نواقض الإسلام (1)

عناصر الخطبة

  1. رفعة المسلم وقيمته في تمسكه بدينه
  2. خوف الصحابة من النفاق
  3. معنى \"نواقض الإسلام\"
  4. بعض نواقض الإسلام وضابطها
  5. خطر الشرك وبعض صوره ومظاهره
  6. حكم من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم
  7. حكم من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم
  8. خطر مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين
اقتباس

من صور الشرك: تعظيم القبور والاعتقاد بالمقبورين فيها، إما بجلب نفع أو دفع ضر، وبعض هذه القبور تصبح مزارات ويذبح عندها القرابين، وتقدم لها الصدقات، وكل هذا شرك صريح لا شك فيه.وأكثر من يعتقد بالقبور، هم: الـ…

الخطبة الأولى:

الحمد لله …

أما بعد:

يقول الله -جل وعز-، فيمن أكرمهم بدخول الجنة: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)[الطور: 25-28].

أيها المسلمون: معلوم، أن أغلى ما لدى المسلم، وأعز ما لديه، دينه، دينه الذي أكرمه الله به، دينه الذي به صار لهذا الإنسان قيمة، وإلا فما الفرق بينه وبين بقية الحيوانات؟

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾[مريم: 96].

لكن بأي شرط؟

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾.

ويقول تعالى عن أولئك الذين أكرمهم سبحانه في الآخرة، ممن تمسك بدينه، حتى أتاه اليقين، غير مُبدّل ولا مغير: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[النحل: 28].

أيها المسلمون: إن قيمة إكرام الله للعبد بالدين، ورفعه به.

قيمته: أن يخاف المؤمن على دينه، خوفاً يدفع به إلى أن يحافظ عليه، ويصونه مما يناقض أصله كلياً، أو يخدشه وينقصه.

فهل هذا معمول به بيننا -أيها الأحبة-؟

أن نخاف على عقيدتنا وديننا من أن يناله شيء أكثر مما نخاف أن ينال شيء لممتلكاتنا وأموالنا؟

قال حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-: "كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاء الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: "نعم، وفيه دخن" قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يهدون بغير هدى، تعرف منهم وتنكر" قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم، دعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها" قلت: يا رسول الله، صفهم لنا؟ قال: "هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا" قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم" قلت: فإن لم يكن جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك"[رواه البخاري ومسلم].

المقصود: لزوم الدين، والثبات عليه، مهما اختلفت الفتن وقست الظروف، قال البخاري -رحمه الله-: "باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر".

قال: "وقال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلهم يخاف النفاق على نفسه".

أيها الأحبة: إذا كان هذا شأن الصحابة، يخاف الواحد منهم من النفاق على نفسه، والآخر يسأل عن الشر مخافة أن يدركه، فما بالنا نحن، يتصرف الواحد منا، وكأنه ضامن للجنة، يسير في هذه الدنيا وكأنه من أهل الجنة؟!.

عباد الله: إن هناك أموراً عظيمة، يُخشى ويُخاف على الإيمان منها، الواحدة منها تناقض أصل الإيمان، وتعرض صاحبها للذل والهوان والصغار، بل للخزي والعار والنار؛ نبه عليها الإمام المجدد/ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى-، فقال: "اعلم أن نواقض الإسلام عشرة" ومعنى نواقض: أنها تنقض أصل الإيمان، وصاحبها يعد خارجاً من الإسلام بالكلية، وداخلاً في الكفر بالكلية -نعوذ بالله من الخذلان-.

قال: "اعلم أن نواقض الإسلام عشرة:

الأول: الشرك في عبادة الله، قال الله -تعالى-: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا﴾[النساء:116].

وقال تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾[المائدة:72].

الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم، ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم كفر إجماعاً.

الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم كفر.

الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه؛ كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه، فهو كافر.

الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولو عمل به كفر.

السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أو ثوابه، أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ(66)﴾[التوبة:65-66].

السابع: السحر، ومنه الصرف والعطف؛ فمن فعله، أو رضي به كفر، والدليل قوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ﴾البقرة: 102].

الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[المائدة:51].

التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد، كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى -عليه السلام-، فهو كافر.

العاشر: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه، ولا يعمل به، والدليل قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ﴾[السجدة:22].

ثم قال رحمه الله: "ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره".

أيها المسلمون: ثم هذه بعض التعليقات اليسيرة، على بعض هذه النواقض بما يتيسر له المقام، ولأهمية الموضوع وخطورته، ولطوله أيضاً، فربما يؤجل بعض منها، لمناسبة قادمة.

أيها المسلمون: أما الأول، فواضح نقضه لأصل الإيمان، الشرك في عبادة الله، وهل بعث الأنبياء والرسل إلا لمحاربة الشرك وتحقيق التوحيد؟

كما استمرت دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ وكم بذل عليه الصلاة والسلام من الجهد والمعاناة؟ وكم لاقى من الأذى والحرب والمقاومة، في سبيل محو الشرك وقبله إخوانه من أنبياء الله ورسله؟

ثم لو تأملنا بعد ذلك في الجهود التي بذلها العلماء الأجلاء على مر العصور، وما كتبوا وما ألفوا، حول هذه القضية الخطيرة، لرأينا عجباً، ألوف المجلدات والكتب سطرت منذ القديم حتى يومنا هذا، تحذيراً للأمة من عواقبه الوخيمة.

فهذه كتب شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، جلها في مقاومة الشرك، ونشر التوحيد، والرد على بدع وشركيات زمانهم، ومن قبلهم ما كتبه الإمام أحمد والشافعي وغيرهم، وبعدهم كتب ورسائل أئمة الدعوة، كلها لمقاومة الشرك.

وما يزال الأمر يحتاج إلى مزيد، وما يزال الشرك منتشراً بين الناس، وإليك بعض صوره في هذا الزمان:

من صور الشرك: الغلو في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- بما قد يفضي إلى عبادته من دون الله، وإنه ليحصل من هذا عند من يحتفلون بالموالد، فيلقى من القصائد والأشعار والمدح والثناء عليه إلى درجة الغلو والشرك، قال صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله".

ومن صور الشرك: تعظيم القبور والاعتقاد بالمقبورين فيها، إما بجلب نفع أو دفع ضر، وبعض هذه القبور تصبح مزارات ويذبح عندها القرابين، وتقدم لها الصدقات، وكل هذا شرك صريح لا شك فيه.

وأكثر من يعتقد بالقبور، هم: الرافضة والصوفية، بل ربما اعتقدوا بأن زيارة هذه القبور أعظم من حج بيت الله الحرام.

ومن صور الشرك: السفر إلى أماكن بقصد التقرب إلى الله والعبادة فيها غير المساجد الثلاثة، وهذا أمر أصبح ينظم له الآن، من قبل بعض مكاتب السفر، فيذهب أفواج إلى أماكن معينة في الشام لأجل مزارات وقبور معينة، وكانت في السابق تذهب هذه القوافل للعراق.

وهذا شرك لا جدال فيه؛ لأنه تعظيم لبقعة لم تُعظم في الشرع، وشد للرحال إليها.

ومن صور الشرك: شرك الطاعة: وهو أن يطاع طائفة من الناس، ويسمع كلامهم، ويُنفذ أوامرهم، ولو كان طاعتهم تعارض وتخالف طاعة الله ورسوله، فهؤلاء يكونون قد أشركوا مع الله طاعة شخص، أو فئة، أو جهة، أو هيئة على حساب طاعة الله، قال الله -تعالى-: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ﴾[التوبة:31].

أيها المسلمون: ومع ما كتب وألف في هذا الجانب، فإن الأمة ما زالت بحاجة إلى المزيد، خصوصاً في تلك الصور الجديدة التي لم تكن معروفة قديماً، والتي اتخذها الناس أرباباً من دون الله، عليها يوالون ويعادون، ومن أجلها يحبون ويبغضون، إنها أصنام وأوثان القومية والوطنية والدولة، وغيرها، حتى أصبحت هذه المعبودات هي التي تملك قلوب أصحابها ومشاعرهم وولاءهم، فبذكرها يهتفون، وباسمها ينشدون، وفي سبيلها يقاتلون ويقتلون.

فينبغي لعلماء هذا العصر أن يكتبوا ويؤلفوا ويبينوا للناس شرك زمانهم، كما كتب أسلافهم عن الذبح لغير الله والنذر لغير الله، والاستسقاء بالأنواء.

فنسأل الله -جل وعز- أن يعصمنا وإياكم من مضلات الفتن، ومن نواقض الدين، ومن الشرك كله، كبيره وصغيره، دقيقه وجليله، إنه سميع قريب مجيب.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله …

أما بعد:

ومن الأمور التي نبه عليها الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- قوله: "من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم، ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم؛ كفر إجماعاً".

إن دعوة الأموات، ودعوة الغائبين والاستشفاع بهم، وسؤالهم الشفاعة، وطلب النفع منهم أو الضر، كفر بواح، جاء فيه قول الله -تعالى-: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ(6)﴾[الأحقاف:5-6].

وقول الله -تعالى-: ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾[المؤمنون:117].

﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ(41)﴾[سبأ:40].

ومما نبه عليه الإمام أيضاً قوله: "من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم كفر".

أيها المسلمون: إن كثرة انتشار الكفار بيننا، وكثرة وجود الكفرة في كل مكان، الشوارع والأسواق، بل وحتى البيوت، ومخالطتهم للنساء والأطفال ناهيك عن صور الكفرة والمشركين مما تبثه وسائل الإعلام المرئية، وتنقل للناس واقع حياتهم اليومية، فأصبح الناس يتفرجون على أشكال الكفار، ولباسهم وعاداتهم، حتى أصبحت من الأمور العادية جداً، ولا غرابة.

أضف إلى ذلك الاحتكاك اليومي بهم، إما بعمل أو معاملة.

وقد قيل – كثرة الإمساس يذهب الإحساس- ما بالك إذا صاحب ذلك كله حسن معاملة من الكافر، أو التزام بمواعيد، أو وفاء بعهد، لا شك بأن هذا يهز عقيدة المهتزين.

إن تكفير الكافر من أصول عقيدتنا.

فلنتق الله -أيها الأحبة- ولنحذر، فالأمر جد خطير، إنها ليست قضية إثم ومعصية، بل قضية خروج من الدين أو بقاء فيه، فمن لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم؛ كفر.

ومما نبه على الإمام أيضاً قوله: "مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، قال الله -تعالى-: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[المائدة:51].

لقد حذر الله نبيه من موالاة الكافرين والمشركين والركون إليهم، فقال تعالى له: ﴿فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ﴾[القصص:86].

فعدّ العلماء موادّاة أعداء الله من نواقض الإسلام، قال الله -تعالى-: ﴿وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾[النحل:106].

أيها المسلمون: إن المسلم الذي يُخاف عليه: أن يقع في هذا الناقض أكثر من غيره هو ذلك الشخص الذي له تعاملات مع الكفار، وهذا على مستوى الأفراد، فبمرور الزمن يحصل نوع مودة، وموالاة، فينطبق عليه قول الله -تعالى-: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[المائدة:51].

وإليك هذا المثال -وهو مجرد مثال-: هناك من أصحاب رؤوس الأموال الضخمة من له علاقات تجارية من تجار مثله كفرة، تفتح شركات كبرى، أو معاملات مالية ضخمة، إما باستيراد، أو بتصدير، فيحصل بينهم العلاقات والمودّات، خصوصاً إذا صارت الأرباح بالملايين، فيحصل الميل القلبي، وبعدها تكون المظاهرة لهذا المشرك واضحة، فمثل هذا الصنف من الناس على خطر عظيم.

ما بالك إذا أضيف له الشق الثاني، مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، كأن تكون هذا التجارة، التي بينهم مثلاً، أو هذا الاستيراد مما له ضرر بالمسلمين، كأن يكون ضرراً في أخلاقهم، أو ضرراً في دينهم وعقيدتهم؟

وهناك أشياء كثيرة -كما نعلم- تدخل بلدان المسلمين تفسدهم تضر بدينهم، فتبدأ القضية بتجارة ثم تنتهي بخروج من الملة، ثم خلود في نار جهنم -والعياذ بالله-.

هذا على مستوى الأفراد، فكيف يكون الأمر لو كانت المظاهرة للمشركين والكفار على مستوى الأمة، ومعاونتهم على المسلمين يصل ضررها للأمة أجمع ولأجيال وأجيال؟.

كأن تكون هذه المظاهرة، وهذه الولاءات لليهود أو للنصارى، وفيها تعاون على مسلمين، إما بأراضيهم أو شعوبهم، أو بتصدير نتنهم وزبالات أخلاقهم، وقذارات سلوكياتهم ونشرها بين أبناء وبنات المسلمين.

فكل هذه الصور وغيرها قبل أن تعد خيانة في حق الأمة.

اعلم -أخي المسلم- أنها ناقض من نواقض الدين، وكفر مخرج من الملة.

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.

اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك.

فاتقوا الله -أيها المسلمون- واحفظوا دينكم وعقيدتكم وصونوه، صونوه صيانة تجعلونه ملء سمعكم وملء بصركم، تجعلونه القاعدة التي تنطلقون منها في كل أمر اعتقادي، أو قولي، أو عملي، واسألوا الله كثيراً الثبات على ما أكرمكم به من دين الإسلام.

 فإنه -والله- زمان فتن، يمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافرا، ويصبح مؤمناً ويمسي كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا.

واستعيذوا بالله من زيغ القلوب، وابتعدوا عن الأسباب التي قد تجر إليكم ما يناقض أصل دينكم -عياذاً بالله-.

ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ربنا آتنا …