البحث

عبارات مقترحة:

المؤمن

كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...

حقوق المدعو

ومن حق المدعوِّ أن يؤتى ويدعى، أي: إنَّ الداعي يأتيه ويدعوه إلى الله تعالى، ولا يجلس الداعي في بيته وينتظر مجيء الناس إليه، وهكذا كان يفعل الداعي الأوّل نبينا الكريم -، يأتي مجالس قريش ويدعوهم، ويخرج إلى القبائل في منازلها في موسِم قدومها مكة ويدعوهم، ويذهب إلى ملاقاة من يقدُم إلى مكة ويدعوه، فقد جاء في سيرة ابن هشام: "فكان رسول الله يعرِض نفسه في المواسم -إذا كانت- على قبائل العرب يدعوهم إلى الله، ويخبرهم أنَّه نبي مرسل، ويسألهم أن يصدِّقوه ويمنعوه حتى يبيِّن عن الله ما بعثه به، فيقف على منازل القبائل من العرب فيقول: "يا بني فلان، إني رسول الله إليكم، يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه هذه الأنداد، وأن تؤمنوا بي وتصدقوا بي وتنمعوني حتى أبيِّن عن الله ما بعثني به.... وكان لا يسمع بقادمٍ إلى مكة من العرب له اسم وشرف إلّا يتصدَّى له، فدعاه إلى الله وعرض عليه ما عنده"1، ولم يكتف بأهل مكة ومن كان يأتيها، وإنما ذهب إلى خارجها، ذهب إلى الطائف يدعو أهلها، "فلما انتهى إلى الطائف عمد إلى نفرٍ من ثقيف هم يؤمئذ سادة ثقيف وأشرافهم، فجلس إليهم رسول الله فدعاهم إلى الله". وعلى الداعي المسلم أن يقتدي برسول الله -، فينتقل إلى الناس في أماكنهم ومجالسهم وقراهم، ويبلغهم الإسلام ويدعوهم إلى الله تعالى، ويا حبذا لو توزَّع الدعاة إلى القرى والمحلات، وتفرَّغ كل واحد منهم إلى جهة، وفي هذا المعنى يقول الإمام الغزالي: "يتكفَّل كل عالم بإقليم أو بلدة أو محلة أو مسجد أو مشهد، فيعلِّم أهله دينهم، وتمييز ما يضرهم عمَّا ينفهم، وما يشقيهم عمَّا يسعدهم، ولا ينبغي أن يصبر إلى أن يسأل عنه، بل ينبغي أن يتصدَّى إلى دعوة الناس إلى نفسه، فإنهم ورثة الأنبياء، والأنبياء ما تركوا الناس على جهلهم، بل كانوا ينادونهم في مجامعهم، ويدورون على أبواب دورهم في الابتداء، ويطلبون واحدًا واحدًا فيرشدونهم، وهذا فرض عين على العلماء كافَّة، وعلى السلاطين كافَّة أن يرتِّبوا في كل قرية وفي كل محلة فقيهًا متدينًا يعلم الناس دينهم، فإنَّ الخلق لا يولدون إلّا جهالًا، فلا بُدَّ من تبليغ الدعوة إليهم في الأصل والفرع"1. لا يستهان بأيِّ إنسان: لا يجوز للداعي أن يستصغر بشأن أيِّ إنسان أو أن يستهين به فلا يدعوه؛ لأنَّ من حق كل إنسان أن يدعى، وقد يكون هذا الذي لا يقيم له الداعي وزنًا سيكون له عند الله وزن كبير بخدمته للإسلام والدعوة إليه، وهكذا كان رسول الله يدعو كل إنسان يلقاه أو يذهب إليه. جاء في السيرة النبوية أنَّ الرسول بعد أن عرض نفسه الكريمة على قبائل العرب التي وافقت الموسم في مكة، وكان ذلك قبل الهجرة بنحو ثلاث سنوات، ولم يستجب لهم منهم أحد، لقي ستة نفر من الخزرج عند العقبة من منى، وهم يحلقون رءوسهم، فجلس إليهم رسول الله فدعاهم إلى الله، وقرأ عليم القرآن، فاستجابوا لله ولرسوله وآمنوا، ثم رجعوا إلى قومهم بالمدينة، وذكر لهم رسول الله - "ودعوهم إلى الإسلام ففشا فيهم، حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلّا فيها ذكر رسول الله -"، فرسول الله لم يستصغر شأن أولئك الستة وهم يحلقون رءوسهم بعد أن لم يستجب له أحد من القبائل النازلة حوالي مكة، ولم يقل في نفسه الكريمة: أيّ أمل في هؤلاء المشغولين بحلق رءوسهم، ثم إنَّ أولئك الستة كانوا هم الدعاة الأُوَل إلى الإسلام في المدينة، فعلى الداعي أن يقتدي بهدي رسول الله -، ولا يستهين بأحد فيزهد في دعوته، فقد يكون الخير الكثير على يد الذي لا يرى فيه خيرًا الآن. "أصول الدعوة" لعبد الكريم زيدان.