دندمة (1) :
مدينة في أرض سفالة صغيرة على ضفة البحر، وأهلها في ذاتهم قلة وليس في أيديهم شيء يتصرفون به أو يعيشون منه إلا الحديد، فإن بلاد سفالة يوجد في جبالها معادن الحديد الكثيرة، وأهل جزائر الرانج وغيرهم من ساكني الجزائر المطيفة بها يدخلون إليهم ويخرجونه من عندهم إلى سائر بلاد الهند وجزائرها، فيبيعونه بالثمن الجيد لأن بلاد الهند أكثر تصرفهم وتجاراتهم بالحديد، ومع أن الحديد موجود في جزائر الهند ومعادنه بها، فإنه في بلاد سفالة أكثر وأطيب وأرطب، لكن الهنديون يحسنون صنعته وتركيب أخلاط الأدوية منه التي يسبكون بها الحديد اللين، فيعود هندياً ينسب إلى الهند. وبها دار لضرب السيوف وصناعهم يجيدونها فضلاً عن غيرهم من الأمم، وكذلك الحديد السندي (2) والسرنديبي والبينماني في كلها تفاضل بحسب هواء (3) المكان وجودة الصنعة وإحكام السبك والضرب وحسن الصقل والجلاء، لا يوجد شيء من الحديد أمضى من الحديد الهندي، وهذا شيء مشهور لا ينكر. ودندمة هذه إحدى قواعد سفالة. وبجميع (4) بلاد سفالة يوجد التبر الذي لا يعدل به طيباً وكثرة وعظماً، وهم مع ذلك يفضلون النحاس على الذهب ومنه حليهم، وهذا التبر الموجود في أرض سفالة يوجد منه في التبرة مثقال ومثقالان وأكثر وأقل، وهم يسبكونه بنار أرواث البقر ولا يحتاجون فيه إلى جمع بزئبق ولا غيره كما يفعله أهل المغرب الأقصى، فانهم يؤلفون أجزاء تبرهم ويجمعونها بالزئبق وبعد ذلك يسبكونه بنار الفحم فيذهب الزئبق بالتراب ويبقى التبر مسبوكاً نقياً، وتبر أرض سفالة لا يحتاج إلى ذلك، يسبك بلا صنعة تدخله. (1) نزهة المشتاق: 25 (OG: 67). (2) ص ع: الهندي. (3) ص ع: هذا. (4) النقل مستمر عن نزهة المشتاق.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]