الخبير
كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...
الصوت الحاد الذي يخرج مع الحرف بالضغط في موضعه، لكنه دون ضغط القلقلة، فيسمع نحو النفخة . وهي صفة غير مشهورة . نحو الضاد ترى أنها وجدت منفذاً بين الأضراس
الصوت الحاد الذي يخرج مع الحرف بالضغط في موضعه، لكنه دون ضغط القلقلة، فيسمع نحو النفخة. وهي صفة غير مشهورة. نحو الضاد، لوجود منفذ لها بين الأضراس.
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي النَّفْخِ فِي اللُّغَةِ: إِخْرَاجُ الرِّيحِ، يُقَال: نَفَخَ بِفَمِهِ نَفْخًا: أَخْرَجَ مِنْهُ الرِّيحَ، وَنَفَخَ فِي الْبُوقِ: بَعَثَ فِيهِ الرِّيحَ لِيُحْدِثَ صَوْتًا، وَيُقَال: نَفَخَ النَّارَ بِالْمِنْفَاخِ: هَيَّجَهَا وَأَذْكَاهَا بِرِيحِهِ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - النَّفَسُ:
2 - مِنْ مَعَانِي النَّفَسِ فِي اللُّغَةِ: الرِّيحُ تَدْخُل وَتَخْرُجُ مِنْ أَنْفَيِ الْحَيِّ وَفَمِهِ حَال التَّنَفُّسِ. وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) . وَالصِّلَةُ أَنَّ النَّفَسَ أَعَمُّ مِنَ النَّفْخِ.
ب - التَّجَشُّؤُ:
3 - التَّجَشُّؤُ لُغَةً: مَصْدَرٌ مِنْ تَجَشَّأَ الإِْنْسَانُ تَجَشُّؤًا وَهُوَ: تَنَفُّسُ الْمَعِدَةِ عِنْدَ الاِمْتِلاَءِ، وَالاِسْمُ جُشَاءٌ وِزَانُ غُرَابٍ: وَهُوَ صَوْتٌ مَعَ رِيحٍ يَحْصُل مِنَ الْفَمِ عِنْدَ حُصُول الشِّبَعِ (3) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ النَّفْخِ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالنَّفْخِ:
يَتَعَلَّقُ بِالنَّفْخِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
أ - النَّفْخُ فِي الإِْنَاءِ:
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ النَّفْخُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: " أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الإِْنَاءِ أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ " (4) ، وَلِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ﵁ " أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنِ النَّفْخِ فِي الشُّرْبِ، فَقَال رَجُلٌ: الْقَذَاةُ أَرَاهَا فِي الإِْنَاءِ؟ قَال: أَهْرِقْهَا. قَال: فَإِنِّي لاَ أُرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ، قَال: " فَأَبِنِ الْقَدَحَ إِذَنْ عَنْ فِيكَ " (5) . وَلأَِنَّ النَّهْيَ عَنِ النَّفْخِ لِحَمْل أُمَّتِهِ عَلَى مَكَارِمِ الأَْخْلاَقِ، وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّظَافَةِ.
وَيَرَى أَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ النَّفْخُ فِي الطَّعَامِ إِلاَّ مَا لَهُ صَوْتٌ مِثْل أُفٍّ وَهُوَ تَفْسِيرُ النَّهْيِ.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّهُ لاَ يُكْرَهُ النَّفْخُ فِي الطَّعَامِ لِمَنْ كَانَ وَحْدَهُ.
وَقَال الآْمِدِيُّ - مِنَ الْحَنَابِلَةِ -: إِنَّهُ لاَ يُكْرَهُ النَّفْخُ فِي الطَّعَامِ إِذَا كَانَ حَارًّا، قَال الْمِرْدَاوِيُّ: وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ إِلَى الأَْكْل حِينَئِذٍ (6) .
ب - النَّفْخُ فِي الصَّلاَةِ:
5 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ النَّفْخَ عَمْدًا فِي الصَّلاَةِ مُبْطِلٌ لَهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ التَّفَاصِيل: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ النَّفْخُ مَسْمُوعًا تَبْطُل الصَّلاَةُ بِهِ، وَإِلاَّ فَلاَ تَبْطُل بِهِ.
وَالْمَسْمُوعُ عِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ مَا لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّأَةٌ مِثْل: " أُفٍّ " " تُفٍّ "، وَغَيْرُ الْمَسْمُوعِ بِخِلاَفِهِ. وَإِلَيْهِ مَال الْحُلْوَانِيُّ.
وَلَمْ يَشْتَرِطْ بَعْضُهُمْ لِلنَّفْخِ الْمَسْمُوعِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّأَةٌ، وَإِلَيْهِ مَال جَوْهَرُ زَادَةَ (7) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ النَّفْخَ مِنَ الْفَمِ مُبْطِلٌ لِلصَّلاَةِ إِنْ كَانَ عَامِدًا، سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَمْ جَاهِلاً، وَسَوَاءٌ أَظَهَرَ مِنْهُ حَرْفٌ أَمْ لَمْ يَظْهَرْ، أَمَّا إِذَا كَانَ سَاهِيًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ.
أَمَّا النَّفْخُ مِنَ الأَْنْفِ فَلاَ تَبْطُل بِهِ إِذَا نَفَخَ عِنْدَ الاِمْتِخَاطِ عِنْدَهُمْ (8) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ: إِنَّهُ مُبْطِلٌ لِلصَّلاَةِ إِنْ فَعَلَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَظَهَرَ فِيهِ حَرْفَانِ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلاً بِالتَّحْرِيمِ بِأَنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ فِي الإِْسْلاَمِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنِ الْعُلَمَاءِ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ حَرْفَانِ، فَلاَ تَبْطُل الصَّلاَةُ بِهِ.
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ: لاَ تَبْطُل بِالنَّفْخِ مُطْلَقًا، ظَهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ أَمْ لَمْ يَظْهَرْ، جَاهِلاً كَانَ النَّافِخُ أَمْ عَالِمًا؛ لأَِنَّهُ لاَ يُسَمَّى كَلاَمًا فِي اللُّغَةِ، وَالنَّصُّ وَرَدَ فِي الْكَلاَمِ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﷺ: " إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ " (9) ، وَلأَِنَّهُ لاَ يَبِينُ مِنَ النَّفْخِ حَرْفٌ مُحَقَّقٌ فَأَشْبَهَ الصَّوْتَ الْغُفْل (10) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ النَّفْخُ فِي الصَّلاَةِ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ حَرْفَانِ، فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ حَرْفَانِ بَطَلَتِ الصَّلاَةُ (11) .
ج - نَفْخُ الرُّوحِ:
6 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْجَنِينَ مُنْذُ نُفِخَ الرُّوحُ فِيهِ يُعْتَبَرُ إِنْسَانًا يُحْفَظُ لَهُ حَقُّهُ فِي الإِْرْثِ إِنْ تُوُفِّيَ مُوَرِّثُهُ، وَتَجِبُ الْغُرَّةُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَسْتَهِل صَارِخًا بَعْدَ نُزُولِهِ، وَيَحْرُمُ إِجْهَاضُ أُمِّهِ؛ لأَِنَّهُ يَكُونُ جِنَايَةً عَلَيْهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْحْكَامِ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ.
وَالتَّفْصِيل فِي (ذِمَّة ف 6، وَغُرَّة ف 6، وَإِجْهَاض ف 3 وَمَا بَعْدَهَا، وَإِرْث ف 109) .
د - النَّفْخُ فِي الصُّورِ:
7 - ذَهَبَ الْعُلَمَاءُ إِلَى أَنَّ النَّفْخَ فِي الصُّورِ مِمَّا يَجِبُ الإِْيمَانُ بِهِ؛ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ (12) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَْرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ} (13) ، وَقَوْلِهِ جَل جَلاَلُهُ: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَْرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ} (14) . وَقَوْلِهِ ﷿: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَْجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} (15) .
وَالتَّفْصِيل فِي عِلْمِ الْعَقِيدَةِ.
هـ - النَّفْخُ فِي آلاَتِ اللَّهْوِ:
8 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ النَّفْخِ فِي آلاَتِ اللَّهْوِ فَأَجَازَهَا بَعْضُهُمْ فِي أَحْوَالٍ خَاصَّةٍ وَمَنَعَهَا آخَرُونَ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مَعَازِف ف 11) .
__________
(1) لِسَانُ الْعَرَبِ، وَالْمُعْجَمُ الْوَسِيطُ، وَالْمُفْرَدَاتُ فِي غَرِيبِ الْقُرْآنِ.
(2) الْمُفْرَدَاتُ فِي غَرِيبِ الْقُرْآنِ، وَالْمُعْجَمُ الْوَسِيطُ.
(3) الْمِصْبَاحُ الْمُنِيرُ، وَلِسَانُ الْعَرَبِ.
(4) حَدِيثُ: " نَهَى النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الإِْنَاءِ ". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (4 / 114 - 115 ط حِمْصَ) ، وَقَال التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(5) ، حَدِيثُ: (نَهَى عَنِ النَّفْخِ فِي الشُّرْبِ. . . " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (4 / 304 ط الْحَلَبِيِّ) وَقَال: حَسَنٌ صَحِيحٌ
(6) حَاشِيَةُ ابْنِ عَابِدِينَ 6 / 216، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةُ 5 / 337، وَالْبَزَّازِيَّةُ 6 / 365، وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ 4 / 754، 755، وَالْمُنْتَقَى 7 / 236، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ 3 / 250، وَإِحْيَاءُ عُلُومِ الدِّينِ 2 / 5، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 5 / 174، وَالإِْنْصَافُ 8 / 328.
(7) ابْنُ عَابِدِينَ 1 / 413 ط الأَْمِيرِيَّةِ.
(8) حَاشِيَةُ الْبُنَانِيِّ عَلَى شَرْحِ الزُّرْقَانِيِّ 1 / 238 - 251.
(9) حَدِيثُ: " إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (1 / 381 - 382 ط الْحَلَبِيِّ) مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ.
(10) مُغْنِي الْمُحْتَاجِ 1 / 195، وَتُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ 2 / 140، وَالْمَجْمُوعُ 4 / 89.
(11) كَشَّافُ الْقِنَاعِ 1 / 401، وَالإِْنْصَافُ 2 / 138.
(12) لَوَامِعُ الأَْنْوَارِ الْبَهِيَّةِ وَسَوَاطِعُ الأَْسْرَارِ الأَْثَرِيَّةِ 2 / 161.
(13) سُورَةُ النَّمْل آيَةُ: 87
(14) سُورَةُ الزُّمَرِ آيَةُ: 68
(15) سُورَةُ يس آيَةُ: 51
الموسوعة الفقهية الكويتية: 23/ 41
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".