عشقة:
جزيرة في بحر القلزم يسكنها قوم صيادون ينسبون إلى جهينة، وهم يدخرون الماء في هذه الجزيرة ويرثونه عن آبائهم ويجلبونه من البراري على مسافات بعيدة، وهم سمر الألوان من هذا البحر، شقر الشعور من مباشرة الشمس، ولهم جلبات يصطادون بها، وليس لهم طعام غير السمك والتمر، وسمكهم حوت أخضر واسع، زنة الحوت رطل ونحوه، وإذا ادخر الرجل منهم ألف حوت فذلك الغني، وإن كان عنده مع ذلك حمل تمر فذلك الذي لا فوقه أحد. وبهذا الحوت يتبايعون وبه يتناكحون، وإذا خطرت السفينة عليهم أتوها يستطعمون أهلها، وهم في السباحة والصبر عليها كبعض حيوان البحر. وفي جزيرة عشقة هذه وجدت اللؤلؤة المسماة باليتيمة، فحملها الذي وجدها منهم إلى مصر، وأهداها إلى صاحبها فسأل أهل الميز بالأحجار تقويمها، فلم يدر لها قيمة لارتفاع ثمنها وغرابة أمرها، قال لمهديها: ما أمنيتك؟ فسأله أن يعطيه جزيرته التي أصابها فيها ففعل، وملوك مصر يضعون هذه اللؤلؤة في عمائمهم إلى الآن.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]