البحث

عبارات مقترحة:

الكريم

كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...

الحليم

كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...

تمييز الأسماء

الراوي يأتي في الإسناد مسمى على صفتين: الصفة الأولى: مهملاً من القيد، كقول المحدث: (حدثنا يونس) دون أن يذكر معه نسبة إلى أب أو غيره، وهذا يقع عادة لمن قد عرف من الرواة وتميز إلى حد أغنى عن ذكر علامات زائدة يميز بها، فتركوا ذكر العلامات اختصاراً، ولم يكن يشق عليهم معرفته، فإنهم إذا رأوا مروزياً قال: في روايته: (حدثنا عبد الله) فلا يخفى على ماهر بالصنعة أنه عبد الله بن المبارك الإمام الحافظ الكبير، مع كثرة من اسمه (عبد الله) في الرواة، وكذا يقول القائل: (حدثنا شعبة) أو (مالك) فمع ورود طائفة في الرواة ممن يسمى (شعبة) وطوائف ممن يسمى (مالكاً) لكنه يدرك ابتداء أن شعبة هو ابن الحجاج، ومالكاً هو ابن أنس، والعلامة التي يحتاجها العارف لتمييز ذلك هي تصور طبقة الراوي الذي جاء اسمه مهملاً من القيد. نعم؛ يشكل منها الأسماء التي تأتي مهملة وتشترك ولا تساعد معرفة الطبقة على تمييزها، إنما تستلزم معرفة زائدة بقرائن معينة تفصل الاشتراك، كقول المحدث: (حدثني سفيان) فجائز أن يكون الثوري، وجائز أن يكون ابن عيينة، أو: (حدثنا حماد) فجائز أن ابن زيد وجائز أن يكون ابن سلمة. فإن قلت: فما يصنع المبتدي في ذلك؟ قلت: ما كان من هذا النمط من الرواة فبصيرتك فيه تستفاد من (المبحث الثالث). الصفة الثانية: مقيداً باسم الأب أو غيره، مثل قول المحدث: (حدثنا قتيبة بن سعيد). فما ورد على هذه الصفة فإن الوقوف عليه في كتب التراجم المرتبة كالتي أسلفت ذكرها ميسور، لكن عليك أن تلا حظ أمرين: الأول: طبقة الراوي والتي سيأتي بيان ما يتصل بها في (المبحث الثالث). والثاني: المرجع الذي يكون مظنة للوقوف على الترجمة فيه. فلو أردت البحث عن (قتيبة بن سعيد) فلاحظ موضع وجوده في الإسناد: أهو متقدم في الرواة أو متأخر؟ فلو وجدته في إسناد يقارب في الزمن زمان شيوخ البخاري ومسلم، كأن تراه في إسناد لأبي داود السجستاني صاحب " السنن " (المتوفى سنة: 275)، أو فوق هذا الزمن إلى الزمن النبوي، فالمظنة في الوقوف عليه: " تاريخ " البخاري وكتاب ابن أبي حاتم و " التهذيب " للمزي. لكنك لو كنت تبحث مثلاً عن أحد شيوخ الحافظ أبي القاسم الطبراني (المتوفى سنة: 360)، فليس " تاريخ " البخاري مظنة للوقوف على اسمه فيه، وكتاب " الجرح والتعديل " مظنة ضعيفة، و" التهذيب " مظنة محتملة بتوسط، فيوجد فيه تراجم جماعة من شيوخ الطبراني، والسبب في ذلك تأخر هؤلاء الشيوخ في الطبقة في زمن بُعَيْدَ البخاري أو في طبقته، وقد ولد الطبراني بعد موت البخاري بأربع سنين، وابن أبي حاتم من طبقة شيوخ الطبراني، فمن كان منهم قديماً وجدته في " الجرح والتعديل "، ومن تأخر منهم ضعف الوقوف عليه فيه، و" التهذيب " في تراجم رجال الكتب الستة الأمهات، وقد أدرك الطبراني السماع من طائفة من شيوخ بعض الأئمة الستة. أما إذا جئت للبحث عن أحد الشيوخ الحاكم النيسابوري (المتوفى سنة: 405) فلست تقف عليه في شيء من المراجع الثلاثة المذكورة، وطريق البحث عنه شاق، خصوصاً أنه لا يوجد مصنف خاص في تراجم شيوخ الحاكم، وهو ممن روى عن خلق كثيرين من بلاد شتى، فالوقوف على ترجمة شيخ من شيوخه يقتضي منك بحثاً قد يطول وقد يقصر بحسب ظهور أمر ذلك الشيخ: فجائز أن يكون من الموصوفين بالحفظ والإتقان والثقة والضبط، وجائز أن لا يكون كذلك، فاحتمله حافظاً مشهوراً وانظر من المصنفات التي تكون مظنة لمثله، مثل: " تذكرة الحافظ " للذهبي، و" سير أعلام النبلاء " له، فإن لم تجده فاحتمله مجروحاً، وانظر أجمع ما ألف في المجروحين ممن لم يترجم منهم في " تهذيب الكمال "، ذلك هو كتاب " لسان الميزان " لابن حجر، فإنه حوى أسماء أغلب من يذكر بالجرح إلى العصور المتأخرة. فإن تعذر عليك الوقوف على ترجمته فجهدك في سائر المصنفات في تراجم الرواة، فإن جاء في الإسناد منسوباً إلى بلد، فانظر إن كان لذلك البلد تاريخ للرجال مما بأيدي الناس اليوم، فإن نسب (بغدادياً) فارجع إلى " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي (المتوفى سنة: 463) وإن نسب. .. (دمشقياً) أو (شامياً) فارجع إلى " تاريخ دمشق " لابن عساكر (المتوفى سنة: 571)، كل ذلك بشرط ملاحظة أن يكون ذلك الكتاب في التاريخ صنف بعد شيخ الحاكم في الزمن، فإنه لو نسب (واسطياً) مثلاً، فلا تذهب إلى " تاريخ واسط " للحافظ بحشل الو اسطي؛ وذلك لتقدمه، فإن بحشلاً هذا توفي سنة (292). على أنك ينبغي أن تلاحظ إمكان وقوع نسبة الراوي إلى (بغداد) مثلاً، ومن شرط الخطيب أن يكون مذكوراً في كتابه، لكنك لا تراه فيه. وإن وقع الراوي غير منسوب إلى بلد؛ فشأنك في البحث، فانظر في جميع ما تهيأ لك من كتب الرواة التي تظن أن يكون الراوي مترجماً فيها، وذلك كتاريخي الخطيب وابن عساكر، ومعاجم الشيوخ والمشيخات والسؤالات والأجزاء، وبعض التواريخ العامة للرواة، كـ"الإرشاد " للخليلي (المتوفى سنة: 446)، والتاريخ الشامل " تاريخ الإسلام " للذهبي، كما يجوز أن يكون مترجماً في الكتب التي اعنت بذكر (المشتبه) من أسماء الرواة، خصوصاً إذا ظننت أن الراوي ممن يتداخل اسمه مع آخر يقاربه في رسمه، أو يوافقه فيه لكن يخالفه في شكله وضبطه، ومن أجمع تلك الكتب: "الإكمال " للحافظ أبي نصر ابن ما كولا (المتوفى سنة: 487) و " تكملة الإكمال " للحافظ أبي بكر ابن نقطة (المتوفى سنة: 629) و " توضيح المشتبه " للحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي (المتوفى سنة: 842). تعذر الوقوف على ترجمة للراوي مع مجيئه مسمى: ربما تعذر عليك الوقوف على الترجمة للراوي مع اهتدائك بما تقدم، وهذا جائز، فإن حصل فلواحد من أسباب أربعة: السبب الأول: أن يكون الراوي وقع منسوباً إلى أبيه نسبةً غير صريحة، أو إلى أحد أجداده. وهذا واقع في الرواة على وجوه، إليكها بأمثلتها: 1 _ من نسب إلى أبيه، لكن بكنية الأب. مثاله (أشعث بن أبي الشعثاء)، وهو: أشعث بن سليم، (أبو الشعثاء) كنية والده سليم بن أسود. وفي الرواة: (كثير بن معدان) هكذا ينسبه بعضهم إلى اسم أبيه، لكن قال أبو حاتم الرازي كذلك: " ويقال له: كثير ابن أبي كثير، وكثير بن أبي أعين، وكثير أبو محمد، وكل صحيح ". 2 _ من نسب إلى أبيه، لكن بنسب الأب. مثاله: (عبد الرحمن بن الأصبهاني)، وهو: عبد الرحمن بن عبد الله، و (الأصبهاني) نسب عبد الله. 3 _ من نسب إلى أبيه، لكن بلقب الأب. مثاله: (إسحاق بن راهويه)، وهو: إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، و (راهويه) لقب لأبيه. 4 _ من نسب إلى جده من جهة أبيه. مثاله: (أحمد بن يونس)، وهو: أحمد بن عبد الله بن يونس. 5 _ من نسب إلى جده من جهة أمه. مثاله: (سليمان بن شرحبيل)، وهو: سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، و (شرحبيل) هو ابن مسلم جده من قبل أمه. و" تهذيب الكمال " وفروعه تسعف في تمييز كثير من هؤلاء وذلك بالرجوع إلى اسم الراوي على ما ترى من نسبته في الإسناد كـ (أحمد بن يونس) فتراه أحالك على (أحمد بن عبد الله بن يونس)، لكن ما عجزت عنه فطريقك لكشفه (المبحث الثالث). والسبب الثاني: أن يكون الراوي يسمى بأكثر من اسم، وذلك على سبيل التدليس إخفاء لحقيقته. وهذا مما يشق الكشف عنه، ويقتضي بحثاً واحتياطاً شديدين. مثاله: ما وقع من جماعة من الرواة من تسمية (محمد بن سعيد الشامي) المعروف بـ (المصلوب) وهو كذاب زنديق، بأسماء كثيرة مختلفة تعمية لأمره. قال أبو طالب عبد الله بن أحمد بن سوادة (وكان صدوقاً): " قلب أهل الشام اسم محمد بن سعيد الزنديق على مئة اسم وكذا وكذا اسماً، قد جمعتها في كتاب، وهو الذي أفسد كثير من حديثهم ". ومن أسمائه: محمد بن سعيد بن حسان، ومحمد بن سعيد الأسدي، ومحمد بن حسان، ومحمد بن أبي قيس، ومحمد بن أبي زكريا، ومحمد بن عبد الرحمن، وأبو عبد الرحمن الشامي، وأبو قيس الدمشقي، ومحمد الطبري. والسبب الثالث: وقوع تصحيف أو تحريف. مثل: (حضين) بالضاد المنقوطة تصحف إلى (حصين) بالصاد المهملة، و (حبان) بالباء الموحدة إلى (حيان) بالياء المثنَّاة من تحت، أو (مسعر) تحرف إلى (مسعود)، و (عبدة) إلى (عبيدة). وليقوَ في ظنك احتمال وقوع التصحيف أو التحريف إذا كان الراوي من شرط البخاري وابن أبي حاتم، أي كان متقدماً؛ لأنه لا يكاد يخرج عن كتابيهما راوٍِ لشيء من العلم تقدم زمانها. وطريق كشفه استعمال مرحلتي البحث الآتيتين في المبحثين (الثالث والرابع). والسبب الرابع: لا ذكر له في كتب التراجم. وهذا وارد على من تأخر من الرواة عن درجة رجال الكتب الستة الأمهات، فإنه لم يلتزم أحد أن يتتبع من روى العلم بعدهم من جميع أصناف الرواة، فجائز أن يكون الرجل من شيوخ الطبراني أو الدارقطني أو الحاكم أو البيهقي أو الخطيب أو ابن عساكر، ومن في طبقاتهم ويقرب منهم من الأئمة المصنفين في الحديث، لا تجد له ترجمة في شيء من الكتب. "تحرير علوم الحديث" للجديع.