القدير
كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...
رَفْعُ الصَّوْتِ بالبكاء، والصراخ، والعويل على الميت، وندبه مع ذكر محاسنه . ومن أمثلته تحريم النياحة على الميت . ومن شواهده حديث أُمِّ عَطِيَّةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ : "أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - عِنْدَ البَيْعَةِ أَنْ لاَ نَنُوحَ ." البخاري :1306.
البُكَاءُ بِصَوْتٍ عَالٍ، تَقُولُ: نَاحَتِ المَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا إِذَا بَكَتْ عَلَيْهِ، وَالنَّائِحَةُ: البَاكِيَةُ، وَنِسَاءٌ نَوْحٌ وَأَنْوَاحٌ وَنُوَّحٌ وَنَوَائِحُ وَنَائِحَاتٌ، وَنَاحَ الذِّئْبُ وَاسْتنَاحَ أَيْ عَوَى، وُتُطْلَقُ النِّيَاحَةُ بِمَعْنَى الصِّيَاحِ وَالصُّرَاخِ، وَنَاحَ الرَّجُلُ إِذَا صَاحَ، وَأَصْلُ التَّنَاوُحِ: التَّقَابُلُ، وَمِنْهُ تَنَاوُحُ الْجَبَلَيْنِ؛ أَيْ تَقَابُلُهُمَا، وَيُطْلَقُ التَّنَوُّحُ وَالنَّوْحُ بِمَعْنَى: التَّحَرُّكُ وَالتَّمَايُلُ، يُقَالُ: تَنَوَّحَ الشَّيْءُ تنَوُّحًا إِذَا تَحَرَّكَ، وَالمَنَاحَةُ: مَكَانُ اجْتِمَاعِ النِّسَاءِ، وَسُمِّيَ بُكَاءُ النِّسَاءِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ نِيَاحَةً لِأَنَّهُنَّ كُنَّ يُقَابِلُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا فَيَبْكِينَ وَيَنْدُبْنَ المَيِّتَ.
يَذْكُرُ الفُقَهَاءُ النِّيَاحَةَ فِي كِتَابِ الصَّلاَةِ فِي بَابِ الأَذَانِ، عِنْدَ الكَلاَمِ عَمَّا يَحْرُمُ مِنْ رَفْعِ الأَصْواتِ كَالأَذَانِ، وَكِتَابِ الوَصَايَا فِي بَابِ أَحْكَامِ الوَصِيَّةِ، وَكِتَابِ القَضَاءِ فِي مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ. وَيُذْكَرُ فِي كُتُبِ العَقَائِدِ فِي بَابِ تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ وَغَيْرِهِ.
نوح
رَفْعُ الصَّوْتِ بِقَصْدِ إِظْهَارِ الحُزْنِ عَلَى المَيِّتِ.
النِّيَاحَةُ مِنْ أَعْمَالِ الجَاهِلِيَّةِ وَصِفَاتِهِمْ قَبْلَ الِإسْلاَمِ، سَواءً وَقَعَتْ مِنْ رَجُلٍ أَو امْرَأَةٍ، وَإِنْ كَانَ الغَالِبُ وُقُوعُهَا مِنَ النِّسَاءِ، وَهِيَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالصِّيَاحِ وَالصُّرَاخِ حُزْنًا عَلَى مَوْتِ شَخْصٍ، وَقَدْ يُصَاحِبُ النِّيَاحَةَ بُكَاءٌ وَشَقٌّ لِلْمَلاَبِسِ وَضَرْبٌ عَلَى الخُدُودِ، وَمِنْ مَفَاسِدِ النِّيَاحَةِ: 1- أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلصَّبْرِ بِاللِّسَانِ. 2- أَنَّهَا لَا تَزِيدُ النَّائِحَ إِلَّا شِدَّةً وَحُزْنًا وَعَذَابًا. 3- أَنَّهَا تَسَخُّطٌ مِنْ قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ، وَاعْتِرَاضٌ عَلَيْهِ. 4- أَنَّهَا تُهَيِّجُ أَحْزَانَ أَهْلِ المَيِّتِ.
البُكَاءُ بِصَوْتٍ عَالٍ، وَالنَّائِحَةُ : البَاكِيَةُ ، وُتُطْلَقُ النِّيَاحَةُ بِمَعْنَى الصِّيَاحِ وَالصُّرَاخِ ، وَأَصْلُ التَّنَاوُحِ: التَّقَابُلُ، وَسُمِّيَ بُكَاءُ النِّسَاءِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ نِيَاحَةً لِأَنَّهُنَّ كُنَّ يُقَابِلُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا فَيَبْكِينَ المَيِّتَ.
رَفْعُ الصَّوْتِ بالبكاء، والصراخ، والعويل على الميت، وندبه مع ذكر محاسنه.
* تهذيب اللغة للأزهري : (165/5)
* معجم مقاييس اللغة : (5 /367)
* جمهرة اللغة : (575/5)
* نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : (269/8)
* معجم مقاييس اللغة : (5 /367)
* المطلع على ألفاظ المقنع : ص154 - التوقيف على مهمات التعاريف : ص331 - الـمجموع شرح الـمهذب : 5 /219 - كشاف القناع : 2 /163 - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف : (391/4)
* حاشية ابن عابدين : 5 /34 - الزواجر عن اقتراف الكبائر : 1 /161 -
التَّعْرِيفُ:
1 - النِّيَاحَةُ لُغَةً اسْمٌ مِنَ النَّوْحِ، مَصْدَرُ نَاحَ يَنُوحُ نَوْحًا وَنُوَاحًا وَنِيَاحًا. وَهِيَ: الْبُكَاءُ بِصَوْتٍ عَالٍ، كَالْعَوِيل. وَالنَّائِحَةُ: الْبَاكِيَةُ. وَأَصْل التَّنَاوُحِ: التَّقَابُل، وَمِنْهُ تَنَاوُحُ الْجَبَلَيْنِ؛ أَيْ تَقَابُلُهُمَا، وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ النِّسَاءُ النَّوَائِحُ نَوَائِحَ لأَِنَّ بَعْضَهُنَّ يُقَابِل بَعْضًا إِذَا نُحْنَ. وَكَانَ النِّسَاءُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَابِل بَعْضُهُنَّ بَعْضًا، فَيَبْكِينَ وَيَنْدُبْنَ الْمَيِّتَ، فَهَذَا هُوَ النَّوْحُ وَالنِّيَاحَةُ. وَيُطْلَقُ عَلَى النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَجْتَمِعْنَ فِي مَنَاحَةٍ: نَوَائِحُ ونُوَّحٌ وَنَوْحٌ وَأَنْوَاحٌ وَنَائِحَاتٌ. وَنَوْحُ الْحَمَامَةِ: مَا تُبْدِيه مِنْ سَجْعِهَا عَلَى شَكْل النَّوْحِ. وَاسْتَنَاحَ الرَّجُل، كَنَاحٍ: بَكَى حَتَّى اسْتَبْكَى غَيْرَهُ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ فِي تَعْرِيفِ النِّيَاحَةِ. فَعَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا: الْبُكَاءُ مَعَ نَدْبِ الْمَيِّتِ؛ أَيْ تَعْدِيدِ مَحَاسِنِهِ. وَقِيل: هِيَ الْبُكَاءُ مَعَ صَوْتٍ (2) .
وَحَاصِل كَلاَمِ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ النِّيَاحَةَ عِنْدَهُمْ هِيَ الْبُكَاءُ إِذَا اجْتَمَعَ مَعَهُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: صُرَاخٌ أَوْ كَلاَمٌ مَكْرُوهٌ (3) .
وَعَرَّفَهَا أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّهَا: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ بُكَاءٍ، وَقِيل: مَعَ الْبُكَاءِ (4) .
وَعَرَّفَهَا الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهَا رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ بِرَنَّةٍ أَوْ بِكَلاَمٍ مُسَجَّعٍ (5) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْبُكَاءُ:
2 - الْبُكَاءُ: مَصْدَرُ بَكَى، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، فَيُقَال: بَكَى بُكَاءً وَبُكًى، وَهُوَ: خُرُوجُ الدَّمْعِ مِنَ الْعَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الصَّوْتِ أَوْ بِدُونِهِ. وَقِيل: هُوَ بِالْمَدِّ إِذَا كَانَ الصَّوْتُ أَغْلَبَ، وَيُقْصَرُ إِذَا كَانَ الْحُزْنُ أَغْلَبَ. وَقِيل: هُوَ بِالْقَصْرِ خُرُوجُ الدَّمْعِ فَقَطْ، وَبِالْمَدِّ خُرُوجُ الدَّمْعِ مَعَ الصَّوْتِ، وَيُقَال لِخُرُوجِ الدَّمْعِ مَعَ الصَّوْتِ: نَحِيبٌ، وَمَعَ الصِّيَاحِ: عَوِيلٌ (6) .
وَاسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِلْبُكَاءِ لاَ يَخْرُجُ فِي مَعْنَاهُ عَمَّا ذُكِرَ (7) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَاحَةِ وَالْبُكَاءِ هِيَ أَنَّ الْبُكَاءَ أَعَمُّ مِنَ النِّيَاحَةِ عِنْدَ مَنْ قَصَرَ مَعْنَاهَا عَلَى الْبُكَاءِ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ، أَوْ عَلَى الْبُكَاءِ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ، حَيْثُ تَكُونُ النِّيَاحَةُ إِحْدَى صُوَرِ الْبُكَاءِ. وَأَمَّا مَنْ جَعَل النِّيَاحَةَ شَامِلَةً لِرَفْعِ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ: سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهَا بُكَاءٌ أَمْ لاَ، فَإِنَّهَا تَكُونُ أَخَصَّ مِنَ الْبُكَاءِ مِنْ جِهَةٍ وَأَعَمَّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. ب - الرِّثَاءُ:
3 - الرِّثَاءُ: هُوَ الثَّنَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ بِذِكْرِ صِفَاتِهِ الْحَمِيدَةِ، نَثْرًا كَانَ أَوْ شِعْرًا (8) ، (ر: رِثَاء ف 1) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الرِّثَاءِ وَالنِّيَاحَةِ أَنَّ الرِّثَاءَ يَقَعُ عَلَى سَبِيل الْمَدْحِ وَلاَ يَكُونُ بِلَفْظِ النِّدَاءِ (9) .
وَأَمَّا النِّيَاحَةُ فَتَكُونُ بِتَعْدِيدِ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ أَوْ بِغَيْرِ بُكَاءٍ.
ج - التَّعْزِيَةُ:
4 - أَصْل الْعَزَاءِ هُوَ الصَّبْرُ، وَتَعْزِيَةُ أَهْل الْبَيْتِ: تَسْلِيَتُهُمْ وَتَأْسِيَتُهُمْ وَنَدْبُهُمْ إِلَى الصَّبْرِ، وَوَعْظُهُمْ بِمَا يُزِيل عَنْهُمُ الْحُزْنَ، فَكُل مَا يَجْلِبُ لِلْمُصَابِ صَبْرًا يُقَال لَهُ: تَعْزِيَةٌ (10) . (ر: تَعْزِيَة ف 1) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ التَّعْزِيَةِ وَالنِّيَاحَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَلاَمٌ يُقَال بِمُنَاسَبَةِ الْمَوْتِ، وَلَكِنْ مَضْمُونُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُخْتَلِفٌ، وَكَذَلِكَ مَقْصُودُهُمَا، فَبَيْنَمَا تَتَضَمَّنُ التَّعْزِيَةُ كَلاَمًا يُوَجَّهُ إِلَى أَهْل الْمَيِّتِ مُبَاشَرَةً وَيُقْصَدُ بِهِ تَصْبِيرُهُمْ عَلَى الْمُصِيبَةِ، وَالدُّعَاءُ لَهُمْ، تَتَضَمَّنُ النِّيَاحَةُ كَلاَمًا يُجَدِّدُ الأَْحْزَانَ وَيُوحِي بِالتَّبَرُّمِ مِنَ الأَْقْدَارِ، لِذَلِكَ اخْتَلَفَا فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، حَتَّى كَانَ حُكْمُ التَّعْزِيَةِ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ، وَحُكْمُ النِّيَاحَةِ التَّحْرِيمُ (11) .
د - النَّعْيُ:
5 - النَّعْيُ لُغَةً وَاصْطِلاَحًا: هُوَ الإِْخْبَارُ بِالْمَوْتِ (12) . وَالصِّلَةُ بَيْنَ النَّعْيِ وَالنِّيَاحَةِ أَنَّ النَّعْيَ مُخْتَلِفٌ عَنِ النِّيَاحَةِ لأَِنَّهُ جَائِزٌ إِذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ نِيَاحَةً، وَلَكِنْ قَدْ يَقَعُ النَّعْيُ بِكَلاَمٍ فِيهِ نِيَاحَةٌ أَوْ بِأُسْلُوبِهَا، فَيَكُونُ نَعْيًا وَنِيَاحَةً فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَيَكُونُ حُكْمُهُمَا الشَّرْعِيُّ وَاحِدًا، وَهُوَ التَّحْرِيمُ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
6 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ النِّيَاحَةَ مُحَرَّمَةٌ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ بِالْكَرَاهَةِ، وَيَقْصِدُونَ بِهَا الْكَرَاهَةَ التَّحْرِيمِيَّةَ لأَِنَّهُمْ عَدُّوهَا مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي لاَ تَصِحُّ الإِْجَارَةُ عَلَيْهَا (13) .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) } ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} هُوَ النَّوْحُ (15) . فَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - ﵂ - قَالَتْ: أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَنْ لاَ نَنُوحَ (16) .
وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ بِأَحَادِيثَ، مِنْهَا مَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - ﵁ - قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ (17) ، وَالْمَقْصُودُ كُفْرُ النِّعْمَةِ إِنْ لَمْ يَقَعْ مَعَ الاِسْتِحْلاَل، وَإِلاَّ فَهُوَ رِدَّةٌ، وَكِلاَهُمَا حَرَامٌ بِلاَ شَكٍّ.
وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ - ﵁ - أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: نُهِيتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ: صَوْتٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَمَزَامِيرُ شَيْطَانٍ، وَصَوْتٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ خَمْشُ وُجُوهٍ وَشَقُّ جُيُوبٍ وَرَنَّةُ شَيْطَانٍ (18) .
وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - ﵁ - قَال: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ - ﵁ - فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ تَبْكِي وَتَقُول: وَاجَبَلاَهُ، وَاكَذَا وَاكَذَا، تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَال ابْنُ رَوَاحَةَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلاَّ وَقَدْ قِيل لِي: أَنْتَ كَذَلِكَ؟ (19) .
وَمِنْهَا مَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أَنَّهُ قَال: النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْل مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ (20) .
وَمِنْهَا مَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ - ﵂ - قَالَتْ: لَمَّا جَاءَ قَتْل ابْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شِقِّ الْبَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ. . . . وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْهَاهُنَّ. فَذَهَبَ الرَّجُل، ثُمَّ أَتَى، فَقَال: قَدْ نَهَيْتُهُنَّ، وَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ، فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَال: وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِي (أَوْ: غَلَبْنَنَا) الشَّكُّ مِنْ أَحَدِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ - فَزَعَمْتُ (21) أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: " فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ "، فَقُلْتُ (22) : أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، مَا تَرَكْتَ رَسُول اللَّهِ ﷺ مِنَ الْعَنَاءِ (23) . قَال الْقُرْطُبِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا يَدُل عَلَى أَنَّهُنَّ رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ بِالْبُكَاءِ، فَلَمَّا لَمْ يَنْتَهِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَسُدَّ أَفْوَاهَهُنَّ بِذَلِكَ، وَخَصَّ الأَْفْوَاهَ بِذَلِكَ لأَِنَّهَا مَحَل النَّوْحِ. . . ثُمَّ قَال ابْنُ حَجَرٍ: ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ فِي بُكَائِهِنَّ زِيَادَةٌ عَلَى الْقَدْرِ الْمُبَاحِ، فَيَكُونُ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ بِدَلِيل أَنَّهُ كَرَّرَهُ وَبَالَغَ فِيهِ وَأَمَرَ بِعُقُوبَتِهِنَّ إِنْ لَمْ يَسْكُتْنَ (24) .
قَال جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: هَذِهِ الأَْحَادِيثُ جَاءَتْ فِي تَحْرِيمِ النِّيَاحَةِ مُطْلَقًا، وَبَيَانِ عَظِيمِ قُبْحِهَا، وَالاِهْتِمَامِ بِإِنْكَارِهَا؛ لأَِنَّهَا مُهَيِّجَةٌ لِلْحُزْنِ وَرَافِعَةٌ لِلصَّبْرِ، وَفِيهَا مُخَالَفَةٌ لِلتَّسْلِيمِ لِلْقَضَاءِ وَالإِْذْعَانِ لأَِمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالصَّبْرِ، فَقَال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (25) } . وَهَذَا يَتَنَاوَل كُل مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ النِّيَاحَةِ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ أَوْ بِتَعْدِيدِ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ (26) . وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يُنْكِرُونَ عَلَى النَّائِحَةِ أَشَدَّ الإِْنْكَارِ، فَقَدْ رُوِيَ " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - ﵁ - سَمِعَ نُوَاحَةً بِالْمَدِينَةِ لَيْلاً، فَأَتَى عَلَيْهَا فَدَخَل فَفَرَّقَ النِّسَاءَ، فَأَدْرَكَ النَّائِحَةَ، فَجَعَل يَضْرِبُهَا بِالدِّرَّةِ فَوَقَعَ خِمَارُهَا، فَقَالُوا: شَعْرُهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَال: أَجَل فَلاَ حُرْمَةَ لَهَا (27) ".
7 - ذَلِكَ هُوَ حُكْمُ النِّيَاحَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ التَّحْرِيمُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، وَلَكِنْ وَرَدَتْ فِي بَعْضِ الْمَذَاهِبِ تَفْصِيلاَتٌ تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْحُكْمِ يَحْسُنُ ذِكْرُهَا:
فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ النِّيَاحَةُ الْمُحَرَّمَةُ هِيَ الْبُكَاءُ، بِمَعْنَى إِرْسَال الدُّمُوعِ إِذَا صَاحَبَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ أَوِ الْقَوْل الْقَبِيحُ، كَقَوْل النَّائِحَةِ: يَا قَتَّال الأَْعْدَاءِ، وَيَا نَهَّابَ الأَْمْوَال، وَمَا يَقُولُهُ النِّسَاءُ مِنَ التَّعْدِيدِ، فَإِذَا تَجَرَّدَ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ مِنَ الأَْمْرَيْنِ كِلَيْهِمَا لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا، بَل جَائِزًا، إِلاَّ إِذَا اجْتَمَعَتِ النِّسَاءُ لِغَرَضِ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مَكْرُوهًا وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِرَفْعِ صَوْتٍ وَلاَ قَوْلٍ قَبِيحٍ (28) .
ثُمَّ إِنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ مَا كَانَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَمَّا الْبُكَاءُ عَلَى الْمَرِيضِ قَبْل مَوْتِهِ بِالصِّيَاحِ وَغَيْرِ الصِّيَاحِ، فَهُوَ مُبَاحٌ إِذَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِقَوْلٍ قَبِيحٍ (29) . وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَتِيكٍ - ﵁ - أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ عَلَيْهِ، فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَاسْتَرْجَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَقَال: غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّبِيعِ، فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ، فَجَعَل جَابِرٌ يُسْكِتُهُنَّ، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: دَعْهُنَّ، فَإِذَا وَجَبَ فَلاَ تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، وَمَا الْوُجُوبُ؟ قَال: إِذَا مَاتَ (30) ، قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فِيهِ إِبَاحَةُ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَرِيضِ بِالصِّيَاحِ وَغَيْرِ الصِّيَاحِ عِنْدَ حُضُورِ وَفَاتِهِ، أَلاَ تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ، فَجَعَل جَابِرٌ يُسْكِتُهُنَّ، وَتَسْكِيتُ جَابِرٍ لَهُنَّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لأَِنَّهُ كَانَ قَدْ سَمِعَ النَّهْيَ عَنِ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَوْتَى، فَاسْتَعْمَل ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ، حَتَّى قَال لَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ: دَعْهُنَّ يَبْكِينَ حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَ فَلاَ تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ، يُرِيدُ: لاَ تَرْفَعْ صَوْتَهَا بِالْبُكَاءِ بَاكِيَةٌ، وَذَلِكَ مُفَسَّرٌ فِي الْحَدِيثِ (31) .
وَلَمْ تُفَصِّل طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ هَذَا التَّفْصِيل، وَإِنَّمَا عَمَّمُوا حُكْمَ التَّحْرِيمِ عَلَى كُل بُكَاءٍ اقْتَرَنَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ أَوْ بِقَوْلٍ قَبِيحٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ عِنْدَ حُضُورِ الْمَوْتِ أَمْ بَعْدَهُ، وَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ السَّابِقَ بِأَنَّ صِيَاحَ النِّسَاءِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ لَمْ يَكُنْ مُقْتَرِنًا بِأَيٍّ مِنَ الأَْمْرَيْنِ، وَإِنَّمَا كَانَ اسْتِرْجَاعًا مِنْ غَيْرِ كَلاَمٍ قَبِيحٍ وَلاَ نِيَاحَةٍ (32) .
وَذَهَبَ سَنَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ النِّيَاحَةَ إِنْ لَمْ تَقْتَرِنْ بِمُحَرَّمٍ تَكُونُ مَكْرُوهَةً إِلاَّ إِذَا اتُّخِذَتْ صَنْعَةً فَتَكُونُ حَرَامًا.
وَذَهَبَ الْقَرَافِيُّ إِلَى أَنَّ النُّوَاحَ يَكُونُ حَرَامًا وَمِنَ الْكَبَائِرِ فِي حَالَتَيْنِ:
الأُْولَى: إِذَا تَضَمَّنَ اعْتِرَاضًا عَلَى الْقَدَرِ.
وَالثَّانِيَةُ: إِذَا كَانَ مِمَّا يُبْعِدُ السَّلْوَةَ عَنْ أَهْل الْمَيِّتِ.
وَلَيْسَ مِنْ قَبِيحِ النِّيَاحَةِ ذِكْرُ دِينِ الْمَيِّتِ وَأَمْرُ أَهْلِهِ بِالصَّبْرِ وَالاِحْتِسَابِ، وَالْحَثُّ عَلَى طَلَبِ الأَْجْرِ وَالثَّوَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ (33) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْنَى الدَّقِيقَ لِلنِّيَاحَةِ هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ، وَأَمَّا رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ فَيَدُل كَلاَمُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَدْخُل فِي النِّيَاحَةِ بِمَعْنَاهَا الاِصْطِلاَحِيِّ (34) .
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْيَسِيرَ مِنَ الْكَلاَمِ فِي وَصْفِ الْمَيِّتِ، أَوْ يَسِيرَ النُّدْبَةِ كَقَوْلِهِ: يَا أَبَتَاهُ يَا وَالِدَاهُ؛ مُبَاحٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ صِدْقًا، وَأَنْ لاَ يَكُونَ بِصِيغَةِ النَّوْحِ، قَال أَحْمَدُ: إِذَا ذَكَرَتِ الْمَرْأَةُ مِثْل مَا حُكِيَ عَنْ فَاطِمَةَ - ﵂ - لاَ يَكُونُ مِثْل النَّوْحِ (35) ، وَالَّذِي حُكِيَ عَنْ فَاطِمَةَ - ﵂ - هُوَ مَا رَوَاهُ أَنَسٌ - ﵁ - قَال: لَمَّا ثَقُل النَّبِيُّ ﷺ جَعَل يَتَغَشَّاهُ الْكَرْبُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاكَرْبَ أَبَاهُ، فَقَال لَهَا: لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهُ مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ، يَا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيل نَنْعَاهُ (36) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالنِّيَاحَةِ:
تَتَعَلَّقُ بِالنِّيَاحَةِ أَحْكَامٌ، مِنْهَا:
أ - تَعْذِيبُ الْمَيِّتِ بِالنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ:
8 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِالنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ:
الرَّأْيُ الأَْوَّل: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْمَيِّتَ لاَ يُعَذَّبُ بِشَيْءٍ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَيْهِ إِلاَّ إِذَا وَصَّى بِذَلِكَ فَنُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ؛ لأَِنَّ النِّيَاحَةَ أَوِ الْبُكَاءَ الْمُحَرَّمَيْنِ بِسَبَبِهِ وَمَنْسُوبَانِ إِلَيْهِ، فَأَمَّا مَنْ بَكَى عَلَيْهِ أَهْلُهُ وَنَاحُوا مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ مِنْهُ فَلاَ يُعَذَّبُ بِذَلِكَ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (37) } وَحَمَل جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ خَبَرَ: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ (38) عَلَى مَا إِذَا وَصَّى بِذَلِكَ وَنُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ (39) . وَقَال الرَّمْلِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِذَا لَمْ تُنَفَّذْ وَصِيَّةُ الْمَيِّتِ بِالنِّيَاحَةِ أَوِ الْبُكَاءِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سِوَى إِثْمِ الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ (40) .
وَقَال بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: تَجِبُ الْوَصِيَّةُ بِتَرْكِ النِّيَاحَةِ وَالْبُكَاءِ الْمُحَرَّمَيْنِ، فَمَنْ أَهْمَل الْوَصِيَّةَ بِتَرْكِهِمَا عُذِّبَ بِهِمَا (41) .
وَفَصَّل الْحَنَابِلَةُ فَقَال بَعْضُهُمْ: يُعَذَّبُ بِتَرْكِ الْوَصِيَّةِ إِذَا كَانَ عَادَةُ أَهْلِهِ النِّيَاحَةَ وَالْبُكَاءَ الْمُحَرَّمَيْنِ، وَقَال آخَرُونَ: إِنَّ الْمَيِّتَ يَتَأَذَّى بِالنِّيَاحَةِ إِنْ لَمْ يُوصِ بِتَرْكِهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَادَةَ أَهْلِهِ (42) .
الرَّأْيُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِسَبَبِ نِيَاحَةِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ.
وَقَدْ صَحَّ هَذَا الْقَوْل عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ - ﵃ - (43) ، لِمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - ﵄ - أَنَّهُ قَال لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ: أَلاَ تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ، فَإِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ.
وَلِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ رَأْيٌ فِي مَعْنَى التَّعْذِيبِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ:
فَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّهُ بِمَعْنَى تَأَلُّمِ الْمَيِّتِ بِمَا يَقَعُ مِنْ أَهْلِهِ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْمُرَابِطِ وَعِيَاضٌ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَنَصَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ تَوْبِيخُ الْمَلاَئِكَةِ لِلْمَيِّتِ بِمَا يَنْدُبُهُ بِهِ أَهْلُهُ.
وَرَأَى الْبَعْضُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْذِيبِ هُوَ التَّعْذِيبُ فِي الْبَرْزَخِ وَلَيْسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ قَوْل الْكِرْمَانِيِّ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ التَّعْذِيبَ خَاصٌّ بِالْكَافِرِ دُونَ الْمُؤْمِنِ. وَهُوَ قَوْل عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، ﵃. (44) .
ب - حُكْمُ الْوَصِيَّةِ بِالنِّيَاحَةِ:
9 - لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ وَصِيَّةَ الْمُسْلِمِ بِالنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مُحَرَّمَةٌ وَبَاطِلَةٌ، وَلاَ يَجُوزُ تَنْفِيذُهَا، وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِصُنْعِ طَعَامٍ لِلنَّائِحَاتِ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ مِنْ شُرُوطِ الْمُوصَى بِهِ فِي الْوَصِيَّةِ أَنْ لاَ يَكُونَ مَعْصِيَةً، فَإِنْ أَوْصَى الْمُسْلِمُ بِالنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ، سَوَاءٌ نَفَّذَهَا الْمُوصَى لَهُ أَمْ لَمْ يُنَفِّذْهَا، فَإِنْ نَفَّذَهَا كَانَ عَلَيْهِ إِثْمُ الْوَصِيَّةِ، وَاشْتَرَكَ فِي الْوِزْرِ عَلَى النِّيَاحَةِ مَعَ مَنْ يَقُومُ بِهَا (45) .
ج - عُقُوبَةُ النَّائِحَةِ:
10 - لَمَّا كَانَتِ النِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ مُحَرَّمَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَزْجُرَ عَنْهَا وَيُعَاقِبَ عَلَيْهَا بِعُقُوبَاتٍ تَعْزِيرِيَّةٍ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - ﵁ - " أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا بِالْعَصَا وَيَرْمِي بِالْحِجَارَةِ وَيَحْثِي بِالتُّرَابِ (46) " وَرَوَى الأَْوْزَاعِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - ﵁ - " أَمَرَ بِضَرْبِ نَائِحَةٍ، فَضُرِبَتْ حَتَّى بَدَا شَعْرُهَا، فَقِيل لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ قَدْ بَدَا شَعْرُهَا، فَقَال: لاَ حُرْمَةَ لَهَا، إِنَّمَا تَأْمُرُ بِالْجَزَعِ وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَتَنْهَى عَنِ الصَّبْرِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَتَفْتِنُ الْحَيَّ وَتُؤْذِي الْمَيِّتَ، وَتَبِيعُ عَبْرَتَهَا، وَتَبْكِي شَجْوَ غَيْرِهَا، إِنَّهَا لاَ تَبْكِي عَلَى مَيِّتِكُمْ، وَإِنَّمَا تَبْكِي لأَِخْذِ دَرَاهِمِكُمْ (47) ".
وَلَكِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ لاَ يُعَاقَبُ بِالضَّرْبِ عَلَى النِّيَاحَةِ، وَإِنَّمَا تُمْنَعُ النَّائِحَةُ مِنَ الاِسْتِمْرَارِ، وَتُنْصَحُ بِعَدَمِ الْعَوْدِ، وَإِلاَّ نُفِيَتْ مِنَ الْبَلَدِ (48) ، وَاسْتَدَل الْقَارِّيُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الضَّرْبِ بِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ - ﵄ - أَنَّهُ لَمَّا مَاتَتْ زَيْنَبُ (وَفِي رِوَايَةٍ رُقَيَّةُ) ابْنَةُ رَسُول اللَّهِ ﷺ، بَكَتِ النِّسَاءُ، فَجَعَل عُمَرُ يَضْرِبُهُنَّ بِسَوْطِهِ، فَأَخَذَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ، وَقَال: مَهْلاً يَا عُمَرُ، ثُمَّ قَال: ابْكِينَ وَإِيَّاكُنَّ وَنَعِيقَ الشَّيْطَانِ، ثُمَّ قَال: إِنَّهُ مَهْمَا كَانَ مِنَ الْعَيْنِ وَالْقَلْبِ فَمِنَ اللَّهِ وَمِنَ الرَّحْمَةِ، وَمَا كَانَ مِنَ الْيَدِ وَاللِّسَانِ فَمِنَ الشَّيْطَانِ (49) ، قَال الْقَارِّيُّ: فِيهِ إِشْعَارٌ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الضَّرْبُ عَلَى النِّيَاحَةِ، بَل يَنْبَغِي النَّصِيحَةُ، وَلِذَلِكَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَال لَهُ: (مَهْلاً) ، أَيْ أَمْهِلْهُنَّ (50) . وَنَصَّ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَلَى وُجُوبِ النَّهْيِ عَنِ النِّيَاحَةِ، فَإِنْ لَمْ تَرْتَدِعِ النَّائِحَةُ وَجَبَ عِقَابُهَا بِمَا يَزْجُرُهَا؛ لأَِنَّهَا مِنَ الْمَعَاصِي، وَلِمَا فِيهَا مِنْ أَذِيَّةِ الْمَيِّتِ (51) .
د - الاِسْتِمَاعُ لِلنِّيَاحَةِ:
11 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - ﵁ - قَال: لَعَنَ رَسُول اللَّهِ ﷺ النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ (52) قَال الْقَارِّيُّ: الْمُرَادُ بِالْمُسْتَمِعَةِ فِي الْحَدِيثِ هِيَ الَّتِي تَقْصِدُ السَّمَاعَ وَيُعْجِبُهَا، كَمَا أَنَّ الْمُسْتَمِعَ لِلْمُغْتَابِ يَكُونُ شَرِيكًا لَهُ فِي الْوِزْرِ، وَالْمُسْتَمِعَ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ يَكُونُ شَرِيكًا لَهُ فِي الأَْجْرِ.
هـ - الإِْجَارَةُ عَلَى النِّيَاحَةِ وَكَسْبُ النَّائِحَةِ:
12 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الاِسْتِئْجَارُ عَلَى الْمَعَاصِي، كَاسْتِئْجَارِ النَّائِحَةِ لِلنَّوْحِ؛ لأَِنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مَقْدُورَةِ الاِسْتِيفَاءِ شَرْعًا، فَلاَ تَصِحُّ الإِْجَارَةُ عَلَى النِّيَاحَةِ، وَتَقَعُ بَاطِلَةً، وَلاَ تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً عَلَيْهَا، فَإِنْ أَخَذَتْهَا النَّائِحَةُ كَانَتْ كَسْبًا مُحَرَّمًا خَبِيثًا، وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّهُ عَلَى أَرْبَابِهِ إِنْ عَلِمُوا، وَإِلاَّ وَجَبَ عَلَيْهَا التَّصَدُّقُ بِهِ.
لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَصَرُوا هَذَا الْحُكْمَ عَلَى حَالَةِ اشْتِرَاطِ الأُْجْرَةِ فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ أُعْطِيَتِ النَّائِحَةُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَهُوَ لَهَا، لَكِنَّهُمْ قَالُوا: الْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ، فَلاَ يَحِل لَهَا مَا تَأْخُذُهُ إِذَا كَانَتِ الْعَادَةُ جَارِيَةً عَلَى إِعْطَاءِ النَّوَائِحِ أَجْرًا عَلَى نِيَاحَتِهِنَّ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ الأَْخْذُ بِهِ فِي زَمَانِنَا لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ لاَ يَذْهَبُونَ إِلاَّ بِأَجْرٍ.
ثُمَّ قَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ تَحْرُمُ الإِْجَارَةُ عَلَى كِتَابَةِ النَّوْحِ؛ لأَِنَّ الْمَمْنُوعَ هُوَ النَّوْحُ نَفْسُهُ لاَ كِتَابَتُهُ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى تَحْرِيمِ الإِْجَارَةِ عَلَى كِتَابَةِ النَّوْحِ؛ لأَِنَّهَا انْتِفَاعٌ بِمُحَرَّمٍ، فَلاَ يَجُوزُ (53) .
و النِّيَاحَةُ عَلَى فِعْل الْمَعَاصِي:
13 - أَشَارَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ نِيَاحَةَ الْمُسْلِمِ عَلَى مَا اقْتَرَفَ مِنَ الْمَعَاصِي جَائِزَةٌ، بَل هِيَ نَوْعٌ مِنَ الْعِبَادَةِ؛ لأَِنَّ فِيهَا إِظْهَارَ النَّدَمِ عَلَى مَا فَاتَ مِنْهُ مِنَ التَّقْصِيرِ (54) .
ز - ثُبُوتُ الْمَوْتِ بِالنِّيَاحَةِ:
14 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى إِثْبَاتِ الْمَوْتِ بِشَهَادَةِ التَّسَامُعِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ فِي إِثْبَاتِهِ الشَّهَادَةُ بِالْمُعَايَنَةِ. وَالْمَنْعُ مِنْ إِثْبَاتِهِ بِذَلِكَ وَجْهٌ عِنْدَهُمْ. وَذَهَبَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ إِلَى أَنَّ مِنْ صُوَرِ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ أَنْ يَمُرَّ بِبَابِ الْقَتِيل شَخْصٌ فَيَسْمَعَ النِّيَاحَةَ فِي دَارِهِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ لِلتَّعْزِيَةِ، فَيُخْبِرَهُ وَاحِدٌ بِمَوْتِهِ (55) .
__________
(1) لسان العرب، وتاج العروس، والمصباح المنير، وجمهرة اللغة، والصحاح، والنظم المستعذب في شرح غريب المهذب 1 / 136.
(2) عون المعبود 8 / 399، وحاشية ابن عابدين 5 / 34، والمنهل العذب المورود 8 / 280.
(3) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 421، 422، والمنتقى 2 / 25، والفروق وتهذيب الفروق 2 / 172 وما بعدها، و 180 وما بعدها
(4) المجموع 5 / 280، ومغني المحتاج 1 / 356، والمنهاج وحاشية القليوبي 1 / 343، وحاشية العدوي على كفاية الطالب 1 / 347.
(5) نهاية المحتاج 3 / 16، ومغني المحتاج 1 / 356، وكشاف القناع 2 / 163، ومطالب أولي النهى 1 / 925.
(6) لسان العرب والمصباح والقاموس المحيط، والكليات 1 / 429.
(7) حاشية قليوبي وعميرة على شرح المحلى شرح المنهاج 1 / 343، وكشاف القناع 2 / 162، وحاشية الباجوري 1 / 259، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 421، وشرح الخرشي 1 / 133، ومغني المحتاج 2 / 43.
(8) الكليات للكفوي 5 / 79، وإرشاد الساري 2 / 406.
(9) الفروق 2 / 174، 175، ومغني المحتاج 2 / 44، ونهاية المحتاج 3 / 17.
(10) المصباح، والنظم المستعذب 1 / 138، 139، والزاهر ص 136، ونيل الأوطار 4 / 147.
(11) المهذب 1 / 138، 139، والقوانين الفقهية ص 95.
(12) المصباح، والنظم المستعذب 1 / 132، وقواعد الفقه للبركتي.
(13) حاشية ابن عابدين 5 / 34، وبدائع الصنائع 1 / 310، و 4 / 189، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، وتقريرات الشيخ عليش 1 / 421، وشرح الخرشي 1 / 133، والمنهاج ومغني المحتاج 2 / 43، والمجموع 5 / 281، والإنصاف 3 / 568، ومطالب أولي النهى 1 / 925.
(14) سورة الممتحنة / 12.
(15) أحكام القرآن للجصاص 3 / 589، وتفسير القرطبي 12 / 72، وتفسير الماوردي 4 / 229.
(16) حديث أم عطية: " أخذ علينا النبي ﷺ عند البيعة أن لا ننوح. . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 176 ط السلفية) ومسلم (2 / 645 ط الحلبي) .
(17) حديث: " اثنتان في الناس هما بهم كفر. . . " أخرجه مسلم (1 / 82 ط الحلبي) .
(18) حديث: " نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين. . . " أخرجه ابن سعد في الطبقات (1 / 138 ط دار صادر) والترمذي (3 / 328 ط الحلبي) واللفظ لابن سعد وقال الترمذي: حسن.
(19) حديث النعمان بن بشير: " أغمي على عبد الله بن رواحة - ﵁ - فجعلت أخته تبكي: واجبلاه. . . " أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3 / 529 ط بيروت) .
(20) حديث: " النائحة إذا لم تتب قبل موتها. . . " أخرجه مسلم (2 / 644 ط عيسى الحلبي) في حديث أبي مالك الأشعري.
(21) الزعم قد يطلق على القول المحقق وهو المراد هنا (فتح الباري 3 / 130) .
(22) القائل هو عائشة ﵂
(23) حديث: " فاحث في أفواههن التراب. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 176 ط السلفية) ومسلم (2 / 644 - 645 ط عيسى الحلبي) .
(24) فتح الباري 3 / 130، 131.
(25) سورة البقرة / 153.
(26) شرح النووي على مسلم 6 / 238، ودليل الفالحين 8 / 147، 149، والكبائر للذهبي ص 184، 185، ونيل الأوطار 4 / 160، 161، وكشاف القناع 2 / 163، ومعالم القربة في أحكام الحسبة ص 106، 107، ومطالب أولي النهى 1 / 925.
(27) أثر عمر: " سمع نواحة في المدينة. . . . " أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3 / 557 - 558 ط المجلس الأعلى) .
(28) حاشية الدسوقي 1 / 421، 422، وشرح الخرشي 2 / 133.
(29) الاستذكار 8 / 312، والخرشي وحاشية العدوي 1 / 133، وحاشية العدوي على كفاية الطالب 1 / 347.
(30) حديث: " جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه فصاح به فلم يجبه. . . " أخرجه مالك في الموطأ (2 / 233 ط عيسى الحلبي) والحاكم (1 / 352 ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(31) الاستذكار 8 / 312.
(32) المنتقى 2 / 25، وحاشية الدسوقي 1 / 422، ومواهب الجليل 3 / 56، 57.
(33) الفروق 2 / 172، 173.
(34) نهاية المحتاج 3 / 16، 17، وشرح المحلى على المنهاج وحاشية قليوبي وعميرة 1 / 343، والمجموع 5 / 281، والأذكار للنووي مع الفتوحات الربانية 4 / 130، 136، ومغني المحتاج 2 / 43، وإرشاد الساري 2 / 409.
(35) شرح الزركشي 2 / 356، 357، والإنصاف 2 / 568، ومطالب أولي النهى 1 / 926.
(36) حديث: " لما ثقل النبي - ﷺ - جعل يتغشاه. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 8 / 149 ط السلفية) .
(37) سورة فاطر / 18.
(38) حديث: " إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 151 ط السلفية) ومسلم (2 / 640 ط عيسى الحلبي) من حديث ابن عمر - ﵄ -، واللفظ للبخاري.
(39) المجموع 5 / 308، والبناية شرح الهداية 2 / 1044 طبعة دار الفكر، بيروت، والاستذكار 8 / 322، وكشاف القناع 2 / 163، 164.
(40) نهاية المحتاج 3 / 17.
(41) المجموع 5 / 309.
(42) كشاف القناع 2 / 163.
(43) نيل الأوطار 4 / 104، 105، وفتح الباري 3 / 118، 155، والاستذكار 8 / 322، وعون المعبود 8 / 402، والمغني 2 / 412.
(44) نيل الأوطار 4 / 104، 105، وفتح الباري 3 / 154، 155، وسبل السلام 2 / 115، 116، والاستذكار 8 / 321 - 323.
(45) البدائع 7 / 341، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 427، والبيان والتحصيل 13 / 139، ومغني المحتاج 2 / 44، ونهاية المحتاج 3 / 17.
(46) فتح الباري 3 / 137
(47) الكبائر ص 184، ومجموع الفتاوى 32 / 251.
(48) المرقاة 4 / 235 ط دار الفكر، بيروت 1992، ومعالم القربة ص 106.
(49) حديث: " ابكين وإياكن ونعيق الشيطان ". أخرجه أحمد (1 / 237 ط الميمنية) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3 / 17 ط القدسي) فيه علي بن زيد وفيه كلام وهو موثق.
(50) مرقاة المفاتيح 4 / 235، 236.
(51) مجموع الفتاوى 32 / 398، 399.
(52) حديث: " لعن رسول الله - ﷺ - النائحة والمستمعة ". أخرجه أبو داود (3 / 494 ط حمص) قال المنذري في مختصر السنن (4 / 290 - نشر دار المعرفة) : في إسناده: محمد بن الحسن بن عطير العوفي عن أبيه عن جده، وثلاثتهم ضعفاء.
(53) بدائع الصنائع 4 / 189، وحاشية ابن عابدين 5 / 34، والاختيار 2 / 60، والبيان والتحصيل 13 / 139، والشرح الكبير 4 / 21، وبداية المجتهد 2 / 239، والمغني 6 / 134، والمهذب 1 / 517 طبعة مصطفى البابي الحلبي، ومغني المحتاج 2 / 337.
(54) عون المعبود 8 / 400.
(55) المحلى على المنهاج وحاشية عميرة 4 / 328.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 49/ 42