البحث

عبارات مقترحة:

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

الابتداء

الابتداء في عرف القراء هو: الشروع في القراءة بعد قطع أو وقف فإذا كان بعد القطع فيتقدمه الاستعاذة ثم البسملة إذا كان الابتداء من أوائل السور. وإذا كان من أثنائها فللقارىء التخيير في الإتيان بالبسملة أو عدم الإتيان بها بعد الاستعاذة كما سيأتي بيان ذلك قريباً في بابي الاستعاذة والبسملة وكما سيأتي في تعريف القطع في الفصل التالي أيضاً. وأما إذا كان الابتداء بعد الوقف فلا يتقدمه الاستعاذة ولا البسملة لأن القارىء في هذه الحال يعتبر مستمرّاً في قراءته وإنما وقف ليريح نفسه ثم يستأنف القراءة كما تقدم في معنى الوقف. أما إذا كان مستمرّاً في قراءته إلى أن وصل إلى آخر السورة ثم قصد الشروع في السورة التالية فيبسمل لمن له البسملة كحفص كما هو مقرر. هذا: ويُطلب من القارىء حال الابتداء ما يطلب منه حال الوقف فلا يكون الابتداء إلا بكلام مستقل موف بالمقصود غير مرتبط بما قبله في المعنى لكونه مختاراً فيه بخلاف الوقف فقد يكون مضطرّاً إليه وتدعوه الحاجة إلى أن يقف في موضع لا يجوز الوقف عليه كما تقدم توضيحه، وعليه: فلا يجوز أن يبتدىء بالفاعل دون فعله ولا بالوصف دون موصوفه. ولا باسم الإشارة دون المشار إليه. ولا بالخبر دون المبتدأ ولا بالحال دون صاحبها. ولا بالمعطوف عليه دون المعطوف ولا بالبدل دون المبدل منه ولا بالمضاف دون المضاف إليه. ولا بخبر كان وإن وأخواتهما دون كان وإن وأسمائهما. وهكذا إلى آخر المتعلقات. وقصارى القول أنه لا يبتدأ بالمعمول دون عامله ويستثنى من ذلك ما إذا كان الابتداء في كل ما ذكرناه برؤوس الآي فإنه يجوز حينئذ لما تقدم. وقد أحسن الحافظ ابن الجزري حيث ذكر في النشر قاعدة فيما يبتدأ به فقال رحمه الله تعالى: "كل ما أجازوا الوقف عليه أجازوا الابتداء بما بعده" أهـ منه بلفظه. هذا: وتتفاوت مراتب الابتداء كتفاوت مراتب الوقف في التمام والكفاية والحسن والقبح بحسب تمام الكلام وعدمه وفساد المعنى بإحالته إلى معنى غير مقصود. فإذا كان الابتداء بكلام غير مستقل في معناه بسبب تعلقه بما قبله لفظاً ومعنى في غير رؤوس الآي كان الابتداء قبيحاً مثله مثل الوقف القبيح بل ويتفاوت في القبح كما لو وقف على لفظ الجلالة في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَقُولُ المنافقون والذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ إِلَاّ غُرُوراً﴾ [الأحزاب: 12] فإن ابتدأ من لفظ الجلالة كان الابتداء قبيحاً. وإن ابتدأ من "وعدنا" كان أقبح منه وإن ابتدأ من "ما وعدنا" كان أقبح منهما. وقد يكون الابتداء أشد قبحاً من الوقف كما لو وقف على لفظ "قالوا" في قوله تعالى: ﴿لَّقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الذين قالوا إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ﴾ [آل عمران: 181] ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الذين قآلوا إِنَّ الله هُوَ المسيح ابن مَرْيَمَ﴾ [المائدة: 17، 72] ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الذين قالوا إِنَّ الله ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ [المائدة: 73]. وابتدأ من "إن الله" في الآيات الثلاث بل يكون الوقف على لفظ "أغنياء" في الآية الأولى. وعلى لفظ "مريم" في الآية الثانية. وعلى لفظ "ثلاثة" في الآية الثالثة والابتداء يكون بما بعد هذه الألفاظ الثلاثة الموقوف عليها. ومثل ذلك لو وقف على لفظي "اليهود والنصارى" في قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ اليهود يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ﴾ [المائدة: 64] ﴿وَقَالَتِ اليهود عُزَيْرٌ ابن الله وَقَالَتْ النصارى المسيح ابن الله ذلك قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ [التوبة: 30] وابتدأ من "يد الله" في الآية الأولى و"عزير ابن" و"المسيح ابن" في الآية الثانية بل يكون الوقف على الفظ "مغلولة" في الآية الأولى. وعلى لفظ الجلالة الثاني في الآية الثانية. وكذلك لو وقف على "من خالق" في قوله تعالى: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السمآء والأرض لَا إلاه إِلَاّ هُوَ﴾ [فاطر: 3] وابتدأ من لفظ "غير" ومثله الوقف على "ومالي" في قوله تعالى: ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الذي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [يس: 22] وابتدأ من لفظ "لا أعبد" فكل هذا وما ماثله قبيح في الابتداء لما فيه من سوء الأدب من الله تبارك وتعالى وإحالة المعنى إلى معنى آخر لا يمكن التفوه به مطلقاً. فالحذر الحذر من البدء بمثل هذا ونظائره مما لم نذكره اكتفاء بذكر مثيله. وليتدبر القارىء القرآن وليع معانيه ودلالاته وليعلم أنه كلام الله. فلا يجوز أن يطوعه لهواه. وليتق الله ربه فإن تقوى الله خير زاد، وأفضل مستفاد. والله المستعان.