العزيز
كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إنَّ موسى كان رجُلا حَيِيًّا سَتِيرًا، لا يُرى من جِلْده شيء استحياء منه، فآذاه مَن آذاه مِن بني إسرائيل فقالوا: ما يَسْتَتِر هذا التَّستُّر، إلا من عيْب بجلده: إما بَرَص وإما أُدْرة، وإما آفة، وإنَّ الله أراد أن يُبرِّئه مما قالوا لموسى، فَخَلا يوما وَحْده، فَوَضَع ثيابه على الحَجَر، ثم اغتسل، فلما فَرَغ أقْبَل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحَجَر عدا بثوبِهِ، فأخَذَ موسى عصاه وطَلَب الحَجَر، فجعل يقول: ثوبي حَجَر، ثوبي حَجَر، حتى انتهى إلى مَلَإ من بني إسرائيل، فرأوه عُرْيانا أحسن ما خلق الله، وأَبْرَأه مما يقولون، وقام الحَجَر، فأخَذ ثوبه فلَبِسه، وطَفِق بالحجر ضربا بعصاه، فوالله إن بالحجر لنُدْبا مِنْ أَثَر ضَرْبِه، ثلاثا أو أربعا أو خمسا، فذلك قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾" [الأحزاب: 69].
[صحيح.] - [متفق عليه.]
كان نبي الله موسى -عليه السلام- رجلًا كثير الحياء، يحب الستر والصون، لا يجعل أحدًا يرى شيئا من جلده استحياء منه، فآذاه بنو إسرائيل فقالوا: ما يستتر هذا التستُّر، إلا من عيب بجلده: إما بَرَص، وهو بياض يظهر في الجلد، وإما أُدْرة، وهي نفخة في الخصية، وإما عيب آخر، أو من مرض، وإنَّ الله أراد أن يُبرئه وينزهه مما قالوا، فانفرد موسى يومًا وحده، فوضع ثيابه على حجر، ثم اغتسل، فلما انتهى من اغتساله أقبل إلى ثيابه ليأخذها، فوجد الحجر قد جرى بثوبه، فأخذ موسى عصاه وجرى عريانًا وراء الحجر ليأخذ ثيابه، وجعل يقول: رد إليَّ ثوبي يا حجر. حتى مر على جماعة من بني إسرائيل، فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله، وعلموا أنه ليس به مرض ولا عيب، وبرأه الله مما يقولون، وأدرك موسى الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وجعل يضرب الحجر بعصاه، حتى إن بالحجر آثارًا باقية من ضرب موسى له إما ثلاثة آثار أو أربعة أو خمسة، وهذا الأذى الذي آذاه بنو إسرائيل لنبي الله موسى نزل فيه قوله -تعالى-: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾ [الأحزاب: 69]. أي: احذروا أن تكونوا مؤذين للنبي ﷺ كما آذى بنو إسرائيل موسى ﷺ فأظهر الله براءته مما قالوه فيه، وكان موسى صاحب جاه ومنزلة عند الله -تعالى-.
حَيِيًّا | كثير الحياء. |
ستيرًا | من شأنه وإرادته حب الستر والصون. |
بَرَص | بياض يظهر في ظاهر البدن. |
أُدْرة | نفخة في الخصية. |
آفة | مرض أو عيب. |
خلا | انفرد. |
عدا | مضى مسرعًا. |
ملإ | جماعة. |
طفق | جعل. |
نُدْبًا | هو الأثر الباقي في الحجر، من ضرب موسى له. |
وجيهًا | صاحب جاه أي مكانة ومنزلة. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".