البحث

عبارات مقترحة:

الودود

كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو...

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

الملك

كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...


الطائفُ

بعد الألف همزة في صورة الياء ثم فاء: وهو في الإقليم الثاني، وعرضها إحدى وعشرون درجة، وبالطائف عقبة وهي مسيرة يوم للطالع من مكة ونصف يوم للهابط إلى مكة، عمّرها حسين ابن سلامة وسدّها ابنه، وهو عبد نوبيّ وزر لأبيالحسين بن زياد صاحب اليمن في حدود سنة 430 فعمّر هذه العقبة عمارة يمشي في عرضها ثلاثة جمال بأحمالها، وقال أبو منصور: الطائف العاسّ بالليل، وأما الطائف التي بالغور فسميت طائفا بحائطها المبنيّ حولها المحدق بها، والطائف والطيف في قوله تعالى: إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ من الشَّيْطانِ 7: 201، ما كان كالخيال والشيء يلمّ بك، وقوله تعالى: فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ من رَبِّكَ 68: 19، لا يكون الطائف إلا ليلا ولا يكون نهارا، وقيل في قول أبي طالب بن عبد المطلب: نحن بنينا طائفا حصينا قالوا: يعني الطائف التي بالغور من القرى. والطائف: هو وادي وجّ وهو بلاد ثقيف، بينها وبين مكة اثنا عشر فرسخا، قرأت في كتاب ابن الكلبي بخط أحمد بن عبيد الله محجج النحوي: قال هشام عن أبي مسكين عن رجل من ثقيف كان عالما بالطائف قال: كان رجل من الصّدف يقال له الدّمون بن عبد الملك قتل ابن عمّ له يقال له عمرو بحضرموت ثم أقبل هاربا، وقال: وحربة ناهك أوجرت عمرا، فما لي بعده أبدا قرار ثم أتى مسعود بن معتب الثقفي ومعه مال كثير وكان تاجرا فقال: أحالفكم لتزوّجوني وأزوّجكم وأبني لكم طوفا عليكم مثل الحائط لا يصل إليكم أحد من العرب، قالوا: فابن، فبنى بذلك المال طوفا عليهم فسمّيت الطائف وتزوّج إليهم فزوّجوه ابنة، قال هشام: وبعض ولد الدمون بالكوفة ولهم بها خطّة مع ثقيف، وكان قبيصة من الدمون هذا على شرطة المغيرة بن شعبة إذ كان على الكوفة، وكانت الطائف تسمّى قبل ذلك وجّا بوجّ بن عبد الحيّ من العماليق وهو أخو أجإ الذي سمّي به جبل طيّء، وهو من الأمم الخالية، قال عرّام: والطائف ذات مزارع ونخل وأعناب وموز وسائر الفواكه وبها مياه جارية وأودية تنصبّ منها إلى تبالة، وجلّ أهل الطائف ثقيف وحمير وقوم من قريش، وهي على ظهر جبل غزوان، وبغزوان قبائل هذيل، وقال ابن عباس: سمّيت الطائف لأن إبراهيم، عليه السلام، لما أسكن ذرّيته مكة وسأل الله أن يرزق أهلها من الثمرات أمر الله عز وجل قطعة من الأرض أن تسير بشجرها حتى تستقرّ بمكان الطائف فأقبلت وطافت بالبيت ثم أقرّها الله بمكان الطائف فسمّيت الطائف لطوافها بالبيت، وهي مع هذا الاسم الفخم بليدة صغيرة على طرف واد وهي محلّتان: إحداهما على هذا الجانب يقال لها طائف ثقيف والأخرى على هذا الجانب يقال لها الوهط والوادي بين ذلك تجري فيه مياه المدابغ التي يدبغ فيها الأديم يصرع الطيور رائحتها إذا مرّت بها، وبيوتها لاطئة حرجة، وفي أكنافها كروم على جوانب ذلك الجبل فيها من العنب العذب ما لا يوجد مثله في بلد من البلدان، وأما زبيبها فيضرب بحسنه المثل، وهي طيبة الهواء شمالية ربما جمد فيها الماء في الشتاء، وفواكه أهل مكة منها، والجبل الذي هي عليه يقال له غزوان، وروى أبو صالح: ذكرت ثقيف عند ابن عباس فقال، إن ثقيفا والنّخع كانا ابني خالة فخرجا منتجعين ومعهما أعنز لهما وجدي فعرض لهما مصدق لبعض ملوك اليمن فأراد أخذ شاة منهما فقالا: خذ ما شئت إلا هذه الشاة الحلوب فإنّا من لبنها نعيش وولدها، فقال: لا آخذ سواها، فرفقا به فلم يفعل فنظر أحدهما إلى صاحبه وهمّا بقتله ثم إن أحدهما انتزع له سهما فلق به قلبه فخرّ ميتا، فلما نظرا إلى ذلك قالأحدهما لصاحبه: إنه لن تحملني وإياك الأرض أبدا فاما أن تغرّب وأنا أشرّق وإما أن أغرّب وتشرق أنت، فقال ثقيف: فاني أغرب، وقال النخع: فأنا أشرق، وكان اسم ثقيف قسيّا واسم النخع جسرا، فمضى النخع حتى نزل ببيشة من أرض اليمن ومضى ثقيف حتى أتى وادي القرى فنزل على عجوز يهودية لا ولد لها فكان يعمل نهارا ويأوي إليها ليلا فاتخذته ولدا لها واتخذها امّا له، فلما حضرها الموت قالت له: يا هذا إنه لا أحد لي غيرك وقد أردت أن أكرمك لإلطافك إيّاي، انظر إذا أنا متّ وواريتني فخذ هذه الدنانير فانتفع بها وخذ هذه القضبان فإذا نزلت واديا تقدر فيه على الماء فاغرسها فاني أرجو أن تنال من ذلك فلاحا بيّنا. ففعل ما أمرته به، فلما ماتت دفنها وأخذ الدنانير والقضبان ومضى سائرا حتى إذا كان قريبا من وجّ، وهي الطائف، إذا هو بأمة حبشية ترعى مائة شاة فطمع فيها وهمّ بقتلها وأخذ الغنم فعرفت ما أراد فقالت: إنك أسررت في طمعا لتقتلني وتأخذ الغنم ولئن فعلت ذلك لتذهبنّ نفسك ولا تحصل من الغنم شيئا لأن مولاي سيد هذا الوادي وهو عامر بن الظرب العدواني، وإني لأظنّك خائفا طريدا، قال: نعم، فقالت: فاني أدلك على خير مما أردت، فقال: وما هو؟ قالت: إن مولاي يقبل إذا طفلت الشمس للغروب فيصعد هذا الجبل ثم يشرف على الوادي فإذا لم ير فيه أحدا وضع قوسه وجفيره وثيابه ثم انحدر رسوله فنادى: من أراد اللحم والدّرمك، وهو دقيق الحوارى، والتمر واللبن فليأت دار عامر بن الظرب، فيأتيه قومه فاسبقه أنت إلى الصخرة وخذ قوسه ونباله وثيابه فإذا رجع ومن أنت فقل رجل غريب فأنزلني وخائف فأجرني وعزب فزوّجني، ففعل ثقيف ما قالت له الأمة وفعل عامر صاحب الوادي فعله، فلما أن أخذ قوسه ونشّابه وصعد عامر قال له: من أنت؟ فأخبره وقال: أنا قسيّ بن منبّه، فقال هات ما معك فقد أجبتك إلى ما سألت، وانصرف وهو معه إلى وجّ وأرسل إلى قومه كما كان يفعل فلما أكلوا قال لهم عامر: ألست سيدكم؟ قالوا: بلى، قال: وابن سيّدكم؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تجيرون من أجرت وتزوّجون من زوّجت؟ قالوا: بلى، قال: هذا قسيّ بن منبّه بن بكر بن هوازن وقد زوّجته ابنتي فلانة وأمّنته وأنزلته منزلي، فزوّجه ابنة له يقال لها زينب، فقال قومه: قد رضينا بما رضيت، فولدت له عوفا وجشما ثم ماتت فزوّجه أختها فولدت له سلامة ودارسا فانتسبا في اليمن، فدارس في الأزد والآخر في بعض قبائل اليمن، وغرس قسيّ تلك القضبان بوادي وجّ فنبتت فلما أثمرت قالوا: قاتله الله كيف ثقف عامرا حتى بلغ منه ما بلغ وكيف ثقف هذه العيدان حتى جاء منها ما جاء، فسمي ثقيفا من يومئذ، فلم يزل ثقيف مع عدوان حتى كثر ولده وربلوا وقوي جأشهم، وجرت بينهم وبين عدوان هنات وقعت في خلالها حرب انتصرت فيها ثقيف فأخرجوا عدوان عن أرض الطائف واستخلصوها لأنفسهم ثم صارت ثقيف أعز الناس بلدا وأمنعه جانبا وأفضله مسكنا وأخصبه جنابا مع توسطهم الحجاز وإحاطة قبائل مضر واليمن وقضاعة بهم من كل وجه فحمت دارها وكاوحت العرب عنها واستخلصتها وغرست فيها كرومها وحفرت بها أطواءها وكظائمها، وهي من أزد السراة وكنانة وعذرة وقريش ونصر بن معاوية وهوازن جمعا والأوس والخزرج ومزينة وجهينة وغير ذلك من القبائل، ذلك كله يجري والطائف تسمّى وجّا إلىأن كان ما كان مما تقدّم ذكره من تحويط الحضرمي عليها وتسميتها حينئذ الطائف، وقد ذكر بعض النّساب في تسميتها بالطائف أمرا آخر وهو أنه قال: لما هلك عامر بن الظرب ورثته ابنتاه زينب وعمرة وكان قسيّ بن منبّه خطب إليه فزوّجه ابنته زينب فولدت له جشما وعوفا ثم ماتت بعد موت عامر فتزوّج أختها وكانت قبله عند صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن فولدت له عامر بن صعصعة، فكانت الطائف بين ولد ثقيف وولد عامر بن صعصعة، فلما كثر الحيّان قالت ثقيف لبني عامر: إنكم اخترتم العمد على المدن والوبر على الشجر فلستم تعرفون ما نعرف ولا تلطفون ما نلطف ونحن ندعوكم إلى حظ كبير لكم ما في أيديكم من الماشية والإبل والذي في أيدينا من هذه الحدائق فلكم نصف ثمره فتكونوا بادين حاضرين يأتيكم ريف القرى ولا تتكلفوا مؤونة وتقيموا في أموالكم وماشيتكم في بدوكم ولا تتعرضوا للوباء وتشتغلوا عن المرعى، ففعلوا ذلك فكانوا يأتونهم كل عام فيأخذون نصف غلّاتهم، وقد قيل: إن الذي وافقوهم عليه كان الربيع، فلما اشتدّت شوكة ثقيف وكثرت عمارة وجّ رمتهم العرب بالحسد وطمع فيهم من حولهم وغزوهم فاستغاثوا ببني عامر فلم يغيثوهم فأجمعوا على بناء حائط يكون حصنا لهم فكانت النساء تلبّن اللبن والرجال يبنون الحائط حتى فرغوا منه وسموه الطائف لإطافته بهم، وجعلوا لحائطهم بابين: أحدهما لبني يسار والآخر لبني عوف، وسموا باب بني يسار صعبا وباب بني عوف ساحرا، ثم جاءهم بنو عامر ليأخذوا ما تعوّدوه فمنعوهم عنه وجرت بينهم حرب انتصرت فيها ثقيف وتفرّدت بملك الطائف فضربتهم العرب مثلا، فقال أبو طالب ابن عبد المطلب: منعنا أرضنا من كل حيّ، كما امتنعت بطائفها ثقيف أتاهم معشر كي يسلبوهم، فحالت دون ذلكم السيوف وقال بعض الأنصار: فكونوا دون بيضكم كقوم حموا أعنابهم من كل عادي وذكر المدائني أن سليمان بن عبد الملك لما حجّ مرّ بالطائف فرأى بيادر الزبيب فقال: ما هذه الحرار؟ فقالوا: ليست حرارا ولكنها بيادر الزبيب، فقال: لله درّ قسيّ بأيّ أرض وضع سهامه وأيّ أرض مهّد عشّ فروخه! وقال مرداس بن عمرو الثقفي: فانّ الله لم يؤثر علينا غداة يجزّئ الأرض اقتساما عرفنا سهمنا في الكف يهوي كذا نوح، وقسّمنا السهاما فلما أن أبان لنا اصطفينا سنام الأرض، إنّ لها سناما فأنشأنا خضارم متجرات يكون نتاجها عنبا تؤاما ضفادعها فرائح كلّ يوم على جوب يراكضن الحماما وأسفلها منازل كلّ حيّ، وأعلاها ترى أبدا حراما ثم حسدهم طوائف العرب وقصدوهم فصمدوا لهم وجدّوا في حربهم، فلما لم يظفروا منهم بطائل ولا طمعوا منهم بغرّة تركوهم على حالهم أغبط العرب عيشا إلى أن جاء الإسلام فغزاهم رسول الله، ، فافتتحها في سنة تسع من الهجرةصلحا وكتب لهم كتابا، نزل عليها رسول الله، ، في شوال سنة ثمان عند منصرفه من حنين وتحصنوا منه واحتاطوا لأنفسهم غاية الاحتياط فلم يكن إليهم سبيل، ونزل إلى رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، رقيق من رقيق أهل الطائف، منهم: أبو بكرة نفيع بن مسروح مولى رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، في جماعة كثيرة منهم الأزرق الذي تنسب إليه الأزارقة والد نافع بن الأزرق الخارجي الشاري فعتقوا بنزولهم إليه ونصب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، منجنيقا ودبّابة فأحرقها أهل الطائف فقال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: لم نؤذن في فتح الطائف، ثم انصرف عنها إلى الجعرّانة ليقسم سبي أهل حنين وغنائمهم فخافت ثقيف أن يعود إليهم فبعثوا اليه وفدهم وتصالحوا على أن يسلموا ويقرّوا على ما في أيديهم من أموالهم وركازهم، فصالحهم رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، على أن يسلموا وعلى أن لا يزنوا ولا يربوا، وكانوا أهل زنا وربا، وفي وقعة الطائف فقئت عين أبي سفيان بن حرب، وقصّة ذلك في كتب المغازي، وكان معاوية يقول: أغبط الناس عيشا عبدي أو قال مولاي سعد، وكان يلي أمواله بالحجاز ويتربّع جدّة ويتقيّظ الطائف ويشتو بمكة، ولذلك وصف محمد بن عبد الله النّميري زينب بنت يوسف أخت الحجاج بالنعمة والرّفاهية فقال: تشتو بمكة نعمة ومصيفها بالطائف وذكر الأزرقي أبو الوليد عن الكلبي باسناده قال: لما دعا إبراهيم، عليه السلام: فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات، فاستجاب الله له فجعله مثابة ورزق أهله من الثمرات فنقل إليهم الطائف، وكانت قرية بالشام وكانت ملجأ للخائف إذا جاءها أمن، وقد افتخرت ثقيف بذلك بما يطول ذكره ويسئم قارئه، وسأقف عند قول غيلان بن سلمة في ذلك حيث قال: حللنا الحدّ من تلعات قيس بحيث يحلّ ذو الحسب الجسيم وقد علمت قبائل جذم قيس، وليس ذوو الجهالة كالعليم، بأنّا نصبح الأعداء قدما سجال الموت بالكأس الوخيم وأنّا نبتني شرف المعالي، وننعش عثرة المولى العديم وأنّا لم نزل لجأ وكهفا، كذاك الكهل منّا والفطيم (1) وسنذكر في وجّ من القول والشعر ما نوفّق له ويحسن ذكره إن شاء الله تعالى.

[معجم البلدان]

الطائف

بليدة على طرف واد، بينها وبين مكة اثنا عشر فرسخاً، طيبة الهواء شمالية، ربما يجمد الماء بها في الشتاء. قال الأصمعي: دخلت الطائف وكأني أبشر وقلبي ينضح بالسرور، ولم أجد لذلك سبباً إلا انفساح جوها وطيب نسيمها.بها جبل عروان يسكنه قبائل هذيل، وليس بالحجاز موضع أبرد من هذا الجبل، ولهذا اعتدال هواء الطائف، ويجمد الماء به وليس في جميع الحجاز موضع يجمد الماء به إلا جبل عروان. ويشق مدينة الطائف واد يجري بينها يشقها، وفيها مياه المدابغ التي يدبغ فيها الأديم، والطير تصرع إذا مرت بها من نتن رائحتها. وأديمها يحمل إلى سائر البلدان، ليس في شيء من البلاد مثله. وفي أكنافها من الكروم والنخيل والموز وسائر الفواكه، ومن العنب العدي ما لا يوجد في شيء من البلاد، وأما زبيبها فيضرب بحسنه المثل. بها وج الطائف، وإنها واد نهى النبي، ، عن أخذ صيدها واختلاء حشيشها. بها حجر اللات تحت منارة مسجدها، وهو صخرة كان في قديم الزمان يجلس عليه رجل يلت السويق للحجيج، فلما مات قال عمرو بن لحي: إنه لم يمت لكن دخل في هذه الصخرة! وأمر قومه بعبادة تلك الصخرة، وكان في اللات والعزى شيطانان يكلمان الناس، فاتخذت ثقيف اللات طاغوتاً وبنت لها بيتاً وعظمته وطافت به، وهي صخرة بيضاء مربعة، فلما أسلمت ثقيف بعث رسول الله، ، أبا سفيان بن حرب ومغيرة بن شعبة فهدماه، والحجر اليوم تحت منارة مسجد الطائف. وبها كرم الرهط، كرم كان لعمرو بن العاص معروشاً على ألف ألف خشبة، شري كل خشبة درهم، فلما حج سليمان بن عبد الملك أحب أن ينظر إليه، فلما رآه قال: ما رأيت لأحد مثله لولا أن هذه الحرة في وسطه! قالوا: ليس بحرة بل مسطاح الزبيب. وكان زبيبه جمع في وسطه ليجف، فرآه من بعيد فظنه حرة. وبها سجن عارم، وهو الحبس الذي حبس فيه عبد الله بن الزبير محمد ابن الحنفية، يزوره الناس ويتبركون به سيما الشيعة، سيما الكيسانية؛ قالكثير يخاطب ابن الزبير: يخبّر من لاقيت أنّك عائدٌ بل العائد المحبوس في سجن عارم ومن يلق هذا الشّيخ بالخيف من منى من النّاس يعلم أنّه غير ظالم سميّ النبيّ المصطفى وابن عمّه وفكّاك أغلالٍ وقاضي مغارم أبى هو لا يشري هدىً بضلالةٍ ولا يتّقي في الله لومة لائم فما نعمة الدّنيا بباقٍ لأهله ولا شدّة البلوى بضربة لازم وينسب إليها الحجاج بن يوسف الثقفي من فحول الرجال، كان أول أمره معلماً لوشاقية سليمان بن نعيم، وزير عبد الملك بن مروان، وكان فصيحاً شاطراً، قال عبد الملك لوزيره: إني إذا ترحلت يتخلف مني أقوام، أريد شخصاً يمنع الناس عن التخلف. فاختار الوزير الحجاج لذلك، فرأى في بعض الأيام أن الخليفة قد رحل وتخلف عنه قوم من أصحاب الوزير، فأمرهم بالرحيل فامتنعوا وشتموه في أمه وأخته، فأخذ الحجاج النار وأضرمها في رحل الوزير، فانتهى الخبر إلى عبد الملك فأحضر الحجاج وقال: لم أحرقت رحل الوزير؟ فقال: لأنهم خالفوا أمرك! فقال للحجاج: ما عليك لو فعلت ذلك بغير الحرق؟ فقال الحجاج: وما عليك لو عوضته من ذلك ولا يخالف أحد بعد هذا أمرك! فأعجب الخليفة كلامه وما زال يعلو أمره حتى ولي اليمن واليمامة، ثم استعمل على العراق سنة خمس وسبعين. وكان أهل العراق كل من جاءهم والياً استخفوا به وضحكوا منه، وإذا صعد المنبر رموه بالحصاة؛ فبعث عبد الملك إليهم الحجاج، فلما صعد المنبر متلثماً وكان قصير القامة ضحكوا منه، فعرف الحجاج ذلك فأقبل عليهم وقال: أنا ابن جلا وطلاّع الثّنايا متى أضع العمامة تعرفوني إن أمير المؤمنين نثل كنانته فوجدني أصلبها عوداً فرماكم بي، واني أرىرؤوساً دنا أوان حصادها، وأنا الذي أحصدها. فدخل القوم منه رعب، فما زال بهم حتى أراهم الكواكب بالنهار. ولما بنى واسط عد في حبسه ثلاثة وثلاثون ألف إنسان، حبسوا بلا دم ولا تبعة ولا دين، ومات في حبسه واحد وعشرون ألفاً صبراً، ومن قتله بالسيف فلا يعد ولا يحصى! وقال يوماً على المنبر في خطبته: أتطلبون مني عدل عمر ولستم كرعية عمر؟ وإنما مثلي لمثلكم كثير، لبئس المولى ولبئس العشير! وكان في مرض موته يقول: يا ربّ قد زعم الأعداء واجتهدوا أيمانهم أنّني من ساكني النّار أيحلفون على عمياء؟ ويحهم ما علمهم بعظيم العفو غفّار؟ وحكى عمر بن عبد العزيز أنه رأى الحجاج في المنام بعد مدة من موته، قال: فرأيته على شكل رماد على وجه الأرض، فقلت له: أحجاج؟ قال: نعم، قلت: ما فعل الله بك؟ قال: قتلني بكل من قتلته مرةً مرةً، وبسعيد بن جبير سبعين مرة، وأنا أرجو ما يرجوه الموحدون! وينسب إلى الطائف سعيد بن السائب، كان من أولياء الله وعباد الله الصالحين، نادر الوقت عديم النظير، وكان الغالب عليه الخوف من الله تعالى لا يزال دمعه جارياً، فعاتبه رجل على كثرة بكائه فقال له: إنما ينبغي أن تعاتبني على تقصيري وتفريطي لا على بكائي! وقال له صديق له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أنتظر الموت على غير عدة! وقال سفيان الثوري: جلسنا يوماً نحدث ومعنا سعيد بن السائب، وكان يبكي حتى رحمه الحاضرون، فقلت له: يا سعيد لم تبكي وأنت تسمع حديث أهل الخير؟ فقال: يا سفيان ما ينفعني إذا ذكرت أهل الخير وأنا عنهم بمعزل؟

[آثار البلاد وأخبار العباد]

الطائف

مدينة غنية عن التعريف، تقع شرق مكة مع ميل قليل إلى الجنوب، على مسافة تسعة وتسعين كيلا، وترتفع عن سطح البحر (1630) مترا، وطريق الرسول إليها من حنين على النخلة اليمانية، ثم على قرن، ثم على المليح، ثم على بحرة الرغاء من ليّة.

[المعالم الأثيرة في السنة والسيرة]

الطائف

مدينة تقع على جبل (غزوان) جنوبي شرقي مكة وهي بلاد ثقيف.

[تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير]

الطائف:

مخلاف من مخاليف مكة على مرحلتين من مكة وقيل بينهما ستون ميلاً، وهي إحدى القريتين المذكورتين في القرآن، وكان اسم الطائف وج سميت بوج بن عبد الحي من العمالقة، ثم سكنتها ثقيف، فبنوا عليها حائطاً مطيفاً بها فسموه الطائف. وهو منازل (1) ثقيف وهي مدينة صغيرة متحضرة، مياهها عذبة وهواؤها معتدل وفواكهها كثيرة وضياعها متصلة وعنبها كثير جداً، وزبيبها معروف يتجهز به إلى جميع الجهات وأكثر فواكه مكة من الطائف، وبها تجار مياسير، وجل بضائعهم الأديم وهو غاية في الجودة رفيع القيمة والنعل الطائفي يضرب به المثل. والطائف على جبل غزوان وبه جملة من قبائل هذيل وهو جبل مشهور بالبرد وربما جمد الماء في الصيف لشدة برده. وكانت ثقيف (2) كلها عاقدت هوازن يوم حنين على حرب رسول الله ومضى فلهم حين فرغ رسول الله من حنين فأغلقوا عليهم أبواب مدينتها ثم صنعوا الصنائع للقتال فسار إليهم رسول الله فنزل عليهم فحاصرهم، وفي ذلك قال كعب بن مالك: قضينا من تهامة كل ريب. .. وخيبر ثم أجممن السيوفا نخيرها فلو نطقت لقالت. .. قواطعهن دوساً أو ثقيفا فحاصرهم رسول الله بضعاً وعشرين ليلة أو بضع عشرة ليلة فقاتلهم قتالاً شديداً وتراموا بالنبل، ورماهم رسول الله بالمنجنيق وهو أول من رمى به في الإسلام ودخل نفر من أصحابه تحت دبابة زحفوا بها إلى جدار الطائف فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار فخرجوا من تحتها فرمتهم بالنبل فقتلوا منهم رجالاً، فأمر رسول الله بقطع أعناب ثقيف، فوقع الناس فيها يقطعون ثم أخبر رسول الله أنه لم يؤذن في ثقيف فأذن الناس بالرحيل وأقام أهل الطائف على شركهم وامتناعهم في طائفهم، ثم أسلموا بعد ذلك. وكانت لثقيف بالطائف اللات، فلما جاء الله بالإسلام هدمت، تولى ذلك خالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة. وبالطائف توفي عبد الله بن عباس سنة ثمان وستين ودفن في مسجدها وكانت ثقيف بنته لما أسلمت في موضع مصلى رسول الله بناه منهم عمرو بن أمية بن وهب، وكان في ذلك المسجد سارية فيما يزعمون، لا تطلع الشمس عليها يوماً من الأيام إلا سمع لها نقيض وهو الصوت. والطائف أكثر بلاد الله عنباً. ولما دخل (3) سليمان بن عبد الملك الطائف فنظر إلى بيادر الزبيب فقال: ما تلك الحرار السود؟ فقيل له: ليست بحرار يا أمير المؤمنين، ولكنها بيادر الزبيب، فقال لله در قسي، علم في أي عش وضع أفرخه. قال الأصمعي: دخلت الطائف فكأني كنت أبشر وكان قلبي يطفح بالسرور وما أجد لذلك إلا انفساح جوها وطيب نسيمها. وعسل الطائف من فائق العسل. وزي ثقيف الأقبية المصبغة بالورس والعصفر، ويحزمون على أوساطهم ملاءات القطن الرقاق وعليها البرود العجيبة. ويحكى (4) أن الوليد بن عبد الملك أفسد في أرض لعبد الله بن يزيد بن معاوية، فشكا ذلك أخوه خالد بن يزيد إلى عبد الملك؟ فقال له عبد الملك: " إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها " فقال له خالد: " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها " فقال عبد الملك أفي عبد الله تتكلم وبالأمس دخل إلي فعثر في لسانه ولحن في كلامه؟! قال: أفعلى الوليد تعول؟ قال: إن كان الوليد لحاناً فسليمان أخوه! قال خالد: وإن كان عبد الله لحاناً فأخوه خالد، فقال الوليد: أتتكلم ولست في العير ولا في النفير؟! فقال خالد: ألم تسمع ما يقول يا أمير المؤمنين؟ أنا والله ابن العير والنفير (5)، ولكن لو قلت: حبيلات (6) وغنيمات والطائف ورحم الله عثمان قلنا صدقت. أراد بذلك أن رسول الله نفى الحكم بن أبي العاص إلى الطائف فصار راعياً حتى رده عثمان رضي الله عنه. (1) نزهة المشتاق: 51 (OG: 145)، وفي صبح الأعشى 4: 258 نقل عن الروض. (2) السيرة 2: 478. (3) ياقوت (الطائف). (4) قارن بما أورده ابن خلكان 2: 225. (5) يريد أنه ينتسب إلى أبي سفيان صاحب العير، وإلى عتبة بن ربيعة مقدم قريش حين نفروا إلى بدر. (6) الحبيلة: الكرمة.

[الروض المعطار في خبر الأقطار]

الطائف

بعد الألف همزة مكسورة، ثم فاء: كانت تسمى قديما وجّ، وسمّيت الطائف لما أطيف عليها الحائط ؛ وهى ناحية ذات نخيل وأعناب ومزارع وأودية، وهى على ظهر جبل غزوان، وبها عقبة مسيرة يوم للطالع من مكة، ونصف يوم للهابط إلى مكة يمشى فيها ثلاثة أجمال بأحمالها.

[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]