جزيرة السامري (1) :
في بحر القلزم، ويسكنها قوم من اليهود السامرية، وعلامتهم أن يقول أحدهم إذا لاقى إنساناً: لا مساس، وبهذه اللفظة يعرف أنهم من اليهود المنسوبين إلى السامري صاحب العجل في زمن موسى عليه السلام. وفي هذا البحر من السمك حوت مربع عرضه قريب من طوله، وربما بلغ الواحد منه قنطاراً وهو حوت أحمر شهي الطعم حسن الذوق لا سهك فيه (2)، وفيه سمك آخر طوله شبر ونصف له رأسان: رأس في موضع رأسه ورأس في موضع ذنبه، وفي كل واحد من هذين الرأسين عينان وفم، وتصرفه في البحر يكون مرة إلى هاهنا ومرة إلى هاهنا، إلى أمام وإلى خلف، ويسمى هذا السمك الخنجر، وفيه سمك يقال له القرش، هو نوع من كلاب البحر، في فمه سبعة صفوف أضراس، فيه ما طوله عشرة أشبار وأكثر وأقل، ومراكب هذا البحر كلها مؤلفة بالدسر، محررة (3) بحبال الليف مجلفطة بدقيق اللبان ودهن كلاب البحر المعد لذلك، ونواتية هذه المراكب لهم آلات محكمة موضوعة في أعلى الصاري (4) الذي يكون في مقدم المركب فيجلس النوتي يبصر ما لاح أمامه من التروش التي تحت الماء مخفية فيقول للماسك: خذ إليك وادفع عنك، ولولا ذلك ما عبره أحد وآفاته كثيرة في المراكب، والمسافرون يأوون كل ليلة إلى مواضع يلجأون إليها خوفاً من معاطبه (5)، وينزلون بها نهاراً ويقلعون نهاراً، حالاً دائمة سير النهار واقامة الليل، وهو بحر مظلم كريه الريح. (1) كلها عن نزهة المشتاق: 49. (2) نزهة المشتاق: ولا شوك به. (3) نزهة المشتاق: مجرورة. (4) ص ع: الصواري. (5) ص ع: موضع. .. إليه. .. معاطبها.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]