البحث

عبارات مقترحة:

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

الجميل

كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...

شروط القاضي

يشترط فيمن يتولي القضاء حتى تصح توليته الشروط التالية: 1 - الإسلام، فلا يجوز شرعاً تولية الكافر القضاء: قال الله تعالى " ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾ (النساء: 141) ولا سبيل أعظم من القضاء، لأنه ولاية وحكم وسبيل وسلطان على المسلمين. وكذلك لا يجوز أن يلي القضاء كافر، ليقضي بين الكفار في ديار المسلمين، لأن الغرض من القضاء فصل الأحكام بين الناس بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام والكافر جاهل بهما، وغير مأمون عليهما 2 - التكليف، أي أن يكون القاضي بالغاً عاقلاً، فلا يجوز تولية صبي ولا مجنون، وإن كان جنونه متقطعاً، لنقص من وجدت فيه هذه الصفات. ولا يكفي مجرد وجود العقل الذي يتعلق به التكليف، بل يجب أن يكون القاضي صحيح الفكر، جيد الفطنة، بعيداً عن السهو والغفلة، يتوصل بذكائه إلي وضوح المشكل، وحل المعضل، لأن عمله يتطلب كل هذا. 3 - الحرية، فلا يولي القضاء رقيق، كله أو بعضه، لفقدان ولايته أو نقصها. 4 - الذكورة، فلا يجوز أن تتولي امرأة القضاء مهما كانت كفاءتها. روي البخاري [4163] في المغازي، باب: كتاب النبي إلي كسري وقيصر، عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " ولأن القضاء يتطلب الاجتماع بالرجال، وفي اجتماع الرجال بالنساء لا تؤمن الفتنة. وأيضاً في تولي النساء القضاء صرف لهن عن مهمتهن الأصلية، وهي القيام بشؤون البيت والأولاد، وكذلك يشترط للقضاء القوة والسطوة حتى لا يطمع الناس بجانب القاضي، والمرأة قد يعوزها هذا الجانب. 5 - العدالة، فلا يولي فاسق القضاء، لأنه لا يوق بقوله، ولا يؤمن الجور في حكمه. قال الله عز وجل: ﴿َا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ (الحجرات: 6). والعدالة تعني: تجنب الكبائر من الذنوب والكبائر: كل ما ورد فيه وعيد شديد في كتاب الله تعال أو سنة نبيه ودل ارتكابه على تهاون في الدين: كشرف الخمر، والتعامل بالربا. وأن يكون غيرَ مصر على القليل من الصغائر، والصغائر: هي ما لم ينطبق عليه تعريف الكبيرة: كالنظر المحرم، وهجر المسلم فوق ثلاث، ونحوهما. وأن يكون سليم السريرة، أي العقيدة محافظاً على مروءة مثله، لأن من لا مروءة له لا حياء له، ومن لا حياء له قال ما شاء. ومروءة مثله: أن يتخلق بأخلاق أمثاله من أبناء عصره ممن يراعون مناهج الشرع وآدابه في الزمان والمكان، ويرجع في هذا غالباً إلي العرف. وأن يكون مأموناً غير متهم من أن يتخذ منصبه لجر منفعة لنفسه أو دفع مصرة عنها من وجه شرعي. هذا وقد قال علماء الشافعية: إنه لا يولي القضاء مبتدع ترد شهادته، ولا من ينكر حجية الإجماع، ولا من ينكر العمل بخبر الآحاد، ولا من ينكر الاجتهاد المتضمن إنكاره إنكار القياس. 6 - السمع، ولو بصياح في أذنه، فلا يجوز أن يتولي القضاء أصم لا يسمع أصلاً، لأنه لا يمكنه والحالة هذه أن يفرق بين إقرار الخصوم وإنكارهم. 7 - البصر، فلا يولي أعمي قد فقد البصر كلياً، ولا من يري الأشباح، ولا يعرف الصور، لأن الأعمى لا يستطيع أن يميز بين الخصوم، ولا يعرف الطالب من المطلوب، وهو إن ميز بين الناس فإنما يميز بينهم بالصوت، والصوت قد يشتبه عليه. أما ما قيل من أن النبي ولي عبدالله بن أم مكتوم على المدينة، وهو أعمي، فإنه لم يوله الحكم والقضاء وإنما استخلفه ليؤم الناس في الصلاة. 8 - النطق، فلا يجوز تولية الأخرس، وإن فهمت إشارته، لعجزه عن تنفيذ الأحكام. 9 - الكفاية للقيام بأمور القضاء، فلا يولي مغفل مختل نظر، بسبب كبر أو مرض. وفسر بعض العلماء الكفاية اللائقة بالقضاء بأن يكون في القاضي قوة على تنفيذ الحق بنفسه، فلا يكون ضعيف النفس جباناً، فإن كثيراً من الناس يكون عالماً ديناً، ونفسه ضعيفة عن التنفيذ والإلزام والسطوة فيطمع بعض الناس في جانبه بسبب ذلك. قال ابن عبد السلام رحمه الله تعالى: للولاية شرطان: العلم بأحكامها، والقدرة على تحصيل مصالحها وترك مفاسدها. فإذا فقد الشرطان حرمت الولاية. روي مسلم [1826] في الإمارة، باب: كراهة الإمارة بغير ضرورة، عن أبي ذر رضي الله عنه، أن رسول الله قال: " يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين ما يتيم ". وروي مسلم أيضاً [1825] في نفس الكتاب والباب السابقين عن أبي ذر رضي الله عنه قال ك قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: " يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدي الذي عليه فيها ". 10 - الاجتهاد، فلا يولي القضاء الجاهل بالأحكام الشرعية، ولا المقلد فيها، وهو من حفظ مذهب إمامه، لكونه غير عارف بغوامضه، وقاصر عن تقرير أدلته، ولأن المقلد لا يصلح للفتوي، فعدم صلاحيته للقضاء أولى. والمجتهد هو من يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام ما يتعلق الأحكام، ولا يشترط حفظ تلك الأدلة عن ظهر قلب، بل يكفي ان يعرف مظانها في أبوابها، فيراجعها وقت الحاجة، ويعرف خاص الأدلة وعامها، ومجملها ومبينها، وناسخها ومنسوخها، ومتواتر السنة وآحادها، والمتصل والمرسل، وحال الرواة قوة وضعفاً، ويعرف لسان العرب لغة ونحواً، وما لا بد منه في فهم الكتاب والسنة، لأنه لسان الشرع الذي نزل به الكتاب، ونطقت به السنة. ويعرف أقوال العلماء من الصحابة ومن بعدهم إجماعاً واختلافاً، ويعرف القياس بأنواعه. هذا في المجتهد المطلق، أما المجتهد المقيد، فيشترط فيه معرفة مذهب إمامه. والأصل في هذا الشرط ـ الاجتهاد ـ ما رواه أبو داود [3573] في الأقضية، باب: القاضي يخطيء، عن بريدة بن الخصيب رضي الله عنه أن رسول الله قال: " القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق وقضي به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم، فهو في النار، ورجل قضي للناس على جهل فهو في النار ". ويدل على هذا الشرط أيضاً ما رواه البخاري [6919] في الاعتصام بالكتاب والسنة باب: أجر الحاكم إذا الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، ومسلم [1716] في الأقضية: باب: بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب، أو أخطأ، ومسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ن وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر ". فقد دل هذا الحديث على أن القاضي الذي يصح أن يحكم بين الناس، ويمضي حكمه هو الذي لديه أهلية الاجتهاد ولا تتوفر تلك الأهلية إلا إذ تحقق الشرط السابق الذي ذكرناه بكل تفصيلاته. قال الإمام النووي رحمه الله تعالي في " شرحه على مسلم " [12 /13] " (قال العلماء: أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالم أهل للحكم، فإن أصاب فله أجران: أجر باجتهاده، وأجر بإصابته، وإن أخطأ فله أجر اجتهاده، فأما من ليس بأهل الحكم، فا يحل له الحكم، فإن حكم فلا أجر له ن بل هو آثم، ولا ينفذ حكمه، سواء وافق الحق أم لا، لأن إصابته اتفاقية ـ أي عن غير قصد ـ وليست صادرة عن أصل شرعي، فهو عاص في جميع أحكامه، سواء وافق الصواب أم لا، وهي مردودة كلها، ولا يعذر في شيء من ذلك، وقد جاء في السنن: القضاة ثلاثة). .. ثم ساق حديث أبي داود السابق ز فإن تعذر في رجل جمع تلك الشروط السابقة في القاضي، فولي سلطان له شوكة قاضياً مسلماً فاسقاً أو مقلداً، نفذ قضاؤه للضرورة، لئلا تتعطل مصالح الناس. وواجب الإمام أن يبحث عن حال القاضي قبل توليته، ويسأله ليعرف أهليته للقضاء، كما فعل رسول الله حينما ولي معاذ بن جبل رضي الله عنه قضاء اليمن. فقال له: " كيف تقضي إذا عرض لك قضاءٌ "؟ قال: أقضي بكتاب الله قال " فإن لم تجد في كتاب الله "؟ قال " أقضي بسنة رسول الله. قال: " فإن لم تجد في سنة رسول الله "؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو. قال: فضرب رسول الله صدره، وقال: " الحمد الله الذي وفق رسول رسول الله ". (رواه ابو داود [3592] في الاقضية، باب: اجتهاد الرأي في القضاء، والترمذي [1327] في الأحكام، باب: ما جاء في القاضي كيف يقضي). فإذا ولي الإمام من لا يصلح للقضاء مع وجود الصالح له والعلم بالحال أثم المولي والمولي، ولا ينفذ قضاؤه وإن أصاب فيه. "الفقه المنهجي" لمجموعة من المؤلفين.