شَرْوَانُ
مدينة من نواحي باب الأبواب الذي تسميه الفرس الدّربند، بناها أنوشروان فسميت باسمه ثمّ خففت بإسقاط شطر اسمه، وبين شروان وباب الأبواب مائة فرسخ، خرج منها جماعة من العلماء، ويقولون بالقرب منها صخرة موسى، عليه السلام، التي نسي عندها الحوت في قوله تعالى: قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإنّي نسيت الحوت، قالوا: فالصخرة صخرة شروان والبحر بحر جيلان والقرية باجروان، حتى لقيه غلام فقتله، قالوا في قرية جيزان، وكلّ هذه من نواحي أرمينية قرب الدربند، وقيل: شروان ولاية قصبتها شماخي وهي قرب بحر الخزر، نسب المحدثون إليها قوما من الرواة، منهم: أبو بكر محمد بن عشير بن معروف الشرواني، كان فقيها صالحا، سكن النظامية وتفقه على الكيا الهرّاسي وروى شيئا عن أبي الحسين المبارك بن الحسين الغسّال، ذكره أبو سعد في شيوخه.
[معجم البلدان]
شروان
ناحية قرب باب الأبواب؛ قالوا: عمرها أنوشروان كسرى الخير، فسميت باسمه وأسقط شطرها تخفيفاً. وهي ناحية مستقلة بنفسها يقال لملكها اخستان. ذهب بعضهم إلى أن قصة موسى والخضر،
عليهما السلام، كانت بها، وان الصخرة التي نسي يوشع، عليه السلام، الحوت عندها بشروان، والبحر بحر الخزر، والقرية التي لقيا فيها غلاماً فقتله قرية جيران، والقرية التي استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه باجروان، وهذه كلها من نواحي أرمينية قرب الدربند، ومن الناس من يقول انها كانت بأرض افريقية. وبها أرض مقدار شوط فرس، يخرج منها بالنهار دخان وبالليل نار، إذا غرزت في هذه الأرض خشبة احترقت، والناس يحفرون فيها حفراً ويتركون قدورهم فيها باللحم والأبازير فيستوي نضجها؛ حدثني بهذا بعض فقهاء شروان. وبها نبات عجيب يسمى خصى الثعلب؛ حكى الشيخ الرئيس أنه رآه بهاوهو يشبه خصيتين إحداهما ذابلة والأخرى طرية، ذكر أن من عرضه عليه قال: الذابلة تضعف قوة الباه والطرية تعين عليها. ينسب إليها الحكيم الفاضل أفضل الدين الخاقاني، كان رجلاً حكيماً شاعراً. اخترع صنفاً من الكلام انفرد به، وكان قادراً على نظم القريض جداً، محترزاً عن الرذائل التي تركبها الشعراء، محافظاً على المروءة والديانة، حتى ان صاحب شروان أراد رجلاً يستعمله في بعض أشغاله فقال له وزيره: ما لهذا الشغل مثل الخاقاني! فطلبه وعرضه عليه، فأبى وقال: إني لست من رجال هذا الشغل! فقال الوزير: الزمه به إلزاماً! فحبسه على ذلك فبقي في الحبس أياماً لم يقبل، فقال الملك للوزير: حبسته وما جاء منه شيء! فقال الوزير: ما عملت شيئاً، حبسته في دار خالية وحده وهو ما يريد إلا هذا، احبسه في حبس الجناة! فحبسه مع السراق والعيارين فيأتيه أحدهم يقول: على أي ذنب حبست؟ ويأتيه الآخر يقول: انشدني قصيدة! فلما رأى شدة الحال ومقاساة الأغيار يوماً واحداً، بعث إلى الملك: إني رضيت بكل ما أردت، كل شيء ولا هذا! فأخرجه وولاه ذلك الشغل.
[آثار البلاد وأخبار العباد]
باب شوارن وشروان
أما اْلأَوَّلُ: - بعد الشين المَفْتُوحةٌ واو سَاكِنَة -: جبل عن يسارك وأنت ببطن العقيق عقيق المدينة تريد مَكَّة، وهو جبل مطل على السد، كبيرٌ مرتفعٌ وفيه مياه سماء كثيرة يُقَالُ لها البحرات، قاله أَبُو الأشعث الكندي. وأما الثَّاني: - بتقديم الراء على الواو -: صقع متاخم الباب والأَبُواب، يُنْسَبُ إِلَيْهِ جَمَاعَة من أهل العلم والفضل. 503 -
[الأماكن، ما اتفق لفظه وافترق مسماه للحازمي]
شروان:
هي إحدى مدن ارمينية، قالوا: والصخرة في قول الله تعالى: " إذ أوينا إلى الصخرة " هي صخرة شروان والبحر بحر جيلان، ومجمع البحرين: من بحر فارس والروم، قاله قتادة، قال غيره: بحر إفريقية، وخرق الخضر السفينة في بحر رادس، والملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصباً الجلندى بن الجلندى، وقتل الغلام بطنبذة وهي المحمدية، ومن ذلك الموضع فارق موسى عليه السلام. وكان الروس وهي أمة كبيرة لا تنقاد إلى ملك ولا إلى شريعة، وفيهم تجار يختلفون إلى ملك البرغز، فلما كان بعد الثلثمائة ورد لهم نحو من خمسمائة مركب، في كل مركب مائة نفس، فدخلوا خليج نيطس المتصل بنهر الخزر، وهنالك رجال لملك الخزر مرتبون بالعدد القوية، يصدون من يرد من ذلك البحر ومن يرد من ذلك الوجه من البر الذي يتشعب من بحر الخزر ويتصل ببحر نيطس، لأن بوادي الترك الغز ترد إلى ذلك البر فتشتي هنالك، فربما جمد هذا الماء المتصل من نهر الخزر إلى بحر نيطس فتعبر الغز عليه بخيولها وهو ماء عظيم فلا ينخسف من تحتهم لشدة استحجاره، فتغير على بلاد الخزر، فربما خرج إليهم ملك الخزر إذا عجز من هنالك من رجاله المرتبين عن دفعهم فمنعهم العبور على ذلك الجمد، ودفع عن مملكته، وأما في الصيف فلا سبيل للترك إلى العبور عليه، فلما أن وردت مراكب الروس إلى رجال الخزر المرتبين على فم الخليج، راسلوا ملك الخزر في أن يجتازوا بلاده وينحدروا في نهره فيدخلوا بحر جرجان وطبرستان وغيرهما من الأعاجم، على أن يعطوه النصف مما يغنمون من هنالك من الأمم على ذلك البحر، فأباحهم ذلك، فدخلوا الخليج واتصلوا بمصب النهر وصاروا مصعدين في تلك الشعبة من الماء حتى وصلوا نهر الخزر وانحدروا فيه إلى مدينة إثل واجتازوا بها وانتهوا إلى النهر ومصبه إلى بحر الخزر ومصب النهر إلى مدينة إثل، وهو نهر عظيم وماء كثير، فانتشرت مراكب الروس في هذا البحر وطرحت سراياها إلى الجبل والديلم وبلاد طبرستان وسواحل جرجان وبلاد النفاطة وبحر بلاد أذربيجان، فسفكت الروس الدماء واستباحت النسوان والولدان وغنمت أموالاً وشنت الغارات وأحرقت، فضج من حول هذا البحر من الأمم لأنهم لم يكونوا يعهدون في قديم الزمان عدواً يطرقهم فيه، وإنما تختلف فيه مراكب التجار والصيد، وكانت لهم حروب مع الجيل والديلم ومع قائد لابن أبي الساج وانتهوا إلى ساحل النفاطة من مملكة شروان، فكانت الروس تأوي عند رجوعها من سواحل البحر إلى جزائر تقرب من النفاطة وعلى أميال منها، وكان ملك شروان يومئذ علي بن الهيثم، فاستعد الناس وركبوا في قوارب ومراكب التجار وساروا نحو تلك الجزائر، فمالت عليهم الروس فقتل من المسلمين وممن غرق ألوف، وأقام الروس شهوراً كثيرة في هذا البحر على ما وصفنا، ولا سبيل لأحد ممن جاور هذا البحر من الأمم إليهم، والناس متأهبون لهم حذرون منهم، لأنه بحر غاص بمن حوله من الأمم، فلما غنموا وسئموا مما هم فيه ساروا إلى فم نهر الخزر ومصبه، فراسلوا ملك الخزر وحملوا إليه الأموال والمغانم على ما اشترطه عليهم وملك الخزر لا مراكب له ولا لرجاله بها عادة ولولا ذلك لكان على المسلمين منه آفة عظيمة وعلمت بشأنهم اللارسية ومن في بلاد الخزر من المسلمين فقالوا لملك الخزر: خلنا وهؤلاء القوم فقد أغاروا على بلاد إخواننا المسلمين وسفكوا الدماء وسبوا النساء، فلم يمكنه منعهم، وبعث إلى الروس فأعلمهم بما عزم عليه المسلمون من حربهم، وعسكر المسلمون وخرجوا يطلبونهم منحدرين مع الماء، فلما وقعت العين على العين خرجت الروس على مراكبها وصافوا المسلمين، وكان مع المسلمين من النصارى المقيمين بمدينة إثل، وكان المسلمون في نحو من خمسة عشر ألفاً بالخيول والعدد، وأقامت الحرب بينهم ثلاثة أيام، ونصر الله المسلمين فأخذهم السيف فمن قتيل وغريق، ونجا منهم نحو خمسة آلاف ركبوا في المراكب إلى ذلك الجانب مما يلي برطاس، فتركوا مراكبهم وتعلقوا بالبر، فمنهم من قتله أهل برطاس، ومنهم من وقع إلى بلاد البرغز من المسلمين فقتلوهم، وأحصي من قتلاهم على شاطئ نهر الخزر نحو من ثلاثين ألفاً، ولم يكن للروس من تلك السنة عودة إلى ما ذكرنا.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]