الطاقُ
حصن بطبرستان، كان المنصور قد كتب إلى أبي الخصيب بولايته قومس وجرجان وطبرستان وأمره أن يدخل من طريق جرجان، وكتب إلى ابن عون أن يسير إلى طبرستان ويكون دخوله من طريق قومس، وكان الأصبهبذ في مدينة يقال لها الأصبهبذان، بينها وبين البحر أقل من ميلين، فبلغه خبر الجيش فهرب إلى الجبل إلى موضع يقال له الطاق، وهذا الموضع في القديم خزانة لملوك الفرس، وكان أول من اتخذه خزانة منوشهر، وهو نقب في موضع من جبل صعب السلوك لا يجوزه إلا الراجل بجهد، وهذا النقب شبيه بالباب الصغير فإذا دخل فيه الإنسان مشى فيه نحوا من ميل في ظلمة شديدة ثم يخرج إلى موضع واسع شبيه بالمدينة قد أحاطت به الجبال من كل جانب وهي جبال لا يمكن أحدا الصعود إليها لارتفاعها ولو استوى له ذلك ما قدر على النزول، وفي هذه الرحبة الواسعة مغاور وكهوف لا يلحق أمد بعضها، وفي وسطها عين غزيرة بالماء تنبع من صخرة ويغور ماؤها في صخرة أخرى بينهما نحو عشرة أذرع ولا يعرف أحد لمائها بعد هذا موضعا، وكان في أيام ملوك الفرس يحفظ هذا النقب رجلان معهما سلّم من حبل يدلّونه من الموضع إذا أراد أحدهم النزول في الدهر الطويل، وعندهما جميع ما يحتاجون إليه لسنين كثيرة، فلم يزل الأمر في هذا النقب وهذه الخزانة على ما ذكر إلى أن ملك العرب فحاولوا الصعود إليه فتعذر ذلك إلى أن ولي المازيار طبرستان فقصد هذا الموضع وأقام عليه دهرا حتى استوى له رجاء صعوده فصعد رجل من أصحابه إليه فلما صار إليه دلّى حبالا وأصعد قوما فيهم المازيار نفسه حتى وقف على ما في تلك الكهوف والمغاور من الأموال والسلاح والكنوز فوكل بجميع ذلك قوما من ثقاته وانصرف، فكان الموضع في يده إلى أن أسر ونزل الموكلون به أو ماتوا وانقطع السبيل إليه إلى هذه الغاية، قال ابن الفقيه: وذكر سليمان بن عبد الله أن إلى جانب هذا الطاق شبيها بالدكان وأنه إن صار إليه إنسان فلطخه بعذرة أو بشيء من سائر الأقذار ارتفعت في الوقت سحابة عظيمة فمطرت عليه حتى تغسله وتنظفه وتزيل ذلك القذر عنه، وأن ذلك مشهور في البلد يعرفه أهله لا يتمارى اثنان من أهل تلك الناحية في صحته، وأنه لا يبقى عليه شيء من الأقذار صيفا ولا شتاء، وقال: ولما سار الأصبهبذ إلى الطاق وجّه أبو الخصيب في أثره قوّادا وجندا فلما أحس بهم هرب إلى الديلم وعاش بعد هروبه سنة ثم مات وأقام أبو الخصيب في البلد ووضع على أهله الخراج والجزية وجعل مقامه بسارية وبنى بها مسجدا جامعا ومنبرا وكذلك بآمل، وكانت ولايته سنتين وستة أشهر. و مدينة بسجستان على ظهر الجادة من سجستان إلى خراسان، وهي مدينة صغيرة ولها رستاق وبها أعناب كثيرة يتسع بها أهل سجستان.
[معجم البلدان]
الطاق (1) :
بخراسان بمقربة من طبرستان، كان خزانة لملوك الفرس اتخذه منوجهر، وهو نقر في جبل فيه خمسمائة بيت وأحواض للماء منقورة في صخرة صماء، وعلى الباب صخرة مهندسة مسواة يرسلها ألف رجل وكان صاحبها مزيد صالح أصبهبذ طبرستان وتفسيره بالفارسية حافظ الجيش، فلم يزل بعد ذلك يعطي الشيء اليسير فيقبل منه لصعوبة ذلك البلد وخشونته فإذا أحس من صاحب خراسان بضعف لم يعط شيئاً ولا أرى طاعة حتى ولي أبو جعفر الخلافة وقتل أبا مسلم فهابه الأصبهبذ فكتب إليه بالطاعة ووجه رسله فقبل أبو جعفر ذلك وبر رسوله ثم جعل يوجه إليه الهدايا والألطاف في كل نوروز ومهرجان، ثم إن الأصبهبذ استطال أيام أبي جعفر وأمسك عن البعثة إليه وأعان على ذلك خلاف عبد الجبار بن عبد الرحمن بخراسان، فلما وجه إليه أبو جعفر أبا عون القائد مع ابن الخصيب فأسراه بخراسان كتب أبو جعفر إلى ابن الخصيب بولايته على قومس وطبرستان وجرجان وأمره بدخول طبرستان فوجه إلية قائداً في عشرة آلاف وهو خزيمة بن خازم التميمي وروح بن حاتم المهلبي ومعهما مروان بن الخصيب وبلغ الأصبهبذ ذلك فنقل حرمه وخزائنه إلى الطاق وكان أعد فيه الطعام والآلة وما يحتاج إليه، وحمل جميع حرمه وخزائنه إليه وخلف عليهم ألف رجل مقاتلة، وأرسل الصخرة على الباب وخرج هو بنفسه وأصحابه إلى الديلم، فعظمه أهل الديلم وانقادوا له وأفضل عليهم بالأموال ليستعين بهم على العرب، فنزل جند الخليفة أسفل الطاق، فعاينوا منه مؤيساً لهم، فكتب صاحب الجيش إلى الخليفة أنه لا يمكنه في الحرم والخزائن شيء، فكتب إليه يأمره بالمقام مع جميع الجند هناك حتى يفتحوا الطاق أو يكون محشرهم منه، فأقاموا عليه سنتين وسبعة أشهر وسووا المنازل ورسل الأصبهبذ تختلف من الديلم في السر يتحملون الأموال من دفائن الساحل وينصرفون إليه بالأخبار وكان المتخلفون (2) بالطاق يدورون كل ليلة دورة بالسلاح حيث يراهم جند العرب، فأرسل الله
عز وجل عليهم الموت ووقع في الرجال الوبأ فمات منهم في يوم واحد ثلثمائة رجل، ففزع النساء والحرم، وتقززوا من الموتى وضاق بهم الحصن وكانت فيهم الحرة أرومندخت بنت الفرخان الأعظم، وكان للأصبهبذ هناك ثلاثة بنين وثلاث بنات سماهم الخليفة: عيسى وموسى وإبراهيم بني خرشيد الأصبهبذ، فطلب الحرم الأمان على أن يدلوا على موضع الباب والمصعد إليهم، فدلوا على الباب ففتحوه، وأعان من بقي من رجالهم من فوق، فدخلوا الطاق وأصيب فيه من الأموال والذخائر ما لم يقدروا على حمله كثرة ولا فرغ من استخراجه من الطاق إلا في سبعة أيام، وحملوا الحرم والأولاد مكرمين. وبلغ الأصبهبذ ما وقع في أصحابه من الموت وفتح الطاق، فأمسك عن محاربة العرب، وقد كان تهيأ له ما أراد، فقال: ما حاجتي بعد الحرم والأولاد، فكتب إلى نسائه قبل الخليفة في العمل له في الموادعة على أن يحمل الضعف مما كان يحمل كل سنة، فكلموا الخليفة في ذلك فأجاب، وأمر بكتب السجلات، ودفعت إلى رسوله، ووصل الخبر قبل وصولها بموت خرشيد الأصبهبذ بالديلم فاسترجعت السجلات. (1) ابن الفقيه: 309 - 311، وياقوت (الطاق)، وانظر أيضاً فتوح البلاذري: 415. (2) ص ع: المختلفون.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]
الطاق
حصن بطبرستان فى جبل كان خزانة لملك الفرس. وهو نقب فى جبل صعب المسلك، لا يجوزه إلا الراجل بجهد، وهو كالباب الصغير يمشى فيه الداخل نحو ميل، ويخرج إلى موضع واسع شبيه بالمدينة، قد أحاطت به الجبال؛ وهى جبال مرتفعة يصعب الصعود إليها. وفى هذه الرحبة مغاير وكهوف لا يلحق أمد بعضها، وفى وسطها عين غزيرة الماء، تنبع من صخرة وتغور فى أخرى، بينهما نحو عشرة أذرع. والطاق: مدينة بسجستان، فى جهة خراسان لها رستاق، وبها أعناب كثيرة.
[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]