البحث

عبارات مقترحة:

الكريم

كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

المؤمن

كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...

هل ينعقد الإجماع مع خلاف أهل العلم من غير الفقهاء ؟

إذا قلنا لا يعتبر قول العوام لقصور آلتهم، فرب متكلم ونحوي ومفسر ومحدث هو ناقص الآلة في درك الأحكام. فقال قوم: لا يعتد إلا بقول أئمة المذاهب المستقلين بالفتوى كالشافعي ومالك وأبي حنيفة وأمثالهم من الصحابة والتابعين، ومنهم من ضم إلى الأئمة الفقهاء الحافظين لأحكام الفروع الناهضين بها، لكن أخرج الأصولي الذي لا يعرف تفاصيل الفروع ولا يحفظها. والصحيح أن الأصولي العارف بمدارك الأحكام وكيفية تلقيها من المفهوم والمنظوم وصيغة الأمر والنهي والعموم وكيفية تفهيم النصوص والتعليل أولى بالاعتداد بقوله من الفقيه الحافظ للفروع، بل ذو الآلة من هو متمكن من درك الأحكام إذا أراد وإن لم يحفظ الفروع، والأصولي قادر عليه والفقيه الحافظ للفروع لا يتمكن منه. وآية أنه لا يعتبر حفظ الفروع أن العباس والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وأبا عبيدة بن الجراح وأمثالهم ممن لم ينصب نفسه للفتوى ولم يتظاهر بها تظاهر العبادلة وتظاهر علي وزيد بن ثابت ومعاذ كانوا يعتدون بخلافهم لو خالفوا، وكيف لا وكانوا صالحين للإمامة العظمى ولا سيما لكون أكثرهم في الشورى؟ وما كانوا يحفظون الفروع بل لم تكن الفروع موضوعة بعد، لكن عرفوا الكتاب والسنة وكانوا أهلا لفهمهما، والحافظ للفروع قد لا يحفظ دقائق فروع الحيض والوصايا، فأصل هذه الفروع كهذه الدقائق فلا يشترط حفظها فينبغي أن يعتد بخلاف الأصولي وبخلاف الفقيه المبرز لأنهما ذوا آلة على الجملة يقولان ما يقولان عن دليل. أما النحوي والمتكلم فلا يعتد بهما لأنهما من العوام في حق هذا العلم، إلا أن يقع الكلام في مسألة تنبني على النحو أو على الكلام. فإن قيل: فهذه المسألة قطعية أم اجتهادية؟ قلنا: هي اجتهادية، ولكن إذا جوزنا أن يكون قوله إذا لم يخالف هؤلاء، أما خلاف العوام فلا يقع ولو وقع فهو قول باللسان وهو معترف بكونه جاهلًا بما يقول، فبطلان قوله مقطوع به كقول الصبي فأما هذا فليس كذلك. فإن قيل: فإذا قلد الأصولي الفقهاء فيما اتفقوا عليه في الفروع وأقر بأنه حق هل ينعقد الإجماع؟ قلنا: نعم لأنه لا مخالفة وقد وافق الأصولي جملة وإن لم يعرف التفصيل، كما أن الفقهاء اتفقوا على أن ما أجمع عليه المتكلمون في باب الاستطاعة والعجز والأجسام والأعراض والضد والخلاف فهو صواب، فيحصل الإجماع بالموافقة الجملية كما يحصل من العوام؛ لأن كل فريق كالعامي بالإضافة إلى ما لم يحصل علمه وإن حصل علما آخر. "المستصفى" للغزالي.