البحث

عبارات مقترحة:

الجميل

كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...

الحي

كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...

الأول

(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

واجبات المدعوين

وإذا كان من حق المدعو أن يؤتَى ويدعى، وأن لا يُسْتَهان به ولا يستصغر شأنه، فإنَّ عليه أن يستجيب إذا ما دعي إلى الله؛ لأنه يدعى إلى الخير والحق، ويستجيب لنداء ربه -جل جلاله، ومن بيان الواقع الذي قد يسفيد منه الداعي، ويطرد عنه اليأس، ويبقي أمامه الأمل، نقول: إنَّ الناس ليسوا سواء في الاستجابة إلى الحق وقبول الدعوة، فمنهم السريع جدًّا في الاستجابة، ومنهم البطيء جدًّا، ومنهم بين هذين الحدَّين في درجات كثيرة جدًّا تستعصي على العدِّ والإحصاء، فمن الناس من يؤمن حالًا وبدون تردد أو تلكؤ أو تعثر، حتى كأنه ينتظر سماع الدعوة ليؤمن، ومن أمثلة ذلك إيمان أبي بكر الصديق وإيمان السحرة بموسى، أمَّا إيمان أبي بكر فقد أخبر عنه رسولنا الكريم -؛ إذ قال: "ما دعوت أحدًا إلى الإسلام إلّا كانت فيه عنده كبوة ونظرة وتردد، إلّا ما كان من أبي بكر بن أبي قحافة، ما عكم -أي: ما تلبَّث- حين ذكرته له وما تردد فيه"، أمَّا إيمان السحرة فأعني بهم السحرة الذين جاء بهم فرعون مصر لإبطال معجزة موسى -عليه السلام، وأخبرنا الله تعالى بقصتهم وإيمانهم، قال تعالى: ﴿فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ، فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ، قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ، قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ، قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ، إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ، فأولئك السحرة جاءوا لينصروا باطل فرعون وكفره، ويقاوموا دعوة موسى نبي الله، ولكن ما إن رأوا المعجزة وعلموا أنَّها ليست من السحر الذي تعلَّموه، وإنَّما هي من عند الله، ودليل صدق نبيه الكريم موسى -عليه السلام، أقول: ما إن رأوا ذلك حتى آمنوا حالًا وأعلنوا إيمانهم صراحة، بما يدل على عِظَم الإيمان، وقوة نوره الذي دخل قلوبهم وبدَّد كل باطل فيها، حتى هتفت ألسنتهم وقالوا: ﴿آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ ، ولمَّا هدَّدَهم اللعين بما هدَّدَهم به قالوا: ﴿لَا ضَيْر﴾ ، أي: لا ضرر علينا فيما يلحقنا من عذاب الدنيا، فإن عذابك ساعة فنصبر لها، ثم نلقى الله ربنا مؤمنين، ونحن نرجوا ونطمع أن يغفر خطايانا السابقة، فإنَّنَا بادرنا إلى الإيمان عند ظهور معجزة موسى -عليه السلام. هذان مثلان للاستجابة السريعة لدعوة الله تكون عند بعض الناس، أمَّا الأمثلة على الاستجابة البطيئة فهي كثيرة، نكتفي منها بما قصَّه الله علينا من أخبار قوم نوح، فإنه لبث فيهم ألف سنة إلّا خمسين عامًا، ومع هذا لم يؤمن له إلّا القليل كما جاء في القرآن الكريم. وأبو سفيان والطلقاء لم يؤمنوا بالإسلام ونبي الإسلام محمد إلّا بعد فتح مكة، وبعد عداوة شديدة ومحاربةٍ دامت عشرين سنة، وهناك من لا يستجيب إلى دعوة الله ويموت وهو كافر، نعوذ بالله من الخذلان. ومن واجبات المدعو بعد أن هداه الله إلى الإسلام أن يقوم بحق الإسلام، فيقيم أمور حياته وسلوكه على مناهج الإسلام، ويعبد الله على النحو الذي أُمِرَ به وبيّنَه في قرآنه وعلى لسان رسوله الكريم -، حتى لا يكون في إسلامه شوب نفاق، يقول: إنه من المسلمين، ولكنه لا يؤدي حقوق الإسلام. "أصول الدعوة" لعبد الكريم زيدان.