط منه إلى عين يقال لها سرحان، يقال إنها العين التي كان المسيح عليه السلام يفتح فيها عيون العميان، وهناك كنيسة يقال لها الجسمانية وعلى فرسخ منها مما يلي قبلتها في مستو من الأرض بيت لحم، وبه ولد المسيح عليه السلام، وبه النخلة التي تساقطت على مريم رطباً جنيا والسري الذي جعل الله تحتها فشربت منه وتطهرت، والمهد الذي جعلت فيه المسيح حين ولدته، وهو حوض أبيض غسلته فيه، وهو قريب من العين، وعلى فرسخين من بيت لحم تجاه القبلة منه قبر إبراهيم الخليل عليه السلام، تصعد جبلاً ثم تنحط إليه، وإلى جانبه قبر إسحاق عليه السلام، وهناك مسجد إبراهيم عليه السلام، ومن بيت المقدس إلى مسجد إبراهيم عليه السلام ثلاثة عشر ميلاً مما يلي القبلة، وحول القرية التي فيها قبر إبراهيم عليه السلام غياض وأشجار تفاح أحمر، وهناك دير إلى جانبه جبل يصعد في قنته في قدر ثلثمائة مرقاة، يقال إن هذا الجبل صعد منه المسيح عليه السلام إلى السماء. (1) عارضت هذه المادة بما في نزهة المشتاق: 113، والكرخي وابن حوقل والمقدسي وابن الفقيه.... والمؤلف ينقل عن مصدر آخر، لعله مسالك البكري، وفي صبح الأعشى 4: 101 عن الروض.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]
المقدس
بيت المقدس، بالفتح، ثم السكون، وتخفيف الدال، وكسرها: أى البيت المطهّر الذي يتطهّر به من الذنوب. وهو مسجد كبير متّسع الأقطار فى وسط مدينة كبيرة تسمّى المقدس. والمدينة على جبل بين جبال شامخة بها قرى لها زروع وأشجار فى الجبال، وفى المدينة أسواق وعمارات حسنة، وعليها سور دائر، والمسجد فى طرف المدينة القبلىّ من شرقيّها، قد بنى على سفح الجبل، فمنه قطعة كان الجبل عاليا عليها فوطئت، والقطعة القبلية كانت مستقلّة فأقيمت أعمدة وأسقف عليها حتى اعتدلت بأرضه. وفى وسط المسجد جبل صغير أعلاه الصّخرة المشهورة التى كان بنو إسرائيل يقرّبون عليها القربان، وهى القدس. وقد بنى عليها من حولها بناء مثل الدكة، لها درج من جهاتها الأربع، يصعد إليها منها. والصخرة فى وسطها بقيت أعلى ما حولها بشىء يسير، قد بنيت عليها قبة فى غاية الارتفاع والسعة على أعمدة دائرة والبناء عليها. وحول القبّة رواق دائر يتّسع له أربعة أبواب، يخرج منها إلى المصطبة المذكورة، ومن جهة القبلة، كأنها من بناء النصارى والمنبر والمحراب فى صدرها. وقد كان الفرنج قصدوها من سنة اثنين وتسعين وأربعمائة؛ خرجوا من وراء البحر، فملكوا الساحل وقصدوا بيت المقدس؛ فأقاموا عليها نيّفا وأربعين يوما، ثم ملكوها، ودخلوا فى ثالث وعشرين شعبان من السنة، ووضعوا السّيف فى المسلمين بها أسبوعا، والتجأ الناس إلى المسجد الأقصى فقتل فيه ما يزيد على سبعين ألفا. ثم إنّ الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب استنقذها فى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وأحكم سورها وعمّره وجوّده، فلما خرج الفرنج فى سنة ست عشرة وستمائة وتملّكوا دمياط استظهر الملك المعظم بخراب سوره، وهو على ذلك إلى الآن.
[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]