نبقة (1) :
موضع في بلاد طيء، ذكر أبو عبيدة عن منصور بن يزيد الطائي أن قبر حاتم هناك حوله قدور حجارة عظيمة من بقايا قدوره التي كان يطعم فيها مكفأة، وعن يمين قبره أربع جوار من حجارة وعن شماله مثلهن محتجزات على قبره كالنائحات، لم ير مثل بياض أجسامهن وجمال وجوههن، وربما رآهن الرائي ففتن بهن ومال إليهن إعجاباً، فإذا دنا منهن رأى حجارة عظيمة يزعمون أنها من عمل الجن، فهن بالنهار كما وصفنا، فإذا هدأت العيون ارتفعت أصوات الجن بالنياحة عليهن، قال: ونحن في منازلنا نسمع ذلك إلى طلوع الفجر. وكان رجل يكنى أبا الخيبري مر في نفر من قومه بقبر حاتم فجعل يناديه: يا أبا الجعد أقرنا فقالوا له: أتنادي رمة بالية؟! قال: إن طيئاً تزعم أنه لم ينزل به قط أحد إلا قراه؟ وناموا فانتبه أبو الخيبري مذعوراً ينادي: واراحلتاه، فقال له أصحابه: ما بالك؟ قال: خرج حاتم بالسيف وأنا أنظر حتى نحر راحلتي، فنظروا إلى راحلته فإذا هي متجدلة لا تنبعث، فقالوا: قد والله قراك، فظلوا يأكلون لحمها شواء وطبيخاً ثم ارتدفوه وانطلقوا سائرين، وإذا راكب بعير يقود آخر قد لحقهم، فقال: أيكم أبو الخيبري؟ فقال الرجل: أنا، فقال الراكب: أنا عدي بن حاتم، وإن حاتماً جائني الليلة فذكر أنك استقريته واستنطيته وهو ينشدك: أبا خيبري وأنت امرؤ. .. ظلوم العشيرة شتامها أتيت بصحبك تبغي القرى. .. لدى حفرة صدحت هامها أتبغي لي الذم عند المبيت. .. وحولي طي وأنعامها فإنا سنشبع أضيافنا. .. ونأتي المطي فنعتامها قال: وقد أمرني أن أحملك على بعير مكان راحلتك فدونكه. وقال الشاعر يمدح عدي بن حاتم: أبوك أبو سباقة الخير لم يزل. .. لدن شب حتى مات في الخير راغبا قرى قبره الأضياف إذ نزلوا به. .. ولم يقر قبر قبله الدهر راكبا (1) ص: نيقة؛ وفي ديوان حاتم حيث وردت القصة: تبعة؛ ولم يذكره البكري أو ياقوت، ولا أدري ما صوابه؛ وانظر الأغاني 17: 287.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]