شبرو:
موضع على مقربة من تبسة من البلاد الإفريقية، به كانت وقيعة للشيخ أبي محمد عبد الواحد بن الشيخ أبي حفص ملك إفريقية على يحيى بن إسحاق المسوفي الميورقي في آخر ذي القعدة من سنة أربع وستمائة، وذلك أن صاحب المغرب محمد بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن الملقب بالناصر لما طلع إلى مراكشه من حركة إفريقية، وقد طرد عنها يحيى بن إسحاق هذا، قدم على البلاد هذا الشيخ أبا محمد عبد الواحد وعلم أنه لا يسد ثغرها سواه، فبقي عبد الواحد يصلح أمر إفريقية ويذب عنها ويحيى بن إسحاق منزو عنه في أطراف إفريقية، فلما علم بانفصال الخليفة عنها طمع في العود إليها، فكاتب القبائل واستنفر الأعراب ووعدهم ومناهم، فاجتمعت له جموع كثيرة فبسطوا أيديهم في الأطراف، وعاثوا في البلاد، وبلغ ذلك صاحب إفريقية فخرج من تونس بأجناده وموحديه فنزل المحمدية، وكاتب من أطاعه من العرب، وجد به السير حتى وصل أحواز تبسة، ولم يصله من العرب إلا القليل، وعلم يحيى بن إسحاق بإقباله، فزحف إليه بجموعه، فالتقى الجمعان بشبرو ووقع بينهم قتال كثير، وحمل يحيى على قلب عسكر الموحدين فخلي له، وفي رجوعه طعنه رجل من عبيد المخزن بالرمح في فخذه، فأنفذ الرمح إلى بداد السرج، وكاد يسقط، فجاءوا أصحابه وخلصوه، وحملت أيضاً ميمنته على ميسرة الموحدين فأزالوها نحو العشرة أميال وكاد الخلل يظهر، ولما رجع يحيى بن إسحاق مطعوناً حملت ميسرة الموحدين على جمع الميورقي فهزموهم نحو العشرين ميلاً، وكان الشيخ أبو محمد عبد الواحد في القلب فحمل بأصحابه على من يليهم فتمت عليهم الهزيمة، ووقع في الموارقة القتل والنهب، وكان ذلك سبب الفتح بعد أن أتى القتل على جملة من أصحاب يحيى، وانساب يحيى في جملة من أصحابه طريداً جريحاً على إكاف لا يلوي على شيء، ورجع الشيخ أبو محمد مظفراً غانماً، وكانت الهزيمة من أول الزوال إلى غروب الشمس وحال بينهم الليل، وفقد من جموع الموارقة نحو الخمسمائة وأخذت لهم نحو مائة وخمسين فرساً ونحو ألفي جمل بحمولتها.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]