قصريانة (1) :
من أعظم مدائن الروم بصقلية وأكثرها جمعاً فتحها العباس بن يزيد بن الفضل بن يعقوب بن المضا العامل بصقلية لأبي إبراهيم أحمد بن محمد بن الأغلب صاحب القيروان، وكان العباس وجه سرية إلى بعض النواحي فغنموا وأخذوا أعلاجاً ثم قدموا واحداً منهم ليقتلوه فقال لهم: لا تقتلوني فإن لأميركم عندي نصيحة، فأرادوه على أن يعلمهم بها فلم يفعل، فأتوا به العباس فقال له: تعطيني الأمان على نفسي وأهلي وأدلك على موضع تفتح منه قصريانة، فأدخله العباس في بيت وأغلق عليه ثم نادى في أصحابه بالركوب ومضى وجعل العلج بين يديه في يوم مطير وثلج، والناس لا يعلمون أين يريد، فمضى حتى قرب من قصريانة فنزل، فلما غشيهم الليل نزل حتى صار إلى قرب المدينة، فوجه نائبه في رَجْلٍ كثير ووجه معه العلج، وأقام هو في خيله ورجله على باب المدينة، فمضى نائبه مع العلج حتى أتى به إلى قناة يخرج منها ماء المدينة فأدخل منها الرجال ودخل معهم، حتى أتى بهم العلج إلى باب الحصن، وأهله في غفلة، فوضعوا السيف على الحرس فقتلوهم، وسمع أهل المدينة الصياح فأتوا من كل ناحية إلى باب الحصن، فلم يزل المسلمون يضاربونهم على الباب حتى فتحوه وكبّر المسلمون خارج الباب ودخلوا المدينة، وهرب الروم، ودخل الناس فافترقوا في المدينة يقتلون ويغنمون حتى أخذوا كل ما فيها وأحرقوها، ولم يكن للروم في تلك النواحي أكبر منها ولا أوسع ولا أكثر قمحاً، وكان فتحها في شوال سنة أربع وأربعين ومائتين، وبعث أبو إبراهيم بالفتح رسولاً إلى المتوكل معه هدايا شريفة، وخيار ما سبى من وصيف ووصيفة. (1) (Castrogivanni) وانظر وصفها في الإدريسي (م) : 42 - 43.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]
قصريانة
بالياء المثناة من تحت، وألف ساكنة، ثم نون مكسورة، وبعدها هاء ساكنة، وهى روميّة: اسم لمدينة كبيرة بصقلية، على سنّ جبل يشتمل صورها على زروع وبساتين وعيون ومياه.
[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]