السيد
كلمة (السيد) في اللغة صيغة مبالغة من السيادة أو السُّؤْدَد،...
الاِسْتِتابَةُ: مَصْدَرُ اسْتَتابَهُ، يَسْتَتِيْبُهُ، اسْتِتَابَةً، أي: عَرَضَ عليهِ التَّوْبَةَ، وسَأَلَهُ ذلك وطَلَبضها منه، والتَّوبَةُ: الرُّجُوعُ عن الذَّنْبِ.
يَرِد مُصطلح (اسْتِتابَة) في مواطِن عِدَّة مِن كُتُبِ الفقهِ، منها: كتاب الصَّلاةِ، عند بيانِ حكم مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ، أو أَخَّرَها إلى خُروجِ وَقْتِها، وفي كتاب الزَّكاةِ، عند الكلام عن حُكْمِ تارِكِها أو جاحِدِ وجوبها، وفي كتاب البيوعِ، عند الكلام عن حُكْمِ ما باعَهُ المرتَدُّ أَثناءَ رِدَّتِهِ.
توب
عَرْضُ التَّوْبَةِ على مَنْ رَجَعَ عَن دِيْنِ الإِسْلامِ إلى الكُفْرِ.
الاسْتِتابَةُ: هي دَعْوَةُ المُرْتَدِّ -الرّاجِع عن دِينِ الإِسْلامِ إلى الكُفْرِ- إلى مُراجَعَةِ دِينِ الإِسْلامِ، والعَوْدَةِ إليهِ، وطَلَبُ ذلك مِنْهُ.
الاِسْتِتابَةُ: عَرَضُ التَّوْبَةَ وطلبِها، والتَّوبَةُ: الرُّجُوعُ عن الذَّنْبِ.
* المخصص لابن سيده. : (4/62)
* مختار الصحاح : (ص 83)
* القاموس المحيط : (ص 79)
* تحرير ألفاظ التنبيه للنووي : (ص 50)
* البناية شرح الهداية : (7/267)
* منح الجليل شرح مختصر خليل : (9/218)
* روضة الطالبين : (10/76)
* شرح منتهى الإرادات : (3/396)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 58) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِسْتِتَابَةُ فِي اللُّغَةِ: طَلَبُ التَّوْبَةِ، يُقَال: اسْتَتَبْتُ فُلاَنًا: عَرَضْتُ عَلَيْهِ التَّوْبَةَ مِمَّا اقْتَرَفَ.
وَالتَّوْبَةُ هِيَ: الرُّجُوعُ وَالنَّدَمُ عَلَى مَا فَرَّطَ مِنْهُ، وَاسْتَتَابَهُ: سَأَلَهُ أَنْ يَتُوبَ (1) . وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
صِفَتُهَا (الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ) :
2 - اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ؛ لاِحْتِمَال أَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ شُبْهَةٌ فَتُزَال. وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهَا: مُسْتَحَبَّةٌ؛ لأَِنَّ الدَّعْوَةَ قَدْ بَلَغَتْهُ (2) .
اسْتِتَابَةُ الزَّنَادِقَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ:
3 - فِي اسْتِتَابَةِ الزَّنَادِقَةِ وَفِرَقِ الْبَاطِنِيَّةِ رَأْيَانِ.
الأَْوَّل: لِلْمَالِكِيَّةِ، وَفِي الظَّاهِرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، رَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، لاَ يُسْتَتَابُونَ وَلاَ يُقْبَل مِنْهُمْ، وَيُقْتَلُونَ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} (3) ، وَالزِّنْدِيقُ لاَ تَظْهَرُ مِنْهُ عَلاَمَةٌ تُبَيِّنُ رُجُوعَهُ وَتَوْبَتَهُ؛ لأَِنَّهُ كَانَ مُظْهِرًا لِلإِْسْلاَمِ، مُسِرًّا لِلْكُفْرِ، فَإِذَا وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ، فَأَظْهَرَ التَّوْبَةَ، لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ قَبْلَهَا، وَهُوَ إِظْهَارُ الإِْسْلاَمِ؛ وَلأَِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ فِي الْبَاطِنِ خِلاَفَ مَا يُظْهِرُونَ.
الثَّانِي: وَهُوَ لِلْحَنَفِيَّةِ فِي غَيْرِ الظَّاهِرِ، وَرَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، يُسْتَتَابُ؛ لأَِنَّهُ كَالْمُرْتَدِّ، فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ (4) . (ر: زَنْدَقَة) .
اسْتِتَابَةُ السَّاحِرِ:
4 - اسْتِتَابَةُ السَّاحِرِ فِيهَا رِوَايَتَانِ.
الأُْولَى: لِلْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَرَأْيٌ لِلْحَنَابِلَةِ، أَنَّهُ لاَ يُسْتَتَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نُقِل عَنِ الصَّحَابَةِ. فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَل عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ اسْتَتَابَ سَاحِرًا، لِخَبَرِ عَائِشَة: إِنَّ السَّاحِرَةَ سَأَلَتْ أَصْحَابَ النَّبِيِّ ﷺ وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ: هَل لَهَا مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَمَا أَفْتَاهَا أَحَدٌ (5) وَلأَِنَّ السِّحْرَ مَعْنًى فِي نَفْسِهِ، وَلِسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ.
الثَّانِيَةُ: لِلشَّافِعِيَّةِ وَرَأْيٌ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، أَنَّهُ يُسْتَتَابُ. فَإِنْ تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِأَعْظَمَ مِنَ الشِّرْكِ، وَلأَِنَّ اللَّهَ قَبِل تَوْبَةَ سَحَرَةِ فِرْعَوْنَ؛ وَلأَِنَّ السَّاحِرَ لَوْ كَانَ كَافِرًا فَأَسْلَمَ صَحَّ إِسْلاَمُهُ وَتَوْبَتُهُ، فَإِذَا صَحَّتِ التَّوْبَةُ مِنْهُمَا (أَيِ السَّاحِرِ وَالْكَافِرِ) صَحَّتْ مِنْ أَحَدِهِمَا (السَّاحِرِ الْمُسْلِمِ) ، (ر: سِحْر) وَيَأْخُذُ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ، فَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ (1) .
اسْتِتَابَةُ تَارِكِ الْفَرْضِ:
5 - اتَّفَقَتِ الْمَذَاهِبُ عَلَى اسْتِتَابَةِ تَارِكِ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِ جُحُودٍ أَوِ اسْتِخْفَافٍ، حَيْثُ تُقْبَل تَوْبَتُهُ. فَإِنْ أَبَى أَنْ يَتُوبَ، قَال الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي رَأْيٍ عِنْدَهُمْ: يُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ أَوْ يَمُوتَ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَابِلَةِ: إِنْ أَبَى يُقْتَل، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْجُمْهُورِ (2) .
__________
(1) لسان العرب 1 / 233 ط بيروت، والمصباح المنير، والمغني 8 / 154
(2) فتح القدير 4 / 385، وابن عابدين 3 / 285، والدسوقي 4 / 304، والقليوبي 4 / 177، والمغني 8 / 124
(3) سورة البقرة / 160
(4) ابن عابدين 1 / 31 و3 / 269، ونهاية المحتاج 7 / 399 ط المكتبة الإسلامية، والجمل 5 / 126 ط إحياء التراث، والقليوبي وعميرة 4 / 177 ط عيسى الحلبي، وجواهر الإكليل 1 / 256 ط شقرون، والمغني 6 / 298 ط مكتبة الرياض الحديثة.
(5) الحديث أخرجه ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير 1 / 249 ط دار الأندلس.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 175/ 3