إِرْبِلُ
بالكسر ثم السكون، وباء موحدة مكسورة، ولام، بوزن إثمد، ولا يجوز فتح الهمزة لأنه ليس في أوزانهم مثل أفعل، إلا ما حكى سيبويه من قولهم: أصبع وهي لغة قليلة غير مستعملة، فان كان إربل عربيّا، فقد قال الأصمعي: الرّبل ضرب من الشجر، إذا برد الزمان عليه وأدبر الصيف تفطّر بورق أخضر من غير مطر، يقال: تربّلت الأرض، لا يزال بها ربل، فيجوز أن تكون إربل مشتقّة من ذلك. وقد قال الفرّاء: الريبال النبات الكثير الملتفّ الطويل، فيجوز أن تكون هذه الأرض، اتّفق فيها في بعض الأعوام من الخصب، وسعة النبت ما دعاهم إلى تسميتها بذلك. ثم استمر، كما فعلوا بأسماء الشهور، فإنهم سموا كل شهر بما اتفق به في فصله، من حرّ أو برد، فسقط جمادى في شدّة البرد وجمود المياه، والربيعان في أيام الصيف، وصفر حيث صفرت الأرض من الخيرات، وكانت تسميتها لذلك في أزمنة متباعدة، ولم يكن في عام واحد متوال، ولو كان في عام واحد، كان من المحال أن يجيء جمادى، وهم يريدون به جمود الماء وشدّة البرد، بعد الربيع، ثم تغيّرت الأزمنة ولزمها ذلك الاسم، وإربل: قلعة حصينة، ومدينة كبيرة، في فضاء من الأرض واسع بسيط، ولقلعتها خندق عميق، وهي في طرف من المدينة، وسور المدينة ينقطع في نصفها، وهي على تلّ عال من التراب، عظيم واسع الرأس، وفي هذه القلعة أسواق ومنازل للرعية، وجامع للصلاة، وهي شبيهة بقلعة حلب، إلّا أنها أكبر وأوسع رقعة. وطول إربل تسع وستون درجة ونصف، وعرضها خمس وثلاثون درجة ونصف وثلث، وهي بين الزابين، تعدّ من أعمال الموصل، وبينهما مسيرة يومين. وفي ربض هذه القلعة، في عصرنا هذا، مدينة كبيرة، عريضة طويلة، قام بعمارتها وبناء سورها، وعمارة أسواقها وقيسارياتها، الأمير مظفّر الدين كوكبرى بن زين الدين كوجك علي، فأقام بها، وقامت، بمقامه بها، لها سوق وصار له هيبة، وقاوم الملوك ونابذهم بشهامته وكثرة تجربته حتى هابوه، فانحفظ بذلك أطرافه، وقصدها الغرباء، وقطنها كثير منهم، حتى صارت مصرا كبيرا من الأمصار. وطباع هذا الأمير مختلفة متضادة، فإنه كثير الظلم، عسوف بالرعية، راغب في أخذ الأموال من غير وجهها، وهو مع ذلك مفضل على الفقراء، كثير الصدقات على الغرباء، يسيّر الأموال الجمّة الوافرة يستفكّ بها الأسارى من أيدي الكفار، وفي ذلك يقول الشاعر: كساعية للخير من كسب فرجها، لك الويل! لا تزني ولا تتصدّقي ومع سعة هذه المدينة، فبنيانها وطباعها بالقرى أشبه منها بالمدن، وأكثر أهلها أكراد قد استعربوا، وجميع رساتيقها وفلاحيها وما ينضاف إليها أكراد، وينضمّ إلى ولايتها عدّة قلاع، وبينها وبين بغداد مسيرة سبعة أيام للقوافل، وليس حولها بستان، ولا فيها نهر جار على وجه الأرض، وأكثر زروعها على القنيّ المستنبطة تحت الأرض، وشربهم من آبارهم العذبة الطيبة المريئة، التي لا فرق بين مائها وماء دجلة في العذوبة والخفة، وفواكهها تجلب من جبال تجاورها، ودخلتها فلم أر فيها من ينسب إلى فضل غير أبي البركات المبارك بن أحمد بن المبارك بن موهوب ابن غنيمة بن غالب، يعرف بالمستوفي، فإنه متحقق بالأدب، محب لأهله، مفضل عليهم، وله دين واتصال بالسلطان، وخلّة شبيهة بالوزارة، وقد سمع الحديث الكثير ممن قدم عليهم إربل، وألّف كتبا، وقد أنشدني من شعره، وكتب لي بخطه عدة قطع، منها: تذكّرنيك الريح مرت عليلة على الروض مطلولا، وقد وضح الفجر وما بعدت دار، ولا شطّ منزل، إذا نحن أدنتنا الأمانيّ والذكر وقد كان اشتهر شعر نوشروان البغدادي، المعروف بشيطان العراق الضرير، فيها سالكا طريق الهزل، راكبا سنن الفكاهة، موردا ألفاظ البغداديين والأكراد، ثم إقلاعه عن ذلك والرجوع عنه، ومدحه لإربل، وتكذيبه نفسه، وأنا أورد مختاركلمتيه هاهنا، قصدا لترويج الأرواح، والإحماض بنوع ظريف من المزاح، وهي هذه: تبّا لشيطاني وما سوَّلا، لأنه أنزلني إربلا نزلتها في يوم نحس، فما شككت أني نازل كربلا وقلت ما أخطا الذي مثلا. .. بإربل، إذ قال: بيت الخلا هذا، وفي البازار قوم إذا عاينتهم، عاينت أهل البلا من كلّ كرديّ حمار، ومن كلّ عراقيّ، نفاه الغلا أما العراقيون ألفاظهم: جب لي جفاني جفّ جال الجلا جمّا لك أي جعجع جبه تجي تجب جماله، قبل أن ترجلا هيّا مخاعيطي الكشحلي، مشى كف المكفني اللّنك أي بو العلا جفّه بجعصه، انتفه مدّة يكفو به، أشفقه بالملإ عكلي ترى هواي قسيمه أعفقه، قل له البويذ بخين كيف انقلا هذي القطيعة هجعة الخط من عندي تدفّع، كم تحطّ الكلا والكرد لا تسمع إلّا جيا، أو نجيا أو نتوى زنكلا كلّا، وبوبو علّكو خشتري خيلو وميلو، موسكا منكلا ممّو ومقوّ ممكي ثم إن. .. قالوا: بو يركي تجي؟ قلت: لا وفتية تزعق، في سوقهم سردا، جليدا، صوتهم قد علا وعصبة تزعق، والله تنفر وشوترايم، هم سخام الطّلا ربع خلا من كلّ خير، بلى من كلّ عيب، وسقوط ملا فلعنة الله على شاعر يقصد ربعا، ليس فيه كلا أخطأت، والمخطىء في مذهبي يصفع، في قمّته، بالدّلا إذ لم يكن قصدي إلى سيدي جمّاله، قد جمّل الموصلا ثم قال يعتذر من هجائه لإربل، ويمدح الرئيس مجد الدين داود بن محمد، كتبت منها ما يليق بهذا الكتاب، وألقيت السّخف والمزح: قد تاب شيطاني وقد قال لي: لا عدت أهجو بعدها إربلا كيف؟ وقد عاينت في صدرها صدرا، رئيسا سيدا مقبلا مولاي مجد الدين، يا ماجدا شرّفه الله، وقد خوّلا عبدك نوشروان، في شعره، ما زال للطيّبة مستعملا لولاك، ما زارت ربى إربل أشعاره قطّ، ولا عوّلا ولو تلقّاك بها لم يقل: . .. تبّا لشيطاني، وما سوّلاهذا، وفي بيتي سئتّ، إذا. .. أبصرها غيري انثنى أحولا تقول: فصل كازروني، وان طاكي، والّا ناطح الأيّلا فقلت: ما في الموصل اليوم لي. .. معيشة، قالت: دع الموصلا واقصد إلى إربل واربع بها، ولا تقل ربعا قليل الكلا وقل: أنا أخطأت في ذمّها، وحطّ في رأسك خلع الدّلا وقل: أبي القرد، وخالي وأنا كلب، وإنّ الكلب قد خوّلا وعمّتي قادت على خالتي، وأمّي القحبة رأس البلا وأختي القلفاء شبّارة، ملاحها قد ركب الكوثلا فربعنا ملآن من فسقنا، وقطّ من ناكتنا ما خلا وكلّ من واجهنا وجهه سخّم فيه، بالسّخام، الطّلا يا إربليين اسمعوا كلمة، . .. قد قال شيطاني واسترسلا: فالآن عنكم قد هجا نفسه، بكل قول يخرس المقولا هيّج ذاك الهجو، عن ربعكم، كلّ أخير ينقض الأوّلا وقد نسب إليها جماعة من أهل العلم والحديث، منهم أبو احمد القاسم بن المظفّر الشهرزوري الشيباني الإربلي وغيره. وإربل أيضا: اسم لمدينة صيداء التي بالساحل من أرض الشام عن نصر، وتلقّنه عنه الحازمي، والله أعلم.
[معجم البلدان]
إربل
مدينة بين الزابين، لها قلعة حصينة لم يظفر بها التتر، مع أنهم ما فاتهم شيء من القلاع والحصون، بها مسجد يسمى مسجد الكف، فيه حجر عليه أثر كف إنسان، ولأهل إربل فيه أقاويل كثيرة ولا ريب انه شيء عجيب. ينسب إليها الملك مظفر الدين كوكوبري بن زين الدين علي الصغير. كان ملكاً شجاعاً جواداً غازياً، له نكايات في الفرنج يتحدث الناس بها، وكان معتقداً في أهل التصوف، بنى لهم رباطاً لم يزل فيه مائتا صوفي، شغلهم الأكل والرقص في كل ليلة جمعة. وكل من جاءه من أهل التصوف آواه وأحسن إليه، وإذا أراد السفر أعطاه ديناراً. ومن أتاه من أهل العلم والخير والصلاح أعطاه على قدر رتبته. وفي العاشر من ربيع الأول كان له دعوات وضيافات، وفي هذا الوقت يجتمع عنده خلق كثير من الأطراف. وفي اليوم الثاني عشر مولد النبي، عليه السلام، كان له دعوة عظيمة يحضرها جميع الحاضرين ويرجع كل واحد بخير. وكان يبعث إلى الفرنج أموالاً عظيمة يشترى بها الأسارى. عمر عمراً طويلاً ومات سنة تسع وعشرين وستمائة.
[آثار البلاد وأخبار العباد]
إربل
بالكسر ثم السكون، والباء موحّدة مكسورة ولام، بوزن إثمد، ولا يجوز فتح الهمزة فيه: مدينة كبيرة فى فضاء من الأرض واسع، لها قلعة حصينة ذات خندق عميق فى طرف المدينة ينقطع سور المدينة فى نصفها، وهى على تلّ عال عظيم من تراب، وفيها أسواق ومنازل للرعية، وهى شبيهة بقلعة حلب إلّا أنها أكبر وأوسع. وإربل أيضا: اسم لمدينة صيدا التى بالساحل من أرض الشام على ما قيل.
[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]