سَرَقُسْطَةُ
بفتح أوّله وثانيه ثمّ قاف مضمومة، وسين مهملة ساكنة، وطاء مهملة: بلدة مشهورة بالأندلس تتصل أعمالها بأعمال تطيلة، ذات فواكه عذبة لها فضل على سائر فواكه الأندلس، مبنية على نهر كبير، وهو نهر منبعث من جبال القلاع، قد انفردت بصنعة السّمّور ولطف تدبيره تقوم في طرزهابكمالها منفردة بالنسج في منوالها، وهي الثياب الرقيقة المعروفة بالسرقسطية، هذه خصوصية لأهل هذا الصقع، وهذا السّمّور المذكور هنا لا أتحقق ما هو ولا أيّ شيء يعنى به وإن كان نباتا عندهم أو وبر الدابّة المعروفة، فإن كانت الدابّة المعروفة فيقال لها الجندبادستر أيضا، وهي دابّة تكون في البحر وتخرج إلى البرّ وعندها قوّة ميز، وقال الأطباء: الجندبادستر حيوان يكون في بحر الروم ولا يحتاج منه إلّا إلى خصاه فيخرج ذلك الحيوان من البحر ويسرح في البر فيؤخذ ويقطع منه خصاه ويطلق فربّما عرض له الصيادون مرّة أخرى فإذا علم أنّهم ماسكوه استلقى على ظهره وفرّج بين فخذيه ليريهم موضع خصيتيه خاليا فيتركوه حينئذ، وفي سرقسطة معدن الملح الذّرآني وهو أبيض صافي اللون أملس خالص، ولا يكون في غيرها من بلاد الأندلس، ولها مدن ومعاقل، وهي الآن بيد الأفرنج صارت بأيديهم منذ سنة 512، وينسب إلى سرقسطة أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن يوسف السرقسطي، قال السلفي: كان من أهل المعرفة والخط، وكان بيني وبينه مكاتبة، وهو الذي تولى أخذ إجازات الشيوخ بالأندلس سنة 512، وروى في تآليفه عن صهر أبي عبد الله بن وضّاح وغيره كثيرا، وصنّف كتابا في الحفّاظ فبدأ بالزهري وختم بي، كلّه عن السلفي، وأنبل من نسب إلى سرقسطة ثابت بن حزم بن عبد الرحمن بن مطرف بن سليمان بن يحيى العوفي من ولد عوف بن غطفان، وقيل: بل الرواية عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو القاسم، سمع بالأندلس من محمد بن وضّاح والخشني وعبد الله بن مرّة وإبراهيم بن نصر السرقسطي ومحمد بن عبد الله بن الفار بن الزبير بن مخلد، رحل إلى المشرق هو وابنه قاسم في سنة 288 فسمعا بمكّة من عبد الله بن عليّ بن الجارود ومحمد بن عليّ الجوهري وأحمد بن حمزة، وبمصر من أحمد بن عمر البزّاز وأحمد بن شعيب النسائي، وكان عالما متقنا بصيرا بالحديث والفقه والنحو والغريب والشعر، وقيل إنّه استقضى ببلده، وتوفي بسرقسطة سنة 313 عن 95 سنة، ومولده سنة 217، وابنه قاسم بن ثابت، كان أعلم من أبيه وأنبل وأروع، ويكنى أبا محمد، رحل مع أبيه فسمع معه وعني بجمع الحديث واللغة فأدخل إلى الأندلس علما كثيرا، ويقال إنّه أوّل من أدخل كتاب العين للخليل إلى الأندلس وألّف قاسم كتابا في شرح الحديث ممّا ليس في كتاب أبي عبيد ولا ابن قتيبة سمّاه كتاب الدلائل، بلغ فيه الغاية في الإتقان، ومات قبل كماله فأكمله أبوه ثابت بعده، قال ابن الفرضي: سمعت العبّاس بن عمرو الورّاق يقول سمعت أبا عليّ القالي يقول: كتبت كتاب الدلائل وما أعلم وضع في الأندلس مثله، ولو قال إنّه ما وضع في المشرق مثله ما أبعد، وكان قاسم عالما بالحديث والفقه متقدّما في معرفة الغريب والنحو والشعر، وكان مع ذلك ورعا ناسكا أريد على أن يلي القضاء بسرقسطة فامتنع من ذلك وأراد أبوه إكراهه عليه فسأله أن يتركه يتروّى في أمره ثلاثة أيّام ويستخير الله فيه، فمات في هذه الثلاثة أيّام، يقولون إنّه دعا لنفسه بالموت، وكان يقال إنّه مجاب الدعوة، وهذا عند أهله مستفيض، قال الفرضي: قرأت بخط الحكم المستنصر بالله توفي قاسم بن ثابت سنة 302 بسرقسطة، وابنه ثابت بن قاسم بن ثابت من أهل سرقسطة، سمع أباه وجدّه، وكان مليح الخط، حدث بكتاب الدلائل، وكان مولعا بالشراب، وتوفي سنة 352، قال: وجدته بخط المستنصر باللهأمير المؤمنين. وسرقسطة أيضا: بليد من نواحي خوارزم، عن العمراني الخوارزمي.
[معجم البلدان]
سرقسطة
مدينة كبيرة من أطيب بلاد الأنلدس بقعة، وأحسنها بنياناً وأكثرها ثماراً وأغزرها مياهاً. حكى أحمد بن عمر العذري أنها لا يدخلها حنش ولا يعيش بها. ومن أعمالها قرية يقال لها بلطش؛ قال العذري: بها عين يابسة العام كله، فإذا كان أول ليلة من شهر اغشت انبعثت بالماء تلك الليلة، ومن الغد إلى وقت الزوال، فعند ذلك يبدو فيها النقصان وإلى أول الليل يجف، ويبقى كذلك إلى تلك الليلة من العام القابل. وسرقسطة بيد الإفرنج، ملكوها سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.
[آثار البلاد وأخبار العباد]
سرقسطة zaragoza
بلدة مشهورة تقع في شمالي غربي إسبانيا في منطقة (أراغون) على نهر (الأبرو) وتعرف بالبيضاء لأن أسوارها من الرخام الأبيض. بني مسجدها ووضع محرابه القائد العربي حنش بن عبد الله الصنعاني وفيها توفي سنة 100هـ. من مباني العرب المشهورة فيها قصر الجعفرية شرقي المدينة على ضفة نهر (الأبرو) ويغلب على الظن أن بانيه هو المقتدر بالله بن هود ملك سرقسطة (438- 474 هـ) وكان يكنى بأبي جعفر فقيل لقصره الجعفرية وكانت بسبب مركزها تعد من قواعد المملكة الإسلامية الكبرى وكان العرب قد استولوا عليها سنة 94 هـ (712 م) بقيادة موسى بن نصير. سقطت في أيدي الأسبان سنة 536 هـ في عهد آخر ملوكها سيف الدولة المستنصر بن عبد الملك بن أحمد التجيبي وتحول مسجدها إلى كنيسة بعد هدمه وفيها قبر فرناندو حفيد الملك فرديناند الكاثوليكي. ينسب إليها كثيرا من العلماء الأعلام منهم: ثابت بن حزم بن عبد الرحمن الصوفي وابنه القاسم بن ثابت من علماء الفقه والحديث واللغة وأبو عبد الله بن يحيى الهاشمي وكان قد رحل إلى مصر وعاد يحفظ الموطأ وصحيح البخاري. وأبو عبد الله بن علي المقري أخذ عنه القراءات القاضي الإمام أبو بكر بن العربي وسكنها أطباء مشاهير منهم الفضل حسداي وابن بكلارش اليهوديان وأبو عبد الله الكتاني وغيرهم.
[تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير]
سرقسطة (1) :
في شرق الأندلس وهي المدينة البيضاء. وهي قاعدة (2) من قواعد الأندلس، كبيرة القطر آهلة ممتدة الأطناب واسعة الشوارع، حسنة الديار والمساكن متصلة الجنات والبساتين، ولها سور حجارة حصين، وهي على ضفة نهر كبير يأتي بعضه من بلاد الروم من جبال قلعة أيوب ومن غير ذلك، فتجتمع هذه الأنهار كلها فوق مدينة تطيلة، ثم تنصب إلى مدينة سرقسطة ومدينة سرقسطة هي المدينة (3) البيضاء، لكثرة جصها وجيارها، ومن خواصها أنها لا تدخلها حية البتة وإن جلبت إليها ماتت وحياً. فمن الناس (4) من يزعم أن فيها طلسماً لذلك، ومنهم من يقول بنيانها من الرخام الرخو الذي هو صنف من الملح الدراني، ومن خاصيته ألا تدخل الحناش موضعاً يكون فيه، ولها أقاليم عدة (5). وبسرقسطة (6) جسر عظيم يجاز عليه إلى المدينة، ولها أسوار منيعة ومبان رفيعة. واسمها مشتق من اسم قيصر (7)، وهو الذي بناها، وذكر أنها بنيت على مثال الصليب، وجعل لها أربعة أبواب: باب إذا طلعت الشمس أقصى المطالع في القيظ قابلته عند بزوغها، فإذا غربت قابلت الباب الذي بإزائه من الجانب الغربي، وباب إذا طلعت الشمس من أدنى مطالعها في الشتاء قابلته عند بزوغها وهو الباب القبلي، وإذا غربت قابلت الذي بإزائه من الجانب الغربي. وهذه المدينة على خمسة أنهار. وسرقسطة واسعة الخطة لا يعرف بالأندلس مدينة تشبهها، وقيل: تعرف بالبيضاء لأن أسوارها القديمة من حجر الرخام الأبيض، وكان الذي بنى (8) المسجد الجامع بسرقسطة ووضع محرابه حنش بن عبد الله الصنعاني، فلما زيد فيه هدم الحائط القبلي، غير المحراب، فإنه احتفره من جوانبه حتى انتهى إلى قواعده، فأعملت الحيلة في حمله على الخشب وجره (9) إلى الموضع الذي هو فيه اليوم، فتصدع وبني حواليه البناء الذي هو باق إلى الآن، وتوفي حنش هذا وعلي بن رباح اللخمي، وهما من جلة التابعين، بمدينة سرقسطة وقبراهما بها معروفان بمقبرة باب القبلة، وكان بعض من مضى من الملوك أراد أن يتخذ عليها مشهداً ويبني فوقها مصنعاً، فلما اعتزم على ذلك أتته امرأة معروفة بالصلاح والأمانة موسومة بالعدالة وأخبرته أنها رأتهما فيما يرى النائم، وأخبراها أنهما يكرهان أن يبنى على قبريهما شيء، فرجع عن ذلك الأمر الذي هم به. ومدينة سرقسطة أطيب البلدان بقعة وأكثرها ثمرة لكثرة الفواكه في بساتينهم حتى لا يقوم ثمنها. بمؤونة نقلها لرخصها فيتخذونها سرجيناً يدمنون به أرضهم، وربما بيع فيها وسق القارب من التفاح بما تباع به الأرطال اليسيرة في غيرها، ومما خصت به سرقسطة معدن الملح الدراني الذي لا يوجد مثله في مكان ولا يعدل به. وأخذ النصارى سرقسطة من أيدي الم سلمي ن سنة اثنتين وخمسمائة بعد أن حاصروها تسعة أشهر، صلحاً، خرج إليها الإفرنج في خمسين ألف راكب، وابن ردمير في جملة أخرى، أعادها الله للإسلام بفضله. ومن سرقسطة قاسم بن ثابت صاحب " الدلائل " بلغ فيه الغاية من الإتقان ومات قبل أن يكمله، فأكمله أبوه ثابت بعده. وكان قاسم ورعاً فاضلاً أريد علي أن يلي قضاء سرقسطة، فأبى من ذلك، فأراد أبوه إكراهه على ذلك، فسأله أن يتركه ثلاثة أيام حتى ينظر في أمره ويستخير الله تعالى، فمات في هذه الثلاثة الأيام، فيروى أنه دعا لنفسه بالموت، وكان يقال إنه مجاب الدعوة، توفي بسرقسطة سنة اثنتين وثلثمائة. (1) بروفنسال: 96، والترجمة: 118 (Saragosse)، وقارن بالعذري: 22، والزهري: 226. (2) متابع للإدريسي (د) : 190. (3) زيادة من الإدريسي. (4) مشبه لما عند العذري: 23. (5) انظر في أسماء أقاليمها كتاب العذري. (6) عاد إلى النقل عن الإدريسي. (7) قال العذري: تفسير سرقسطة باللسان اللطيني (جاجر أغشت)) (Caesarea Augusta) وهذا النص مشابه لما عند العذري: 21، 22. (8) مشابه للعذري: 23، 22. (9) ع: وجربه.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]