اسم الله تعالى (الرحيم) من أكثر الأسماء الحسنى ورودًا في القرآن الكريم، فقد جاء في (123) موضعًا، اقترن في (75) منها باسمه تعالى (الغفور) تاليًا له، والعلاقة بين هذين الاسمين ظاهرة بيّنة لكل متأمّل؛ فإن الله عز وجلّ لما غفر الذنب، وأقال العثْرة، وأجار العبد من شرِّ معصيته في الدنيا والآخرة، كان ذلك من أعظم الرحمة، فاقتران هذين الاسمين إشارة إلى التلازم بينهما؛ لأن المغفرة رحمة وأيُّ رحمة! وأما عن سبب تقدم الرحيم على الغفور فيقال: إن المغفرة سلامة، والرحمةَ غنيمة، والسلامة تُطلب قبل الغنيمة، وأما في قوله تعالى في سورة سبأ: ﴿وهو الرحيم الغفور (2) ﴾ فتقدمت الرحمة على المغفرة فيه لأن رحمة الله تشمل الخلق المكلفين وغيرهم من الحيوان، والمغفرة تخصُّ المكلفين، والعموم مقدَّمٌ على الخصوص. انظر "بدائع الفوائد" لابن القيم (1/112).
هو الذي يرحمكم ويثني عليكم، وتدعو لكم ملائكته ليخرجكم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، وكان بالمؤمنين رحيمًا؛ فلا يعذبهم إذا هم أطاعوه فامتثلوا أمره واجتنبوا نهيه.
تفسير وترجمة الآية
مقترحات لموسوعة الجمهرة
إعدادات العرض
معاينة
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ
الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ
مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ
دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ
حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ
زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ
طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ
وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ
المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ
يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".