البحث

عبارات مقترحة:

المبين

كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

الحيي

كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...


سَمَرْقَنْدُ

بفتح أوّله وثانيه، ويقال لها بالعربيّة بلد معروف مشهور، قيل: إنّه من أبنية ذي القرنين بما وراء النهر، وهو قصبة الصّغد مبنيّةعلى جنوبي وادي الصغد مرتفعة عليه، قال أبو عون: سمرقند في الإقليم الرابع، طولها تسع وثمانون درجة ونصف، وعرضها ست وثلاثون درجة ونصف، وقال الأزهري: بناها شمر أبو كرب فسميت شمر كنت فأعربت فقيل سمرقند، هكذا تلفظ به العرب في كلامها وأشعارها، وقال يزيد بن مفرّغ يمدح سعيد بن عثمان وكان قد فتحها: لهفي على الأمر الذي كانت عواقبه النّدامه تركي سعيدا ذا النّدى، والبيت ترفعه الدّعامه فتحت سمرقند له، وبنى بعرصتها خيامه وتبعت عبد بني علا ج، تلك أشراط القيامه وبالبطيحة من أرض كسكر قرية تسمى سمرقند أيضا، ذكره المفجّع في كتاب المنقذ من الإيمان في أخبار ملوك اليمن قال: لما مات ناشر ينعم الملك قام بالملك من بعده شمر بن افريقيس بن أبرهة فجمع جنوده وسار في خمسمائة ألف رجل حتى ورد العراق فأعطاه يشتاسف الطاعة وعلم أن لا طاقة له به لكثرة جنوده وشدّة صولته، فسار من العراق لا يصدّه صادّ إلى بلاد الصين فلمّا صار بالصّغد اجتمع أهل تلك البلاد وتحصّنوا منه بمدينة سمرقند فأحاط بمن فيها من كلّ وجه حتى استنزلهم بغير أمان فقتل منهم مقتلة عظيمة وأمر بالمدينة فهدمت فسميت شمركند، أي شمر هدمها، فعرّبتها العرب فقالت سمرقند، وقد ذكر ذلك دعبل الخزاعي في قصيدته التي يفتخر فيها ويردّ بها على الكميت ويذكر التبابعة: وهم كتبوا الكتاب بباب مرو، وباب الصّين كانوا الكاتبينا وهم سمّوا قديما سمرقندا، وهم غرسوا هناك التّبّتينا فسار شمر وهو يريد الصين فمات هو وأصحابه عطشا ولم يرجع منهم مخبّر، فبقيت سمرقند خرابا إلى أن ملك تبّع الأقرن بن أبي مالك بن ناشر ينعم فلم تكن له همّة إلّا الطلب بثأر جدّه شمر الذي هلك بأرض الصين فتجهّز واستعدّ وسار في جنوده نحو العراق فخرج إليه بهمن بن إسفنديار وأعطاه الطاعة وحمل إليه الخراج حتى وصل إلى سمرقند فوجدها خرابا، فأمر بعمارتها وأقام عليها حتى ردّها إلى أفضل ما كانت عليه، وسار حتى أتى بلادا واسعة فبنى التّبّت كما ذكرنا، ثمّ قصد الصين فقتل وسبى وأحرق وعاد إلى اليمن في قصة طويلة، وقيل: إن سمرقند من بناء الإسكندر، واستدارة حائطها اثنا عشر فرسخا، وفيها بساتين ومزارع وأرحاء، ولها اثنا عشر بابا، من الباب إلى الباب فرسخ، وعلى أعلى السور آزاج وأبرجة للحرب، والأبواب الاثنا عشر من حديد، وبين كلّ بابين منزل للنوّاب، فإذا جزت المزارع صرت إلى الربض وفيه أبنية وأسواق، وفي ربضها من المزارع عشرة آلاف جريب، ولهذه المدينة، أعني الداخلة، أربعة أبواب، وساحتها ألفان وخمسمائة جريب، وفيها المسجد الجامع والقهندز وفيه مسكن السلطان، وفي هذه المدينة الداخلة نهر يجري في رصاص، وهو نهر قد بني عليه مسنّاة عالية من حجر يجري عليه الماء إلى أن يدخل المدينة من باب كسّ، ووجه هذا النهر رصاص كلّه، وقد عمل في خندق المدينة مسنّاة وأجري عليها، وهو نهر يجري في وسط السوق بموضع يعرف بباب الطاق، وكان أعمر موضع بسمرقند، وعلى حافات هذا النهر غلّات موقوفة على من بات في هذا النهر وحفظة من المجوس عليهم حفظ هذا النهر شتاء وصيفا مستفرض ذلك عليهم، وفي المدينة مياه من هذا النهر عليها بساتين، وليس من سكة ولا دار إلّا وبها ماء جار إلّا القليل، وقلّما تخلو دار من بستان حتى إنّك إذا صعدت قهندزها لا ترى أبنية المدينة لاستتارها عنك بالبساتين والأشجار، فأمّا داخل سوق المدينة الكبيرة ففيه أودية وأنهار وعيون وجبال، وعلى القهندز باب حديد من داخله باب آخر حديد، ولما ولي سعيد بن عثمان خراسان في سنة 55 من جهة معاوية عبر النهر ونزل على سمرقند محاصرا لها وحلف لا يبرح حتى يدخل المدينة ويرمي القهندز بحجر أو يعطوه رهنا من أولاد عظمائهم، فدخل المدينة ورمى القهندز بحجر فثبت فيه فتطيّر أهلها بذلك وقالوا: ثبت فيها ملك العرب، وأخذ رهانهم وانصرف، فلمّا كانت سنة 87 عبر قتيبة بن مسلم النهر وغزا بخارى والشاش ونزل على سمرقند، وهي غزوته الأولى، ثمّ غزا ما وراء النهر عدّة غزوات في سنين سبع وصالح أهلها على أن له ما في بيوت النيران وحلية الأصنام، فأخرجت إليه الأصنام فسلب حليها وأمر بتحريقها، فقال سدنتها: إن فيها أصناما من أحرقها هلك! فقال قتيبة: أنا أحرقها بيدي، وأخذ شعلة نار وأضرمها فاضطرمت فوجد بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب خمسين ألف مثقال، وبسمرقند عدّة مدن مذكورة في مواضعها، منها: كرمانية ودبوسية وأشروسنة والشاش ونخشب وبناكث، وقالوا: ليس في الأرض مدينة أنزه ولا أطيب ولا أحسن مستشرفا من سمرقند، وقد شبهها حضين بن المنذر الرقاشي فقال: كأنّها السماء للخضرة وقصورها الكواكب للإشراق ونهرها المجرّة للاعتراض وسورها الشمس للإطباق، ووجد بخط بعض ظرفاء العراق مكتوبا على حائط سمرقند: وليس اختياري سمرقند محلّة ودار مقام لاختيار ولا رضا ولكنّ قلبي حلّ فيها فعاقني وأقعدني بالصغر عن فسحة الفضا وإنّي لممّن يرقب الدّهر راجيا ليوم سرور غير مغرى بما مضى وقال أحمد بن واضح في صفة سمرقند: علت سمرقند أن يقال لها زين خراسان جنّة الكور أليس أبراجها معلّقة بحيث لا تستبين للنّظر ودون أبراجها خنادقها عميقة ما ترام من ثغر كأنّها وهي وسط حائطها محفوفة بالظّلال والشّجر بدر وأنهارها المجرّة وال آطام مثل الكواكب الزّهر وقال البستي: للنّاس في أخراهم جنّة، وجنّة الدنيا سمرقند يا من يسوّي أرض بلخ بها، هل يستوي الحنظل والقند؟ قال الأصمعي: مكتوب على باب سمرقند بالحميرية: بين هذه المدينة وبين صنعاء ألف فرسخ، وبين بغداد وبين إفريقية ألف فرسخ، وبين سجستان وبين البحر مائتا فرسخ، ومن سمرقند إلى زامين سبعة عشرفرسخا، وقال الشيخ أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبد الله ابن المظفّر الكسّي بسمرقند أنبأنا أبو الحسن عليّ بن عثمان بن إسماعيل الخرّاط إملاء أنبأنا عبد الجبار بن أحمد الخطيب أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله الخطيب أنبأنا محمد بن عبد الله بن عليّ السائح الباهلي أنبأنا الزاهد أبو يحيى أحمد بن الفضل أنبأنا مسعود بن كامل أبو سعيد السكّاك حدثنا جابر بن معاذ الأزدي أنبأنا أبو مقاتل حفص بن مسلم الفزاري أنبأنا برد بن سنان عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أنّه ذكر مدينة خلف نهر جيحون تدعى سمرقند ثمّ قال: لا تقولوا سمرقند ولكن قولوا المدينة المحفوظة، فقال أناس: يا أبا حمزة ما حفظها؟ فقال: أخبرني حبيبي رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أن مدينة بخراسان خلف النهر تدعى المحفوظة، لها أبواب على كلّ باب منها خمسة آلاف ملك يحفظونها يسبّحون ويهلّلون، وفوق المدينة خمسة آلاف ملك يبسطون أجنحتهم على أن يحفظوا أهلها، ومن فوقهم ملك له ألف رأس وألف فم وألف لسان ينادي يا دائم يا دائم يا الله يا صمد احفظ هذه المدينة، وخلف المدينة روضة من رياض الجنة، وخارج المدينة ماء حلو عذب من شرب منه شرب من ماء الجنّة ومن اغتسل فيه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، وخارج المدينة على ثلاثة فراسخ ملائكة يطوفون يحرسون رساتيقها ويدعون الله بالذكر لهم، وخلف هؤلاء الملائكة واد فيه حيّات وحيّة تخرج على صفة الآدميّين تنادي يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة ارحم هذه المدينة المحفوظة، ومن تعبّد فيها ليلة تقبّل الله منه عبادة سبعين سنة، ومن صام فيها يوما فكأنّما صام الدهر، ومن أطعم فيها مسكينا لا يدخل منزله فقر أبدا، ومن مات في هذه المدينة فكأنّما مات في السماء السابعة ويحشر يوم القيامة مع الملائكة في الجنة، وزاد حذيفة بن اليمان في رواية: ومن خلفها قرية يقال لها قطوان يبعث منها سبعون ألف شهيد يشفع كلّ شهيد منهم في سبعين من أهل بيته، وقال حذيفة: وددت أن يوافقني هذا الزمان وكان أحبّ إليّ من أن أوافق ليلة القدر، وهذا الحديث في كتاب الأفانين للسمعاني، وينسب إلى سمرقند جماعة كثيرة، منهم: محمد بن عدي بن الفضل أبو صالح السمرقندي نزيل مصر، سمع بدمشق أبا الحسين الميداني، وبمصر أبا مسلم الكاتب وأبا الحسن عليّ بن محمد بن إسحاق الحلبي وأبا الحسين أحمد بن محمد الأزهر التنيسي المعروف بابن السمناوي ومحمد ابن سراقة العامري وأحمد بن محمد الجمّازي وأبا القاسم الميمون بن حمزة الحسيني وأبا الحسن محمد بن أحمد بن العباس الإخميمي وأبا الحسن علي بن محمد ابن سنان، روى عنه أبو الربيع سليمان بن داود بن أبي حفص الجبلي وأبو عبد الله بن الخطّاب وسهل بن بشر وأبو الحسن عليّ بن أحمد بن ثابت العثماني الديباجي وأبو محمد هيّاج بن عبيد الحطّيني، ومات سنة 444 وأحمد بن عمر بن الأشعث أبو بكر السمرقندي، سكن دمشق مدة وكان يكتب بها المصاحف ويقرأ ويقرئ القرآن، وسمع بدمشق أبا علي بن أبي نصر وأبا عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، روى عنه أبو الفضل كمّاد بن ناصر بن نصر المراغي الحدّادي، حدث عنه ابنه أبو القاسم، قال ابن عساكر: سمعت الحسن بن قيس يذكر أن أبا بكر السمرقندي كان يكتب المصاحف من حفظه وكان لجماعة من أهل دمشق فيه رأي حسن فسمعت الحسن بن قيس يذكر أنّه خرج مع جماعة إلى ظاهر البلد في فرجة فقدّموه يصلي بهم وكان مزّاحا، فلمّا سجد بهم تركهم فيالصلاة وصعد إلى شجرة، فلمّا طال عليهم انتظاره رفعوا رؤوسهم فلم يجدوه فإذا هو في الشجرة يصيح صياح السنانير فسقط من أعينهم، فخرج إلى بغداد وترك أولاده بدمشق واتصل ببغداد بعفيف الخادم القائمي فكان يكرمه وأنزله في موضع من داره، فكان إذا جاءه الفرّاش بالطعام يذكر أولاده بدمشق فيبكي، فحكى الفرّاش ذلك لعفيف الخادم فقال: سله عن سبب بكائه، فسأله فقال: إن لي بدمشق أولادا في ضيق فإذا جاءني الطعام تذكّرتهم، فأخبره الفرّاش بذلك، فقال: سله أين يسكنون وبمن يعرفون، فسأله فأخبره، فبعث عفيف إليهم من حملهم من دمشق إلى بغداد، فما أحسّ بهم أبو بكر حتى قدم عليه ابنه أبو محمد وقد خلّف أمّه وأخويه عبد الواحد وإسماعيل بالرحبة ثمّ قدموا بعد ذلك فلم يزالوا في ضيافة عفيف حتى مات، وسألت ابنه أبا القاسم عن وفاته فقال في رمضان سنة 489.

[معجم البلدان]

سمرقند

مدينة مشهورة بما وراء النهر قصبة الصغد؛ قالوا: أول من أسسها كيكاوس ابن كيقباذ، وليس على وجه الأرض مدينة أطيب ولا أنزه ولا أحسن من سمرقند. عن أنس بن مالك أنه قال: مدينة خلف نهر جيحون تدعى بسمرقند، لا تقولوا لها سمرقند ولكن قولوا المدينة المحفوظة. فقالوا: يا أبا حمزة وما حفظها؟ قال: أخبرني رسول الله، ، أن مدينة خلف النهر تسمى المحفوظة لها أبواب، على كل باب خمسة آلاف ملك يحفظونها، وخلف المدينة روضة من رياض الجنة، وخارج المدينة ماء حلو عذب من شرب منه شرب من ماء الجنة، ومن اغتسل به خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ومن تعبد فيها ليلة يقبل منه عبادة ستين سنة، ومن صام فيها يوماً فكأنما صام الدهر، ومن أطعم فيها مسكيناً لا يدخل الفقر منزله أبداً. حكي أن شمر بن افريقيش بن أبرهة جمع جنوده خمسمائة ألف رجل، وسار نحو بلاد الصين، فلما وصل إلى الصغد عصى عليه أهل تلك البلاد، وتحصنوا بسمرقند، فأحاط بها من جميع الجهات وحاصرها، فلم يظفر بها. وسمع أن ملكها أحمق وله ابنة تدبر أمر الملك، فأرسل إليها هدية عظيمة وقال: إني إنما قدمت هذه البلاد لأتزوج بك، ومعي أربعة آلاف صندوق ذهباً وفضة أدفعها إليك وأمضي إلى الصين، فإن ملكت كنت امرأتي وإن هلكت فالمال لك! فأجابته إلى ذلك فأرسل إليها أربعة آلاف صندوق فيها أربعة آلاف رجل، ولسمرقند أربعة أبواب إلى كل باب ألف صندوق، وجعل العلامة بينهم ضرب الجرس. فلما دخلوا باب المدينة ضربوا الجرس، فخرج الرجال وملكوا الأبواب حتى اتصل بهم جنود شمر وملكوا المدينة ونهبوها، وقتلوا وهدموا فسميت شمركند، فعربته العرب وقالوا: سمرقند. ثم سار شمر نحو الصينفمات في الطريق هو وأصحابه عطشاً. فلما هلك تبع بن أبي مالك أراد أن يأخذ بثأر جده، فسار نحو الصين، فلما وصل إلى سمرقند وجدها خراباً فأمر بعمارتها وردها إلى ما كانت وأحسن منها. فلما كان زمن الإسكندر وجدها موضعاً شريفاً فبالغ في عمارتها، وبنى لها سوراً محيطاً بها استدارته اثنا عشر فرسخاً، فيها بساتين ومزارع وارحاء، ولها اثنا عشر باباً من الباب إلى الباب فرسخ، وعلى أعلى السور آزاج وأبرجة للحرب. وإذا جزت المزارع جزت إلى الربض وفيه أبنية وأسواق. وبها الجامع والقهندز ومسكن السلطان. وفي المدينة الداخلة نهر من رصاص يجري على مسناة عالية من حجر، ويدخل المدينة من باب كش، وأكثر دروبها ودورها فيها الماء الجاري، ولا تخلو دار من بستان حتى لو صعدت قهندزها لا ترى أبنية المدينة لاستتارها بالبساتين والأشجار. وأما داخل سور المدينة الكبيرة ففيه أودية وأنهار وعيون وجبال. وبسمرقند أشياء ظريفة تنقل إلى سائر البلاد: منها الكاغد السمرقندي الذي لا يوجد مثله إلا بالصين؛ وحكى صاحب الممالك والمسالك انه دفع من الصين إلى سمرقند سبي، وكان فيهم من يعرف صنعة الكاغد، فاتخذها ثم كثرت حتى صارت متجراً لأهل سمرقند، فمنها تحمل إلى سائر البلاد. بها جبل قال صاحب تحفة الغرائب: في هذا الجبل غار يتقاطر منه الماء في الصيف، ينعقد من ذلك الماء الجمد، وفي الشتاء من غمس يده فيه يحترق. ينسب إليها الإمام الفاضل البارع ركن الدين العميدي أعجوبة الزمان، انتشر صيته في الآفاق وفاق كل مناظر بالطبع السليم والذهن المستقيم. قال أستاذنا أثير الدين المفضل بن عمر الأبهري: ما رأيت مناظراً مثل العميدي في فصاحة الكلام وبلاغة المعاني، وحسن التقرير وتنقيح البيان! وحكي أن زين الدين عبد الرحمن الكشي، وكان من فحول العلماء، استدل في محفل، وكان العميدي حاضراً فصب عليه من الملازمات حتى بهره فقال الكشي: قل واحداً واحداً واسمع جوابه! فلما شرع الكشي في الجواب كان العميدي يزيد على الجواب أيضاً. فلما أظهر القدرة خلاه حتى تممه. وإذا حضر العميدي مدينة حضر جميع الفقهاء عنده، واغتنموا حضوره وقرأوا تصانيفه، وعزم الذهاب إلى بلاد العراق فقالوا للسلطان: إن هذا رجل عديم المثل زينة لهذه البلاد؛ فمنعه من مفارقة تلك البلاد. فلما وصل إلى نيسابور قالوا له: إن كان لك التماس من السلطان فالتمس ولا تخرج عن مملكته. وحكي أنه كان يباحث أحداً فنقل نقلاً فأنكر المباحث ذلك النقل، فقام ودخل البيت حتى يأتي بالكتاب الذي فيه النقل فأبطأ الخروج فدخلوا عليه فإذا هو مفارق. وكان ذلك قريباً من سنة عشر وستمائة.

[آثار البلاد وأخبار العباد]

سمرقند

من بلدان ما وراء النهر المعروفة وكانت قاعدة بلاد الصغد شرقي بخاري خربها المغول سنة 616 هـ (1219م) ثم جدد بناءها تيمورلنك واتخذها عاصمة له وشيد فيها المساجد وأقام الربط وما زال بعض ذلك قائما إلى يومنا. كانت أكبر مركز لصناعة الورق (الكاغد) ومنها انتشر في العالم الإسلامي منذ القرن الثالث الهجري. وهي اليوم تقع في ولاية (أوزبيكستان) الروسية. ينسب إليها كثير من العلماء منهم ابن بهرام الدارمي السمرقندي من أئمة حفاظ الحديث.

[تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير]

سمرقند (1) :

مدينة من خراسان، ويقال: إن شمر بن إفريقش (2) غزا أرض الصغد حتى وصل إلى سمرقند فهدمها ثم ابتناها، ويقال إنها بنيت أيام الإسكندر وتولى ذلك شمر فقيل شمرقند، وعربت فقيل سمرقند، وإلى ذلك أشار دعبل في قوله من قصيدته التي افتخر فيها على الكميت: وهم كتبوا الكتاب بباب مرو. .. وباب الصين كانوا الكاتبينا وهم وسموا بشمر سمرقنداً. .. وهم غرسوا هناك الثبتينا وهي مدينة حسنة (3) كبيرة على جنوب وادي الصغد، وقصبة الصغد سمرقند، ولها شوارع ومبان وقصور سامية وفنادق وحمامات، وعليها سور تراب متسع (4) يطيف به خندق، وهي كثيرة الخصب والنعم والفواكه، ولها أربعة أبواب، ويدخل المدينة ماء يجلب إليها، يدخل على باب كبير ويعم أكثر قصورها، ولهذا النهر حفظة وحراس لئلا يصل إليه شيء من الفساد، ولها قهندز حصين، والمسجد الجامع بأسفل المدينة وبينهما عرض المحجة، وفي المدينة ديار شامخة وقصور عظيمة، وقلما يكون فيها قصر ولا دار كبيرة إلا وفيها بستان ومياه متدفقة، وكانت الولاة قبل هذا بسمرقند إلى أن تحولت إلى بخارى، وأكثر سمرقند اليوم خراب لعود الرياسة إلى بخارى. وابتدأ بنيان سمرقند تبع الأكبر وأتم ذلك ذو القرنين. وهي في الإقليم الخامس، وكان طولها في قديم الدهر اثني عشر فرسخاً، وقد تهدم وخرب منها كثير، والعمران منها اليوم أربعة فراسخ، ويضم سورها اثني عشر ألف بستان، ومسجد جامعها أسفل القهندز وبينهما عرض الطريق، وهو منها في ناحية المشرق، وإذا كان يوم الجمعة غدا أهل الناحية الغربية إليه ثم ينصرفون بعد الصلاة فلا يصلون إلى محالهم إلا بعد صلاة العصر. ويشتمل (5) على سمرقند سور له أربعة أبواب: باب من ناحية المشرق يقال له باب الصين مرتفع عن الأرض ينزل منه في عدد درج مطل على وادي الصغد، وبابها مما يلي المغرب يسمى النوبهار وهو على شرف من الأرض أيضاً، ومما يلي الشمال باب بخارى، ومما يلي الجنوب باب كش، وهي كثيرة الحمامات والخانات، وفي المدينة مياه ظاهرة وبساتين، ودار الإمارة بالمدينة، والربض ممتد من وراء نهر الصغد بموضع يعرف بأفشينة، وقطر السور المحيط بالربض نحو فرسخين في فرسخين، وليس على هذا السور غلق، ومجتمع الأسواق رأس الطاق، ثم يتصل بصغار الأسواق وشوارع السكك، فليس من سكة ولا دار إلا وفيها ماء جار، وقل دار تخلو من بستان. والبلد كله، طرقه وسككه، مفروش بالحجارة. وذكر من يرجع إلى خبرة، أن سمرقند تشتمل على أزيد من ألفي مكان يستقى منه ماء الجمد مسبلة للأجر من بين سقاية مبنية وحباب نحاس منصوبة وقلال خزف في الحيطان مثبتة. وفي الشمال من سمرقند جبل كبير يخرج من تحته عين خرارة قد صنع لها في أصل الجبل طيقان وجلب عليها الماء في قنوات رصاص حتى يصب في سمرقند بمجرى اسمه بارمس (6) يصب في البحيرة التي في أصل بنكث من سمرقند على نحو ثلاثين فرسخاً، ويخرج في شرقي سمرقند فيصير إلى ماء الصغد وهو موضع درغش (7) ومن مدينة سمرقند على أربعة فراسخ يخرج خليج من هذا الوادي يسمى العريش يسقي الرساتيق. ولم يكن لمدينة سمرقند حائط غير سور المدينة، فلما وردها أبو مسلم صاحب الدعوة، بنى حائطاً يحيط بها، وعرض سور المدينة خمسون ذراعاً وارتفاعه من قبل الخندق مائة ذراع، وارتفاع حائط أبي مسلم خمس عشرة ذراعاً، وعرضه سبعة أذرع واستدارته سبعون ألف ذراع وعليه ثلثمائة برج، والغالب على هوائها اليبس، وأهلها يستعملون دسم الطعام كثيراً، ويشتكون بالبواسير ليبسها، وعامة تجارها مراوزة، وعربها من محارب وشيبان والأزد وباهلة وطيء، ويقال: إن فقراء أهلها الذين يعطون الزكاة سبعة عشر ألفاً، وفقراء ربضها وسوادها خمسون ألفاً، وفي باب سمرقند مكتوب: بين هذه المدينة وصنعاء ألف فرسخ. وسمرقند من عمل الصغد وهو كله من خراسان، وحد عمل الصغد غرباً ما بين كرمينية والدبوسية وشمالاً وادي الشاش ومنبرها الأجل سمرقند ثم كش ثم نسف ثم الكشانية ثم اوفر (8) ثم الدبوسية ثم درغش. وذكروا أن الططر (9) نزلوا على سمرقند انقضاء سنة ست عشرة وستمائة وفي سنة سبع عشرة، وبها من جند خوارزم شاه خمسون ألف فارس، فاغتر بهم أهل المدينة وسبقوهم بالخروج إلى الططر، وأخذ الجند في الاحتياط لما عرفوه من أمور الططر، فتورط البلديون، وقتل منهم في وقعة واحدة سبعون ألفاً، وطلب الجند الأمان، فقال لهم الططر: أعطونا سلاحكم وخيلكم واخرجوا في أمان الله، فلما أخذوا سلاحهم وخيلهم قال شيخ مجرب منهم: أهكذا نقتل كما يقتل كذا؟ أما تعلمون غدر هؤلاء القوم وكيف قتلوا جند بخارى وجميع عامتها بعد العذاب والفضيحة في الحرم؟ والله لا أنزل حتى أقتل أو أرى ما يفعل الله بأصحابي، فحكي ذلك لجنكيزخان، فقال: ما في هذه المدينة رجل غير هذا الشيخ، يقف حتى يشاهد ما نفعل بأصحابه، ثم قتلوا عن آخرهم وهو ينظر إليهم، وقيل للشيخ: قد أعتقك خاقان لأنك رجل، فسر حتى تحدث خوارزم شاه، فسار على فرسه إلى خوارزم شاه وجعل يحذر الجند والعامة من أن يركنوا إلى أمان الططر وغدرهم (10) ومكرهم. ثم أنهم فعلوا بعامة سمرقند ما فعلوه بأهل بخارى ورحلوا عن المدينة وهي خاوية على عروشها. وكانت سمرقند في نهاية العظم، وكان بها جامع على قدر المدينة، وأهلها حنفية لا يرون الصلاة في جامعين، فكانوا إذا صلي الظهر من يوم الجمعة ركبوا أو باتوا في أماكن لهم قرب الجامع لتقرب عليهم المسافة يوم الجمعة، فقس على هذا كيف كانت هذه المدينة وما كان فيها من العدد. (1) قارن بياقوت (سمرقند)، وابن الوردي: 31. (2) ص ع: فلان. (3) نزهة المشتاق: 214. (4) نزهة المشتاق: منيع. (5) ابن حوقل: 406، وقارن بالكرخي: 177، والمقدسي: 278. (6) ص ع: نامس؛ وهو بارمش عند ابن حوقل والكرخي، وبالسين المهملة عند الإدريسي. (7) لم أوفق لضبط هذا الأسم؛ وأصله في ص ع: درجش، في هذا الموضع فقط، ولعله: درغم. (8) ص ع: ازمنجير، وعند ياقوت: أوغر. (9) قارن بابن الأثير: 12: 367. (10) ع ص: وغيرهم.

[الروض المعطار في خبر الأقطار]

سمرقند

فامتنع أهلها فلم تزل منغلقة حتى افتتحها سلم بن زياد في أيام يزيد بن معاوية. ثم انتقضت وامتنعت حتى صار إليها قتيبة بن مسلم الباهلي في أيام الوليد بن عبد الملك فافتتحها. وخراج البلد أعني بلد بخارا يبلغ ألف ألف درهم، ودراهمهم شبيه بالنحاس.

[البلدان لليعقوبي]

سمرقند

فامتنع أهلها فلم تزل منغلقة حتى افتتحها سلم بن زياد في أيام يزيد بن معاوية. ثم انتقضت وامتنعت حتى صار إليها قتيبة بن مسلم الباهلي في أيام الوليد بن عبد الملك فافتتحها. وخراج البلد أعني بلد بخارا يبلغ ألف ألف درهم، ودراهمهم شبيه بالنحاس.

[البلدان لليعقوبي]

صفة سمرقند

وقال ابن الواضح اليعقوبي في صفة سمرقند: علت سمرقند أن يقال لها. .. زين خراسان جنة الكور أليس أبراجها معلقة. .. بحيث لا تستبين للنظر ودون أبراجها خنادقها. .. هميقة ما ترام من ثغر كأنها وهي في وسط حائطها. .. محفوفة بالظلال والشجر بدر وأنهارها المجرة وال. .. آطام مثل الكواكب الزهر

[البلدان لليعقوبي]

سمرقند

بفتحتين: بلد معروف مشهور، قيل: إنه من بناء ذى القرنين. بما وراء النهر. وهو قصبة الصّغد، على جنوبى وادى الصّغد، مرتفعة عليه. وبالبطيحة من أرض كسكر قرية سمرقند أيضا. وسمرقند تلك مدينة عظيمة يقال إن لها اثنى عشر بابا، بين كل بابين فرسخ، وهى من حديد، وداخلها مدينة أخرى لها أربعة أبواب، وفيها نهر ماء يجرى فى رصاص؛ لأن وجه النهر رصاص كله، وأخبارها تطول.

[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]