البحث

عبارات مقترحة:

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

الحميد

(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...


خُراسَانُ

بلاد واسعة، أول حدودها مما يلي العراق أزاذوار قصبة جوين وبيهق، وآخر حدودها مما يلي الهند طخارستان وغزنة وسجستان وكرمان، وليس ذلك منها إنما هو أطراف حدودها، وتشتمل على أمّهات من البلاد منها نيسابور وهراة ومرو، وهي كانت قصبتها، وبلخ وطالقان ونسا وأبيورد وسرخس وما يتخلل ذلك من المدن التي دون نهر جيحون، ومن الناس من يدخل أعمال خوارزم فيها ويعدّ ما وراء النهر منها وليس الأمر كذلك، وقد فتحت أكثر هذه البلاد عنوة وصلحا، ونذكر ما يعرف من ذلك في مواضعها، وذلك في سنة 31 في أيام عثمان، رضي الله عنه، بإمارة عبد الله بن عامر ابن كريز، وقد اختلف في تسميتها بذلك فقال دغفل النسابة: خرج خراسان وهيطل ابنا عالم بن سام بن نوح، عليهما السلام، لما تبلبلت الألسن ببابل فنزل كل واحد منهما في البلد المنسوب إليه، يريد أن هيطل نزل في البلد المعروف بالهياطلة، وهو ما وراء نهر جيحون، ونزل خراسان في هذه البلاد التي ذكرناها دون النهر فسمّيت كل بقعة بالذي نزلها، وقيل: خر اسم للشمس بالفارسية الدّريّة وأسان كأنه أصل الشيء ومكانه، وقيل: معناه كل سهلا لأن معنى خر كل وأسان سهل، والله أعلم، وأما النسبة إليها ففيها لغات، في كتاب العين: الخرسي منسوب إلى خراسان، ومثله الخراسي والخراساني ويجمع على الخراسين بتخفيف ياء النسبة كقولك الأشعرين، وأنشد: لا تكرمن من بعدها خرسيّا ويقال: هم خرسان كما يقال سودان وبيضان، ومنه قول بشار في البيت: من خرسان لا تعابيعني بناته، وقال البلاذري: خراسان أربعة أرباع، فالربع الأول إيران شهر وهي نيسابور وقهستان والطّبسان وهراة ويوشنج وباذغيس وطوس واسمها طابران، والربع الثاني مرو الشاهجان وسرخس ونسا وأبيورد ومرو الروذ والطالقان وخوارزم وآمل وهما على نهر جيحون، والربع الثالث، وهو غربي النهر وبينه وبين النهر ثمانية فراسخ، الفارياب والجوزجان وطخارستان العليا وخست واندرابة والباميان وبغلان ووالج، وهي مدينة مزاحم بن بسطام، ورستاق بيل وبذخشان، وهو مدخل الناس إلى تبّت، ومن اندرابة مدخل الناس إلى كابل، والترمذ، وهو في شرقي بلخ، والصغانيان وطخارستان السّفلى وخلم وسمنجان، والربع الرابع ما وراء النهر بخارى والشاش والطّراربند والصّغد، وهو كسّ، ونسف والروبستان وأشروسنة وسنام، قلعة المقنع، وفرغانة وسمرقند، قال المؤلف: فالصحيح في تحديد خراسان ما ذهبنا إليه أوّلا وإنما ذكر البلاذري هذا لأن جميع ما ذكره من البلاد كان مضموما إلى والي خراسان وكان اسم خراسان يجمعها، فأما ما وراء النهر فهي بلاد الهياطلة ولاية برأسها وكذلك سجستان ولاية برأسها ذات نخيل، لا عمل بينها وبين خراسان، وقد روي عن شريك بن عبد الله أنه قال: خراسان كنانة الله إذا غضب على قوم رماهم بهم، وفي حديث آخر: ما خرجت من خراسان راية في جاهلية وإسلام فردّت حتى تبلغ منتهاها، وقال ابن قتيبة: أهل خراسان أهل الدعوة وأنصار الدولة ولم يزالوا في أكثر ملك العجم لقاحا لا يؤدّون إلى أحد إتاوة ولا خراجا، وكانت ملوك العجم قبل ملوك الطوائف تنزل بلخ حتى نزلوا بابل ثم نزل أردشير بن بابك فارس فصارت دار ملكهم وصار بخراسان ملوك الهياطلة، وهم الذين قتلوا فيروز بن يزدجرد بن بهرام ملك فارس، وكان غزاهم فكادوه بمكيدة في طريقه حتى سلك سبيلا معطشة يعني مهلكة، ثم خرجوا إليه فأسروه وأكثر أصحابه معه، فسألهم أن يمنّوا عليه وعلى من أسر معه من أصحابه وأعطاهم موثقا من الله وعهدا مؤكّدا لا يغزوهم أبدا ولا يجوز حدودهم، ونصب حجرا بينه وبينهم صيره الحدّ الذي حلف عليه وأشهد الله عز وجل على ذلك ومن حضره من أهله وخاصة أساورته، فمنّوا عليه وأطلقوه ومن أراد ممن أسر معه، فلما عاد إلى مملكته دخلته الأنفة والحميّة مما أصابه وعاد لغزوهم ناكثا لأيمانه غادرا بذمته وجعل الحجر الذي كان نصبه وجعله الحدّ الذي حلف أنه لا يجوزه محمولا أمامه في مسيره يتأول به أنه لا يتقدّمه ولا يجوزه، فلما صار إلى بلدهم ناشدوه الله وأذكروه به فأبى إلا لجاجا ونكثا فواقعوه وقتلوه وحماته وكماته واستباحوا أكثرهم فلم يفلت منهم إلّا الشريد، وهم قتلوا كسرى بن قباذ، ثم أتى الإسلام فكانوا فيه أحسن الأمم رغبة وأشدّهم إليه مسارعة منّا من الله عليهم وتفضّلا لهم، فأسلموا طوعا ودخلوا فيه سلما وصالحوا عن بلادهم صلحا، فخفّ خراجهم وقلّت نوائبهم ولم يجر عليهم سباء ولم تسفك فيما بينهم دماء، وبقوا على ذلك طول أيام بني أميّة إلى أن أساعوا السيرة واشتغلوا باللّذات عن الواجبات، فانبعث عليهم جنود من أهل خراسان مع أبي مسلم الخراساني ونزع عن قلوبهم الرحمة وباعد عنهم الرأفة حتى أزالوا ملكهم عن آخرهم رأيا وأحنكهم سنّا وأطولهم باعا فسلّموه إلى بني العباس، وأنفذ عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الأحنف بنقيس في سنة 18 فدخلها وتملّك مدنها فبدأ بالطّبسين ثم هراة ومرو الشاهجان ونيسابور في مدّة يسيرة، وهرب منه يزدجرد بن شهريار ملك الفرس إلى خاقان ملك الترك بما وراء النهر، فقال ربعي بن عامر في ذلك: ونحن وردنا، من هراة، مناهلا رواء من المروين، إن كنت جاهلا وبلخ ونيسابور قد شقيت بنا، وطوس ومرو قد أزرنا القنابلا أنخنا عليها، كورة بعد كورة، نفضّهم حتى احتوينا المناهلا فلله عينا من رأى مثلنا معا، غداة أزرنا الخيل تركا وكابلا وبقي المسلمون على ذلك إلى أن مات عمر، رضي الله عنه، وولي عثمان، فلما كان لسنتين من ولايته ثرا بنو كنازا، وهم أخوال كسرى، بنيسابور وألجئوا عبد الرحمن بن سمرة وعمّاله إلى مرو الروذ وثنّى أهل مرو الشاهجان وثلّث نيزك التركي فاستولى على بلخ وألجأ من بها من المسلمين إلى مرو الروذ وعليها عبد الرحمن بن سمرة، فكتب ابن سمرة إلى عثمان بخلع أهل خراسان فقال أسيد بن المتشمّس المرّيّ: ألا أبلغا عثمان عني رسالة، فقد لقيت عنّا خراسان بالغدر فأذك، هداك الله، حربا مقيمة بمروي خراسان العريضة في الدّهر ولا تفترز عنّا، فإن عدوّنا لآل كنازاء الممدّين بالجسر فأرسل إلى ابن عامر عبد الله بن بشر في جند أهل البصرة، فخرج ابن عامر في الجنود حتى تولّج خراسان من جهة يزد والطّبسين وبثّ الجنود في كورها وساروا نحو هراة فافتتح البلاد في مدّة يسيرة وأعاد عمال المسلمين عليها، وقال أسيد بن المتشمّس بعد استرداد خراسان: ألا أبلغا عثمان عنّي رسالة، لقد لقيت منّا خراسان ناطحا رميناهم بالخيل من كلّ جانب، فولّوا سراعا واستقادوا النوائحا غداة رأوا خيل العراب مغيرة، تقرّب منهم أسدهنّ الكوالحا تنادوا إلينا واستجاروا بعهدنا، وعادوا كلابا في الديار نوابحا وكان محمد بن عليّ بن عبد الله بن العباس قال لدعاته حين أراد توجيههم إلى الأمصار: أما الكوفة وسوادها فهناك شيعة عليّ وولده والبصرة وسوادها فعثمانية تدين بالكفّ، وأما الجزيرة فحرورية مارقة وأعراب كأعلاج ومسلمون أخلاقهم كأخلاق النصارى، وأما الشام فليس يعرفون إلا آل أبي سفيان، وطاعة بني مروان عداوة راسخة وجهل متراكم، وأما مكة والمدينة فغلب عليهما أبو بكر وعمر، ولكن عليكم بأهل خراسان فإن هناك العدد الكثير والجلد الظاهر وهناك صدور سليمة وقلوب فارغة لم تتقسّمها الأهواء ولم تتوزعها النّحل ولم يقدم عليهم فساد، وهم جند لهم أبدان وأجسام ومناكب وكواهل وهامات ولحى وشوارب وأصوات هائلة ولغات فخمة تخرج من أجواف منكرة، فلما بلغ الله إرادته من بني أمية وبني العباس أقام أهل خراسان مع خلفائهم على أحسن حال وهم أشدّ طاعة وأكثر تعظيما للسلطان وهو أحمد سيرة في رعيتهيتزين عندهم بالجميل ويستتر منهم بالقبيح إلى أن كان ما كان من قضاء الله ورأي الخلفاء الراشدين في الاستبدال بهم وتصيير التدبير لغيرهم فاختلّت الدولة وكان من أمرها ما هو مشهور من قبل الخلفاء في زمن المتوكل وهلمّ جرّا ما جرى من أمر الديلم والسلجوقية وغير ذلك، وقال قحطبة بن شبيب لأهل خراسان: قال لي محمد ابن عليّ بن عبد الله أبى الله أن تكون شيعتنا إلا أهل خراسان لا ننصر إلا بهم ولا ينصرون إلّا بنا، إنه يخرج من خراسان سبعون ألف سيف مشهور، قلوبهم كزبر الحديد، أسماؤهم الكنى وأنسابهم القرى، يطيلون شعورهم كالغيلان، جعابهم تضرب كعابهم، يطوون ملك بني أمية طيّا ويزفّون الملك إلينا زفّا، وأنشد لعصابة الجرجاني: الدار داران: إيوان وغمدان، . .. والملك ملكان: ساسان وقحطان والناس فارس والإقليم بابل وال إسلام مكة والدنيا خراسان والجانبان العلندان، اللذا خشنا منها، بخارى وبلخ الشاه داران قد ميز الناس أفواجا ورتّبهم، فمرزبان وبطريق ودهقان وقال العباس بن الأحنف: قالوا خراسان أدنى ما يراد بكم ثم القفول، فها جئنا خراسانا ما أقدر الله أن يدني على شحط سكان دجلة من سكان سيحانا عين الزمان أصابتنا، فلا نظرت، وعذّبت بفنون الهجر ألوانا وقال مالك بن الرّيب بعد ما ذكرناه في ابرشهر: لعمري لئن غالت خراسان هامتي، لقد كنت عن بابي خراسان نائيا ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة بجنب الغضا أزجي القلاص النّواجيا؟ فليت الغضا لم يقطع الركب عرضه، وليت الغضا ماشى الركاب لياليا ألم ترني بعت الضلالة بالهدى، وأصبحت في جيش ابن عفّان غازيا؟ وما بعد هذه الأبيات في الطّبسين قال عكرمة وقد خرج من خراسان: الحمد لله الذي أخرجنا منها ليطوي خراسان طيّ الأديم حتى يقوّم الحمار الذي كان فيها بخمسة دراهم بخمسين بل بخمسمائة. وروي عن النبي، ، أنه قال: إن الدّجّال يخرج من المشرق من أرض يقال لها خراسان يتبعه قوم كأنّ وجوههم المجان المطرقة، وقد طعن قوم في أهل خراسان وزعموا أنهم بخلاء، وهو بهت لهم ومن أين لغيرهم مثل البرامكة والقحاطبة والطاهرية والسامانية وعلي بن هشام وغيرهم ممن لا نظير لهم في جميع الأمم، وقد نذكر عنهم شيئا مما ادعي عليهم والردّ في ترجمة مرو الشاهجان إن شاء الله. فأما العلم فهم فرسانه وساداته وأعيانه، ومن أين لغيرهم مثل محمد بن إسماعيل البخاري ومثل مسلم بن الحجاج القشيري وأبي عيسى الترمذي وإسحاق ابن راهويه وأحمد بن حنبل وأبي حامد الغزّالي والجويني إمام الحرمين والحاكم أبي عبد الله النيسابوري وغيرهم من أهل الحديث والفقه، ومثل الأزهري والجوهري وعبد الله بن المبارك، وكان يعدّ من أجواد الزّهاد والأدباء، والفارابي صاحب ديوانالأدب والهروي وعبد القاهر الجرجاني وأبي القاسم الزمخشري، هؤلاء من أهل الأدب والنظم والنثر الذين يفوت حصرهم ويعجز البليغ عن عدّهم، وممن ينسب إلى خراسان عطاء الخراساني، وهو عطاء بن أبي مسلم، واسم أبي مسلم ميسرة، ويقال عبد الله ابن أيوب أبو ذؤيب، ويقال أبو عثمان، ويقال أبو محمد، ويقال أبو صالح من أهل سمرقند، ويقال من أهل بلخ مولى المهلّب بن أبي صفرة الأزدي، سكن الشام، وروى عن ابن عمر وابن عباس وعبد الله بن مسعود وكعب بن عجرة ومعاذ بن جبل مرسلا، وروى عن أنس وسعيد بن المسيّب وسعيد بن جبير وأبي مسلم الخولاني وعكرمة مولى ابن عباس وأبي إدريس الخولاني ونافع مولى ابن عمر وعروة بن الزبير وسعيد العقبري والزّهري ونعيم بن سلامة الفلسطيني وعطاء بن أبي رباح وأبي نصرة المنذر بن مالك العبدي وجماعة يطول ذكرهم، روى عنه ابنه عثمان والضحاك بن مزاحم الهلالي وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر والأوزاعي ومالك بن أنس ومعمر وشعبة وحماد بن سلمة وسفيان الثوري والوضين وكثير غير هؤلاء، وقال ابنه عثمان: ولد أبي سنة خمسين من التاريخ، قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما مات العبادلة: عبد الله بن عباس وعبد الله ابن الزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي، فصار فقيه أهل مكة عطاء بن أبي رباح وفقيه أهل اليمن طاووس وفقيه أهل اليمامة يحيى بن أبي كثير وفقيه أهل البصرة الحسن البصري وفقيه أهل الكوفة النخعي وفقيه أهل الشام مكحول وفقيه أهل خراسان عطاء الخراساني إلا المدينة فإن الله تعالى خصها بقرشيّ، فكان فقيه أهل المدينة غير مدافع سعيد بن المسيّب، وقال أحمد ابن حنبل: عطاء الخراساني ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: عطاء الخراساني مشهور، له فضل وعلم، معروف بالفتوى والجهاد، روى عنه مالك بن أنس، وكان مالك ممن ينتقي الرجال، وابن جريج وحماد ابن سلمة والمشيخة، وهو ثقة ثبت.

[معجم البلدان]

خراسان

بلاد مشهورة. شرقيها ما وراء النهر، وغربيها قهستان. قصبتها مرو وهراة وبلخ ونيسابور. وهي من أحسن أرض الله وأعمرها وأكثرها خيراً، وأهلها أحسن الناس صورة وأكملهم عقلاً وأقومهم طبعاً، وأكثرهم رغبة في الدين والعلم. أخبرني بعض فقهاء خراسان أن بها موضعاً يقال له سفان به غار، مندخله برأ من مرضه أي مرض كان. وبها جبل كلستان. حدثني بعض فقهاء خراسان أن في هذا الجبل كهفاً شبه ايوان، وفيه شبه دهليز يمشي فيه الإنسان منحنياً مسافة، ثم يظهر الضوء في آخره ويتبين محوط شبه حظيرة، فيها عين ينبع الماء منها وينعقد حجراً على شبه القضبان. وفي هذه الحظيرة ثقبة يخرج منها ريح شديدة لا يمكن دخولها من شدة الريح. بها نهر الرزيق بمرو، عليه سقي بساتينهم وزروعهم، وعليه طواحينهم. وانه نهر مبارك تبرك به المسلمون في الوقعة العظيمة التي كانت بين المسلمين والفرس. قتل فيه يزدجرد بن شهريار آخر الأكاسرة في زمن عمر بن الخطاب. وذاك أن المسلمين كشفوا الفرس كشفاً قبيحاً، فمنعهم النهر عن الهرب ودخل كسرى طاحونة تدور على الرزيق لما فاته الهرب، وكان عليه سلب نفيس طمع الطحان في سلبه فقتله وأخذ سلبه. بها عين فراوور، وفراوور اسم موضع بخراسان. حدثني بعض فقهاء خراسان قال: من المشهور عندنا أن من اغتسل بماء العين التي بفراوور، أو غاص فيه يزول عنه حمى الربع. وينسب إليها أبو عبد الرحمن حاتم بن يوسف الأصم، من أكابر مشايخ خراسان، وكان تلميذ شقيق البلخي، لم يكن أصم لكن تصامم فسمي بذلك، وسببه أن امرأة حضرت عنده تسأله مسألة، فسبقت منها ريح فقال لها: إني ثقيل السمع ما أسمع كلامك فارفعي صوتك! وإنما قال ذلك لئلا تخجل المرأة، ففرحت المرأة بذلك. حكى عن نفسه انه كان في بعض الغزوات، فغلبه رجل تركي وأضجعه يريد ذبحه. قال: ولم يشتغل قلبي به بل انتظر ماذا حكى الله تعالى، قال: فبينا هو يطلب السكين من جفنه إذ أصابه سهم عرب قتله وقمت أنا. توفي سنة سبع وثلاثين ومائتين.وينسب إليها الشيخ حبيب العجمي وكان من الابدال ظاهر الكرامات. حكي ان حسناً البصري دخل عليه وقت صلاة المغرب، فدخل مسجداً ليصلي فيه، وكان حبيب العجمي يصلي فيه فكره أن يصلي خلفه لكونه عجمياً يقع في قراءته لحن، فما صلى خلفه. فرأى في نومه: لو صليت خلفه لغفرنا ما تقدم من ذنبك وما تأخر! ورئي حبيب في النوم بعد وفاته فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: ذهبت العجمة وبقيت النعمة. وبها الثعلب الطيار. ذكر الأمير أبو المؤيد بن النعمان أن بخراسان شعباً يسمى بحراً، ومن ناحية بروان بها صنف من الثعلب له جناحان يطير بهما، فإذا ابتدأ بالطيران يطير مقدار غلوة سهم أو أكثر، ثم يقع ويطير طيراناً دون الأول، ثم يقع ويطير طيراناً دون الثاني. وبها فارة المسك. وهو حيوان شبيه بالخشف حين تضعه الظبية، تقطع منه سرته فيصير مسكاً.

[آثار البلاد وأخبار العباد]

خراسان

كلمة مركبة من «خور» أي: شمس، و «أسان» ، أي: مشرق، كانت مقاطعة كبيرة من الدولة الإسلامية تتقاسمها اليوم إيران الشرقية «نيسابور» ، وأفغانستان الشمالية (هراة وبلخ)، ومقاطعة تركمانستان السوفيتية (مرو).

[المعالم الأثيرة في السنة والسيرة]

خراسان

كلمة فارسية معناها بلاد الشمس المشرقة (أي الشرق). هي بلاد واسعة تشكل الشمال الشرقي في إيران وتمتد بين جرجان وطبرستان من جهة وبين ما وراء النهر من جهة أخرى. وكان يتبعها من الناحية السياسية بلاد ما وراء النهر وسجستان (أفغانستان الحالية) وفي أيام العرب كان هذا الإقليم ينقسم إلي أربعة أرباع نسب كل ربع إلى إحدى المدن الكبرى التي كانت في أوقات مختلفة عواصم الإقليم بصورة منفردة أومجتمعة وهذه المدن هي: نيسابور، ومرو، وهراة، وبلخ. وفي العهد الطاهري نقل الأمراء الطاهريون دار الإمارة إلي ناحية الغرب فجعلوا مدينة نيسابور عاصمة الإقليم والإقليم الذي يعرف الآن باسم خراسان، يضم أقل من نصف خراسان القديمة أما بقية الإقليم فتابع لأفغانستان، وهي البلاد التي تمتد شرقا من الخط الذي يبدأ من سرخس في الشمال ويتجه صوب الجنوب مباشرة مارا بمنتصف المسافة بين مشهد وهراة. أما المنطقة الممتدة من مرو حتى نهر جيحون فتدخل في الأراضى الروسية.

[تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير]

خراسان:

قطر معروف، قال الجرجاني: معنى خر: كل، وسان معناه سهل، أي كل بلا تعب، وقال غيره: معنى خراسان بالفارسية مطلع الشمس. وهو عمل كبير وإقليم جليل معتبر، وفي شعر الحكيم الذي ذكر أقطار الأرض وحكم لها قوله: " والدنيا خراسان "؟ والعرب إذا ذكرت المشرق كله قالوا: فارس، فخراسان من فارس، وعلى هذا يؤول حديث النبي : " لو كان الإيمان معلقاً بالثريا لنالته رجال من فارس " أنه عنى أهل خراسان، لأنك إن طلبت مصداق هذا الحديث في فارس لم تجده لا أولاً ولا آخراً وتجد هذه الصفة نفسها في خراسان، دخلوا في الإسلام رغبة، ومنهم العلماء والمحدثون والنساك والمتعبدون، وإذا حصلت المحدثين في كل بلد وجدت نصفهم من أهل خراسان ومنهم، البرامكة والقحاطبة وطاهر وبنوه وغيرهم. وأما أهل فارس فإنهم كانوا كنار خمدت لم تبق لهم بقية تذكر إلا ابن المقفع وابنا سهل: الفضل وحسن. وخراسان (1) تشتمل على كور عظام وأعمال جسام، وكانت خراسان تسمى في القديم بلد أشرنيه سميت بأشورين بن سام بن نوح وهو أول من اعتمر الصقع بعد الطوفان، وحدها الذي يحيط بها من شرقيها سجستان وبلد الهند، وغربها مفازة الغزية ونواحي جرجان، وشمالها ما وراء النهر وشيء من بلاد الترك وجنوبها مفازة فارس وقومس إلى نواحي جبال الديلم مع جرجان وطبرستان والري وما يتصل بها، وكور خراسان وأعمالها التي يتفرق فيها الحكام وأصحاب البرد نيف وثلاثون عملاً. وفي خراسان كان خروج رافع بن الليث بن نصر بن سيار سنة تسعين ومائة وقتله سليمان بن حميد عامل علي بن عيسى فوجه علي ابنه عيسى بن علي لمحاربته فالتقيا بسمرقند فهزمه رافع، ويقال إنه عد في دراعة عيسى التي كانت عليه يوم الوقيعة عشرون خرقاً من ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بنشاب وإن عيسى قال: من تعرض لهذا عجب في الحياة. قال القتيبي (2) : يتلو العرب في الشرف أهل خراسان فإنهم لم يزالوا لقاحاً لا يؤدون إلى أحد إتاوة، وكانت ملوك العجم قبل ملوك الطوائف تنزل بلخ ثم نزلوا بابل ثم نزل أزدشير بن بابك فارس فصارت دار ملكهم، وصارت خراسان لملوك الهياطلة، وهم قتلوا فيروز بن يزدجرد بن بهرام ملك فارس، وكان غزاهم فكادوه بمكيدة في طريقه حتى سلك سبيلاً معطشة فخرجوا إليه فأسروه وأكثر أصحابه فأعطاهم موثقاً من الله لا يغزوهم أبداً ولا يجوز حدودهم، ونصب حجراً بينه وبين بلدهم وجعله الحد الذي حلف عليه وأشهد الله ومن حضره من قرابته وأساورته فمنوا عليه وأطلقوه، فلما عاد إلى مملكته دخلته الأنفة مما أصابه فعاد لغزوهم ناكثاً لأيمانه غادراً بذمته، وجعل الحجر الذي نصبه أمامه في مسيره، يتأول أنه ما تقدم الحجر، فلما صار إليهم ناشدوه الله واذكروه ما جعل على نفسه من العهد والذمة، فأبى إلا لجاجاً ونكثاً، فواقعوه فقتلوه وقتلوا حماته واستباحوا عسكره وأسروا ضعفته ثم أعتقوهم، وغبروا بعد ذلك زماناً طويلاً ثم قتلوا كسرى بن قباذ بن هرمز، وهذا شيء يخبر به أهل فارس من سيرهم. وبخراسان (3) اعتدال الهواء وطيب الماء وصحة التربة وعذوبة الثمر وإحكام الصنعة وتمام الخلقة وطول القامة وحسن الوجوه وفراهة المراكب من الخيل والإبل والحمير وجودة السلاح والدروع والثياب. وهم يثخنون في الترك القتل ويأسرونهم وبهم يدفع الله عن المسلمين معرتهم، وهم أشد العدو بأساً وأغلظهم أكباداً وأصبرهم على البؤس أنفساً، وقد جاء في الحديث: " اتركوا الترك ما تركوكم ". وجاء في خراسان ما لا يعلم جاء مثله إلا في الحرمين والأرض المقدسة، حكوا عن بريدة رضي الله عنه قال، قال رسول الله : " يا بريدة ستبعث من بعدي بعوث فكن في بعث خراسان ثم كن في بعث أرض منه يقال لها مرة وإذا أتيتها فانزل مدينتها وصل فيها فإنها بناها ذو القرنين، غزيرة أنهارها تجري بالبركة، على كل نقب منها ملك يدفع عن أهلها السوء إلى يوم القيامة "، فقدمها بريدة رضي الله عنه فمات فيها. ومن خراسان البرامكة لم يقرب أحد السلطان قربهم ولا أعطي عطاءهم ومنهم القحاطبة وعلي بن هاشم، عبد الله بن طاهر حدث بعض قواده بخراسان أنه فرق في مقام واحد بخراسان ألف ألف دينار، وهذا يكبر أن يملك فكيف أن يوهب. وإذا تدبرت قول رسول الله (4) : " لو كان الإيمان معلقاً بالثريا لنالته رجال من أهل فارس " لم تجد مصداق هذا القول في أهل فارس، لأنهم كانوا أعداء الإسلام حتى غلبوا ومزقوا كل ممزق، ولم تجد منهم رجالاً برعوا في العلم ولا عرفوا بحفظ الأثر والتفقه في الدين والاجتهاد والعبادة، وتجد هذه الصفة بعينها في أهل خراسان لأنهم دخلوا في الإسلام رغبة وطوعاً وهم أشد الناس تمسكاً بالدين، فمنهم المحدثون والعلماء والعباد المجتهدون، وكانت خراسان وفارس شيئاً واحداً لأنهما متحاذيان ومتصلان ولسانهما واحد بالفارسية. (1) أكثره عن ابن حوقل: 358، 360 والكرخي: 145. (2) انظر ياقوت: (خراسان). (3) ابن الفقيه: 316. (4) ألم بهذا القول في هذه المادة.

[الروض المعطار في خبر الأقطار]

ولاة خراسان

أول من دخل خراسان عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس كتب إليه عثمان بن عفان في سنة ثلاثين وكان يومئذ على البصرة، وكتب إلى سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس ، وكان عامله بالكوفة يأمرهما بالنفوذ إلى خراسان ويقول لكل واحد منهما أنه إن سبق إلى خراسان فهو أمير عليها، وكان قد صار إلى عبد الله بن عامر كتاب ملك طوس فقال له: أنا أسبق بك على أن تملكني على نيسابور، فسبق به فكتب له كتابا هو عند ولده إلى هذه الغاية، فافتتح عبد الله بن عامر عدة كور من خراسان في سنة إحدى وثلاثين، وكان على مقدمته عبد الله بن حازم السلمي، وكان معه الأحنف بن قيس التميمي، ثم انصرف عبد الله بن عامر وولي خراسان قيس بن الهيثم بن أسماء بن الصلت السلمي وخلف معه الأحنف بن قيس، ثم ولى عبد الله حاتم بن النعمان الباهلي فأقام بخراسان يفتح ويغزو حتى قتل عثمان سنة خمس وثلاثين. وولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام على خراسان جعدة بن هبيرة بن عمرو بن عائذ المخزومي وكان قد قدم على علي بن أبي طالب عليه السّلام، وهو بالبصرة ماهويه مرزبان مرو فصالحه، وكتب له كتابا وهو بمرو إلى هذه الغاية، ولما قتل علي عليه السّلام ولى معاوية عبد الله بن عامر خراسان فوجه إليها ابن عامر عبد الله بن خازم السلمي وعبد الرحمن بن سمرة فسارا جميعا وحطا على بلخ حتى افتتحاها. ثم انصراف عبد الرحمن بن سمرة فسلم خراسان إلى عبد الله بن خازم السلمي، ثم ولى معاوية زياد بن أبي سفيان البصرة، وخراسان، وسجستان فوجه زياد إلى خراسان الحكم بن عمرو الغفاري صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أميرا فخرج إلى خراسان سنة أربع وأربعين وكان جميل السيرة فاضل المذهب، وكتب إليه زياد لما افتتح ما افتتح من كور خراسان: أن أمير المؤمنين معاوية كتب إليّ أن اصطفي له البيضاء والصفراء فلا تقسمن شيئا من الذهب والفضة. فلم يلتفت الحكم إلى كتابه ورفع الخمس وقسم ما بقي بين الناس، وكتب إلى زياد: إني وجدت كتاب الله قبل كتاب أمير المؤمنين معاوية ولو أن السماء والأرض كانتا رتقا على عبد ثم اتقى الله لجعل الله له منها مخرجا والسّلام. وكان المهلب بن أبي صفرة أحد رجال الحكم بن عمرو ومات الحكم بخراسان. ثم وجه زياد الربيع بن زياد بن أنس بن الديان بن قطن بن زياد الحارثي أميرا على خراسان وكان الحسن البصري كاتبه، وولى معاوية خالد بن معمر السدوسي خراسان فسار يريدها فدس إليه زياد سما فمات ولم يصل إلى خراسان، فولى زياد خراسان عبد الله بن ربيع بن زياد مكان أبيه ثم عزله وولى عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب. ثم توفي زياد فأقر معاوية عبد الرحمن على سجستان وولى عبيد الله بن زياد خراسان وأنفذه في جيوش وأمره أن يعبر النهر من بلاد طخارستان فخرج في جمع وغزا بلاد طخارستان ، والمهلب بن أبي صفرة مدبر الأمر وصاحب الحرب. وأقام عبيد الله بن زياد بخراسان سنتين، ثم انصرف إلى معاوية واستخلف على خراسان أسلم بن زرعة بن عمرو بن الصعق الكلابي وولى عبيد الله البصرة وولى أخاه عبد الله بن زياد خراسان فأقام أربعة أشهر وبلغه ضعفه ومهانته فعزله. وولى معاوية بعد عبد الله بن زياد عبد الرحمن بن زياد خراسان فلم يحمده فعزله، وولى معاوية سعيد بن عثمان، وكان سعيد بن عثمان قد امتنع وكلمه بكلام غليظ فنفذ إلى خراسان وغزا سمرقند. ويقال: إنه أول من قطع إلى ما وراء النهر، وغزا طخارستان وبخارا وسمرقند. وكان على خراج خراسان أسلم بن زرعة الكلابي فطلب منه سعيد بن عثمان المال فلم يعطه وجعل يحمله إلى عبيد الله بن زياد، وهو أمير البصرة، ثم هرب أسلم بن زرعة من خراسان، وكتب إلى معاوية بخبره وأن سعيد بن عثمان أراد أخذ المال، فعزل معاوية سعيد بن عثمان وولى أسلم بن زرعة. فخرج أسلم إلى خراسان حتى قدم مرو الشاهجان ، وبها سعيد بن عثمان وكان أسلم في جمع كثيف فطعن بعض أصحابه سرادق سعيد بن عثمان بالرمح فقتل جارية له، فكتب إلى معاوية، فكتب إليه وإلى أسلم أن أقدما جميعا عليّ، وكان قثم بن العباس بن عبد المطلب قد خرج إلى سعيد بن عثمان فمات بمرو، وكان مالك بن الريب الشاعر مع سعيد بن عثمان وكان معه يزيد بن ربيعة بن مفرّغ الحميري فانصرف سعيد بن عثمان عن خراسان. وولى عبيد الله بن زياد أخاه عبّاد بن زياد خراسان فخرج إليها فاستصحب يزيد بن مفرّغ، فترك ابن مفرّغ سعيدا وصحبه فلم يحمده، وصحبته، فهو حيث هجاه وهجا آل زياد. ثم ولى عبد الرحمن بن زياد خراسان فانصرف عنها واستخلف بها قيس بن الهيثم السلمي ، ثم ولى يزيد بن معاوية سلم بن زياد خراسان، وكان بينه وبين أخيه عبيد الله بن زياد عناد شديد، فخرج معه المهلب بن أبي صفرة وعبد الله بن خازم، وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي وهو طلحة الطلحات وعمر بن عبيد الله بن معمر التيمي ، وعبّاد بن حصين الحبطي ، وعمران بن فضيل البرجمي، وغير هؤلاء من وجوه الناس من أهل البصرة فهدم عبيد الله بن زياد دور جميع من خرج معه أخيه، فكتب إليه يزيد بن معاوية أن يبنيها بالجص والآجر والساج من ماله فبناها. وغزا سلم خوارزم وافتتح مدينة كنداكين وبخارا. ومات يزيد بن معاوية وكانت فتنة ابن الزبير فانصرف سلم واستخلف عرفجة بن الورد السعدي وسار عبد الله بن خازم السلمي مع سلم متبعا له فرده وكتب عهده على خراسان فلما رجع امتنع عرفجة أن يسلم إليه فتحاربوا بالسهام فأصاب عرفجة سهم فمات، وأقام عبد الله بن خازم بخراسان يغزو ويفتح وهو في طاعة ابن الزبير إلى أن قتل عبد الملك بن مروان مصعب بن الزبير فوجه برأسه إلى عبيد الله بن خازم وكتب يدعوه إلى طاعته فأخذ رأس مصعب فغسله وحنطه وكفنه ودفنه، وأجاب عبد الملك جوابا غليظا ولم يقبل ما جعل له عبد الملك بن مروان فوثب عليه أهل خراسان فقتلوه، قتله وكيع بن الدورقية وبايع لعبد الملك بن مروان وبعثوا برأسه إليه. ولما استقامت الأمور لعبد الملك بن مروان ولى خراسان أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس فقطع أمية إلى ما وراء النهر وصار إلى بخارا ، ثم خلف عليه بكير بن وسّاج فرجع ولم يزل أمية على خراسان حتى ولي الحجاج العراق. فلما ولي الحجاج كتب إلى عبد الملك يخبره أن أمر خراسان قد اضطرب فرد إليه الأمر، فولى المهلب بن أبي صفرة خراسان، وولى عبيد الله بن أبي بكرة سجستان. ولما صار المهلب إلى خراسان أقام مدة، ثم سار إلى طخارستان، ثم إلى كش مدينة الصغد، ثم اعتل المهلب فرجع إلى مرو رود وهو عليل من أكلة وقعت في رجله، ثم مات المهلب بخراسان، وقد عهد إلى ابنه يزيد بن المهلب فأقام مدة. ثم عزل الحجاج يزيد بن المهلب وولى المفضل بن المهلب خراسان فلم يزل بخراسان حتى وثب الحجاج بيزيد بن المهلب وحبسه. ولما وثب الحجاج بيزيد بن المهلب كتب إلى قتيبة بن مسلم الباهلي وكان عامله بالرّيّ بولاية خراسان وأمره أن يقبض على المفضل وسائر آل المهلب فيحملهم إليه في الأصفاد ففعل ذلك. وقدم قتيبة بن مسلم خراسان فحمل آل المهلب إلى الحجاج وصار إلى بخارا فافتتحها، ثم صار إلى الطالقان وقد عصي «باذام» ، فحاربه حتى ظفر به وقتله. وولي الوليد بن عبد الملك وقتيبة بخراسان وقد جل أمره وقوي على البلد وقتل «نيزك طرخان» ، وسار إلى خوارزم، ثم سار إلى سمرقند ففتحها وصالح «غوزك» إخشيد سمرقند. وولي سليمان بن عبد الملك وتوفي الحجاج قبل ذلك بشهور فولى يزيد بن المهلب العراق وأمره أن يقصد أسباب الحجاج، فلما بلغ قتيبة ابن مسلم أراد أن يخلع، فوثب عليه وكيع بن أبي سود التميمي فقتله، وهو لا يشك أن سليمان يوليه خراسان فلم يفعل. وولي سليمان يزيد بن المهلب خراسان مع العراق، فشخص يزيد بن المهلب إلى خراسان بنفسه فتتبع أصحاب قتيبة وحبس وكيع بن أبي سود وناله بكل مكروه. وخالفت كور خراسان على يزيد بن المهلب ففرق أخوته وولده في كور خراسان وولاهم أعمالها. وولي عمر بن عبد العزيز بن مروان فلما بلغ يزيد ولايته شخص من خراسان واستخلف بها مخلدا ابنه وتحمل بجميع أمواله، فأشار عليه قوم أن لا يفعل فلم يقبل ووافى البصرة، وقد عزله عمر بن عبد العزيز وولى عدي بن أرطاة الفزاري فأخذه عدي بالشخوص إلى عمر فشخص فحبسه. وولى عمر بن عبد العزيز الجراح بن عبد الله الحكمي خراسان وأمره أن يأخذ مخلد بن يزيد بن المهلب فيستوثق منه ففعل. وقدمت وفود التبت عليه يسألونه أن يبعث إليهم من يبصرهم دين الإسلام، ثم عزل عمر بن عبد العزيز الجراح بن عبد الله وولى عبد الرحمن بن نعيم الغامدي وكتب إليه أن ينقل عيالات المسلمين وذراريهم مما وراء النهر إلى مرو فلم يفعلوا وأقاموا. وولي يزيد بن عبد الملك بن مروان فولى مسلمة بن عبد الملك العراق وخراسان، فولى مسلمة خراسان سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص، فحارب ملك فرغانة وحاصر خجندة من بلاد الصغد وقتل وسبى، ثم عزله مسلمة وولى سعيد بن عمرو الحرشي من أهل الشام، ثم جمعت خراسان والعراق لعمر ابن هبيرة الفزاري فولى خراسان مسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة الكلابي فقدم خراسان، فغزا فلم يعمل شيئا وقاتله أهل فرغانة حتى هزموه. وولي هشام بن عبد الملك بن مروان، وقد ظهر بخراسان دعاة لبني هاشم فولى خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز القسري العراق وخراسان وأمره أن يوجه إلى خراسان من يثق به، فوجه خالد أخاه أسد بن عبد الله فبلغه خبرهم، فأخذ جماعة اتهمهم فقطع أيديهم وأرجلهم، وبلغ هشاما اضطراب خراسان فولى من قبله أشرس بن عبد الله السلمي ، ثم عزله وولى الجنيد بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث بن خارجة بن سنان المري ، ثم عزله وولى عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي وبلغ هشاما أن خراسان قد افتتنت فضمها ثانية إلى خالد بن عبد الله القسري فوجه إليها أخاه أسد بن عبد الله، ومات أسد بن عبد الله بخراسان واستخلف عليها جعفر بن حنظلة البهراني من أهل الشام. وعزل هشام خالد بن عبد الله عن العراق، وولى يوسف بن عمر الثقفي وأمره أن يوجه إليه برجل له علم بخراسان فوجه إليه بعبد الكريم بن سليط بن عطية الحنفي فسأله عن خراسان وحالها ورجالها فجعل يقص عليه حتى أسمى له نصر بن سيار الليثي فكتب بعهده على خراسان وكان قبل ذلك يتولى كورة من كور خراسان، فعزل جعفر بن حنظلة وتولى البلد، وأخذ يحيى بن زيد بن علي بن الحسين من بلخ فحبسه في القهندز، وكتب إلى هشام فوافى كتابه وقدمات هشام، وولي الوليد بن يزيد بن عبد الملك. واحتال يحيى بن زيد حتى هرب من الحبس وصار إلى ناحية نيسابور، فوجه نصر بن سيار سلم بن أحوز الهلالي فلحقه بالجوزجان فحاربه وأتي بسهم غرب فقتل يحيى بن زيد وصلبه سلم بن أحوز على باب الجوزجان، فلم يزل يحيى بن زيد مصلوبا، حتى غلب أبو مسلم فأنزله وكفنه ودفنه وقتل كل من شايع على قتله، وكثرت دعاة بني هاشم بخراسان في سنة مائة وست وعشرين. وحارب نصر بن سيار جديع بن علي الكرماني الأزدي ، وقتل الوليد وولي يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان وأمر خراسان مضطرب ودعاة بني هاشم قد كثروا، ونصر بن سيار قد اعتزله ربيعة واليمن. ثم ولي مروان بن محمد بن مروان بن الحكم، وقد ظهر أمر أبي مسلم بخراسان وضعف عنه نصر بن سيار. ثم طلب نصر المتاركة والكانة ثم قتل أبو مسلم نصر بن سيار وغلب على خراسان سنة ثلاثين ومائة، ووجه بعماله ورجاله ووجه قحطبة وغيره إلى العراق. وولى أبو العباس عبد الله بن محمد أمير المؤمنين فظهرت الدولة الهاشمية المباركة وأقام أبو مسلم بخراسان إلى سنة ست وثلاثين ومائة، ثم استأذن أبا العباس أمير المؤمنين في الحج فأذن له فقدم العراق واستخلف على خراسان أبا داود خالد بن إبراهيم الذهلي. ومات أبو العباس أمير المؤمنين وولي أبو جعفر المنصور وأبو داود خالد بن إبراهيم بخراسان خليفة لأبي مسلم ثم قتل أبو مسلم فخرج بخراسان سنفاذ يطلب بدم أبي مسلم فوجه إليه المنصور جهور بن مرار العجلي فهزمه وقتله وفرق جمعه. وولى أبو جعفر المنصور عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي خراسان سنة ثمان وأربعين ومائة فخرج إليها وكان يتولى شرطة المنصور، فلما كثرت أمواله وعدده بخراسان أظهر المعصية وكشف رأسه للخلاف، فوجه المنصور المهدي فحاربه وأسره وحمله إلى أبي جعفر فقتله وصلبه بقصر ابن هبيرة سنة تسع وأربعين ومائة. وكان مقام المهدي بالرّيّ فعصى قارن أصبهبذ طبرستان فوجه إليه خازم بن خزيمة التميمي وروح بن حاتم المهلبي ففتحت طبرستان وأسر قارن. وولي المهدي خراسان أسيد بن عبد الله الخزاعي فمات بها ثم ولاها حميد بن قحطبة الطائي فأقام بها مدة، ثم عزله المنصور وولى أبا عون عبد الملك بن يزيد، ثم عزل عبد الملك بن يزيد. وقد ولي الخلافة المهدي فرد حميد بن قحطبة فأقام بها حتى مات، ثم ولي المهدي خراسان معاذ بن مسلم الرازي مولى ربيعة. وقد خرج يوسف البرم الحروري ووجه المهدي لمحاربة يوسف البرم يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني فحاربه حتى أسره وحمله إلى المهدي فقطع يديه ورجليه. ثم خرج بعقب يوسف البرم حكيم الأعور المعروف بالمقنع ومعاذ بن مسلم عامل خراسان ومعه عقبة بن سلم الهنائي وجبريل بن يحيى البجلي والليث مولى أمير المؤمنين، فأفرد المهدي لمحاربة المقنع سعيدا الحرشي فلم يزل يهزمه حتى صار إلى بلاد الصغد فتحصن في قلعة بكش. فلما اشتد به الحصار شرب هو وأصحابه السم فماتوا جميعا وفتحت القلعة. وعزل المهدي معاذ بن مسلم عن خراسان وولاها المسيب بن زهير الضبي ، ثم عزل المهدي المسيب في آخر خلافته، وولى خراسان الفضل بن سليمان الطوسي فلم يزل عليها حتى مات المهدي. وفي خلافة موسى ولى هارون الرشيد خراسان جعفر بن محمد بن الأشعث الخزاعي ففلج ومات، وولى مكانه ابنه العباس بن جعفر بن الأشعث، ثم عزله وولى الغطريف بن عطاء وكان خال الرشيد فلم يضبط خراسان فعزله، وولى حمزة بن مالك بن الهيثم الخزاعي ثم عزله، وولى الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك فصار إلى بلخ وافتتح عدة كور من طخارستان، وكابل شاه، وشقنان. ثم عزل الفضل بن يحيى بن خالد، وولى علي بن عيسى بن ماهان وكان على شرطة الرشيد وقدم علي بن عيسى خراسان وقد خرج أبو عمرو الشاري فحاربه حتى قتله. ثم خرج على علي بن عيسى بن ماهان حمزة الشاري ببادغيس فنهض إليه علي بن عيسى فهزمه واتّبعه حتى صار إلى كابل فحاربه حتى قتله. وخرج عليه بعد حمزة أبو الخصيب بباورد فحاربه وقتله، وصار إلى علي بن عيسى أموال جليله، وكان علي قد وجه برافع بن الليث بن نصر بن سيار بن رافع الليثي على سمرقند فعصى رافع واشتدت شوكته وقوي أمره، وبلغ الرشيد أن هذا تدبير من علي بن عيسى، فوجه إليه هرثمة بن أعين فقبض عليه وحمله في الحديد إلى الرشيد وقبض أمواله فحملها وولى هرثمة بن أعين البلخي خراسان في سنة إحدى وتسعين ومائة. ثم خرج الرشيد إلى خراسان واستخلف ابنه محمدا الأمين ببغداد وأخرج معه المأمون إلى خراسان وخرجت العساكر معه، فلما صار إلى طوس اعتل فاشتدت به العلة فأنفذ المأمون ومعه هرثمة والقواد إلى مرو، وتوفي الرشيد بطوس في جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة فقبره بطوس. وأقام المأمون بمرو عاملا على خراسان وكورها وسائر أعمالها وأنفذ هرثمة بن أعين إلى سمرقند لمحاربة رافع بن الليث بن نصر بن سيار الليثي فلم يزل يحاربه حتى فتح سمرقند، وخرج رافع في الأمان فحمله هرثمة إلى المأمون وحمله المأمون إلى محمد وكتب إليه بالفتح. وأقام المأمون بمرو بقية سنة ثلاث وتسعين ومائة وسنة أربع وتسعين ومائة، ثم كتب إليه محمد في القدوم إلى بغداد، ووجه إليه العباس بن موسى بن عيسى ومحمد بن عيسى بن نهيك وصالحا صاحب المصلى فامتنع المأمون من القدوم وقال: هذا نقض الشرط. فوجه إليه عصمة بن أبي عصمة السبيعي في جيش، فأقام عصمة بالرّيّ لم يبرح، فوجه علي بن عيسى بن ماهان وكان قد أطلقه إلى خراسان. فلما بلغ المأمون ذلك وجه طاهر بن الحسين بن مصعب البوشنجي من مرو في أربعة آلاف فلقي علي بن عيسى بالرّيّ فقتله. ثم وجه المأمون هرثمة بن أعين أيضا إلى العراق، ولم يزل المأمون بمرو مقيما حتى قتل محمد في آخر المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة وبويع له بالخلافة. ثم أقام المأمون بخراسان سنة تسع وتسعين ومائة وسنة مائتين وهو يوجه إلى العراق بالرجال، فوجه بحميد بن عبد الحميد بن ربعي الطائي الطوسي. ثم وجه علي بن هشام بن خسرو المرورودي، ثم وجه بدي العلمين علي بن أبي سعيد ابن خالة الفضل بن سهل على خراج العراق. ثم وجه الحسن بن سهل على جميع الأمور، وانصرف هرثمة من العراق مغاضبا وصار إلى المأمون، فحبسه المأمون ومات في الحبس بعد ثلاثة أيام بمرو في سنة مائتين. ثم بايع المأمون للرضا علي ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السّلام بمرو بولاية العهد سنة اثنتين ومائتين. ثم خرج من مرو في هذه السنة فسار سيرا مهونا ثم صار إلى سرخس فأقام بها. وقتل الفضل بن سهل وزيره بسرخس في الحمام، فقتل المأمون جماعة بسببه، وسار المأمون إلى طوس فلما قدم طوس أقام بها وذلك في سنة ثلاث ومائتين. وتوفي الرضا عليه السّلام بطوس وكان المأمون قد كاتب جميع ملوك خراسان فاستصلحهم حتى استقامت وولى خراسان كلها رجاء بن أبي الضحاك وكان زوج أخت الفضل بن سهل. وقدم المأمون بغداد في النصف من صفر سنة أربع ومائتين وفسدت خراسان كلها على يد رجاء بن أبي الضحاك، فولى المأمون خراسان غسان بن عبّاد فأصلحها واستقامت على يده وأحمده المأمون. وأقام بقية سنة أربع ومائتين وأشهرا من سنة خمس ومائتين. ثم احتال طاهر بن الحسين بن مصعب البوشنجي حتى ولاه المأمون خراسان وعهد له عليها، فخرج إليها في سنة خمس ومائتين، وبلغه سوء رأي من المأمون فأظهر خلافا لم يكشف رأسه فيه، وبلغ المأمون ذلك فيقال أنه احتيل له بشربة، وتوفي طاهر في سنة سبع ومائتين، فولى المأمون مكانه ابنه طلحة بن طاهر بن الحسين، فأقام أميرا بخراسان سبع سنين مستقيم الأمر ثم توفي طلحة بن طاهر سنة خمس عشرة ومائتين. وكان المأمون قد ولى عبد الله بن طاهر كور الجبل وآذربيجان فخرج وأقام بالدينور عليلا، فولاه المأمون خراسان مكان أخيه طلحة بن طاهر ووجه إليه بعهده وعقده مع إسحاق بن إبراهيم، ويحيى بن أكثم قاضي القضاة، فشخص عبد الله بن طاهر إلى خراسان فنزل نيسابور ولم ينزلها وال من ولاة خراسان قبله وجعلها وطنه. وأقام عبد الله بن طاهر على خراسان وأعمالها مستقيم الأمر شديد السلطان، والبلدان كلها مستقيمة أربع عشرة سنة، ثم توفي بنيسابور في سنة ثلاثين ومائتين وله ثمان وأربعون سنة، فولى الواثق خراسان ابنه طاهر بن عبد الله بن طاهر، فأقام بخراسان خلافة الواثق، والمتوكل، والمنتصر، وبعض خلافة المستعين، ووليها ثماني عشرة سنة مستقيم الأمور ثم توفي بنيسابور في رجب سنة ثمان وأربعين ومائتين وله أربع وأربعون سنة. وولى المستعين خراسان ابنه محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر ، فأقام واليا عليها من سنة ثمان وأربعين ومائتين إلى سنة تسع وخمسين ومائتين، وقد كانت الأمور اضطربت بخروج الحسن بن زيد الطالبي بطبرستان وغيره وخروج يعقوب بن الليث الصفار بسجستان وتخطيه إلى كور خراسان. ثم سار يعقوب بن الليث الصفار إلى نيسابور في شوال سنة تسع وخمسين ومائتين فقبض على محمد بن طاهر واستوثق منه ومن أهل بيته وقبض أموالهم وما تحويه منازلهم وحملهم في الأصفاد إلى قلعة بكرمان يقال لها: قلعة «بم» ، فلم يزالوا في تلك الحال حتى مات الصفار وخلت خراسان منهم، وصار بها عمرو بن الليث أخو الصفار. فأقام آل طاهر ولاة خراسان خمسا وخمسين سنة وليها منهم خمسة أمراء ومع انقضاء الدول تزول الأمور وتتغير الأحوال ويقع العجز ويظهر التقصير وكان خراج خراسان يبلغ في كل سنة من جميع الكور أربعين ألف ألف درهم سوى الأخماس التي ترتفع من الثغور ينفقها آل طاهر كلها فيما يرون ويحمل إليهم بعد ذلك من العراق ثلاثة عشر ألف ألف سوى الهدايا. فهذا ربع المشرق قد ذكرنا منه ما حضرنا ذكره، وعلمنا خبره ووصفنا أحواله. فلنذكر الآن ربع القبلة وما فيه وبالله التوفيق. [الربع الثانى] الربع القبلي من أراد من بغداد إلى الكوفة وإلى طريق الحجاز، والمدينة، ومكة، والطائف ، من بغداد إلى الكوفة ثلاثون فرسخا وهي ثلاث مراحل، أولها قصر ابن هبيرة على اثني عشر فرسخا من بغداد كان يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري ابتناه في أيام مروان بن محمد بن مروان ، وابن هبيرة يومئذ عامل مروان على العراق وأراد البعد من الكوفة. وهي مدينة عامرة جليلة ينزلها العمال والولاة، وأهلها أخلاط من الناس وهي على نهر يأخذ من الفرات يقال له: الصراة، وبين قصر ابن هبيرة، وبين معظم الفرات مقدار ميلين إلى جسر على معظم الفرات يقال له: جسر سورا. ومن قصر ابن هبيرة إلى موضع يقال له: سوق أسد غربي الفرات في الطسوج الذي يقال له: الفلوجة ، ومن سوق أسد إلى الكوفة والمسافات من بغداد إلى الكوفة في عمارات وقرى عظام متصلة عامرة فيها أخلاط من العجم ومن العرب. والكوفة مدينة العراق الكبرى والمصر الأعظم وقبة الإسلام ودار هجرة المسلمين. وهي أول مدينة اختطها المسلمون بالعراق سنة أربع عشرة وبها خطط العرب. وهي على معظم الفرات، ومنه شرب أهلها، وهي من أطيب البلدان وأفسحها وأغذاها وأوسعها. وخراجها داخل في خراج طساسيج السواد، وطساسيجها التي تنسب إليها: طسوج الجبة، وطسوج البداة، وفرات بادقلا، والسالحين ، ونهر يوسف. والحيرة منها على ثلاث أميال، والحيرة على النجف، والنجف كان على ساحل بحر الملح، وكان في قديم الدهر يبلغ الحيرة، وهي منازل آل بقيلة وغيرهم. وبها كانت منازل ملوك بني نصر من لخم وهم آل النعمان بن المنذر، وعليه أهل الحيرة نصارى فمنهم من قبائل العرب على دين النصرانية من بني تميم آل عدي بن زيد العبادي الشاعر ومن سليم ومن طيّىء وغيرهم. والخورنق بالقرب منها مما يلي المشرق وبينه وبين الحيرة ثلاثة أميال، والسدير في برية تقرب منها.

[البلدان لليعقوبي]

خراسان

بلاد واسعة، أول حدودها ممّا يلى العراق أزاذورد قصبة جوين وبيهق، وآخر حدودها مما يلى الهند طخارستان وغزنة وسجستان، وليس ذلك منها. ومن أمهات بلادها نيسابور وهراة ومرو، وهى كانت قصبة، وبلخ وطالقان ونسا وأبيورد وسرخس. وما تخلل ذلك من المدن التى دون جيحون. ومن الناس من يدخل أعمال خوارزم فيها. وقيل: خراسان أربعة أرباع؛ فالربع الأول أبرشهر وهى نيسابور وقوهستان والطّبسين وهراة وبوشنج وباذغيس وطوس وهى طابران. والربع الثانى: مرو الشاهجان وسرخس ونسا وأبيورد ومرو الروذ والطالقان وخوارزم وآمل، وهما على جيحون. والربع الثالث: وهو غربى النهر وبينه وبين النهر ثمانية فراسخ الفارياب، والجوزجان وطخارستان العليا وخست واندرابة والباميان وبغلان ووالج ورستاق بيل وبذخشان، وهو مدخل الناس إلى تبت. والربع الرابع ما وراء النهر بخارى والشاش والطّراربند والصغد، وهو كسّ ونسف ورويان ، وأشروسنة، وسنام، وفرغانة وسمرقند قال: والصحيح الأول، وهذا قول البلاذرى. وإنما قاله لأزّ جميع ذلك كان أولا مضموما إلى والى خراسان

[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]