اغرناطة (1)
مدينة بالأندلس بينها وبين وادي آش أربعون ميلاً وهي من مدن إلبيرة، وهي محدثة من أيام الثوار بالأندلس وإنما كانت المدينة المقصودة إلبيرة فخلت وانتقل أهلها إلى اغرناطة ومدنها وحصن أسوارها وبنى قصبتها حبوس الصنهاجي ثم خلفه ابنه باديس بن حبوس، فكملت في أيامه وعمرت إلى الآن، ويشقها نهر يسمى حدرة وبينها وبين إلبيرة ستة أميال، وتعرف بأغرناطة اليهود لأن نازلتها كانوا يهوداً، وهي اليوم مدينة كبيرة قد لحقت بأمصار الأندلس المشهورة، وقصبتها بجوفيها وهي من القصاب الحصينة. وجلب الماء إلى داخلها من عين عذبة تجاورها، والنهر المعروف بنهر فلوم ينقسم عند مدينتها قسمين: قسم يجري في أسفل المدينة وقسم يجري في أعلاها يشقها شقاً فيجري في بعض حماماتها وتطحن الأرحاء عليه خلال منازلها، ومخرجه من جبل هناك، وتلقط في جرية مائه برادة الذهب الخالص، ويعرف بالذهب المدني. ومقبرة أغرناطة بغربيها عند باب إلبيرة. وفحص إلبيرة أزيد من مسافة يوم في مثله يصرفون فيه مياه الأنهار كيف شاءوا كل أوان من جميع الأزمان، وهو أطيب البقاع بقعة وأكرم الأرضين تربة لا يعدل به مكان غير غوطة دمشق وساحة (2) الفيوم، ولا يعلم شجرة تستعمل وتستغل إلا وهي أنجب شيء في هذا الفحص، وما من فاكهة (3) توصف وتستطرف إلا وما هناك من الفاكهة يفوقها، ويجود فيها من ذلك ما لا يجود إلا بالساحل من اللوز وقصب السكر مما أشبههما، وحرير فحص إلبيرة هو الذي ينتشر في البلاد ويعم الآفاق، وكتان هذا الفحص يربي جيده على كتان النيل ويكثر حتى يصل إلى أقاصي بلاد المسلمين، وبإلبيرة معادن جوهرية من الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص والتوتياء، وجبل الثلج هو جبل يشرف على جبل إلبيرة. (1) بروفنسال: 23 والترجمة: 29 (Granada)، والإدريسي (د) : 203. (2) بروفنسال: وشارحة. (3) في الأصل: والفاكهة توصف الخ
[الروض المعطار في خبر الأقطار]