المحيط
كلمة (المحيط) في اللغة اسم فاعل من الفعل أحاطَ ومضارعه يُحيط،...
عن سَلَمة بن الأَكْوع رضي الله عنه قال: غَزَوْنا مع رسول الله ﷺ حُنَينًا، فلما واجَهْنا العدوَّ تقدَّمتُ فأَعْلُو ثَنِيَّة، فاستَقْبَلَني رجُل من العدو، فَأَرْمِيه بسَهْم فتَوَارَى عَني، فما دَرَيت ما صَنَع، ونظرتُ إلى القوم فإذا هُمْ قد طَلَعوا من ثَنِيَّة أخرى، فالتَقَوْا هُمْ وصَحابة النبي ﷺ، فولَّى صحابة النبي ﷺ وأَرجِعُ مُنْهَزِمًا، وعليَّ بُرْدَتان مُتَّزِرًا بإحداهما مُرْتَدِيًا بالأخرى، فاستُطلِق إِزاري فجَمَعْتُهما جميعا، ومررتُ على رسول الله ﷺ مُنْهَزِمًا وهو على بَغْلَتِه الشَّهْباء، فقال رسول الله ﷺ: «لقد رَأَى ابنُ الأكْوَع فَزَعًا»، فلما غَشَوا رسول الله ﷺ نَزَل عن البَغْلة، ثم قَبَضَ قَبْضَة مِن ترابٍ مِن الأرض، ثم استقْبَلَ به وجوههم، فقال: «شاهَت الوجوه»، فما خَلَق الله منهم إنسانًا إلا مَلَأَ عيْنَيْه ترابًا بِتِلك القبْضَة، فَوَلَّوا مُدْبِرين، فَهَزَمَهم الله عز وجل، وقَسَّم رسول الله ﷺ غَنائِمهم بين المسلمين.
[صحيح.] - [رواه مسلم.]
يحكي سلمة بن الأكوع أنه قاتل مع رسول الله ﷺ في معركة حُنين التي قاتل فيها النبي ﷺ قبيلتي هوازن وثقيف، فلما لقوا العدو طلع سلمة من طريق بين جبلين فشاهد رجلًا من العدو فرماه بسهم، فاستخفى منه فلم يعلم هل قتله أم لا، وجاء الكفار من طريق آخر بين جبلين، فالتقوا هم وصحابة النبي ﷺ، فانهزم صحابة النبي ﷺ وانهزم سلمة معهم، وعلى سلمة ثوبان، رداء على أعلى بدنه، وإزار على الجزء الأسفل من بدنه، وانحل إزاره لاستعجاله وجريه فجمعهما جميعًا، ومر سلمة وهو منهزم على النبي ﷺ وهو راكب بغلته الشهباء، فقال رسول الله ﷺ: لقد رأى سلمة بن الأكوع خوفًا شديدًا. فلما اقترب الكفار من النبي ﷺ وأتوه من كل جانب، نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض، ثم رماها في وجوههم وقال: قبحت الوجوه. فملأ الله عين كل كافر منهم ترابًا بتلك القبضة، ففروا هاربين، فهزمهم الله عز وجل، وقسم رسول الله ﷺ أموالهم التي تركوها بين المسلمين.
حُنَينًا | واد بين مكة والطائف. |
ثَنِيَّة | طريق بين جبلين. |
توارى | استخفى. |
دريت | علمت. |
ولَّى | رجع هاربًا. |
بُردتان | البردة: كساء يلتحف به كالعباءة. |
مُتَّزِرًا | لابسًا الإزار. |
استُطلِق | انحل لاستعجالي. |
الشَّهْباء | البيضاء، وهي اسم لبغلة النبي -صلى الله عليه وسلم-. |
فَزَعًا | خوفًا. |
غَشَوا | قاربوا غشيانه. |
شاهَت | قبحت. |
مُدْبِرين | لاذوا بالفرار. |
الغنائم | ما يؤخذ في الحرب قهرًا. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".