طَالَقَانُ
بعد الألف لام مفتوحة وقاف، وآخره نون: بلدتان إحداهما بخراسان بين مرو الروذ وبلخ، بينها وبين مرو الروذ ثلاث مراحل، وقال الإصطخري: أكبر مدينة بطخارستان طالقان، وهي مدينة في مستوى من الأرض وبينها وبين الجبل غلوة سهم، ولها نهر كبير وبساتين، ومقدار الطالقان نحو ثلث بلخ ثم يليها في الكبر وزوالين، خرج منهاجماعة من الفضلاء، منهم: أبو محمد محمود بن خداش الطالقاني، سمع يزيد بن هارون وفضيل بن عياض وغيرهما، روى عنه أبو يعلى الموصلي وإبراهيم الحربي وغيرهما، وتوفي سنة 205 عن تسعين سنة، ومحمد بن محمد بن محمد الطالقاني الصوفي، روى عنه أبو بكر الخطيب وأبو عبد الله الحميدي، وقال غيث بن عليّ: هو من طالقان مرو الروذ، سافر قطعة كبيرة من البلاد واستوطن صور إلى أن مات بها، حدث عن أبي حماد السلمي، وقد تقدم في سماعه لكتاب الطبقات لعبد الرحمن وسماعه لغير ذلك صحيح، وكان أول دخوله الشام سنة 15، وفيها سمع من أبي نصر الستيني، وتوفي سنة 466 وقد نيف على الثمانين، وقيل في سنة 463، والأخرى بلدة وكورة بين قزوين وأبهر وبها عدة قرى يقع عليها هذا الاسم، وإليها ينسب الصاحب بن عباد، وأبوه عباد بن العباس بن عباد أبو الحسن الطالقاني، سمع عباد أبا خليفة الفضل بن الحباب والبغداديين في طبقته، قال أبو الفضل: ورأيت له في دار كتب ابنه أبي القاسم بن عباد بالريّ كتابا في أحكام القرآن ينصر فيه مذهب الاعتزال استحسنه كل من رآه، روى عنه أبو بكر بن مردويه والأصبهانيون وابنه الصاحب أبو القاسم بن عباد، روى عن البغداديين والرازيين، وولد سنة 326، ومات سنة 385، وقد ذكرت أخباره مستقصاة في أخبار مردويه، ومن طالقان قزوين أبو الخير أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني الطالقاني، سمع الحديث بنيسابور من أبي عبد الله الفراوي وأبي طاهر الشّحّامي وغيرهما، ودرّس بالمدرسة النظامية ببغداد وكان يعقد بها مجالس الوعظ أيضا، وورد الموصل رسولا من دار الخلافة وعاد إلى بغداد فأقام بها ثم توجه إلى قزوين فتوفي بها في ثالث عشر محرم سنة 590، وهذا خبر استحسنته فيه ذكر الطالقان في شعر أوردته ههنا ليستمتع به القارئ، قال أبو الفرج عليّ ابن الحسين: أخبرني عمي حدثني هارون بن مخارق عن أبيه قال: كنت حاضرا في مجلس الرشيد وقد أحضر دنانير برمكية بعد إحضاره إياها في الدفعة الأولى وابتياعه لها فلما دخلت أكرمها ورفع مجلسها وطيب نفسها بعهده ثم قال لها: يا دنانير إنما كان مولاك وأهله عبيدا لي وخدما فاصطفيتهم فما صلحوا وأوقعت بهم لما فسدوا فأعد لي عمن فاتك إلى من تحصّلينه، فقالت: يا أمير المؤمنين إن القوم أدّبوني وخرّجوني وقدموني وأحسنوا إليّ إحسانا منه أنك قد عرفتني بهم وحللت هذا المحل منك ومن إكرامك فما أنتفع بنفسي ولا بما تريده مني ولا يجيء كما تقدر بأني إذا ذكرتهم وغنيت غلب عليّ من البكاء ما لا يبين معه غناء ولا يصح وليس هذا مما أملك دفعه ولا أقدر على إصلاحه ولعلي إذا تطاولت الأيام أسلو ويصلح من أمري ما قد تغير وتزول عني لوعة الحزن عند الغناء ويزول البكاء، فدعا الرشيد بمسرور وسلمها إليه وقال له: اعرض عليها أنواع العقاب حتى تجيب إلى الغناء، ففعل ذلك فلم ينفع فأخبره به، فقال له: ردها إليّ، فردها فقال لها: إن لي عليك حقوقا ولي عندك صنائع، فبحياتي عليك وبحقي إلّا غنّيت اليوم ولست أعاود مطالبتك بالغناء بعد اليوم! فأخذت العود وغنّت: تبلى مغازي الناس إلا غزوة بالطالقان جديدة الأيام ولقد غزا الفضل بن يحيى غزوة. .. تبقى بقاء الحلّ والإحرامولقد حشمت الفاطميّ على التي. .. كادت تزيل رواسي الإسلام وخلعت كفر الطالقان هدية للهاشمي إمام كل إمام ثم رمت بالعود وبكت حتى سقطت مغشية وشرقت عين الرشيد بعبرته فردها وقام من مجلسه فبكى طويلا ثم غسل وجهه وعاد إلى مجلسه وقال لها: ويحك! قلت لك سرّيني أو غميني وسوئيني؟ اعدلي عن هذا وغني غيره، فأخذت العود وغنت: ألم تر أن الجود من صلب آدم تحدّر حتى صار في راحة الفضل إذا ما أبو العباس جادت سماؤه فيا لك من جود ويا لك من فضل! قال: فغضب الرشيد وقال: قبحك الله! خذوا بيدها وأخرجوها! فأخرجت ولم يعد ذكرها بعد ذلك ولبست الخشن من الثياب ولزمت الحزن إلى أن ماتت، ولم يف للبرامكة من جواريهم غيرها.
[معجم البلدان]
طالقان
كورة ذات قرى بقهستان بين قزوين وجيلان في جبال الديلم. في جبالهم الزيتون والرمان، يجلب إلى قزوين منها الزيتون وحب الرمان الكثير. ينسب إليها أبو الخير أحمد بن إسماعيل الملقب برضى الدين. كان عالماً فاضلاً ورعاً صاحب كرامات. حكي انه كان في بدء أمره يتفقه، فأستاذه يلقنه الدرس ويكرر عليه مراراً حتى يحفظه، فما حفظ حتى ضجر الأستاذ وتركه لبلادته، فانكسر هو من ذلك ونام الأستاذ، فرأى رسول الله،
ﷺ، يقول له: لم آذيت أحمد؟ قال: فانتبهت، وقلت: تعال يا رضى الدين حتى ألقنك! فقال: بشفاعة النبي تلقنني! ففتح الله تعالى عليه باب الذكاء حتى صار أوحد زمانه علماً وورعاً، ودرس بالمدرسة النظامية ببغداد مدة، وأراد الرجوع إلى قزوين فما مكنوه، فاستأذن للحج وعاد إلى قزوين بطريق الشام. وكان له بقزوين قبول ما كان لأحد قبله ولا بعده. يوم وعظه يأتي الناس بالضوء حتى يحصلوا المكان، ويشتري الغني المكان من الفقير الذي جاء قبله، وما سمعوا منه يروونه عنه كما كانت الصحابة تروي عن رسول الله،
ﷺ، وحكي أن الشيخ كثيراً ما كان يتعرض للشيعة، وكان على باب داره شجرة عظيمة ملتفة الأغصان، فإذا في بعض الأيام رأوا رجلاً على ذلك الشجر، فإذا هو من محلة الشيعة، قالوا: ان هذا جاء لتعرض الشيخ! فهرب الرجل وقال الشيخ: لست أقيم في قزوين بعد هذا! وخرج من المدينة فخرج بخروجه كل أهل المدينة والملك أيضاً. فقال: لست أعود إلا بشرط أن تأخذ مكواة عليها اسم أبي بكر وعمر، وتكوي بها جباه جمع من أعيان الشيعة الذين أعين عليهم. فقبل منه ذلك وفعل، فكان أولئك يأتون والعمائم إلى أعينهم حتى لا يرى الناس الكي. وحكى الشيخ عز الدين محمد بن عبد الرحمن الوارني، وكان من المشايخالكبار بقزوين، أن الشيخ عقد المجلس يوم الجمعة أول النهار الثاني عشر من المحرم سنة تسعين وخمسمائة وذكر تفسير قوله تعالى: واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله؛ وان النبي،
ﷺ، ما عاش بعد ذلك إلا سبعة أيام، وكان ذلك تعريضاً ينعى نفسه، فرجع إلى بيته محموماً وبقي سبعة أيام ورفع نعشه في اليوم الثامن. ولما بلغوا به الوادي قرب تربته أنار الله تعالى، من فضله عليه ورحمته له، آيات بينات وأمارات واضحات أنواراً متلألئة وأضوا متضاعفة وألواناً غريبة في السماء، ولقد عددت النور الساطع والوميض المتلأليء في سبعة مواضع من الهواء. وعند ذلك صار الخلق حيارى مبهوتين، ودمعت العيون ووجلت القلوب، وضجت الأصوات والخلق بين ساجد وممرغ في التراب خده لا يستطيع المتحرك سكوناً ولا الساكن حراكاً، إلى أن وضع في لحده، فعادت السماء إلى حالها وعاد الهواء لهيئته، وما ذلك بعجيب من لطف الله تعالى بأرباب العلوم وأصحاب الديانات، عليه رحمة الله ورضوانه.
[آثار البلاد وأخبار العباد]
الطالقان:
مدينة في خراسان من سرخس إلى الطالقان أربع مراحل وهي بين جبلين عظيمين. وهي (1) مدينة كبيرة نحو مرو الروذ في الكبر ولها مياه وجباية وعمارات متصلة وبساتين قليلة وهي أصح هواء من مرو الروذ، ومن مرو الروذ إليها ثلاثة وسبعون ميلاً، وهي في سفح جبل ولها رساتيق في الجبل، وبها عمل اللبود الطالقانية. والطالقان على جبل متصل بجبل الجوزجان ومرو الروذ، بينها وبين الجبل مما يلي المشرق فرسخان، وبينها وبين الجبل مما يلي المغرب ثلاثة فراسخ وبناؤها بالطين. وكان فتح الطالقان (2) على يد الأحنف بن قيس حين وجهه عبد الله بن عامر في أربعة آلاف بعد صلح مرو الروذ إلى طخارستان وجمع أهل طخارستان والطالقان والجوزجان والفارياب، فكانوا ثلاثة زحوف ثلاثين ألفاً وأتى الأحنف خبرهم فاستشار الناس فاختلفوا فمن قائل يقول: نرجع إلى مرو، وقائل يقول: نرجع إلى أبرشهر وقائل يقول: نقيم ونستمد وقائل يقول: نلقاهم فنناجزهم فلما أمسى الأحنف خرج يمشي في العسكر يسمع حديث الناس فمر بأهل خباء ورجل يوقد تحت خزيرة أو يعجن، وهم يخوضون ويذكرون العدو فقال بعضهم: الرأي للأمير، إذا أصبح، أن يسير حتى نلقى القوم حيث لقيناهم فإنه أرعب لهم فنناجزهم، فقال صاحب الخزيرة أو العجين: إن فعل ذلك فقد أخطأ وأخطأتم أتأمرونه أن يلقى العدو مصحراً في بلاده، فيلقى جمعاً كثيراً بعدد قليل فإن جالوا جولة اصطلمونا؟! ولكن الرأي له أن ينزل بين المرغاب والجبل فيجعل المرغاب عن يمينه والجبل عن يساره فلا يلقى من عدوه وإن كثروا، إلا عداد أصحابه، فرجع الأحنف وقد اعتقد ما قال، فضرب عسكره وأقام فأرسل إليه أهل مرو يعرضون عليه أن يقاتلوا معه، فقال: إني أكره أن نستنصر بالمشركين فأقيموا على ما أعطيناكم، فإن ظفرنا فنحن على ما جعلنا لكم وإن ظفروا بنا وقاتلوكم فقاتلوا عن أنفسكم، قال: فوافق المسلمين صلاة العصر، فعاجلهم المشركون فناهضوهم وقاتلوا وصبروا الفريقان حتى أمسوا والأحنف يتمثل: أحق من لم يكره المنيه. .. حزور ليست له ذريه. .. وقيل: قاتلهم حتى ذهب عامة الليل، فهزمهم الله تعالى فقتلهم المسلمون حتى انتهوا إلى دسكرة (3) وهي على اثني عشر فرسخاً من قصر الأحنف. وفي سنة سبع عشرة وستمائة نزل خاقان الططر على الطالقان، وهي من معاقل خراسان، فترك عليها عسكراً وسار إلى هراة، فجرى فيها على عادتهم الذميمة من القتل والتخريب ثم عاد إلى الطالقان وهي محصورة، فلما كان بعد عشرة أشهر من يوم حصارها، وقد يئس أهلها من النصرة، ولم يجدوا إلى الصبر رغبوا في الشهادة وخرجوا يداً واحدة على عساكر الططر، فمنهم من تعلق بالجبال فسلم ومنهم من مات على سيفه، وبعدها شرع خاقان في أخذ قواعد خراسان فأناخ على بلخ، حسبما ذكر في حرف الباء. (1) نزهة المشتاق: 144 وقارن بابن حوقل: 369، والكرخي: 152، وياقوت (طالقان). (2) الطبري 1: 2900 (حوادث سنة 32)، وقارن بفتوح البلاذري: 503. (3) الطبري: رسكن، وابن خرداذبه: أرسكن، وهي في بعض أصول الطبري ((دسكر)).
[الروض المعطار في خبر الأقطار]
طالقان
بعد الألف لام مفتوحة: بلدتان إحداهما بخراسان، بين مرو الروذ وبلخ، بينها وبين مرو الروذ ثلاث مراحل. قال الإصطخرى: أكبر مدينة بخراسان طالقان. والأخرى كورة وبلدة بين قزوين وأبهر، بها عدة قرى.
[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]