البحث

عبارات مقترحة:

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

اللطيف

كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...

القريب

كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...


طَبَرِستانُ

بفتح أوله وثانيه، وكسر الراء، قد ذكرنا معنى الطبر قبله، واستان: الموضع أو الناحية، كأنه يقول: ناحية الطبر، وسنذكر سبب تسمية هذا الموضع بذلك، والنسبة إلى هذا الموضع الطّبري، قال البحتري: وأقيمت به القيامة في ق مّ على خالع وعات عنيد وثنى معلما إلى طبرستا ن بخيل يرحن تحت اللّبود وهي بلدان واسعة كثيرة يشملها هذا الاسم، خرج من نواحيها من لا يحصى كثرة من أهل العلم والأدب والفقه، والغالب على هذه النواحي الجبال، فمن أعيان بلدانها دهستان وجرجان واستراباذ وآمل، وهي قصبتها، وسارية، وهي مثلها، وشالوس، وهي مقاربة لها، وربما عدّت جرجان من خراسان إلى غير ذلك من البلدان، وطبرستان في البلاد المعروفة بمازندران، ولا أدري متى سميت بمازندران فانه اسم لم نجده في الكتب القديمة وإنما يسمع من أفواه أهل تلك البلاد ولا شكّ أنهما واحد، وهذه البلاد مجاورة لجيلان وديلمان، وهي بين الرّي وقومس والبحر وبلاد الديلم والجيل، رأيت أطرافها وعاينت جبالها، وهي كثيرة المياه متهدّلة الأشجار كثيرة الفواكه إلا أنها مخيفة وخمة قليلة الارتفاع كثيرة الاختلاف والنّزاع، وأنا أذكر ما قال العلماء في هذا القطر وأذكر فتوحه واشتقاقه ولا بدّ من احتمالك لفصل فيه تطويل بالفائدة الباردة، فهذا من عندنا مما استفدناه بالمشاهدة والمشافهة، وخذ الآن ما قالوه في كتبهم: زعم أهل العلم بهذا الشأن أن الطّيلسان والطالقان وخراسان ما عدا خوارزم من ولد اشبق بن إبراهيم الخليل والديلم بنو كماشج بن يافث بن نوح، عليه السلام، وأكثرهم سميت جبالهم بأسمائهم إلا الإيلام قبيل من الديلم فإنهم ولد باسل بن ضبّة بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر، كما نذكره إن شاء الله في كتاب النسب، وموقان وجبالها وهم أهل طبرستان من ولد كماشج بن يافث بن نوح، عليه السّلام، وفيما روى ثقات الفرس قالوا: اجتمع في جيوش بعض الأكاسرة خلق كثير من الجناة وجب عليهم القتل فتحرّج منه وشاور وزراءه وسألهم عن عدّتهم فأخبروه بخلق كثير فقال: اطلبوا لي موضعا أحبسهم فيه، فساروا إلى بلاده يطلبون موضعا خاليا حتى وقعوا بجبال طبرستان فأخبروه بذلك فأمر بحملهم إليه وحبسهم فيه، وهو يومئذ جبل لا ساكن فيه، ثم سأل عنهم بعد حول فأرسلوا من يخبر بخبرهم فأشرفوا عليهم فإذا هم أحياء لكن بالسوء، فقيل لهم: ما تشتهون؟ وكان الجبل أشبا كثير الأشجار، فقالوا: طبرها طبرها، والهاء فيه بمعنى الجمع في جميع كلام الفرس، يعنون نريد أطبارا نقطع بهاالشجر ونتخذها بيوتا، فلما أخبر كسرى بذلك أمر أن يعطوا ما طلبوا فحمل إليهم ذلك، ثم أمهلهم حولا آخر وأنفذ من يتفقدهم فوجدهم قد اتخذوا بيوتا فقال لهم: ما تريدون؟ فقالوا: زنان زنان، أي نريد نساء، فأخبر الملك بذلك فأمر بحمل من في حبوسه من النساء أن يحملن إليهم، فحملن فتناسلوا فسميت طبرزنان أي الفؤوس والنساء ثم عرّبت فقيل طبرستان، فهذا قولهم، والذي يظهر لي وهو الحقّ ويعضده ما شاهدناه منهم أن أهل تلك الجبال كثير والحروب وأكثر أسلحتهم بل كلها الأطبار حتى إنك قلّ أن ترى صعلوكا أو غنيّا إلا وبيده الطّبر صغيرهم وكبيرهم، فكأنها لكثرتها فيهم سميت بذلك، ومعنى طبرستان من غير تعريب موضع الأطبار، والله أعلم، وقال أبو العلاء السروي يصف طبرستان فيما كتبنا عن أبي منصور النيسابوري: إذا الريح فيها جرّت الريح أعجلت فواختها في الغصن أن تترنّما فكم طيّرت في الجوّ وردا مدنّرا تقلّبه فيه ووردا مدرهما وأشجار تفّاح كأنّ ثمارها عوارض أبكار يضاحكن مغرما فإن عقدتها الشمس فيها حسبتها خدودا على القضبان فذّا وتوأما ترى خطباء الطير فوق غصونها تبثّ على العشّاق وجدا معتّما وقد كان في القديم أول طبرستان آمل ثم مامطير، وبينها وبين آمل ستة فراسخ، ثم ويمة، وهي من مامطير على ستة فراسخ، ثم سارية ثم طميس، وهي من سارية على ستة عشر فرسخا، هذا آخر حدّ طبرستان وجرجان، ومن ناحية الديم على خمسة فراسخ من آمل مدينة يقال لها ناتل ثم شالوس، وهي ثغر الجبل، هذه مدن السهل، وأما مدن الجبل فمنها مدينة يقال لها الكلار ثم تليها مدينة صغيرة يقال لها سعيدآباذ ثم الرويان، وهي أكبر مدن الجبل، ثم في الجبل من ناحية حدود خراسان مدينة يقال لها تمار وشرّز ودهستان، فإذا جزت الأرز وقعت في جبال ونداد هرمز، فإذا جزت هذه الجبال وقعت في جبال شروين، وهي مملكة ابن قارن، ثم الديلم وجيلان، وقال البلاذري: كور طبرستان ثمان: كورة سارية وبها منزل العامل وإنما صارت منزل العامل في أيام الطاهرية وقبل ذلك كان منزل العامل بآمل، وجعلها أيضا الحسن بن زيد ومحمد بن زيد دار مقامهما، ومن رساتيق آمل أرم خاست الأعلى وأرم خاست الأسفل والمهروان والأصبهبذ ونامية وطميس، وبين سارية وسلينة على طريق الجبال ثلاثون فرسخا، وبين سارية والمهروان عشرة فراسخ، وبين سارية والبحر ثلاثة فراسخ، وبين جيلان والرويان اثنا عشر فرسخا، وبين آمل وشالوس وهي إلى ناحية الجبال عشرون فرسخا، وطول طبرستان من جرجان إلى الرويان ستة وثلاثون فرسخا، وعرضها عشرون فرسخا، في يد الشكري من ذلك ستة وثلاثون فرسخا في عرض أربعة فراسخ والباقي في أيدي الحروب من الجبال والسفوح، وهو طول ستة وثلاثين فرسخا في عرض ستة عشر فرسخا والعرض من الجبل إلى البحر. وكانت بلاد طبرستان في الحصانة والمنعة على ما هو مشهور من أمرها، وكانت ملوك الفرس يولّونهارجلا ويسمونه الأصبهبذ فإذا عقدوا له عليها لم يعزلوه عنها حتى يموت فإذا مات أقاموا مكانه ولده إن كان له ولد وإلّا وجّهوا بأصبهبذ آخر، فلم يزالوا على ذلك حتى جاء الإسلام وفتحت المدن المتّصلة بطبرستان، وكان صاحب طبرستان يصالح على الشيء اليسير فيقبل منه لصعوبة المسلك، فلم يزل الأمر على ذلك حتى ولّى عثمان بن عفّان، رضي الله عنه، سعيد ابن العاصي الكوفة سنة 29 وولى عبد الله بن عامر بن كريز بن حبيب بن عبد شمس البصرة فكتب إليهما مرزبان طوس يدعوهما إلى خراسان على أن يملكه عليها من غلب، وخرجا جميعا يريدانها فسبق ابن عامر فغزا سعيد بن العاصي طبرستان ومعه في غزاته فيما يقال الحسن والحسين، رضي الله عنهما، وقيل: إن سعيدا غزاها من غير أن يأتيه كتاب أحد بل سار إليها من الكوفة ففتح طميس أو طميسة، وهي قرية، وصالح ملك جرجان على مائتي ألف درهم بغليّة وافية فكان يؤدّيها الى المسلمين، وافتتح أيضا من طبرستان الرويان ودنباوند وأعطاه أهل الجبال مالا، فلما ولي معاوية ولّى مصقلة بن هبيرة أحد بني ثعلبة بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة فسار إليها ومعه عشرون ألف رجل فأوغل في البلد يسبي ويقتل فلما تجاوز المضايق والعقاب أخذها عليه وعلى جيشه العدوّ عند انصرافه للخروج ودهدهوا عليه الحجارة والصخور من الجبال فهلك أكثر ذلك الجيش وهلك مصقلة فضرب الناس به مثلا فقالوا: لا يكون هذا حتى يرجع مصقلة من طبرستان، فكان المسلمون بعد ذلك إذا غزوا هذه البلاد تحفّظوا وتحذّروا من التوغّل فيها، حتى ولي يزيد بن المهلّب خراسان في أيام سليمان بن عبد الملك وسار حتى أناخ على طبرستان فاستجاش الأصبهبذ الديلم فأنجدوه وقاتله يزيد أياما ثم صالحه على أربعة آلاف ألف درهم وسبعمائة ألف درهم مثاقيل في كل عام وأربعمائة وقر زعفران وأن يوجّهوا في كل عام أربعمائة رجل على رأس كل رجل ترس وجام فضة ونمرقة حرير، وفتح يزيد الرويان ودنباوند ولم يزل أهل طبرستان يؤدّون هذا الصلح مرة ويمتنعون أخرى إلى أيام مروان بن محمد فإنهم نقضوا ومنعوا ما كانوا يحملونه، فلما ولي السفاح وجّه إليهم عاملا فصالحوه على مال ثم غدروا وقتلوا المسلمين، وذلك في خلافة المنصور، فوجّه المنصور إليهم خازم بن خزيمة التميمي وروح بن حاتم المهلّبي ومعهما مرزوق أبو الخصيب فنزلوا على طبرستان وجرت مدافعات صعب معها بلوغ غرض وضاق عليهم الأمر فواطأ أبو الخصيب خازما وروحا على أن ضرباه وحلقا رأسه ولحيته ليوقع الحيلة على الأصبهبذ فركن إلى ما رأى من سوء حاله واستخصّه حتى أعمل الحيلة وملك البلد، وكان عمرو بن العلاء الذي يقول فيه بشّار بن برد: إذا أيقظتك حروب العدى فنبّه لها عمرا ثمّ نم جزّارا من أهل الريّ فجمع جمعا وقاتل الديلم فأبلى بلاء حسنا فأوفده جهور بن مرار العجلي إلى المنصور فقوّده وجعل له منزلة وتراقت به الأمور حتى ولي طبرستان واستشهد في خلافة المهدي، ثم افتتح موسى بن حفص بن عمرو بن العلاء ومازيار بن قارن جبال شروين من طبرستان، وهي من أمنع الجبال وأصعبها، وذلك في أيام المأمون، فولّى المأمون عند ذلك بلاد طبرستان المازيار وسماه محمدا وجعل له مرتبة الأصبهبذ، فلم يزل واليا عليها حتى توفي المأمون واستخلف المعتصم فأقرّه عليها ولم يعزله فأقام على الطاعة مدة ثم غدر وخالف وذلك بعد ستسنين من خلافة المعتصم فكتب المعتصم إلى عبد الله بن طاهر وهو عامله على المشرق خراسان والريّ وقومس وجرجان يأمره بمحاربته، فوجّه إليه عبد الله الحسن ابن الحسين في جماعة من رجال خراسان ووجّه المعتصم محمد بن إبراهيم بن مصعب في جماعة من الجند، فلما قصدته العساكر خرج إلى الحسن بن الحسين بغير عهد ولا عقد فأخذه وحمله إلى سرّ من رأى في سنة 225 فضرب بالسياط بين يدي المعتصم حتى مات وصلب بسرّ من رأى مع بابك الخرّمي على العقبة التي بحضرة مجلس الشّرطة وتقلد عبد الله بن طاهر طبرستان، وكان ممن ذكرنا جماعة من الولاة من قبل بني العباس لم يكن منهم حادثة ولم يتحقق أيضا عندنا وقت ولاية كل واحد منهم، ثم وليها بعد عبد الله بن طاهر ابنه طاهر بن عبد الله وخلفه عليها أخوه سليمان بن عبد الله بن طاهر فخرج عليه الحسن ابن زيد العلوي الحسني في سنة 249 فأخرجه عنها وغلب عليها إلى أن مات وقام مقامه أخوه محمد بن زيد، وقد ذكرت قصة هؤلاء الزيدية في كتاب المبدإ والمآل مشبعا على نسق، وقال عليّ بن زين الطبري كاتب المازيار وكان حكيما فاضلا له تصانيف في الأدب والطب والحكمة، قال: كان في طبرستان طائر يسمونه ككم يظهر في أيام الربيع فإذا ظهر تبعه جنس من العصافير موشّاة الريش فيخدمه كل يوم واحد منها نهاره أجمع يجيئه بالغذاء ويزقّه به فإذا كان في آخر النهار وثب على ذلك العصفور فأكله حتى إذا أصبح وصاح جاءه آخر من تلك العصافير فكان معه على ما ذكرنا فإذا أمسى أكله فلا يزال على هذا مدة أيام الربيع فإذا زال الربيع فقد هو وسائر أشكاله وكذلك أيضا ذلك الجنس من العصافير فلا يرى شيء من الجميع إلى قابل في ذلك الوقت، وهو طائر في قدر الفاختة وذنبه مثل ذنب الببغاء وفي منسره تعقيف، هكذا وجدته وحققته.

[معجم البلدان]

طبرستان

ناحية بين العراق وخراسان بقرب بحر الخزر ذات مدن وقرى كثيرة. من مفاخرها القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، أستاذ الشيخ أبي إسحق الشيرازي. والقاضي أبو الطيب عاش مائة سنة ولم يختل منه عقله ولا فهمه، وكان يفتي إلى آخر عمره ويقضي بين الناس ويناظر الفقهاء. وله مصنفات كثيرة في الفقه والأصول، منها تعليقة الطبري مائة مجلد ثم كتاب في مذهب الشافعي؛ قال الشيخ أبو إسحق الشيرازي صاحب المهذب: لازمت حلقة درسه بضع عشرة سنة، رتبني في حلقته وسألني أن أجلس في مجلس التدريس ففعلت ذلك. وانه ولي القضاء بكرخ، وكان رأى النبي، عليه السلام، في المنام فقال له: يا فقيه! ففرح بذلك فرحاً شديداً. يقول: سماني رسول الله، ، فقيهاً. مات سنة خمس وأربعمائة ببغداد عن مائة سنة وسنتين، وصلى عليه الخليفة أبو الحسن المهتدي.

[آثار البلاد وأخبار العباد]

طبرستان

بلاد معروفة، والعجم يقولون مازندران، وهي بين الري وقومس وبحر الخزر. أرضها كثيرة الأشجار والمياه والأنهار إلا أن هواءها وخم جداً. حكي أن بعض الأكاسرة اجتمع في حبسه جناة كثيرون، فقال وزيره: غربهم إلى بعض البلاد ليعمروها، فإن عمروها كان العمران لك، وانتلفوا برئت من دمهم!واختار أرض طبرستان، وهي يومئذ جبال وأشجار، فأرادوا قطع الأشجار فطلبوا فؤوساً والفأس بالعجمية تبر، فكثرت بها الفؤوس فقالوا: طبرستان، وطبر معرب تبر. وقالوا: كانت أيمانهم مغلولة فكانوا يعملون بشمالهم، فلهذا ترى فيها أكثرهم عسراً. ونفوا الفواجر أيضاً إليها فتزوجوا بهن، فلهذا قلة الغيرة بينهم. وأكثرهم يتعانون تربية دود القز فيرتفع منها الابريسم الكثير ويحمل إلى سائر البلاد. وبها الخشب الخلنج، يتخذ منه الظروف والآلات والأطباق والقصاع ثم يحمل إلى الري، وصناع بلد الري يجعلونه في الخرط مرة أخرى حتى يبقى لطيفاً ويزوقونه، ومن الري يحمل إلى سائر البلاد، ومن هذا الخشب تتخذ النشاشيب الجيدة. وبها المآزر والمناديل الرفيعة الطبرية تحمل منها إلى سائر البلاد، وكذلك الثياب الابريسمية والأكسية والصوف. وبها شجر إذا ألقيت شيئاً من خشبها في الماء يموت ما فيه من السمك وتطفو. وبها جبل طارق؛ قال أبو الريحان الخوارزمي: بطبرستان جبل فيه مغارة فيها دكة تعرف بدكان سليمان بن داود، عليه السلام، إذا لطخت بشيء من الأقذار انفتحت السماء ومطرت حتى تزيل الأقذار منها؛ هذا في الآثار الباقية من تصانيف أبي الريحان الخوارزمي. وقال صاحب تحفة الغرائب: بها حشيش يسمى جوز ماثل من قطعه ضاحكاً وأكله غلب عليه الضحك، ومن قطعه باكياً وأكله في تلك الحالة يغلب عليه البكاء، ومن قطعه راقصاً وأكله كذلك على كل حال قطعه وأكله تغلب عليه تلك الحالة. حكى أبو الريحان الخوارزمي أن أهل طبرستان أجدبوا في أيام الحسن ابن زيد العلوي، فخرجوا للاستسقاء فما فرغوا من دعائهم حتى وقع الحريق في أطراف البلد، وبيوتهم من الخشب اليابس، فقال أبو عمر في ذلك: خرجوا يسألون صوب غمامٍ فأجيبوا بصيّبٍ من حريق! جاءهم ضدّ ما تمنّوه إذ. .. جاءت قلوبٌ محشوّةٌ بالفسوق!وحكى الشيخ الصالح محمد الهمداني قال: رأيت بطبرستان أمراً عجيباً من الأمور، وهو: شاهدت بطبرستان دودة إذا وطئها من كان حامل ماء صار الماء مراً، وأعجب من هذا انه لو كان خلف الواطيء حمال الماء صار كل المياه مراً، ولو كانوا مائة، فترى نساءهم يحملن الماء من النهر في الجرار وقدامهن واحدة معها مكنسة تكنس الطريق، والنساء الحاملات للماء يمشين على خط واحد كالإبل المقطرة. وحكى علي بن رزين الطبري، وكان حكيماً فاضلاً، قال: عندنا طائر يسمونه ككو، وهو على حجم الفاختة وذنبه ذنب الببغاء، يظهر أيام الربيع، فإذا ظهر نبعه صنف من العصافير موشاة الريش يخدمه طول نهاره، يأتي له بالغداء فيزقه، فإذا كان آخر النهار وثب على ذلك العصفور وأكله، وإذا أصبح صاح فجاء آخر فإذا أمسى أكله، فلا يزال كذلك مدة أيام الربيع، فإذا زال الربيع فقد ذلك النوع واتباعه إلى الربيع القابل. وينسب إليها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، صاحب التفسير والتاريخ الطبري والمصنفات الكثيرة، وكان كثيراً ما ينشد: أاقتبس الضّياء من الضّراب وألتمس الشّراب من الشراب؟ أريد من الزّمان النّذل بذلاً وأرياً من جنى سلعٍ وصاب! أأرجو أن ألاقي لاشتياقي خيار النّاس في زمن الكلاب؟ وينسب إليها أبو الحسن المعروف بالكيا الهراسي. كان عالماً فاضلاً تالي أبي حامد الغزالي، إلا أن الغزالي أثقب منه ذهناً وأسرع بياناً وأصوب خاطراً. كان مدرساً بالمدرسة النظامية ببغداد، دخل ديوان الخليفة والقاضي أبو الحسن اللمغاني كان حاضراً ما قام له، فشكا إلى الخليفة الناصر لدين الله، فقال الخليفة: إذا دخل القاضي أنت أيضاً لا تقم له! ففعل ذلك ونظم هذين البيتين: حجابٌ وحجّابٌ وفرط حماقةٍ ومدّ يدٍ نحو العلى بالتّكلّف فلو كان هذا من وراء تكلّفٍ لهان ولكن من وراء التّخلّف فشكا القاضي إلى الخليفة، فأمر الكيا أن يمشي إليه ويعتذر، فقال الكيا: والله لأمشين على وجه يود لو كنت لم أمش! فلما وصل إلى باب دار القاضي أخبر القاضي بأن الكيا جاء إليه، فقام واستقبله وواجهه بالكلية. قال الكيا: حفظ الله الخليفة فإنه تارة يشرفنا وتارة يشرف بنا! فانكسر ابن اللمغاني انكساراً شديداً. فلما مات الكيا وقف ابن اللمغاني عند دفنه وقال: فما تغني النّوادب والبواكي وقد أصبحت مثل حديث أمس! ومن عجائب ما حكي أن بعض السلاطين غضب على صاحب طبرستان، فبذل الطبري جهده في إزالة ذلك، فما أمكنه. فبعث السلطان إليه جيشاً كثيفاً، فعلم الطبري أن الجيش لا ينزلون إلا بغيضة معينة تحت جبل، فأمر بقطع أشجار تلك الغيضة وتركها كما كانت قائمة، وستر موضع القطع بالتراب. فلما وصل الجيش ونزلوا بها كمن الطبري هو وأصحابه خلف ذلك الجبل، وشد الجيش دوابهم في أشجار تلك الغيضة وكانت كلها مقطوعة، فخرج عليهم الطبري بأصحابه وصاح بهم، فنفرت الدواب وتساقطت الأشجار لأن الدواب جرتها فولى الجند هاربين فزعين لا يلوي أحد إلى أحد، وتبعهم الطبري بالقتل والأسر، فنجا أقلهم وتلف أكثرهم. فلما رجعوا إلى السلطان سألهم عن شأنهم فقالوا: نزلنا بالموضع الفلاني، أتانا في جنح الليل جند من الشياطين تضربنا بالأشجار الطويلة! فلم يجسر أحد من المتقومين بعد ذلك على المشي إلى طبرستان!

[آثار البلاد وأخبار العباد]

طبرستان

هي المنطقة الجبلية التي تحيط بجنوب بحر الخزر (قزوين) وتضم بلدانا واسعة وحصونا كثيرة من أعيان مدنها آمل وهي قاعدة المنطقة وتعرف الجبال التي تمتد حولها بجبال البرز. ويطلق على طبرستان اسم (مازندران) أيضا وكانا اسمان مترادفين، ثم طغى اسم (مازندران) وشاع فلا تسمى المنطقة بغيره. وقد كانت المنطقة زمن الفرس متروكة لأمرائها الذين يلقبون بلقب الأصبهذ وظلت على ذلك زمن الفتح يدفع أمراؤها عنها الجزية حتى تغلغل الإسلام فيها وتمكن تدريجيا في القرنين الثالث والرابع للهجرة خرج منها كثير من العلماء منهم الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المؤرخ والمفسر الشهير وفي تلك المنطقة قامت الدولة العلوية ليحيى بن عبد الله المحض العلوي.

[تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير]

طبرستان:

من بلاد خراسان، بفتح أوله وثانيه، سميت بذلك لأن الشجر كان حولها شيئاً كثيراً فلم يصل إليها جنود كسرى حتى قطعوه بالفأس والطبر بالفارسية الفأس (1) واستان الشجر. وطبرستان (2) بلد عظيم كثير الحصون والأعمال منيع بالأودية، وأهله أشراف العجم وأبناء ملوكهم، وهم أحسن الناس وجوهاً. وطبرستان من الحصانة والمنعة بحيث لا يبلغه وصف، وكانت ملوك الفرس توليها رجلاً من أهل بيت المملكة وتسميه الأصبهبذ، وهو حافظ الجيش في لغتهم كما تقدم. وحد طبرستان مما يلي المشرق جرجان وقومس، ومما يلي المغرب الديلم، ومما يلي الشمال البحر، ومما يلي الجنوب بعض قومس، وطول هذا الحد خمسون فرسخاً، وعرضه مما يلي قومس أربعون فرسخاً. وبحر طبرستان (3) هو المسمى بحر الخزر، وما حوله من أقطار الخزر والغزية، وهذا البحر منقطع غير متصل بشيء من البحار، وطوله نحو ثمانمائة ميل، وعرضه ستمائة ميل، وفيه أربع جزائر، وهو بحر مظلم لا مدَّ فيه ولا جزر، وهو مظلم القعر بخلاف بحر القلزم وغيره لأن تراب قعره طين، وما قيل أن هذا البحر متصل ببحر نيطس من تحت الأرض وبينهما نحو ست مراحل فليس بصحيح. وكان مزيد صالح (4) أصبهبذ طبرستان ثم لم يزل بعد ذلك يعطي الشيء اليسير فيقبل منه لصعوبة مسلك البلد وخشونته فإذا أحسَّ من صاحب خُراسان بضعف لم يعط شيئاً ولا أرى طاعة، حتى ولي أبو جعفر الخلافة وقتل أبا مسلم فهابه الاصبهبذ، فكتب إليه بالطاعة ووجَّه رسله، فقبل أبو جعفر ذلك وبرَّ رسوله، ثم جَعَل يوجّه بالهدايا والألطاف في كل نوروز ومهرجان، ثم إن الاصبهبذ استطال أيام إلى جعفر فأمسك عن البعثة إليه، وبقية الخبر في رسم الطاق فانظره هناك. وافتتحت طبرستان سنة اثنتين وأربعين ومائة، وأكبر مدنها الجبل وبها مستقر الولاة، وكانوا من قبل يسكنون سارية. وحكى البلاذري (5) أن المأمون كان ولى مايزديار أعمال طبرستان والرويان ودنباوند وسمّاه محمداً، وجعل له مرتبة الأصبهبذ، فلم يزل على ذلك أيام المأمون وصدراً من خلافة المعتصم بالله نحواً من ست سنين ثم إنه كفر وغدر، فكتب المعتصم إلى عبد الله بن طاهر بن الحسين عامله على خُراسان وسجستان والري وقومس وجرجان يأمره بمحاربته، فوجّه عبد الله الحسنَ بن الحسين عمه في رجال خُراسان، ووجّه المعتصم بالله محمد بن إبراهيم بن مصعب في من ضم إليه من جند الحضرة، فلما توافت الجيوش في بلاده كاتب أخْ له يقال له قوهيان (6) بن قارن الحسن ومحمداً وأعلمهما أنه معهما عليه، وقد كان يحقد عليه أشياء يناله بها من الاستخفاف، وكان أهل عمله قد ملّوا سيرته لتجبره وعسفه، فكتب إلى الحسن يشير عليه بأن يكمن في موضع سماه له، وقال للمايزديار: إن الحسن قد أتاك وهو بموضع كذا وكذا، وذكر غير الموضع، وهو يدعوك إلى الأمان ويريد مشافهتك، فسار مايزديار يريد الحسن، فلما صار بقرب الموضع الذي كان الحسن كامناً فيه آذنه قوهيان بمجيئه، فخرج إليه في أصحابه، وكانوا منقطعين في الغياض فجعلوا ينثالون (7) إليه، فأراد مايزديار الهرب فأخذ قوهيان بمنطقته، وانطوى عليه أصحاب الحسن، فأخذوه بغير عهد ولا عقد، فحمل إلى سرّ من رأى في سنة خمس وعشرين ومائتين، وضرب بالسياط بين يدي المعتصم ضرباً مبرحاً، فلما وقعت السياط عليه مات، فصلب بسرّ من رأى مع بابك الخرّمي على العقبة التي بحضرة مجلس الشرطة، ووثب بقوهيان بعض خاصة أخيه، فقتل بطبرستان، وتولى طبرستان، سهلها وجبلها، عبد الله بن طاهر وطاهر ابنه بعده. والذي ارتفع من خراج طبرستان وكورها سنة ست وثلاثين ومائتين سوى الضياع من المورّق (8) أربعة آلاف ألف ومائتا ألف وثلاثة وسبعون ألف درهم (9)، وجميع المراحل ببلاد طبرستان أيام الطاهرية مائتان وثلاثون. وليس (10) في بلاد الإسلام والكفر ناحية تقارب طبرستان في كثرة الابريسم، ومنها يرتفع الابريسم وأكسية الصوف والبرنكانات العجيبة، وليس في جميع الأرض أكسية تبلغ قيمة أكسيتهم، والغالب على أهلها وفور الشعر واقتران الحواجب وسرعة الكلام والعجلة والطيش، والغالب على طعامهم خبز الأرز وكذلك الديلم والجيل. ومما يوصف من كثرة ذخائر خرشيد الاصبهبد أن رجلاً من أهل خُراسان أتى طبرستان فأهدى إليه ديكاً من ذهب، وفي عيني الديك ياقوتتان حمراوان لا يدرى ما قيمتهما، فأكرمه وقبل هديته، فكان ذلك الرجل يكثر أن يقول: حملت إلى الملك شيئاً ليس عند أحد من الخلق هو، فانتهى الخبر إلى الاصبهبذ، فأمر من الغد بنصب سماطين، فأحضر أصحابه للشراب، وأحضر الرجل الخُراساني، وأمر ألا يخرج بيومه ذلك من الجامات إلا ديكة مكللة من الجواهر، ودفع إلى كل رجلين من السماطين ديكاً من الديكة التي أخرجت من الخزائن، فبهت الخُراساني مما رأى، وفطن أنه إنما عرّض به لما كان يكثر أن يقوله، فقام فقال: أيها الملك، أخطأت فأقلني، فأمر له بصِلة جزيلة وردّ ذلك الديك إليه ولم يقبله. وكانت خزائن الملوك كلها صارت إليه. وطبرستان وجرجان وموقان وجيلان كلها وما والاها على ساحل الخزر ونزل الططر على طبرستان في سنة ست عشرة وستمائة واستولوا عليها قتلاً ونهباً وتخريباً وفعلوا العظائم، على عادتهم. (1) كذلك تعني لفظة ((طبر)) باللهجة المحلية هنالك ((الجبل))، وانظر ابن الفقيه: 301 - 302. (2) اليعقوبي: 277. (3) نزهة المشتاق: 270. (4) انظر مادة (الطاق). (5) فتوح البلدان: 416، وقارن بياقوت (طبرستان). (6) الفتوح: فوهيار. (7) ع: ثلثاثون، وفي البلاذري: يتتامون. (8) ص ع: المورن. وانظر ابن خرداذبه: 35. (9) انظر الخراج: 250. (10) قارن بابن حوقل: 323.

[الروض المعطار في خبر الأقطار]

طبرستان

، ومدينة طبرستان سارية من الرّيّ إليها سبع مراحل. طبرستان وإلى مدينة طبرستان الثانية وهي التي يقال لها آمل مرحلتان، ومدينة آمل على بحر الديلم. وطبرستان بلد منفرد له مملكة جليلة ولم يزل ملكه يسمى: الأصبهبذ ، وهي بلد المازيار الذي كان يكتب إلى الخلفاء إلى المأمون وإلى المعتصم: من جيل جيلان أصبهبذ خراسان المازيار محمد بن قارن موالي أمير المؤمنين لا يقول مولى أمير المؤمنين. وهو بلد كثير الحصون منيع بالأودية، وأهله أشراف العجم أبناء ملوكهم، وهم أحسن قوم وجوها. يقال: إن كسرى يزدجر خلف بن جواريه فحسنت وجوه أهله من قبل أولئك الجواري لأن أهل طبرستان أولادهن. وخراج البلد أربعة آلاف ألف درهم يعمل به الفرش الطبري والأكسية الطبرية.

[البلدان لليعقوبي]

طبرستان

بفتح أوله، وثانيه، وكسر الراء : بلاد واسعة ومدن كثيرة؛ يشملها هذا الاسم يغلب عليها الجبال، وهى تسمى بمازندران، وهى مجاورة لجيلان وديلمان، وهى من الرّىّ وقومس.

[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]