البحث

عبارات مقترحة:

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

البارئ

(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...

تَعَلِّي


من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف اللغوي

التَّعلِّي: الاِرْتِفاعُ، وهو ضِدُّ التَّسَفُّلِ، يُقالُ: تَعَلَّى الشَّيْءُ، يَتَعَلَّى عُلُوّاً وتَـَعَلِّياً، فهو عَلِيّ، أي: ارْتَفَعَ وتَرَفَّعَ وتَعالَى. وتَعَلَّى الشَّيْءُ أيضاً، أيْ: عَلا في مُهْلَةٍ، وهي الوَقْتُ الزّائِدُ. ومِن مَعانِي التَّعَلِّي: التَّصاعُدُ والتَّكَبُّرُ.

إطلاقات المصطلح

يُطْلَقُ مُصْطَلَحُ (التَّعَلِّي) في الفقه في كتاب الشُّفْعَةِ، باب: أَحْكام الجِوارِ، عند الكَلامِ عن حَقِّ التَّعَلِّي، ويُراد به: حَقُّ البِناءِ على سَطْحِ البَيْتِ ونَحْوِهِ. ويُطْلَقُ في كتاب الصَّلاةِ، باب: أَحْكام الـمَساجِدِ، وفي كتاب الجِهادِ، باب: أَحْكام أَهْلِ الذِّمَّةِ.

جذر الكلمة

علو

المعنى الاصطلاحي

رَفْعُ بِناءٍ فَوْقَ بِناءٍ آخَرَ.

التعريف اللغوي المختصر

التَّعلِّي: الاِرْتِفاعُ، وهو ضِدُّ التَّسَفُّلِ، ومِن مَعانِي التَّعَلِّي: التَّصاعُدُ والتَّكَبُّرُ.

المراجع

* معجم مقاييس اللغة : (4/112)
* المحكم والمحيط الأعظم : (2/350)
* مشارق الأنوار : (2/84)
* لسان العرب : (15/83)
* المعجم الوسيط : (2/625)
* جواهر الإكليل : (2/6)
* حاشية الدسوقي على الشرح الكبير : (3/14)
* شرح الزُّرقاني على مختصر خليل : (5/22)
* أسنى المطالب في شرح روض الطالب : (2/255)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 137)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (12/292) -

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - التَّعَلِّي فِي اللُّغَةِ لَهُ مَعَانٍ، مِنْهَا: أَنَّهُ مِنَ الْعُلُوِّ، وَهُوَ: الاِرْتِفَاعُ وَعُلُوُّ كُل شَيْءٍ وَعُلْوُهُ وَعِلْوُهُ: أَرْفَعُهُ. وَعَلاَ الشَّيْءُ عُلُوًّا فَهُوَ عَلِيٌّ: ارْتَفَعَ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: فَإِِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّي: أَيْ يَتَرَفَّعُ عَلَيَّ. وَتَعَالَى: تَرَفَّعَ. وَتَعَلَّى: أَيْ عَلاَ فِي مُهْلَةٍ (1) .
وَهُوَ فِي الاِصْطِلاَحِ لاَ يَخْرُجُ عَنْ هَذَا، إِذْ يُرَادُ بِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: رَفْعُ بِنَاءٍ فَوْقَ بِنَاءٍ آخَرَ.
أَحْكَامُ حَقِّ التَّعَلِّي:
2 - حَقُّ التَّعَلِّي: إِمَّا أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ صَاحِبُهُ لِنَفْسِهِ، وَإِِمَّا يَبِيعُهُ لِغَيْرِهِ.
أَمَّا اسْتِعْمَالُهُ لِنَفْسِهِ: فَقَدْ نَصَّتِ الْمَادَّةُ (1198) مِنْ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ عَلَى أَنَّ: كُل أَحَدٍ لَهُ التَّعَلِّي عَلَى حَائِطِهِ الْمِلْكِ، وَبِنَاءُ مَا يُرِيدُ، وَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا فَاحِشًا. وَقَال الأَْتَاسِيُّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ: وَلاَ عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ أَنَّهُ يَسُدُّ عَنْهُ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ، كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الضَّرَرِ الْفَاحِشِ. وَفِي الأَْنْقِرَوِيَّةِ: لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى حَائِطِ نَفْسِهِ أَزْيَدَ مِمَّا كَانَ، وَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ وَإِِنْ بَلَغَ عَنَانَ السَّمَاءِ (2) .
وَأَمَّا بَيْعُهُ لِغَيْرِهِ فَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) : إِِلَى جَوَازِهِ عَلَى التَّفْصِيل التَّالِي:
أَجَازَهُ الْمَالِكِيَّةُ مَتَى كَانَ الْمَبِيعُ قَدْرًا مُعَيَّنًا، كَعَشْرَةِ أَذْرُعٍ مَثَلاً مِنْ مَحَل هَوَاءٍ، فَوْقَ مَحَلٍّ مُتَّصِلٍ بِأَرْضٍ أَوْ بِنَاءٍ، بِأَنْ كَانَ لِشَخْصٍ أَرْضٌ خَالِيَةٌ مِنَ الْبِنَاءِ أَرَادَ الْبِنَاءَ بِهَا، أَوْ كَانَ لَهُ بِنَاءٌ أَرَادَ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ، فَيَشْتَرِي شَخْصٌ مِنْهُ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنَ الْفَرَاغِ الَّذِي يَكُونُ فَوْقَ الْبِنَاءِ الَّذِي أَرَادَ إِحْدَاثَهُ، فَيَجُوزُ مَتَى وَصَفَ الْبِنَاءَ الَّذِي أُرِيدَ إِحْدَاثُهُ أَسْفَل وَأَعْلَى، لِيَقِل الضَّرَرُ؛ لأَِنَّ صَاحِبَ الأَْسْفَل رَغْبَتُهُ فِي خِفَّةِ الأَْعْلَى، وَصَاحِبُ الأَْعْلَى رَغْبَتُهُ فِي مَتَانَةِ الأَْسْفَل، وَلِصَاحِبِ الْبِنَاءِ الأَْعْلَى الاِنْتِفَاعُ بِمَا فَوْقَ بِنَائِهِ بِغَيْرِ الْبِنَاءِ، إِذْ يَمْلِكُ جَمِيعَ الْهَوَاءِ الَّذِي فَوْقَ بِنَاءِ الأَْسْفَل، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الأَْسْفَل الاِنْتِفَاعُ بِمَا فَوْقَ بِنَاءِ الأَْعْلَى، لاَ بِالْبِنَاءِ وَلاَ بِغَيْرِهِ.
وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيَّةُ، مَتَى كَانَ الْمَبِيعُ حَقَّ الْبِنَاءِ أَوِ الْعُلْوِ: بِأَنْ قَال لَهُ: بِعْتُكَ حَقَّ الْبِنَاءِ أَوِ الْعُلْوِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، بِخِلاَفِ مَا إِِذَا بَاعَهُ وَشَرَطَ أَنْ لاَ يَبْنِيَ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ. لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا عَدَا الْبِنَاءَ مِنْ مُكْثٍ وَغَيْرِهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ، تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ.
وَأَجَازَهُ الْحَنَابِلَةُ، وَلَوْ قَبْل بِنَاءِ الْبَيْتِ الَّذِي اشْتَرَى عُلْوَهُ، إِِذَا وَصَفَ الْعُلْوَ وَالسُّفْل لِيَكُونَا مَعْلُومَيْنِ، لِيَبْنِيَ الْمُشْتَرِي أَوْ يَضَعُ عَلَيْهِ بُنْيَانًا أَوْ خَشَبًا مَوْصُوفَيْنِ، وَإِِنَّمَا صَحَّ ذَلِكَ لأَِنَّ الْعُلْوَ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ، فَكَانَ لَهُ بَيْعُهُ، وَالاِعْتِيَاضُ عَنْهُ، كَالْقَرَارِ (3) .
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ: فَقَدْ ذَهَبُوا إِِلَى أَنَّ بَيْعَ حَقِّ التَّعَلِّي غَيْرُ جَائِزٍ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَلاَ هُوَ حَقٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَال، بَل حَقٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْهَوَاءِ (أَيِ الْفَرَاغِ) وَلَيْسَ الْهَوَاءُ مَا لاَ يُبَاعُ، إِذِ الْمَال مَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ وَإِِحْرَازُهُ. وَصُورَتُهُ: أَنْ يَكُونَ السُّفْل لِرَجُلٍ، وَعُلْوُهُ لآِخَرَ، فَسَقَطَا أَوْ سَقَطَ الْعُلْوُ وَحْدَهُ فَبَاعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ عُلْوَهُ، فَإِِنَّهُ لاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ لَيْسَ إِلاَّ حَقُّ التَّعَلِّي.
وَعَلَى هَذَا: فَلَوْ بَاعَ الْعُلْوَ قَبْل سُقُوطِهِ جَازَ، فَإِِنْ سَقَطَ قَبْل الْقَبْضِ بَطَل الْبَيْعُ، لِهَلاَكِ الْمَبِيعِ قَبْل الْقَبْضِ، وَهُوَ بَعْدَ سُقُوطِهِ بَيْعٌ لِحَقِّ التَّعَلِّي، وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ. فَلَوْ كَانَ الْعُلْوُ لِصَاحِبِ السُّفْل فَقَال: بِعْتُك عُلْوَ هَذَا السُّفْل بِكَذَا صَحَّ، وَيَكُونُ سَطْحُ السُّفْل لِصَاحِبِ السُّفْل، وَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْقَرَارِ، حَتَّى لَوِ انْهَدَمَ الْعُلْوُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ عُلْوًا آخَرَ، مِثْل الأَْوَّل؛ لأَِنَّ السُّفْل اسْمٌ لِمَبْنًى مُسَقَّفٍ، فَكَانَ سَطْحُ السُّفْل سَقْفًا لِلسُّفْل (4) .

أَحْكَامُ الْعُلْوِ وَالسُّفْل فِي الاِنْهِدَامِ وَالْبِنَاءِ:
3 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِِلَى أَنَّ السُّفْل إِنِ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ بِلاَ صُنْعِ صَاحِبِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْبِنَاءِ، لِعَدَمِ التَّعَدِّي، فَلَوْ هَدَمَهُ يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ؛ لأَِنَّهُ تَعَدَّى عَلَى صَاحِبِ الْعُلْوِ، وَهُوَ قَرَارُ الْعُلْوِ، وَلِذِي الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ السُّفْل ثُمَّ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ إِنْ بَنَى بِإِِذْنِهِ أَوْ إِذْنِ قَاضٍ، وَإِِلاَّ فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ بَنَى.
وَمَتَى بَنَى صَاحِبُ الْعُلْوِ السُّفْل: كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَ السُّفْل مِنَ السُّكْنَى، حَتَّى يَدْفَعَ إِلَيْهِ مِثْل مَا أَنْفَقَهُ فِي بِنَاءِ سُفْلِهِ لِكَوْنِهِ مُضْطَرًّا.
فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقٌّ فِي مِلْكِ الآْخَرِ: لِذِي الْعُلْوِ حَقُّ قَرَارِهِ، وَلِذِي السُّفْل حَقُّ دَفْعِ الْمَطَرِ وَالشَّمْسِ عَنِ السُّفْل، وَلَوْ هَدَمَ ذُو السُّفْل سُفْلَهُ وَذُو الْعُلْوِ عُلْوَهُ، أُلْزِمَ ذُو السُّفْل بِبِنَاءِ سُفْلِهِ، إِذْ فَوَّتَ عَلَى صَاحِبِ الْعُلْوِ حَقًّا أُلْحِقَ بِالْمِلْكِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ فَوَّتَ عَلَيْهِ مِلْكًا.
فَإِِذَا بَنَى ذُو السُّفْل سُفْلَهُ وَطَلَب مِنْ ذِي الْعُلْوِ بِنَاءَ عُلْوِهِ فَإِِنَّهُ يُجْبَرُ؛ لأَِنَّ لِذِي السُّفْل حَقًّا فِي الْعُلْوِ، وَأَمَّا لَوِ انْهَدَمَ الْعُلْوُ بِلاَ صُنْعِهِ فَلاَ يُجْبَرُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، كَمَا لَوِ انْهَدَمَ السُّفْل بِلاَ تَعَدٍّ، وَسَقْفُ السُّفْل لِذِي السُّفْل (5) .
4 - وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ السُّفْل إِنْ وَهَى وَأَشْرَفَ عَلَى السُّقُوطِ وَخِيفَ سُقُوطُ بِنَاءٍ عَلَيْهِ لآِخَرَ غَيْرِ صَاحِبِ السُّفْل - فَإِِنَّهُ يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ السُّفْل أَنْ يُعَمِّرَ سُفْلَهُ فَإِِنْ أَبَى قُضِيَ عَلَيْهِ بِبَيْعِهِ لِمَنْ يُعَمِّرُهُ، فَإِِنْ سَقَطَ الأَْعْلَى عَلَى الأَْسْفَل فَهَدَمَهُ أُجْبِرَ رَبُّ الأَْسْفَل عَلَى الْبِنَاءِ، أَوِ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَبْنِي، لِيَبْنِيَ رَبُّ الْعُلْوِ عُلْوَهُ عَلَيْهِ. وَعَلَى ذِي السُّفْل التَّعْلِيقُ لِلأَْعْلَى - أَيْ حَمْلُهُ عَلَى خَشَبٍ وَنَحْوِهِ - حَتَّى يَبْنِيَ السُّفْل، وَعَلَيْهِ السَّقْفُ السَّاتِرُ لِسُفْلِهِ، إِذْ لاَ يُسَمَّى السُّفْل بَيْتًا إِلاَّ بِهِ، وَلِذَا فَإِِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِصَاحِبِ السُّفْل عِنْدَ التَّنَازُعِ. وَأَمَّا الْبَلاَطُ الَّذِي فَوْقَهُ: فَهُوَ لِصَاحِبِ الأَْعْلَى.
وَيُقْضَى عَلَى ذِي الْعُلْوِ بِعَدَمِ زِيَادَةِ بِنَاءِ الْعُلْوِ عَلَى السُّفْل؛ لأَِنَّهَا تَضُرُّ السُّفْل، إِلاَّ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ الَّذِي لاَ يَضُرُّ السُّفْل حَالاً وَمَآلاً، وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لأَِهْل الْمَعْرِفَةِ (6) . 5 - وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ: أَنَّهُ لَوِ انْهَدَمَ حِيطَانُ السُّفْل لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُجْبِرَ صَاحِبَ الْعُلْوِ عَلَى الْبِنَاءِ قَوْلاً وَاحِدًا؛ لأَِنَّ حِيطَانَ السُّفْل لِصَاحِبِ السُّفْل، فَلاَ يُجْبَرُ صَاحِبُ الْعُلْوِ عَلَى بِنَائِهِ.
وَهَل لِصَاحِبِ الْعُلْوِ إِجْبَارُ صَاحِبِ السُّفْل عَلَى الْبِنَاءِ؟ فِيهِ قَوْلاَنِ، فَإِِنْ قِيل: يُجْبَرُ، أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ، فَإِِنْ لَمْ يَفْعَل - وَلَهُ مَالٌ - بَاعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مَالَهُ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ، وَإِِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ. فَإِِذَا بَنَى الْحَائِطَ كَانَ الْحَائِطُ مِلْكًا لِصَاحِبِ السُّفْل؛ لأَِنَّهُ بُنِيَ لَهُ، وَتَكُونُ النَّفَقَةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَيُعِيدُ صَاحِبُ الْعُلْوِ غُرْفَتَهُ عَلَيْهِ، وَتَكُونُ نَفَقَةُ الْغُرْفَةِ وَحِيطَانُهَا مِنْ مِلْكِ صَاحِبِ الْعُلْوِ دُونَ صَاحِبِ السُّفْل؛ لأَِنَّهَا مِلْكُهُ، لاَ حَقَّ لِصَاحِبِ السُّفْل فِيهِ.
وَأَمَّا السَّقْفُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَمَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ مَالِهِمَا، فَإِِنْ تَبَرَّعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ، وَبَنَى مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ، لَمْ يَرْجِعْ صَاحِبُ الْعُلْوِ عَلَى صَاحِبِ السُّفْل بِشَيْءٍ. ثُمَّ يُنْظَرُ: فَإِِنْ كَانَ قَدْ بَنَاهَا بِآلَتِهَا كَانَتِ الْحِيطَانُ لِصَاحِبِ السُّفْل، لأَِنَّ الآْلَةَ كُلَّهَا لَهُ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ مَنْعُهُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا، وَلاَ يَمْلِكُ نَقْضُهَا؛ لأَِنَّهَا لِصَاحِبِ السُّفْل، وَلَهُ أَنْ يُعِيدَ حَقَّهُ مِنَ الْغُرْفَةِ. وَإِِنْ بَنَاهَا بِغَيْرِ آلَتِهَا كَانَتِ الْحِيطَانُ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْل أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِ الْعُلْوِ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْكُنَ فِي قَرَارِ السُّفْل؛ لأَِنَّ الْقَرَارَ لَهُ، وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ أَنْيَنْقُضَ مَا بَنَاهُ مِنَ الْحِيطَانِ؛ لأَِنَّهُ لاَ حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهَا، فَإِِنْ بَذَل صَاحِبُ السُّفْل الْقِيمَةَ لِيَتْرُكَ نَقْضَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهَا؛ لأَِنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ بِنَاؤُهَا قَوْلاً وَاحِدًا، فَلاَ يَلْزَمُهُ تَبْقِيَتُهَا بِبَذْل الْعِوَضِ (7) .
6 - وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ كَانَ السُّفْل لِرَجُلٍ وَالْعُلْوُ لآِخَرَ، فَانْهَدَمَ السَّقْفُ الَّذِي بَيْنَهُمَا، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُبَانَاةَ مِنَ الآْخَرِ، فَامْتَنَعَ، فَهَل يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى ذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. كَالْحَائِطِ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ.
وَإِِنِ انْهَدَمَتْ حِيطَانُ السُّفْل فَطَالَبَهُ صَاحِبُ الْعُلْوِ بِإِِعَادَتِهَا، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا: يُجْبَرُ. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ وَحْدَهُ؛ لأَِنَّهُ مِلْكُهُ خَاصَّةً.
وَالثَّانِيَةُ: لاَ يُجْبَرُ، وَإِِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الْعُلْوِ بِنَاءَهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا، فَإِِنْ بَنَاهُ بِآلَتِهِ فَهُوَ عَلَى مَا كَانَ، وَإِِنْ بَنَاهُ بِآلَةٍ مِنْ عِنْدِهِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: لاَ يَنْتَفِعُ بِهِ صَاحِبُ السُّفْل، يَعْنِي حَتَّى يُؤَدِّيَ الْقِيمَةَ، فَيُحْتَمَل أَنْ لاَ يَسْكُنَ، لأَِنَّ الْبَيْتَ إِنَّمَا يُبْنَى لِلسَّكَنِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ كَغَيْرِهِ، وَيُحْتَمَل أَنَّهُ أَرَادَ الاِنْتِفَاعَ بِالْحِيطَانِ خَاصَّةً مِنْ طَرْحِ الْخَشَبِ وَسَمْرِ الْوَتَدِ وَفَتْحِ الطَّاقِ، وَيَكُونُ لَهُ السُّكْنَى مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ السُّكْنَى إِنَّمَا هِيَ إِقَامَتُهُ فِي الْفِنَاءِ بَيْنَ الْحِيطَانِ مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ فِيهَا، فَأَشْبَهَ الاِسْتِظْلاَل بِهَا مِنْ خَارِجٍ.
فَأَمَّا إِنْ طَالَبَ صَاحِبُ السُّفْل بِالْبِنَاءِ، وَأَبَى صَاحِبُ الْعُلْوِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: لاَ يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ، وَلاَ مُسَاعَدَتِهِ لأَِنَّ الْحَائِطَ مِلْكُ صَاحِبِ السُّفْل مُخْتَصٌّ بِهِ، فَلَمْ يُجْبَرْ غَيْرُهُ عَلَى بِنَائِهِ وَلاَ الْمُسَاعَدَةِ فِيهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عُلْوٌ.
وَالثَّانِيَةُ: يُجْبَرُ عَلَى مُسَاعَدَتِهِ وَالْبِنَاءِ مَعَهُ، وَهُوَ قَوْل أَبِي الدَّرْدَاءِ؛ لأَِنَّهُ حَائِطٌ يَشْتَرِكَانِ فِي الاِنْتِفَاعِ بِهِ، أَشْبَهَ الْحَائِطَ بَيْنَ الدَّارَيْنِ (8) .

جَعْل عُلْوِ الدَّارِ مَسْجِدًا:
7 - أَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ جَعْل عُلْوِ الدَّارِ مَسْجِدًا، دُونَ سُفْلِهَا، وَالْعَكْسُ؛ لأَِنَّهُمَا عَيْنَانِ يَجُوزُ وَقْفُهُمَا، فَجَازَ وَقْفُ أَحَدِهِمَا دُونَ الآْخَرِ، كَالْعَبْدَيْنِ (9) .
وَمَنْ جَعَل مَسْجِدًا تَحْتَهُ سِرْدَابٌ أَوْ فَوْقَهُ بَيْتٌ، وَجَعَل بَابَ الْمَسْجِدِ إِِلَى الطَّرِيقِ، وَعَزْلُهُ عَنْ مِلْكِهِ، فَلاَ يَكُونُ مَسْجِدًا، فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَإِِنْ مَاتَ يُورَثُ عَنْهُ لأَِنَّهُ لَمْ يَخْلُصْ لِلَّهِ تَعَالَى، لِبَقَاءِ حَقِّ الْعَبْدِ مُتَعَلِّقًا بِهِ وَلَوْ كَانَ السِّرْدَابُ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ جَازَ، كَمَا فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ (10) .
هَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، خِلاَفًا لِصَاحِبَيْهِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ يَجُوزُ جَعْل السُّفْل مَسْجِدًا وَعَلَيْهِ مَسْكَنٌ، وَلاَ يَجُوزُ الْعَكْسُ؛ لأَِنَّ الْمَسْجِدَ مِمَّا يَتَأَبَّدُ، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ: عَكْسُ هَذَا؛ لأَِنَّ الْمَسْجِدَ مُعَظَّمٌ، وَإِِذَا كَانَ فَوْقَهُ مَسْكَنٌ أَوْ مُسْتَغِلٌّ فَيَتَعَذَّرُ تَعْظِيمُهُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ جَوَّزَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ حِينَ قَدِمَ بَغْدَادَ، وَرَأَى ضِيقَ الْمَنَازِل، فَكَأَنَّهُ اعْتَبَرَ الضَّرُورَةَ.
أَمَّا لَوْ تَمَّتِ الْمَسْجِدِيَّةُ ثُمَّ أَرَادَ الْبِنَاءَ مُنِعَ (11) .

نَقْبُ كُوَّةِ الْعُلْوِ أَوِ السُّفْل:
8 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ عُلْوٍ تَحْتَهُ سُفْلٌ لآِخَرَ أَنْ يَنْقُبَ كُوَّةً فِي عُلْوِهِ، وَكَذَا الْعَكْسُ، إِلاَّ بِرِضَا الآْخَرِ. وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ: إِِلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِعْل مَا لاَ يَضُرُّ بِالآْخَرِ، فَإِِنْ أَضَرَّ بِهِ مُنِعَ مِنْهُ، كَأَنْ يُشْرِفَ مِنَ الْكُوَّةِ عَلَى جَارِهِ وَعِيَالِهِ فَيَضُرُّ بِهِمْ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إِِذَا أَشْكَل أَنَّهُ يَضُرُّ أَمْ لاَ؟ لاَ يَمْلِكُ فَتْحَهَا، وَإِِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لاَ يَضُرُّ يَمْلِكُ فَتْحَهَا (12) . وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ: إِِلَى أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى مَنْ أَحْدَث فَتْحَهَا بِسَدِّهَا إِِذَا لَمْ تَكُنْ عَالِيَةً، وَيُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ. وَأَمَّا الْقَدِيمَةُ فَلاَ يُقْضَى بِسَدِّهَا، وَيُقَال لِلْجَارِ: اسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ إِنْ شِئْت، فَقَدْ قَال الدُّسُوقِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ الْكُوَّةَ الَّتِي أُحْدِثَ فَتْحُهَا يُقْضَى بِسَدِّهَا، وَإِِنْ أُرِيدَ سَدُّ خَلْفِهَا فَقَطْ بَعْدَ الأَْمْرِ بِسَدِّهَا فَإِِنَّهُ يُقْضَى بِسَدِّ جَمِيعِهَا، وَيُزَال كُل مَا يَدُل عَلَيْهَا.
وَهَذَا إِِذَا كَانَتْ غَيْرَ عَالِيَةٍ لاَ يَحْتَاجُ فِي كَشْفِ الْجَارِ مِنْهَا إِِلَى صُعُودٍ عَلَى سُلَّمٍ وَنَحْوِهِ، وَإِِلاَّ فَلاَ يُقْضَى بِسَدِّهَا.
وَإِِذَا سَكَتَ مَنْ حَدَثَ عَلَيْهِ فَتْحُ الْكُوَّةِ وَنَحْوِهَا عَشْرَ سِنِينَ - وَلَمْ يُنْكِرْ - جُبِرَ عَلَيْهِ، وَلاَ مَقَال لَهُ، حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ (الاِدِّعَاءِ) وَهَذَا قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ، وَبِهِ الْقَضَاءُ (13) .

تَعَلِّي الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي الْبِنَاءِ:
9 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ: فِي أَنَّ أَهْل الذِّمَّةِ مَمْنُوعُونَ مِنْ أَنْ تَعْلُوَ أَبْنِيَتُهُمْ عَلَى أَبْنِيَةِ جِيرَانِهِمُ الْمُسْلِمِينَ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ قَال الإِِْسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى عَلَيْهِ (14) وَلأَِنَّ فِي ذَلِكَ رُتْبَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَهْل الذِّمَّةِ مَمْنُوعُونَ مِنْ ذَلِكَ. عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْحَنَفِيَّةِ قَدْ ذَهَبَ: إِِلَى أَنَّهُ إِِذَا كَانَ التَّعَلِّي لِلْحِفْظِ مِنَ اللُّصُوصِ فَإِِنَّهُمْ لاَ يُمْنَعُونَ مِنْهُ؛ لأَِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مُقَيَّدَةٌ بِالتَّعَلِّي فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ - بَل لِلتَّحَفُّظِ - فَلاَ يُمْنَعُونَ (15) .

10 - وَأَمَّا مُسَاوَاتُهُمْ فِي الْبِنَاءِ، فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلاَنِ:
مَنَعَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ. فَقَدْ أَجَازَهُ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِطَالَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَمَنَعَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ ﷺ الإِِْسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى عَلَيْهِ (16) وَلأَِنَّهُمْ مُنِعُوا مِنْ مُسَاوَاةِ الْمُسْلِمِينَ فِي لِبَاسِهِمْ وَشُعُورِهِمْ وَرُكُوبِهِمْ، كَذَلِكَ فِي بِنَائِهِمْ. وَأَصَحُّ قَوْلَيِ الشَّافِعِيَّةِ: الْمَنْعُ، تَمْيِيزًا بَيْنَهُمْ؛ وَلأَِنَّ الْقَصْدَ أَنْ يَعْلُوَ الإِِْسْلاَمُ، وَلاَ يَحْصُل ذَلِكَ مَعَ الْمُسَاوَاةِ (17) .

11 - أَمَّا لَوِ اشْتَرَى الذِّمِّيُّ دَارًا عَالِيَةً مُجَاوِرَةً لِدَارِ مُسْلِمٍ دُونَهَا فِي الْعُلْوِ، فَلِلذِّمِّيِّ سُكْنَى دَارِهِ، وَلاَ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ يَلْزَمُهُ هَدْمُ مَا عَلاَ دَارَ الْمُسْلِمِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَعْل عَلَيْهِ شَيْئًا، إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الإِِْشْرَافُ مِنْهَا عَلَى دَارِ الْمُسْلِمِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَ صِبْيَانَهُ مِنْ طُلُوعِ سَطْحِهَا إِلاَّ بَعْدَ تَحْجِيرِهِ. أَيْ بِنَاءِ مَا يَمْنَعُ مِنَ الرُّؤْيَةِ.
فَإِِنِ انْهَدَمَتْ دَارُ الذِّمِّيِّ الْعَالِيَةِ ثُمَّ جَدَّدَ بِنَاءَهَا، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُعَلِّيَ بِنَاءَهَا عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ. وَإِِنِ انْهَدَمَ مَا عَلاَ مِنْهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إِعَادَتُهُ. هَذَا مَا عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ: الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (18) .

12 - وَأَمَّا تَعْلِيَةُ بِنَائِهِ عَلَى مَنْ لَيْسَ مُجَاوِرًا لَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - فَإِِنَّهُ لاَ يُمْنَعُ مِنْهُ؛ لأَِنَّ عُلْوَهُ إِنَّمَا يَكُونُ ضَرَرًا عَلَى الْمُجَاوِرِ لِبِنَائِهِ دُونَ غَيْرِهِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، مَا لَمْ يُشْرِفْ مِنْهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ قَوْلاَنِ:
أَحَدُهُمَا: عَدَمُ الْمَنْعِ، وَهُوَ أَصَحُّهُمَا؛ لأَِنَّهُ يُؤْمَنُ مَعَ الْبُعْدِ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ أَنْ يَعْلُوَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلاِنْتِفَاءِ الضَّرَرِ.
وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّجَمُّل وَالشَّرَفِ؛ وَلأَِنَّهُمْ بِذَلِكَ يَتَطَاوَلُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (19) .
__________
(1) المغرب في ترتيب المعرب، ولسان العرب.
(2) شرح مجلة الأحكام العدلية 4 / 167 ط حمص.
(3) جواهر الإكليل 2 / 6، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 14، وشرح الزرقاني على مختصر خليل 5 / 22، وأسنى المطالب شرح روض الطالب 2 / 255، وحاشية الجمل على شرح المنهج 3 / 364، ومطالب أولي النهى 3 / 350 منشورات المكتب الإسلامي بدمشق.
(4) الهداية وفتح القدير والكفاية والعناية بالهامش 6 / 64 - 66 دار إحياء التراث العربي، وحاشية ابن عابدين 4 / 101.
(5) ابن عابدين 4 / 358، 359.
(6) جواهر الإكليل 2 / 121 - 123، والشرح الكبير 3 / 360 - 365، 370.
(7) المهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 344، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 2 / 224، 225 المكتبة الإسلامية.
(8) المغني لابن قدامة 4 / 568 ط الرياض.
(9) المهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 448 ط دار المعرفة، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل 6 / 19 ط النجاح ليبيا، والمغني لابن قدامة 5 / 607 ط الرياض، وكشاف القناع 4 / 241 ط النصر الحديثة.
(10) فتح القدير 5 / 444، 445 دار إحياء التراث العربي، وحاشية ابن عابدين 3 / 370 - 371 دار إحياء التراث العربي.
(11) ابن عابدين والدر المختار 3 / 370.
(12) ابن عابدين 4 / 358 من مسائل شتى، والمهذب في الإمام الشافعي 1 / 342، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 2 / 223، والمغني لابن قدامة 4 / 554 ط الرياض، ومطالب أولي النهى 3 / 359 المكتبة الإسلامية.
(13) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 369، وجواهر الإكليل 2 / 122، والشرح الصغير 4 / 484، وتبصرة الحكام لابن فرحون 2 / 252 - 254 دار الكتب العلمية.
(14) حديث: " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " أخرجه الدارقطني (3 / 252 - ط دار المحاسن) وحسنه ابن حجر في الفتح (3 / 220 - ط السلفية) .
(15) ابن عابدين 3 / 276، 277، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 370، وحاشية العدوي بهامش الخرشي على مختصر خليل 6 / 61 دار صادر، والشرح الصغير 4 / 486، ونهاية المحتاج للرملي 8 / 94، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 2 / 255، والمغني لابن قدامة 8 / 528، 533 ط الرياض.
(16) تقدم تخريحه في ف / 9.
(17) ابن عابدين 3 / 276، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 370، وحاشية العدوي بهامش الخرشي على مختصر خليل 6 / 61 دار صادر، وشرح الزرقاني على مختصر خليل 6 / 64، ونهاية المحتاج للرملي 8 / 95 ط الحلبي، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 2 / 255 - 256، والمغني لابن قدامة 8 / 528 م الرياض الحديثة.
(18) ابن عابدين 3 / 276، ونهاية المحتاج للرملي 8 / 94، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 2 / 256، والمغني لابن قدامة 8 / 528 - 529 ط الرياض، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 370، وحاشية العدوي بهامش الخرشي على مختصر خليل 6 / 61 دار صادر.
(19) ابن عابدين 3 / 276، 277، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 370، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 2 / 256، ونهاية المحتاج 8 / 95، والمغني لابن قدامة 8 / 528 الرياض.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 292/ 12