بياش (1) :
موضع أو قرية بالبلاد الإفريقية بين القيروان وتونس. فيه كان قتل محمد بن سليمان القوبع التجيبي (2) الخارج بتونس على محمد بن الأغلب، وكان ولاه عليها، فنبذ طاعته، وخالف عليه، وشرع في قتل الجند، فكتب إليه محمد بن الأغلب يعظه ويحضه على الطاعة، فلم يقبل. فوجه إليه جيشاً عليهم محمد بن موسى معه فيه جماعة من وجوه الجند فيهم تمام بن تميم التميمي، فلما صاروا إلى الموضع المعروف بطبريق زحف إليهم القوبع من تونس، فالتقوا وعثر بتمام فرسه، فسقط وأخذ أسيراً، فأتي به القوبع، فأحب أن يستبقيه، فلما رأى ذلك ابنه ضربه بحربة في صدره، فسقط ميتاً، وانهزم عسكر محمد بن الأغلب، ثم حشد الناس ووجوههم مع خفاجة بن سفيان مولاه. فلما صاروا إلى جبل شعيب من حد صطفورة التقوا فاقتتلوا اقتتالاً شديداً، وقتل من الفريقين عدد كبير. ثم انهزم القوبع وأصحابه، وقتل منهم ما لا يحصى كثرة ومضى المنهزمون يريدون تونس، ولحق القوبع رجل من الجند، فطعنه فأرداه عن فرسه، وهو لا يعرفه، ونزل إليه، فأخذ درعه وسيفه، ولحقه رجل نظر إلى حسن الدرع والسلب، فسأل عن صاحبه، فأشار إليه، فنظر: فإذا هو القوبع، فبدر إليه فضرب عنقه، ومضى برأسه إلى ابن الأغلب، فوصله وأحسن إليه، وكان ذلك في بياش هذه، في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين ومائتين. وبعث إلى أهل تونس، فأمنهم ورغبهم في العافية، وأمرهم بإخراج أخي القوبع وابنه، فأبوا من ذلك، فقاتلهم على أبواب الخنادق قتالاً شديداً، ورموا بأنفسهم عليهم في خندقهم حتى دخلوا عليهم عنوة، وهرب ابن القوبع في قارب، فوجهت إليه القوارب، فأخذوه، فلما أتي به إليه قال لسلمة بن تميم: انزل فاقتله بأخيك، فنزل إليه سلمة فقال له: لا تجزع يا بني، فإنما هو دين يقضى، فضرب عنقه. (1) ص: بياس، ولم أجد لهذا الموضع ذكراً في المصادر المتيسرة. (2) هكذا سماه هنا وهو عند ابن عذاري (1: 110) عمرو بن سليم التجيبي، وفي ثورته على ابن الأغلب راجع L Emirat Aghlabide للطابي ص: 242 - 248 ويسميه ((القوبيع))، وهو في ص ع أحياناً بالباء الموحدة وأحياناً ((القويع) بالياء المثناة.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]