البحث

عبارات مقترحة:

الحفيظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...

الحيي

كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...

هل يعتبر قول العامي في الإجماع؟

يتصور دخول العوام في الإجماع، فإن الشريعة تنقسم إلى ما يشترك في دركه العوام والخواص كالصلوات الخمس ووجوب الصوم والزكاة والحج، فهذا مجمع عليه، والعوام وافقوا الخواص في الإجماع، وإلى ما يختص بدركه الخواص كتفصيل أحكام الصلاة والبيع والتدبير والاستيلاد، فما أجمع عليه الخواص فالعوام متفقون على أن الحق فيه ما أجمع عليه أهل الحل والعقد لا يضمرون خلافا أصلا فهم موافقون أيضا فيه. ويحسن تسمية ذلك إجماع الأمة قاطبة، كما أن الجند إذا حكموا جماعة من أهل الرأي والتدبير في مصالحة أهل قلعة فصالحوهم على شيء يقال هذا باتفاق جميع الجند. فإذا كل مجمع عليه من المجتهدين فهو مجمع عليه من جهة العوام وبه يتم إجماع الأمة. فإن قيل: فلو خالف عامي في واقعة أجمع عليها الخواص من أهل العصر فهل ينعقد الإجماع دونه؟ إن كان ينعقد فكيف خرج العامي من الأمة، وإن لم ينعقد فكيف يعتد بقول العامي؟ قلنا: قد اختلف الناس فيه فقال قوم: منعقد لأنه من الأمة فلا بد من تسليمه بالجملة وبالتفصيل وقال آخرون، وهو الأصح: إنه ينعقد بدليلين أحدهما: أن العامي ليس أهلا لطلب الصواب، إذ ليس له آلة هذا الشأن فهو كالصبي والمجنون في نقصان الآلة؛ ولا يفهم من عصمة الأمة من الخطأ إلا من يتصور منه الإصابة لأهليته والثاني، وهو الأقوى: أن العصر الأول من الصحابة قد أجمعوا على أنه لا عبرة بالعوام في هذا الباب، أعني خواص الصحابة وعوامهم؛ ولأن العامي إذا قال قولا علم أنه يقوله عن جهل وأنه ليس يدري ما يقول وأنه ليس أهلا للوفاق والخلاف فيه. وعن هذا لا يتصور صدور هذا من عامي عاقل؛ لأن العاقل يفوض ما لا يدري إلى من يدري، فهذه صورة فرضت ولا وقوع لها أصلا. ويدل على انعقاد الإجماع أن العامي يعصي بمخالفته العلماء ويحرم ذلك عليه، ويدل على عصيانه ما ورد من ذم الرؤساء الجهال إذا ضلوا وأضلوا بغير علم، وقوله تعالى: ﴿لَعَلِمَهُ الذينَ يستنبِطُونَهُ مِنهُمْ﴾ [النساء: 83] فردهم عن النزاع إلى أهل الاستنباط. وقد وردت أخبار كثيرة بإيجاب المراجعة للعلماء وتحريم فتوى العامة بالجهل والهوى، وهذا لا يدل على انعقاد الإجماع دونهم، فإنه يجوز أن يعصي، بالمخالفة كما يعصي من يخالف خبر الواحد، ولكن يمتنع وجود الإجماع لمخالفته والحجة في الإجماع، فإذا امتنع بمعصية أو بما ليس بمعصية فلا حجة وإنما الدليل ما ذكرنا من قبل. "المستصفى" للغزالي.