المقيت
كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...
الْإِخْبَارُ بِمَوْتِ الميت . ومن شواهده حديث عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - قَالَ : " إِيَّاكُمْ وَالنَّعْيَ، فَإِنَّ النَّعْيَ مِنْ عَمَلِ الجَاهِلِيَّةِ ." قَالَ عَبْدُ اللهِ : وَالنَّعْيُ أَذَانٌ بِالْمَيِّتِ ." الترمذي :984 ، وضعفه الألباني .
النَّعْيُ: الإِخْبارُ بِمَوْتِ الشَّخْصِ، يُقال: نَعَى الــمَيِّتَ، يَنْعاهُ، نَعْياً ونُعْياناً، أيْ: أَخْبَرَ بِمَوْتِهِ. والنّاعِي هو الذي يأْتي بِخَبَرِ الـمَوْتِ، وقِيل: النَّعْيُ هو رَفْعُ الصَّوْتِ بِذِكْرِ الـمَوْتِ، والنَّعِيُّ -بِكسر العَين-: خَبَرُ الـمَوْتِ. وأَصْلُ النَّعْيِ: إِشاعَةُ الشَّيْءِ ونَشْرُهُ، كَقَوْلهم: فُلانٌ يَنْعَى على نَفْسِهِ بِالفَواحِشِ: إذا أَظْهَرَها وشاعَ بِذلك.
نعي
الْإِخْبَارُ بِمَوْتِ الميت.
* لسان العرب : (15/333)
* المعجم الوسيط : (2/936)
* حاشية ابن عابدين : (3/72)
* البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة : (2/160)
* الـمجموع شرح الـمهذب : (5/215)
* الـمغني لابن قدامة : (2/425)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 482) -
التَّعْرِيفُ:
1 - النَّعْيُ وَالنُّعْيَانُ لُغَةً: خَبَرُ الْمَوْتِ، أَوْ نِدَاءُ الدَّاعِي، أَوِ الدُّعَاءُ بِمَوْتِ الْمَيِّتِ وَالإِْشْعَارُ بِهِ، النَّاعِي: الَّذِي يَأْتِي بِخَبَرِ الْمَوْتِ، أَوْ بِإِذَاعَةِ مَوْتِ الشَّخْصِ أَوْ يَنْدُبُهُ.
قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: كَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا قُتِل مِنْهُمْ شَرِيفٌ أَوْ مَاتَ بَعَثُوا رَاكِبًا إِلَى قَبَائِلِهِمْ يَنْعَاهُ إِلَيْهِمْ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
(ر: جَنَائِز ف 4) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - النَّدْبُ:
2 - النَّدْبُ مِنْ مَعَانِي النَّدْبِ فِي اللُّغَةِ: الْبُكَاءُ مَعَ تَعْدِيدِ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ بِلَفْظِ النِّدَاءِ، كَوَاسَيِّدَاهُ، وَاجَبَلاَهُ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (3) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّعْيِ أَنَّ النَّدْبَ قَدْ يَقْتَرِنُ بِالنَّعْيِ، وَقَدْ يَحْصُل بَعْدَهُ، فَلَيْسَ هُنَاكَ تَلاَزُمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِْخْبَارِ بِالْمَوْتِ.
ب - النَّوْحُ:
3 - النَّوْحُ لُغَةً: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ مَعَ رَنَّةٍ، وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّهِ - ﷺ - عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَلاَّ نَنُوحَ (4) .، وَعَنْ أَبَى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: لَعَنَ رَسُول اللَّهِ - ﷺ - النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ (5) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النَّوْحِ وَالنَّعْيِ أَنَّ النَّعْيَ الْمُطْلَقَ الإِْعْلاَمُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ بُكَاءٌ أَمْ لاَ، أَمَّا النَّوْحُ فَهُوَ الإِْعْلاَمُ الْمُقْتَرِنُ بِالْبُكَاءِ، وَقَدْ يَحْصُل بَعْدَ الإِْخْبَارِ بِالْمَوْتِ (6) .
صِيغَةُ النَّعْيِ:
4 - لَمْ يَذْكُرِ الْفُقَهَاءُ صِيغَةً مُحَدَّدَةً لِلنَّعْيِ، بَعْدَ اسْتِبْعَادِ مَا كَانَ مُبَاهَاةً وَمُفَاخَرَةً وَلَكِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى اخْتِيَارِ مَا فِيهِ تَذَلُّلٌ وَاسْتِرْحَامٌ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ (7) : وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِنَحْوِ: مَاتَ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ، ثُمَّ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ كَانَ يُؤْذِنُ بِالْجِنَازَةِ، فَيَمُرُّ بِالْمَسْجِدِ فَيَقُول: عَبْدُ اللَّهِ دُعِيَ فَأَجَابَ، أَوْ أَمَةُ اللَّهِ دُعِيَتْ فَأَجَابَتْ (8) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلنَّعْيِ:
5 - اخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ النَّعْيِ، حَتَّى فِي الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ، مَا بَيْنَ الاِسْتِحْبَابِ وَالإِْبَاحَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ، وَلِذَا اخْتَارَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ أَقْوَالَهُمْ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيل الْخِلاَفِ فِي الأَْمْرِ إِذْ لَمْ تَتَوَارَدْ عَلَى الصُّورَةِ الْمُطْلَقَةِ لِلنَّعْيِ.
قَال الْمُبَارَكْفُورِيُّ نَقْلاً عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ: يُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ الأَْحَادِيثِ ثَلاَثُ حَالاَتٍ:
1 - إِعْلاَمُ الأَْهْل وَالأَْصْحَابِ وَأَهْل الصَّلاَحِ، فَهَذَا سُنَّةٌ.
2 - دَعْوَةُ الْحَفْل لِلْمُفَاخَرَةِ بِالْكَثْرَةِ، فَهَذَا مَكْرُوهٌ.
3 - الإِْعْلاَمُ بِنَوْعٍ آخَرَ، كَالنِّيَاحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا مُحَرَّمٌ.
وَقَال الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلاَنِيُّ: النَّعْيُ لَيْسَ مَمْنُوعًا كُلُّهُ، وَإِنَّمَا نُهِيَ عَمَّا كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ يَصْنَعُونَهُ وَلَمْ يُنْقَل رَأْيٌ فِقْهِيٌّ بِوُجُوبِ النَّعْيِ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ مُفْلِحٍ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ حَتَّى لِلْقَرِيبِ، فَقَال: وَلاَ يَلْزَمُ إِعْلاَمُ قَرِيبٍ (9) .
النَّعْيُ الْمُسْتَحَبُّ:
6 - النَّعْيُ الْمُسْتَحَبُّ أَوِ الْمَنْدُوبُ إِلَيْهِ عَلَى حَسَبِ تَعْبِيرِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ - هُوَ عَلَى مَا صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِهِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ قَوْل النَّخَعِيِّ وَابْنُ سِيرِينَ - مَا كَانَ فِيهِ إِعْلاَمُ الْجِيرَانِ وَالأَْصْدِقَاءِ.
قَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْلَمَ جِيرَانُهُ وَأَصْدِقَاؤُهُ حَتَّى يُؤَدُّوا حَقَّهُ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ.
رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ النَّخَعِيِّ: لاَ بَأْسَ إِذَا مَاتَ الرَّجُل أَنْ يُؤْذَنَ صَدِيقُهُ وَأَصْحَابُهُ، إِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يُطَافَ فِي الْمَجْلِسِ فَيُقَال: أَنْعِي فُلاَنًا لأَِنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْل أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ بِاخْتِصَارٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ.
قَال النَّوَوِيُّ، فِي شَرْحِ حَدِيثِ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ - ﷺ - نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ (10) . فِيهِ اسْتِحْبَابُ الإِْعْلاَمِ بِالْمَيِّتِ، لاَ عَلَى صُورَةِ نَعْيِ الْجَاهِلِيَّةِ، بَل مُجَرَّدُ إِعْلاَمِ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ وَتَشْيِيعِهِ وَقَضَاءِ حَقِّهِ فِي ذَلِكَ، وَالَّذِي جَاءَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ النَّعْيِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ هَذَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ نَعْيُ الْجَاهِلِيَّةِ الْمُشْتَمِل عَلَى ذِكْرِ الْمَفَاخِرِ وَغَيْرِهَا. وَقَال ابْنُ مُفْلِحٍ: وَيَتَوَجَّهُ اسْتِحْبَابُهُ، لإِِعْلاَمِهِ - ﷺ - أَصْحَابَهُ بِالنَّجَاشِيِّ، وَقَوْلِهِ عَنِ الَّذِي يُقِمُّ الْمَسْجِدَ، أَيْ يَكْنُسُهُ: أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ، دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ أَيْ أَعْلَمْتُونِي، قَال ابْنُ سِيرِينَ: لاَ أَعْلَمُ بَأْسًا أَنْ يُؤْذِنَ الرَّجُل بِالْمَوْتِ صَدِيقَهُ وَحَمِيمَهُ (11) .
وَحَدِيثُ الَّذِي يُقِمُّ الْمَسْجِدَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرُهُ فِي إِيذَانِ أَصْحَابِ الْمَنْعِيِّ وَأَقَارِبِهِ هُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ أَنْ أَسْوَدَ (رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً كَانَ يُقِمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمِ النَّبِيُّ - ﷺ - بِمَوْتِهِ، فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَال: مَا فَعَل ذَلِكَ الإِْنْسَانُ؟ قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُول اللَّهِ، قَال: أَفَلاَ آذَنْتُمُونِي؟ فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا قِصَّتُهُ (قَال الرَّاوِي) : فَحَقَّرُوا شَأْنَهُ قَال: فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ (12) . وَنَقَل النَّوَوِيُّ عَنِ الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ اسْتَحَبَّ النَّعْيَ لِلْغَرِيبِ الَّذِي إِذَا لَمْ يُؤْذَنُ بِهِ لاَ يَعْلَمُهُ النَّاسُ (13) .
وَالْوَجْهُ فِي الاِسْتِحْبَابِ عِنْدَ ابْنِ قُدَامَةَ أَنَّ فِي كَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ عَلَى الْمَيِّتِ أَجْرًا لَهُمْ وَنَفْعًا لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يَحْصُل لِكُل مُصَلٍّ مِنْهُمْ قِيرَاطٌ مِنَ الأَْجْرِ، وَجَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - أَنَّهُ قَال: مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ (14) .
وَقَال - ﷺ - كَذَلِكَ: مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً لاَ يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ (15) .
وَيَشْمَل حُكْمُ الاِسْتِحْبَابِ، النِّدَاءَ فِي الأَْسْوَاقِ عَلَى مَا نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ النِّهَايَةِ قَوْلُهُ: إِنْ كَانَ الْمَنْعِيُّ عَالِمًا أَوْ زَاهِدًا فَقَدِ اسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ النِّدَاءَ فِي الأَْسْوَاقِ لِجِنَازَتِهِ وَهُوَ الأَْصَحُّ، وَلَكِنْ لاَ يَكُونُ عَلَى هَيْئَةِ التَّفْخِيمِ (16) .
النَّعْيُ الْمُبَاحُ:
7 - النَّعْيُ الْمُبَاحُ هُوَ مَا اقْتُصِرَ فِيهِ عَلَى الإِْعْلاَمِ بِالْمَوْتِ بِصُورَةٍ خَالِيَةٍ مِنْ عَمَلٍ مُحَرَّمٍ، قَال الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: مَحْضُ الإِْعْلاَمِ بِذَلِكَ لاَ يُكْرَهُ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلاَ.
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: لاَ بَأْسَ بِإِعْلاَمِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا بِمَوْتِهِ لِيَقْضُوا حَقَّهُ، وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُنَادَى عَلَيْهِ فِي الأَْزِقَّةِ وَالأَْسْوَاقِ، لأَِنَّهُ يُشْبِهُ نَعْيَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَالأَْصَحُّ أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ تَنْوِيهٌ بِذِكْرِهِ وَتَفْخِيمٌ بَل يَقُول: الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ الْفُلاَنِيُّ. . . فَإِنَّ نَعْيَ الْجَاهِلِيَّةِ مَا كَانَ فِيهِ قَصْدُ الدَّوَرَانِ مَعَ الضَّجِيجِ وَالنِّيَاحَةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فِي قَوْلِهِ - ﷺ -: لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ (17) .، كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. وَجَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَكَرِهَ بَعْضُهُمُ النِّدَاءَ فِي الأَْسْوَاقِ، وَالأَْصَحُّ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ، كَمَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَحَصَرَ الْحَنَابِلَةُ النَّعْيَ الْمُبَاحَ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ نِدَاءٌ، قَال الرَّحِيبَانِيُّ: لاَ بَأْسَ بِإِعْلاَمِ أَقَارِبِهِ وَإِخْوَانِهِ مِنْ غَيْرِ نِدَاءٍ، لإِِعْلاَمِهِ - ﷺ - أَصْحَابَهُ بِالنَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَفِيهِ كَثْرَةُ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ فَيَحْصُل لَهُمْ ثَوَابٌ وَنَفْعٌ لِلْمَيِّتِ (18) .
قَال ابْنُ الْمُرَابِطِ - مِنْ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ - مُبَيِّنًا الْحِكْمَةَ فِي الإِْبَاحَةِ: مُرَادُهُ أَنَّ النَّعْيَ الَّذِي هُوَ إِعْلاَمُ النَّاسِ بِمَوْتِ قَرِيبِهِمْ مُبَاحٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إِدْخَال الْكَرْبِ وَالْمَصَائِبِ عَلَى أَهْلِهِ، لَكِنَّ فِي تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ مَصَالِحَ جَمَّةً لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنَ الْمُبَادَرَةِ لِشُهُودِ جِنَازَتِهِ وَتَهْيِئَةِ أَمْرِهِ وَالصَّلاَةِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ وَالاِسْتِغْفَارِ وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الأَْحْكَامِ.
وَقَدِ اسْتَدَل النَّوَوِيُّ لِلإِْبَاحَةِ بِالأَْحَادِيثِ الَّتِي اسْتَدَل بِهَا الْقَائِلُونَ بِالاِسْتِحْبَابِ ثُمَّ قَال: الصَّحِيحُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الأَْحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ أَنَّ الإِْعْلاَمَ بِمَوْتِهِ لِمَنْ يَعْلَمُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ بَل إِنْ قُصِدَ بِهِ الإِْخْبَارُ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذِكْرُ الْمَآثِرِ وَالْمَفَاخِرِ وَالتَّطْوَافُ بَيْنَ النَّاسِ يَذْكُرُهُ بِهَذِهِ الأَْشْيَاءِ، وَهَذَا نَعْيُ الْجَاهِلِيَّةِ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فَقَدْ صَحَّتِ الأَْحَادِيثُ بِالإِْعْلاَمِ فَلاَ يَجُوزُ إِلْغَاؤُهَا (19) .
النَّعْيُ الْمَكْرُوهُ:
8 - لِلنَّعْيِ الْمَكْرُوهِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ صُورَتَانِ:
الأُْولَى: أَنَّهُ مَا كَانَ لِغَيْرِ قَرِيبٍ أَوْ صَدِيقٍ أَوْ جَارٍ أَوْ مَنْ يُرْجَى إِجَابَةُ دُعَائِهِ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ مَا كَانَ بِنِدَاءٍ، وَعَلَيْهِ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا.
قَال فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: كُرِهَ صِيَاحٌ بِمَسْجِدٍ، أَوْ بِبَابِهِ، بِأَنْ يُقَال: فُلاَنٌ قَدْ مَاتَ فَاسْعَوْا إِلَى جِنَازَتِهِ مَثَلاً، إِلاَّ الإِْعْلاَمَ بِصَوْتٍ خَفِيٍّ أَيْ مِنْ غَيْرِ صِيَاحٍ فَلاَ يُكْرَهُ.
وَقَال ابْنُ مُفْلِحٍ: وَلاَ يُسْتَحَبُّ النَّعْيُ، وَهُوَ النِّدَاءُ بِمَوْتِهِ بَل يُكْرَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَقَال: لاَ يُعْجِبُنِي، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ: يُكْرَهُ إِعْلاَمُ غَيْرِ قَرِيبٍ أَوْ صَدِيقٍ. وَنَقَل حَنْبَلٌ عَنْهُ: أَوْ جَارٍ، وَعَنْهُ: أَوْ أَهْل دِينٍ.
وَنَقَل النَّوَوِيُّ الْكَرَاهَةَ فِي نَعْيِ الْمَيِّتِ وَالنِّدَاءِ عَلَيْهِ لِلصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ مِنْهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَالْبَغَوِيُّ (20) .
النَّعْيُ الْمُحَرَّمُ:
9 - النَّعْيُ الْمُحَرَّمُ - عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ - هُوَ مَا اشْتَمَل عَلَى النَّحِيبِ وَالْبُكَاءِ بِصَوْتٍ عَالٍ، وَتَعْدَادِ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ وَمَزَايَاهُ عَلَى سَبِيل الْمُبَاهَاةِ، وَإِظْهَارِ الْجَزَعِ.
قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: مِنْ هَدْيِهِ - ﷺ - تَرْكُ النَّعْيِ، وَقَدْ نَهَى عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ عَمَل الْجَاهِلِيَّةِ، فَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ﵁ قَال: إِذَا مِتُّ فَلاَ تُؤْذِنُوا بِي، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ نَعْيًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ - ﷺ - يَنْهَى عَنِ النَّعْيِ (21) .
وَقَال الرُّحَيْبَانِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: النَّعْيُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ بِدْعَةٌ أَيْ مَا كَانَ بِالنَّحِيبِ وَالنَّدْبِ وَالْجَزَعِ.
وَقَدْ أَوْرَدَ الْقَائِلُونَ بِالتَّحْرِيمِ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ السُّخْطَ عَلَى مَوْتِ الْمَنْعِيِّ يُشْبِهُ التَّظَلُّمَ مِنَ الظَّالِمِ، وَحُكْمُ الْمَوْتِ عَلَى الْعِبَادِ عَدْلٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لأَِنَّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي خَلْقِهِ بِمَا شَاءَ، لأَِنَّهُمْ مِلْكُهُ (22) .
وَمِمَّا نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ مُحَرَّمٌ مَا كَانَ عَلَى صُورَةِ النَّعْيِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وَفِي صِفَتِهِ أَوْرَدَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَال: قُلْتُ لإِِبْرَاهِيمَ: أَكَانُوا يَكْرَهُونَ النَّعْيَ؟ قَال نَعَمْ قَال ابْنُ عَوْنٍ: كَانُوا إِذَا تُوُفِّيَ الرَّجُل رَكِبَ رَجُلٌ دَابَّةً ثُمَّ صَاحَ فِي النَّاسِ: أَنْعِي فُلاَنًا (23) .
__________
(1) لِسَان الْعَرَبِ لاِبْن مَنْظُور، وَالصِّحَاحِ لِلْجَوْهَرِيِّ، مَادَّة (نَعِي) .
(2) الْمَجْمُوع شَرْح الْمُهَذَّبِ لِلنَّوَوِيِّ 5 / 219، وَفَتْح الْبَارِي 3 / 452 - 453، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 1 / 155، وَالشَّرْح الصَّغِير 1 / 570، وَغَايَة الْمُنْتَهَى 1 / 228.
(3) الصِّحَاح، وَالْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ
(4) حَدِيث: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّهِ - ﷺ - عِنْدَ الْبَيْعَةِ ألا نَنُوحَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (فَتْح الْبَارِي 3 / 176 ط السَّلَفِيَّة وَمُسْلِم (2 / 645 ط عِيسَى الْحَلَبِيّ
(5) حَدِيث: لَعَنَ رَسُول اللَّهِ - ﷺ - النَّائِحَة وَالْمُسْتَمِعَة. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (3 / 493 ط حِمْص وَأَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ (3 / 65 ط الميمنية، وَقَال الْخَطَابِيّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ بِهَامِش سُنَن أَبِي دَاوُ
(6) لِسَان الْعَرَبِ، مَادَّة (نُوح) ، وَاللُّؤْلُؤ وَالْمَرْجَان فِيمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ 188.
(7) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 1 / 629
(8) أَثَر أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ كَانَ يُؤْذِنُ بِالْجِنَازَةِ. . . أَخْرَجَهُ ابْن أَبِي شَيْبَة فِي الْمُصَنَّفِ (3 / 276 ط الدَّار السَّلَفِيَّة) .
(9) الْفُرُوع 2 / 192 وَفَتْح الْبَارِي 3 / 116 وَتُحْفَة الأَْحْوَذِيّ 4 / 59، جَامِع التِّرْمِذِيّ بِشَرْحِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ 4 / 206.
(10) حَدِيث أَنَّ رَسُول اللَّهِ - ﷺ - نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (فَتْح الْبَارِي 3 / 202 ط السَّلَفِيَّة) وَمُسْلِم (2 / 656 ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم.
(11) الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 1 / 157، وَشَرْح صَحِيح مُسْلِم لِلنَّوَوِيِّ 7 / 21، وَفَتْح الْبَارِي 3 / 453، وَالْفُرُوع لاِبْن مُفْلِح 2 / 192، وَالْمَجْمُوع شَرْح الْمُهَذَّبِ لِلنَّوَوِيِّ 5 / 216، وَحَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 2 / 239، وَمَطَالِب أُولِي النُّهَى 11 / 741.
(12) حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنْ أُسَوِّدَ كَانَ يَقُمِ الْمَسْجِدُ. . . . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (فَتْح الْبَارِي 3 / 205 ط السَّلَفِيَّة) وَمُسْلِم (2 / 659 ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) ، وَاللَّفْظ لِلْبُخَارِيِّ
(13) الْمَجْمُوعِ لِلنَّوَوِيِّ 5 / 216
(14) حَدِيث: مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ أُمَّة. . . . أَخْرَجَهُ مُسْلِم (2 / 654 - ط الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ عَائِشَة - ﵂ -.
(15) حَدِيث: مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ. . . أَخْرَجَهُ مُسْلِم (2 / 655 - ط الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ ابْن عَبَّاسٍ - ﵄ -.
(16) فَتْح الْبَارِي 3 / 452، وَالْمُغني لاِبْن قُدَامَة 2 / 433، وَالشَّرْح الْكَبِير عَلَى الْمُقْنِعِ 2 / 432، وَحَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 2 / 239.
(17) حَدِيث: لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُود وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (فَتْح الْبَارِي 3 / 166 ط السَّلَفِيَّة) وَمُسْلِم (1 / 99 ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ ابْن مَسْعُود ﵁.
(18) الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 1 / 157، وَحَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 2 / 279، وَمَطَالِب أُولِي النُّهَى 1 / 847، وَالْمَجْمُوع شَرْح الْمُهَذَّبِ 5 / 216، وَفَتْح الْبَارِي 3 / 453.
(19) الْمَجْمُوع 5 / 216
(20) الْفُرُوع 2 / 192، وَمَطَالِب أُولِي النُّهَى 1 / 841، وَالشَّرْح الصَّغِير 1 / 70،، وَفَتْح الْبَارِي 2 / 453، وَالْمَجْمُوع 5 / 216
(21) حَدِيث: إِذَا مُتّ فَلاَ تُؤَذِّنُوا. . . . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (3 / 313 ط الْحَلَبِيّ) وَابْن مَاجَهْ (1 / 474 ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) وَاللَّفْظ لِلتِّرْمِذِيَ، وَقَال: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(22) مَطَالِب أُولِي النُّهَى للرحيباني 1 / 842 - 925 نَقْلاً عَنِ الْفُصُول، وَزَادَ الْمَعَاد لاِبْن الْقَيِّمِ 1 / 528، وَفَتْح الْبَارِي 3 / 93، وَالْمَجْمُوع شَرْح الْمُهَذَّبِ لِلنَّوَوِيِّ 5 / 215 - 216.
(23) الصِّحَاح لِلْجَوْهَرِيِّ، وَالنِّهَايَةَ لاِبْنِ الأَْثِيرِ مَادَّة (نَعْي) ، وَفَتْح الْبَارِي 3 / 453.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 375/ 40
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".