البصير
(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...
زمَان ممتد من طُلُوع الْفجْر الثَّانِي إِلَى غرُوب الشَّمْس . ومن شواهده حديث طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْه - عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْه - أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا ." قَالَ : أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ : ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﴾ ﴿ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﱪ المائدة :3 ، قَالَ عُمَرُ : " قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ ." البخاري :45
اليَوْمُ: مِقْدارٌ مِن الزَّمانِ، أَوَّلُهُ طُلوعُ الشَّمْسِ إلى غُروبِها، أو مِن طُلوعِ الفَجْرِ الصّادِقِ إلى غُروبِ الشَّمْسِ، وأَصْلُ اليَوْمِ: مُدَّةٌ مِن الزَّمَنِ مُمْتَدَّةٌ مُتَّصِلَةٌ، ومِن مَعانِيه: الوَقْتُ، والزَّمَنُ، والـحِينُ، سَواء كان نَهاراً أو لَيْلاً، تقولُ: خَبَّأْتُ الـمالَ لِهذا اليَوْمِ، أيْ: لِهذا الوَقْتِ، ويأتي بمعنى الوقائِع، والعُقوبات، والجَمعُ: أيّامٌ.
يَرِد مُصْطلَح (يَوْم) في الفِقْهِ في عِدَّة مواطِن منها: كتاب الطَّهارَةِ، باب: الحَيْض، وفي كِتاب الصَّلاةِ، باب: قَصْر الصَّلاة، وفي كِتابِ الحَجِّ، باب: مَحْظورات الإِحْرامِ، وباب: صِفَة الحَجِّ، وفي كِتابِ النِّكاحِ، باب: القَسْم بين الزَّوْجاتِ، وباب: العِدَّة، وكتاب الأطْعِمَةِ، باب: العَقِيقَة، وغَيْرها من الأبواب. ويُطْلَقُ في كتاب الصِّيامِ، باب: قَضاء الصَّوْمِ، وباب: صَوْم التَّطَوُّعِ، وكتاب الأَيْمان، باب: كَفّارَة اليَمِينِ، وغَيْرها، ويُرادُ به: مِقْدارٌ من الزَّمانِ، يَبْدَأُ بِطُلوعِ الفَجْرِ الثّانِي، ويَنْتَهي بِغُروبِ الشَّمْسِ. وقد يُطْلَقُ على اللَّيْلِ فقط، وقد يُطْلَقُ على ما بين زَوالِ الشَّمْسِ إلى طُلوعِ الفَجْرِ الصّادِقِ، كَيَوْمِ عَرَفَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُقوفِ.
يوم
مِقدارٌ مِن الزَّمانِ يَشمَلُ النَّهارَ بِلَيْلَتِهِ.
اليَوْمُ: مِقْدارٌ مِن الزَّمانِ، أَوَّلُهُ طُلوعُ الشَّمْسِ إلى غُروبِها، وأَصْلُ اليَوْمِ: مُدَّةٌ مِن الزَّمَنِ مُمْتَدَّةٌ مُتَّصِلَةٌ، ومِن معانِيه: الوَقْتُ والزَّمَنُ والـحِينُ، سَواء كان نَهاراً أو لَيْلاً.
زمَان ممتد من طُلُوع الْفجْر الثَّانِي إِلَى غرُوب الشَّمْس.
* الكليات : 5/118 - المصباح المنير : 2/940 - حاشية ابن عابدين : 2/445 - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : 3/202 - العين : (8/433)
* معجم مقاييس اللغة : (6/159)
* المحكم والمحيط الأعظم : (10/589)
* مختار الصحاح : (ص 350)
* تاج العروس : (34/ 143)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/940) -
التَّعْرِيفُ:
1 ـ الْيَوْمُ فِي اللُّغَةِ: مِقْدَارٌ مِنَ الزَّمَانِ أَوَّلُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهَا، وَجَمْعُهُ: أَيَّامٌ، وَيُذَكَّرُ مُفْرَدُهُ، وَتَأْنِيثُ جَمْعِهِ أَكْثَرُ، يُقَال: أَيَّامٌ مُبَارَكَةٌ (1) ، وَفِي التَّنْزِيل: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ (2) } .
وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ هُوَ زَمَانٌ مُمْتَدٌّ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أـ النَّهَارُ:
2 ـ النَّهَارُ فِي اللُّغَةِ: ضِيَاءٌ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَفِي الْحَدِيثِ: إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْل وَبَيَاضُ النَّهَارِ (4) ، قَال ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا الْبَيَانُ يَحْصُل بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ، وَقِيل: النَّهَارُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهَا. وَقَال بَعْضُهُمُ: النَّهَارُ انْتِشَارُ ضَوْءِ الْبَصَرِ وَاجْتِمَاعُهُ، وَالْجَمْعُ أَنْهُرٌ (5) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: النَّهَارُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهَا (6) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْيَوْمِ وَالنَّهَارِ هِيَ أَنَّ الْيَوْمَ أَطْوَل مِنَ النَّهَارِ.
ب ـ اللَّيْل:
3 ـ اللَّيْل: فِي أَصْل اللُّغَةِ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ أَوِ الشَّمْسِ. وَقَال فِي الْمِصْبَاحِ: هُوَ مِنْ غِيَابِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ.
وَهُوَ فِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ أَوْ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ (7) .
جـ ـ الْحِينُ:
4 ـ الْحِينُ هُوَ الْوَقْتُ وَالْمُدَّةُ قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيرًا. وَفِي الْقَامُوسِ: الْحِينُ: الدَّهْرُ، أَوْ وَقْتٌ مُبْهَمٌ يَصْلُحُ لِجَمِيعِ الأَْزْمَانِ، طَال أَمْ قَصُرَ، يَكُونُ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ (8) .
وَنَقَل النَّوَوِيُّ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْحِينَ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ سَاعَةٍ إِلَى مَا لاَ يُحْصَى عَدَدُهُ (9) .
قَال الْفَرَّاءُ: الْحِينُ حِينَانِ: حِينٌ لاَ يُوقَفُ عَلَى حَدِّهِ، وَالْحيِنُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ جَل ثَنَاؤُهُ: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُل حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا (10) } سِتَّةُ أَشْهُرٍ.
قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْحِينُ الْمَجْهُول لاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ، وَالْحِينُ الْمَعْلُومُ هُوَ الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِهِ الأَْحْكَامُ وَيَرْتَبِطُ بِهِ التَّكْلِيفُ (11) .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُرَادِ بِلَفْظِ الْحِينِ:
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الْحِينُ مُنَكَّرَةً سِتَّةُ أَشْهُرٍ؛ لأَِنَّ الْحِينَ الْمُطْلَقَ فِي كَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى أَقَلُّهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَيُحْمَل مُطْلَقُ كَلاَمِ الآْدَمِيِّ عَلَيْهِ (12) .
وَبِهِ قَال الأَْوْزَاعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ (13) .
وَقَال مَالِكٌ: مَنْ حَلَفَ أَلاَّ يَفْعَل شَيْئًا إِلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ دَهْرٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ سُنَّةٌ (14) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَقَعُ الْحِينُ عَلَى الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ.
إِذْ قَالُوا: لَوْ قَال لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إِلَى حِينٍ أَوْ بَعْدَ حِينٍ، طَلَقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ (15) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْحِينِ وَالْيَوْمِ أَنَّ الْحِينَ أَعَمُّ مِنَ الْيَوْمِ (16) .
د ـ الْوَقْتُ:
5 ـ الْوَقْتُ فِي اللُّغَةِ: مِقْدَارٌ مِنَ الزَّمَانِ مَفْرُوضٌ لأَِمْرٍ مَا، وَكُل شَيْءٍ قَدَّرْتَ لَهُ حِينًا فَقَدْ وَقَّتَّهُ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (17) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْيَوْمِ وَالْوَقْتِ هِيَ أَنَّ الْوَقْتَ أَعَمُّ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْيَوْمِ:
نَذْرُ اعْتِكَافِ يَوْمٍ:
6 ـ الْيَوْمُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ: أـ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَأَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدْخُل فِيهِ مُعْتَكَفَهُ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نَذْرٌ ف 48) .
ب ـ أَمَّا إِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بِدَايَةِ هَذَا الْيَوْمِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ كَأَنْ يَقُول: " لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا " لَزِمَهُ أَنْ يَدْخُل مُعْتَكَفَهُ قَبْل الْفَجْرِ، وَيَخْرُجَ مِنْهُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ إِذْ هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ إِطْلاَقِ الْيَوْمِ، إِذِ الْيَوْمُ فِي الاِصْطِلاَحِ ـ كَمَا تَقَدَّمَ ـ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ إِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لَيْلَةٌ زِيَادَةً عَلَى الْيَوْمِ الَّذِي نَذَرَهُ، وَاللَّيْلَةُ الَّتِي تَلْزَمُهُ هِيَ لَيْلَةُ الْيَوْمِ الَّذِي نَذَرَهُ لاَ اللَّيْلَةُ الَّتِي بَعْدَهُ، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ دُخُولُهُ الْمُعْتَكَفَ قَبْل الْغُرُوبِ أَوْ مَعَهُ، لِلُزُومِ اللَّيْل لَهُ، قَال ابْنُ الْحَاجِبِ: وَمَنْ دَخَل قَبْل الْغُرُوبِ اعْتَدَّ بِيَوْمِهِ، وَبَعْدَ الْفَجْرِ لاَ يُعْتَدُّ بِهِ، وَفِيمَا بَيْنَهُمَا قَوْلاَنِ (18) .
تَفْرِيقُ سَاعَاتِ الْيَوْمِ الْمَنْذُورِ اعْتِكَافُهُ:
7 ـ الْيَوْمُ الْمَنْذُورُ اعْتِكَافُهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ: فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَأَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ الْخَمِيسِ مَثَلاً فَلاَ يَجُوزُ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ بِلاَ خِلاَفٍ.
أَمَّا إِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَفْرِيقِ سَاعَاتِهِ إِلَى رَأْيَيْنِ:
الرَّأْيُ الأَْوَّل: ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَفْرِيقُ سَاعَاتِ الْيَوْمِ؛ لأَِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ لَفْظِ الْيَوْمِ التَّتَابُعُ. الرَّأْيُ الثَّانِي: وَهُوَ مُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَفْرِيقُ سَاعَاتِ الْيَوْمِ فِي أَيَّامٍ تَنْزِيلاً لِلسَّاعَاتِ مِنَ الْيَوْمِ مَنْزِلَةَ الْيَوْمِ مِنَ الشَّهْرِ عِنْدَهُمْ.
وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الأَْصْل مَا يَلِي:
نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ نَذَرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ اعْتِكَافَ يَوْمٍ وَدَخَل الْمَسْجِدَ وَمَكَثَ فِيهِ إِلَى مِثْل الْوَقْتِ الَّذِي نَوَى الاِعْتِكَافَ مِنَ الْغَدِ أَجْزَأَ لِتَحَقُّقِ يَوْمٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ يَضُرُّ تَخَلُّل اللَّيْل بَيْنَ سَاعَاتِ الْيَوْمِ لِحُصُول التَّتَابُعِ بِالْبَيْتُوتَةِ فِي الْمَسْجِدِ، قَال الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى عَدَمِ إِجْزَائِهِ، وَقَال الشَّيْخَانِ: إِنَّهُ الْوَجْهُ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِيَوْمٍ مُتَوَاصِل السَّاعَاتِ، وَاللَّيْلَةُ لَيْسَتْ مِنَ الْيَوْمِ (19) . وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لاَ تَتَأَتَّى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الاِعْتِكَافِ عِنْدَهُمْ (20) .
نَذْرُ اعْتِكَافِ يَوْمِ قُدُومِ شَخْصٍ:
8 - إِنْ نَوَى اعْتِكَافَ يَوْمِ يَقْدَمُ زَيْدٌ صَحَّ نَذْرُهُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مُمْكِنٌ.
فَإِنْ قَدِمَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لَزِمَهُ اعْتِكَافُ الْبَاقِي مِنْهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ مَا فَاتَ؛ لأَِنَّهُ فَاتَ قَبْل شَرْطِ الْوُجُوبِ فَلَمْ يَجِبْ.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (21) .
هَذَا عِنْدَ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الصَّوْمَ لِصِحَّةِ الاِعْتِكَافِ، أَمَّا عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُ - وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - فَلَزِمَهُ يَوْمٌ كَامِلٌ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِاعْتِكَافٍ مَعَ صَوْمٍ فِيمَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ، وَلاَ قَضَاؤُهُ مُتَمَيِّزًا مِمَّا قَبْلَهُ، فَلَزِمَهُ اعْتِكَافُ يَوْمٍ كَامِلٍ ضَرُورَةً.
وَإِنْ قَدِمَ لَيْلاً فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ مَا الْتَزَمَ بِهِ فِي النَّذْرِ لَمْ يُوجَدْ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (22) .
فَإِنْ كَانَ لِلنَّاذِرِ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الاِعْتِكَافِ عِنْدَ قُدُومِ فُلاَنٍ مِنْ حَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ قَضَى وَكَفَّرَ لِفَوَاتِ الاِعْتِكَافِ فِي وَقْتِهِ، وَيَقْضِي بَقِيَّةَ الْيَوْمِ فَقَطْ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ يَلْزَمُ فِي الأَْدَاءِ.
وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَقْضِي يَوْمًا كَامِلاً بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الصَّوْمِ فِي الاِعْتِكَافِ.
(ر: اعتكافٌ ف18 - 21) .
نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ فَفَاتَهُ:
9 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ كَيَوْمِ الْخَمِيسِ مَثَلاً فَفَاتَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نَذْرٌ ف45) .
قَضَاءُ الْيَوْمِ الْمَنْذُورِ اعْتِكَافُهُ لَيْلاً:
10 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ فَفَاتَهُ فَقَضَاهُ لَيْلاً أَجْزَأَهُ؛ لأَِنَّهُ قَضَاءٌ بِخِلاَفِ الْيَوْمِ الْمُطْلَقِ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْوَفَاءِ بِنَذْرِهِ عَلَى صِفَتِهِ الْمُلْتَزَمَةِ، وَلاَ كَذَلِكَ الْمُعَيَّنُ (23) .
وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ نِصْفِ يَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَتَحَقَّقُ الصَّوْمُ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الاِعْتِكَافِ عِنْدَهُمْ لأَِنَّهُ لاَ يُصَامُ نِصْفُ يَوْمٍ (24) . تَبَعِيَّةُ اللَّيَالِي لِلأَْيَّامِ فِي الاِعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ وَالْحَجِّ:
11 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ عَدَدٍ مِنَ الأَْيَّامِ لَزِمَهُ اعْتِكَافُ مَا نَذَرَهُ مِنْ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا؛ لأَِنَّ ذِكْرَ الأَْيَّامِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ يُدْخِل مَا بِإِزَائِهَا فِي اللَّيَالِي، وَالْعَكْسُ صَحِيحٌ، فَيَدْخُل بِالنَّذْرِ بِاعْتِكَافِ لَيَالٍ مَا بِإِزَائِهَا مِنَ الأَْيَّامِ.
جَاءَ فِي التَّنْزِيل: {آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا (25) } ، وَجَاءَ فِيهِ: {آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (26) } ، وَمَوْضُوعُ الْقِصَّةِ وَاحِدٌ، فَتَارَةً عَبَّرَ بِالأَْيَّامِ وَتَارَةً بِاللَّيَالِي، فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ ذِكْرَ أَحَدِهِمَا يَتَنَاوَل الآْخَرَ، فَيَدْخُل النَّاذِرُ مُعْتَكَفَهُ فِي اللَّيْلَةِ الأُْولَى، وَيَلْزَمُهُ مُتَتَابِعَةً وَإِنْ لَمْ يَنْوِ التَّتَابُعَ؛ لأَِنَّ الأَْوْقَاتَ: الأَْيَّامَ وَاللَّيَالِيَ قَابِلَةٌ لِلاِعْتِكَافِ.
فَكُل لَيْلَةٍ تَتْبَعُ الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهَا، قَالُوا: أَلاَ تَرَى أَنَّهُ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ فِي أَوَّل لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ دُونَ أَوَّل لَيْلَةٍ مِنْ شَوَّالٍ؟ فَعَلَى هَذَا إِذَا ذَكَرَ الْمُثَنَّى أَوِ الْمَجْمُوعَ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُل الْمَسْجِدَ قَبْل الْغُرُوبِ، وَيَخْرُجَ بَعْدَ الْغُرُوبِ مِنْ آخِرَ أَيَّامِ نَذْرِهِ، فَعَلَيْهِ لاَ يَدْخُل اللَّيْل فِي نَذْرِ الْيَوْمِ إِلاَّ إِذَا ذَكَرَ لَهُ عَدَدًا مُعَيَّنًا، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ قَاعِدَةِ: " كُل لَيْلَةٍ تَتْبَعُ الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهَا " مَنَاسِكَ الْحَجِّ، وَقَالُوا: إِنَّ اللَّيَالِيَ فِيهَا تَتْبَعُ الأَْيَّامَ الَّتِي قَبْلَهَا فِي الْحِكَمِ لاَ فِي الْحَقِيقَةِ لاَ الَّتِي بَعْدَهَا.
وَلِهَذَا لَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ قَبْل طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ، فَعَلَيْهِ تَكُونُ لَيْلَةُ عَرَفَةَ تَابِعَةً لِلْيَوْمِ قَبْلَهَا فِي الْحُكْمِ حَتَّى صَحَّ الْوُقُوفُ فِيهَا.
وَلَيْلَةُ النَّحْرِ وَالَّتِي تَلِيهَا وَالَّتِي بَعْدَهَا تَبَعٌ لِيَوْمِ النَّحْرِ حَتَّى صَحَّ النَّحْرُ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي وَجَازَ الرَّمْيُ فِيهَا، وَالْمُرَادُ: أَنَّ الأَْفْعَال الَّتِي تُفْعَل فِي النَّهَارِ مِنْ وُقُوفٍ وَنَحْرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ صَحَّ فِعْلُهَا فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِي ذَلِكَ النَّهَارَ رِفْقًا بِالنَّاسِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَاسِكِ تَتْبَعُ الْيَوْمَ الَّذِي قَبْلَهَا، أَيْ تَتْبَعُ فِي الْحُكْمِ لاَ حَقِيقَةً، فَالأَْصْل أَنَّ كُل لَيْلَةٍ تَتْبَعُ الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهَا، لِذَلِكَ يُقَال: لَيْلَةُ النَّحْرِ لِلَّيْلَةِ الَّتِي يَلِيهَا يَوْمُ النَّحْرِ، وَلَوْ كَانَتْ لِلْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهَا لَصَارَتِ اسْمًا لِلَيْلَةِ عَرَفَةَ، وَلاَ يَسُوغُ ذَلِكَ لاَ لُغَةً وَلاَ شَرْعًا، وَحِينَئِذٍ فَلاَ يَصِحُّ مَا قِيل: إِنَّ الْيَوْمَ الثَّالِثَ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ لاَ لَيْلَةَ لَهُ، وَلِيَوْمِ التَّرْوِيَةِ لَيْلَتَانِ، إِلاَّ أنْ يُرَادَ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ (27) .
التَّعْلِيقُ بِيَوْمٍ:
12 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلاً، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَوَّل يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ أَوْ أَوَّل نَهَارٍ مِنْهُ يَقَعُ الطَّلاَقُ فِي فَجْرِ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ، وَفِي فَجْرِ أَوَّل يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ.
وَإِنْ قَال: أَنْتِ طَالِقَةٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ، أَوْ يَوْمَ قُدُومِهِ وَقَعَ الطَّلاَقُ فِي فَجْرِ يَوْمِ قُدُومِهِ وَإِنْ قَدِمَ فِي آخِرِ لَحْظَةٍ مِنَ الْيَوْمِ، كَمَا لَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ قَدِمَ لَيْلاً وَقَعَ فِي فَجْرِ يَوْمِ غَدِهِ (28) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى نَفْسِ قُدُومِهِ وَأَنَّ الزَّمَنَ تَبَعٌ لَهُ حَنِثَ بِقُدُومِهِ وَلَوْ لَيْلاً، وَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى زَمَنِ الْقُدُومِ وَأَنَّ الْفِعْل تَبَعٌ لَهُ وَقَعَ الطَّلاَقُ فِي الْحَال ِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا كَانَ لاَ قَصْدَ لَهُ، إِلاَّ أَنَّ ظَاهِرَ كَلاَمِ النَّوَادِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ وَلاَ يُنْجِزُ إِلاَّ إِذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى نَفْسِ الزَّمَنِ (29) .
__________
(1) المصباح المنير، ولسان العرب.
(2) سورة البقرة / 203.
(3) الكليات لأبى البقاء الكفوي 5 / 118، وحاشية ابن عابدين 2 / 445.
(4) حديث: " إنما هو سواد الليل وبياض النهار " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 132) ، ومسلم (2 / 767) من حديث عدي في حاتم والسياق لمسلم.
(5) المصباح المنير.، ولسان العرب وفتح الباري 4 / 134.
(6) حاشية ابن عابدين 2 / 445، وحاشية عميرة على شرح المحلى على المنهاج 3 / 350.
(7) المصباح المنير، وغريب القرآن للأصفهاني، وقواعد الفقه للبركتي
(8) المصباح المنير، والقاموس المحيط، والمطلع على أبواب المقنع ص 390 والمغرب ص 135.
(9) تهذيب الأسماء واللغات 3 / 79.
(10) سورة إبراهيم / 25.
(11) تفسير القرطبي 1 / 322.
(12) الدر المختار 3 / 107، وكشاف القناع 6 / 260.
(13) القرطبي 1 / 323.
(14) المرجع السابق
(15) مغني المحتاج 3 / 332.
(16) الفروق لأبي هلال العسكري ص 224.
(17) المصباح المنير، ولسان العرب، وقواعد الفقه للبركتي، والكليات لأبى البقاء ص 51، وحاشية الطحطحاوي 93، ونثر الورود على مراقي السعود ص 66.
(18) الشرح الصغير 1 / 729، والشرح الكبير 1 / 550.
(19) نهاية المحتاج 3 / 221، وحاشية الجمل 2 / 366، ومغني المحتاج 1 / 456.
(20) البحر الرائق 2 / 32، وبدائع الصنائع 2 / 109 - 111.
(21) مغني المحتاج 1 / 456، وكشاف القناع 2 / 354، وحاشية ابن عابدين 2 / 136، والإنصاف 3 / 371.
(22) المغني 3 / 216. والفتاوى الهندية 1 / 209.
(23) حاشية الجمل 2 / 366 ـ 367، ونهاية المحتاج 3 / 221.
(24) الشرح الصغير 1 / 129.
(25) سورة آل عمران / 41.
(26) سورة مريم / 10.
(27) ابن عابدين 2 / 136 ـ 137، وانظر البدائع 2 / 110.
(28) تحفة المحتاج 8 / 87، ومغني المحتاج 3 / 313، وكشاف القناع 2 / 277 ـ 280، والفتاوى الهندية 1 / 366.
(29) جواهر الإكليل 1 / 353، وشرح الزرقاني 4 / 118.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 297/ 45