طُرَيثيثُ
بضم أوله، وفتح ثانيه ثم ياء مثناة من تحت وثاء مثلثة، تصغير الطرثوث: وهو نبت كالفطر مستطيل دقيق يضرب إلى الحمرة يؤبس، وهو دباغ للمعدة، منه مرّ ومنه حلو جعل في الأدوية، قال الأزهري: طراثيث البادية ليست كالطراثيث التي تنبت في جبال خراسان التي عندنا فان لها ورقا عريضا ومنبته الجبال، وطرثوث البادية لا ورق له ولا ثمر ومنبته الرمال وسهولة الأرض وفيه حلاوة وربما كان فيه عفوصة، وهو أحمر مستدير الرأس كأنه ثومة ذكر الرجل، وطرثيث: ناحية وقرى كثيرة من أعمال نيسابور وطريثيث قصبتها، وما زالت منبعا للفضلاء وموطنا للعلماء وأهل الدين والصلاح إلى قريب من سنة 530، فان العميد منصور بن منصور الزورآباذي رئيس هذه الناحية آباء وأجدادا لما استولى الباطنية الملاحدة على نواحي قهستان وزوزن، كما نذكره إن شاء الله تعالى في موضعه، خاف العميد غائلتهم لاتصال أعماله بأعمالهم فاستمد الأتراك لنصرته وحفظا للحريم والأموال، وكان شديدا على الملاحدة مسرفا في قتلهم، فجاء قوم من الأتراك لمعاونته فجروا على عادتهم في سوء المعاملة واستباحة ما لا يليق ولم تكن همّتهم صادقة في دفع العدوّ وإنما كان قصدهم بلوغ الغرض في تحصيل ما يحصلونه، فرأى ثقل وطأتهم وقلة غنائهم فدفعهم عنه والتجأ إلى الملاحدة وصفت له ناحية طريثيث وقلاعها وأملاكها وضياعها، وكان فقيها مناظرا حسن الاعتقاد شافعيّ المذهب إلا أن الضرورة الجأته إلى ما فعل، ولما حضرته الوفاة أوصى إلى رجل شافعي المذهب في غسله وتجهيزه وأوصى إلى ابنه علاء الدين محمود بإظهار دعوته وإحياء معالم السنن، فامتثل وصيته في شهور سنة 545 وأمر بلبس السواد والخطبة بجامع طريثيث فخالفه عمه وأقاربه وكسروا المنبر وقتلوا الخطيب، فكتب محمود إلى نيسابور يستمدّ أهلها ويستنصرهم في كشف هذه البلية وقتل الملاحدة فلم يجد مساعدا فقدم نيسابور وجرى أولئك على رأيهم وخلصت للملاحدة، فهي في أيديهم إلى الآن، وقد خرج من هذه الناحية جماعة من أهل العلم، وأهل خراسان يسمون هذه الناحية اليوم ترشيش، بشينين معجمتين وأوله تاء مثناة من فوق، وحكى العمراني عن الأزهري ولم أجده أنا في كتاب التهذيب الذي نقلته من خطه ولعله من تصنيف له آخر، قال: طريثيث قرية بنيسابور، وأنشد: كنت عن أهلي مسافر بالطريثيث أساير فإذا أبيض شاطر يتغنّى وهو طائر يا جيادا يا غضائروقد نسبوا إلى طريثيث جماعة وافرة من أهل العلم والعبادة قبل انتقالهم إلى هذه البلية، منهم: أبو الفضل شافع بن عليّ بن الفضل الطريثيثي، سمع أبا الحسن محمد بن عليّ بن صخر الأزدي بمكة وأبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن طلحة بن غسان الحافظ وغيرهما، روى عنه وجيه بن طاهر الشحامي، ومات بنيسابور في ذي الحجة سنة 488، ومولده بطريثيث سنة 460.
[معجم البلدان]
طُرَيْثيث (1) :
بينها وبين نيسابور ثلاث مراحل، منها أحمد بن علي الطريثيثي، روى عن أَنَس بن مالك
رضي الله عنه قال: كان رجل من أصحاب النبي
ﷺ من الأنصار يتجر بمال له ولغيره، ويضرب به الآفاق، وكان ناسكاً ورعاً فخرج مرة فلقيه لص مقنعاً في السلاح فقال له: ضع ما معك فإني قاتلك، قال: وما تريد إلى دمي؟ شأنك بالمال قال: إن المال لي فلست أريد إلا دمك، فقال: أما إذ أبيت فذرني أصلّي ركعتين، قال: صلَ ما بدا لك، فتوضأ ثم صلَى أربع ركعات، فكان من دعائه في آخر سجدة أن قال: يا ودود يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعّال لما يريد أسألك بعزك الذي لا يرام وملكك الذي لا يضام، وبنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شرّ هذا اللص، يا مغيث أغثني، ثلاث مرّات، فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة وضعها بين أذني فرسه، فلما بصر به اللص أقبل نحوه، فطعنه فقتله، ثم أقبل إليه فقال: قم، ثم قال: من أنت بأبي أنت وأمي، فقد أغاثني الله بك، قال: أنا ملك من السماء الرابعة، دعوت بدعائك الأول، فسمعت لأهل السماء قعقعة، ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة، ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل لي: دعاء مكروب، فسألت الله تعالى أن يوليني قتله، قال أنس
رضي الله عنه: فاعلم أن من توضأ وصلَى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له، مكروباً كان أو غير مكروب. (1) قارن بياقوت (طُرَيْثيث) وانظر في ضبطها ابن خلكان 4: 244.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]