إن لم تنصروا - أيها المؤمنون - رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتستجيبوا لدعوته للجهاد في سبيل الله، فقد نصره الله دون أن تكونوا معه حين أخرجه المشركون هو وأبا بكر رضي الله عنه، لا ثالث لهما حين كانا في غار ثور مستخفيَيْن من الكفار الذين كانوا يبحثون عنهما، حين يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لصاحبه أبي بكر الصديق حين خاف عليه أن يدركه المشركون: لا تحزن إن الله معنا بتأييده ونصره، فأنزل الله الطمأنينة على قلب رسوله، وأنزل عليه جنودًا لا تشاهدونهم وهم الملائكة يؤيدونه، وصيَّر كلمة المشركين السفلى، وكلمة الله هي العليا حين أعلى الإسلام، والله عزيز في ذاته وقهره وملكه، لا يغالبه أحد، حكيم في تدبيره وقدره وشرعه.
وجعلنا من بين أيديهم حاجزًا عن الحق، ومن خلفهم حاجزًا، وأغشينا أبصارهم عن الحق فهم لا يبصرون إبصارًا ينتفعون به، حصل ذلك لهم بعد أن ظهر عنادهم وإصرارهم على الكفر.
تفسير وترجمة الآية
مقترحات لموسوعة الجمهرة
إعدادات العرض
معاينة
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ
الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ
مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ
دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ
حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ
زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ
طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ
وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ
المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ
يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".