البحث

عبارات مقترحة:

القريب

كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

صَلاةُ العِيدَينِ


من موسوعة المصطلحات الإسلامية

إطلاقات المصطلح

يَرِد مُصْطلَحُ (صَلاة العِيدَيْنِ) في الفِقْهِ في كِتابِ الصَّلاةِ، باب: صَلاة التَّطَوُّعِ، وفي كِتابِ الصَّيْدَ والأَضاحِي، باب: شُروط الأُضْحِيَةِ.

المعنى الاصطلاحي

رَكْعَتانِ تُصَلَّيانِ يَوْمَيْ عِيدِ الفِطْرِ والأَضْحى على صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ.

الشرح المختصر

صَلاةُ العِيدَيْنِ: شَعيرَةٌ مِنْ شَعائِرِ الإسْلامِ، وتُؤَدَّى هذِهِ الصَّلاةُ رَكْعَتينِ جَهْراً يَوْمَ عِيدِ الفِطْرِ، وهو: اليَومُ الأَوَّلُ مِنْ شهرِ شَوّالٍ، ويَوْمَ عيدِ الأَضْحَى، وهو: اليَوْمُ العاشِرُ مِنْ شهرِ ذِي الحِجَّةِ، ويَدْخُلُ وَقْتُ صَلاةِ العيدَيْنِ عند ارْتِفاعِ الشَّمْسِ رُمْحٍ أو رُمْحَيْنِ -وهو وَقْتُ جَوازِ النّافِلَةِ-، ويَنْتَهِي قَبْلَ زَوالِ الشَّمْسِ مِنْ وَسَطِ السَّماءِ، أيْ: قَبْلَ صَلاةِ الظُّهْرِ بِقَليلٍ.

المراجع

* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 137)
* دستور العلماء : (2/275)
* القاموس الفقهي : (ص 266)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 276)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (27/240)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (2/559)
* الـمغني لابن قدامة : (2/314)
* التعريفات الفقهية : (ص 130) -

من الموسوعة الكويتية

حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا:
1 - الْحِكْمَةُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الْعِيدَيْنِ: أَنَّ كُل قَوْمٍ لَهُمْ يَوْمٌ يَتَجَمَّلُونَ فِيهِ وَيَخْرُجُونَ مِنْ بُيُوتِهِمْ بِزِينَتِهِمْ (1) . فَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَنَسٍ - ﵁ - أَنَّهُ قَال: كَانَ لأَِهْل الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُل سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ قَال: كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا وَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَْضْحَى (2) .
حُكْمُ صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ:
2 - صَلاَةُ الْعِيدَيْنِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْقَوْل الصَّحِيحِ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - وَالْمُرَادُ مِنَ الْوَاجِبِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ - وَدَلِيل ذَلِكَ: مُوَاظَبَةُ النَّبِيِّ ﷺ عَلَيْهَا مِنْ دُونِ تَرْكِهَا وَلَوْ مَرَّةً، وَأَنَّهُ لاَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ بِجَمَاعَةٍ - مَا خَلاَ قِيَامِ رَمَضَانَ وَكُسُوفِ الشَّمْسِ وَصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ فَإِنَّهَا تُؤَدَّى بِجَمَاعَةٍ، فَلَوْ كَانَتْ سُنَّةً وَلَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً لاَسْتَثْنَاهَا الشَّارِعُ كَمَا اسْتَثْنَى التَّرَاوِيحَ وَصَلاَةَ الْخُسُوفِ (3) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: فَقَدْ ذَهَبُوا إِلَى الْقَوْل بِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. وَدَلِيلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ: قَوْلُهُ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِلأَْعْرَابِيِّ - وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ لَهُ الرَّسُول ﷺ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فَقَال لَهُ: هَل عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَال لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ (4) .
قَالُوا: وَلأَِنَّهَا صَلاَةٌ ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَمْ يُشْرَعْ لَهَا أَذَانٌ فَلَمْ تَجِبْ بِالشَّرْعِ، كَصَلاَةِ الضُّحَى (5) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى الْقَوْل بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَصَل لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (6) ، وَلِمُدَاوَمَةِ الرَّسُول ﷺ عَلَى فِعْلِهَا (7) .

شُرُوطُهَا:
شُرُوطُ الْوُجُوبِ:
3 - شُرُوطُ وُجُوبِ صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: هِيَ بِعَيْنِهَا شُرُوطُ وُجُوبِ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ. فَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهَا. (1) الإِْمَامُ (2) الْمِصْرُ (3) الْجَمَاعَةُ (4) الْوَقْتُ (5) الذُّكُورَةُ (6) الْحُرِّيَّةُ (7) صِحَّةُ الْبَدَنِ (8) الإِْقَامَةُ.
إِلاَّ الْخُطْبَةَ، فَإِنَّهَا سُنَّةٌ بَعْدَ الصَّلاَةِ.
قَال الْكَاسَانِيُّ فِي بَدَائِعِ الصَّنَائِعِ - وَهُوَ يُقَرِّرُ أَدِلَّةَ هَذِهِ الشُّرُوطِ -: أَمَّا الإِْمَامُ فَشَرْطٌ عِنْدَنَا لِمَا ذَكَرْنَا فِي صَلاَةِ الْجُمُعَةِ، وَكَذَا الْمِصْرُ لِمَا روَيْنَا عَنْ عَلِيٍّ - ﵁ - أَنَّهُ قَال: لاَ جُمُعَةَ وَلاَ تَشْرِيقَ وَلاَ فِطْرَ وَلاَ أَضْحَى إِلاَّ فِي مِصْرٍ جَامِعٍ. وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ نَفْسَ الْفِطْرِ وَنَفْسَ الأَْضْحَى وَنَفْسَ التَّشْرِيقِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُوجَدُ فِي كُل مَوْضِعٍ، بَل الْمُرَادُ مِنْ لَفْظِ الْفِطْرِ وَالأَْضْحَى صَلاَةُ الْعِيدَيْنِ؛ وَلأَِنَّهَا مَا ثَبَتَتْ بِالتَّوَارُثِ مِنَ الصَّدْرِ الأَْوَّل إِلاَّ فِي الأَْمْصَارِ. وَالْجَمَاعَةُ شَرْطٌ لأَِنَّهَا مَا أُدِّيَتْ إِلاَّ بِجَمَاعَةٍ، وَالْوَقْتُ شَرْطٌ فَإِنَّهَا لاَ تُؤَدَّى إِلاَّ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ، بِهِ جَرَى التَّوَارُثُ وَكَذَا الذُّكُورَةُ وَالْعَقْل وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَصِحَّةُ الْبَدَنِ، وَالإِْقَامَةُ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِهَا كَمَا هِيَ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي صَلاَةِ الْجُمُعَةِ، وَلأَِنَّ تَخَلُّفَ شَرْطٍ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ يُؤَثِّرُ فِي إِسْقَاطِ الْفَرْضِ فَلأََنْ تُؤَثِّرَ فِي إِسْقَاطِالْوَاجِبِ أَوْلَى (8) .
وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ - وَصَلاَةُ الْعِيدَيْنِ عِنْدَهُمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ - فَإِنَّمَا شَرَطُوا لِفَرْضِيَّتِهَا: الاِسْتِيطَانَ، وَالْعَدَدَ الْمُشْتَرَطَ لِلْجُمُعَةِ (9) .
وَالْمَالِكِيَّةُ - وَهُمْ مِنَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ صَلاَةَ الْعِيدَيْنِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ - شَرَطُوا لِذَلِكَ، أَيْ لِتَأْكِيدِ سُنِّيَّتِهَا: تَكَامُل شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ، وَأَنْ لاَ يَكُونَ الْمُصَلِّي مُتَلَبِّسًا بِحَجٍّ. فَإِذَا فُقِدَ أَحَدُ الشُّرُوطِ نُظِرَ: فَإِنْ كَانَ الْمَفْقُودُ هُوَ عَدَمُ التَّلَبُّسِ بِالْحَجِّ فَصَلاَةُ الْعِيدِ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الطَّلَبِ، وَإِنْ كَانَ الْمَفْقُودُ هُوَ أَحَدُ شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ، كَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ، فَهِيَ فِي حَقِّهِمْ مُسْتَحَبَّةٌ وَلَيْسَتْ بِسُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ. قَال الصَّفْتِيُّ: وَهِيَ سُنَّةٌ فِي حَقِّ مَنْ يُؤْمَرُ بِالْجُمُعَةِ وُجُوبًا إِلاَّ الْحَاجَّ فَلاَ تُسَنُّ لَهُ وَلاَ تُنْدَبُ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ وَالْمُسَافِرُ فَتُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِمْ (10) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّ كُل مُكَلَّفٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا لِسُنِّيَّتِهَا شَرْطًا آخَرَ غَيْرَ التَّكْلِيفِ. وَقَالُوا بِاشْتِرَاطِ عَدَمِ التَّلَبُّسِ بِالْحَجِّ لأَِدَائِهَا جَمَاعَةً، أَيْ فَالْحَاجُّ تُسَنُّ لَهُ صَلاَةُ الْعِيدِ مُنْفَرِدًا لاَ جَمَاعَةً (11) .

شُرُوطُ الصِّحَّةِ:
4 - كُل مَا يُعْتَبَرُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ، فَهُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ أَيْضًا، مَا عَدَا الْخُطْبَةَ فَهِيَ هُنَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْعِيدَيْنِ وَإِنَّمَا هِيَ سُنَّةٌ.
وَيُسْتَثْنَى - أَيْضًا - شَرْطُ عَدَمِ التَّعَدُّدِ (رَاجِعْ صَلاَةَ الْجُمُعَةِ) فَلاَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِصَلاَةِ الْعِيدِ، قَال الْحَصْكَفِيُّ: وَتُؤَدَّى بِمِصْرٍ وَاحِدٍ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ اتِّفَاقًا، وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: مُقَرِّرًا هَذَا الْكَلاَمَ: وَالْخِلاَفُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْجُمُعَةِ، فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا: (11) الإِْمَامُ (13) وَالْمِصْرُ (14) وَالْجَمَاعَةُ (15) وَالْوَقْتُ.
وَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا شُرُوطٌ لِلْوُجُوبِ أَيْضًا (13) .
هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدِ اشْتَرَطُوا الْوَقْتَ وَالْجَمَاعَةَ.
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ لِصِحَّةِ صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ إِلاَّ الْوَقْتُ (14) .
أَمَّا الشُّرُوطُ الَّتِي هِيَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَوَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ مِنْ طَهَارَةٍ وَاسْتِقْبَال قِبْلَةٍ. . . إِلَخْ فَلَيْسَ فِيهَا مِنْ خِلاَفٍ.
وَلِمَعْرِفَتِهَا (ر: صَلاَة) .

الْمَرْأَةُ وَصَلاَةُ الْعِيدَيْنِ:
5 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى كَرَاهَةِ خُرُوجِ الشَّابَّاتِ وَذَوَاتِ الْجَمَال لِصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ خَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَلَكِنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا فِي الْمُقَابِل خُرُوجَ غَيْرِ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ مِنْهُنَّ وَاشْتِرَاكَهُنَّ مَعَ الرِّجَال فِي الصَّلاَةِ.
وَذَلِكَ لِلْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يُخْرِجُ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضِ فِي الْعِيدِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَكُنَّ يَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ (18) .
وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجْنَ فِي ثِيَابٍ لاَ تَلْفِتُ النَّظَرَ دُونَ تَطَيُّبٍ وَلاَ تَبَرُّجٍ (19) .
وَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي إِبَاحَةِ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ بَيْنَ كَوْنِ الْمَرْأَةِ شَابَّةً أَوْ عَجُوزًا. أَمَّا الشَّابَّاتُ مِنَ النِّسَاءِ وَذَوَاتُ الْجَمَال مِنْهُنَّ، فَلاَ يُرَخَّصُ لَهُنَّ فِي الْخُرُوجِ إِلَى صَلاَةِ الْعِيدِ وَلاَ غَيْرِهَا كَصَلاَةِ الْجُمُعَةِ (20) وَنَقَل الْكَاسَانِيُّ إِجْمَاعَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (21) .
وَأَمَّا الْعَجَائِزُ فَلاَ خِلاَفَ أَنَّهُ يُرَخَّصُ لَهُنَّ الْخُرُوجُ لِلْعِيدِ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّلَوَاتِ
غَيْرَ أَنَّ الأَْفْضَل عَلَى كُل حَالٍ أَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: هَل تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ لِلصَّلاَةِ أَمْ لِتَكْثِيرِ سَوَادِ الْمُسْلِمِينَ (22) ؟ .

وَقْتُ أَدَائِهَا:
6 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - إِلَى أَنَّ وَقْتَ صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ يَبْتَدِئُ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَدْرَ رُمْحٍ بِحَسَبِ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ الْمُجَرَّدَةِ - وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي تَحِل فِيهِ النَّافِلَةُ - وَيَمْتَدُّ وَقْتُهَا إِلَى ابْتِدَاءِ الزَّوَال (23) . وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ وَقْتَهَا مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا، وَدَلِيلُهُمْ عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا يَبْدَأُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ أَنَّهَا صَلاَةٌ ذَاتُ سَبَبٍ فَلاَ تُرَاعَى فِيهَا الأَْوْقَاتُ الَّتِي لاَ تَجُوزُ فِيهَا الصَّلاَةُ (24) .
أَمَّا الْوَقْتُ الْمُفَضَّل لَهَا، فَهُوَ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَدْرَ رُمْحٍ، إِلاَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ عَدَمُ تَأْخِيرِهَا عَنْ هَذَا الْوَقْتِ بِالنِّسْبَةِ لِعِيدِ الأَْضْحَى، وَذَلِكَ كَيْ يَفْرُغَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهَا لِذَبْحِ أَضَاحِيِّهِمْ، وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا قَلِيلاً عَنْ هَذَا الْوَقْتِ بِالنِّسْبَةِ لِعِيدِ الْفِطْرِ، وَذَلِكَ انْتِظَارًا لِمَنِ انْشَغَل فِي صُبْحِهِ بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ.
وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ عِنْدَ سَائِرِ الأَْئِمَّةِ (25) ، وَدَلِيلُهُمْ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ صَلاَتَيِ الْفِطْرِ وَالأَْضْحَى: أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَتَبَ إِلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ: أَنْ يُقَدِّمَ صَلاَةَ الأَْضْحَى وَيُؤَخِّرَ صَلاَةَ الْفِطْرِ (26) . حُكْمُهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا:
لِفَوَاتِ صَلاَةِ الْعِيدِ عَنْ وَقْتِهَا ثَلاَثُ صُوَرٍ:
7 - الصُّورَةُ الأُْولَى: أَنْ تُؤَدَّى صَلاَةُ الْعِيدِ جَمَاعَةً فِي وَقْتِهَا مِنَ الْيَوْمِ الأَْوَّل وَلَكِنَّهَا فَاتَتْ بَعْضَ الأَْفْرَادِ، وَحُكْمُهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهَا فَاتَتْ إِلَى غَيْرِ قَضَاءٍ، فَلاَ تُقْضَى مَهْمَا كَانَ الْعُذْرُ؛ لأَِنَّهَا صَلاَةٌ خَاصَّةٌ لَمْ تُشْرَعْ إِلاَّ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَبِقُيُودٍ خَاصَّةٍ، فَلاَ بُدَّ مِنْ تَكَامُلِهَا جَمِيعًا، وَمِنْهَا الْوَقْتُ. وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (27) .
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ: فَقَدْ أَطْلَقُوا الْقَوْل بِمَشْرُوعِيَّةِ قَضَائِهَا - عَلَى الْقَوْل الصَّحِيحِ فِي الْمَذْهَبِ - فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَكَيْفَمَا كَانَ: مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً، وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمُ الْمُعْتَمَدِ، وَهُوَ أَنَّ نَوَافِل الصَّلاَةِ كُلَّهَا يُشْرَعُ قَضَاؤُهَا (28) . وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ: فَقَالُوا: لاَ تُقْضَى صَلاَةُ الْعِيدِ، فَإِنْ أَحَبَّ قَضَاءَهَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ صَلاَّهَا أَرْبَعًا، إِمَّا بِسَلاَمٍ وَاحِدٍ، وَإِمَّا بِسَلاَمَيْنِ (29) .
8 - الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لاَ تَكُونَ صَلاَةُ الْعِيدِ قَدْ أُدِّيَتْ جَمَاعَةً فِي وَقْتِهَا مِنَ الْيَوْمِ الأَْوَّل، وَذَلِكَ إِمَّا بِسَبَبِ عُذْرٍ: كَأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمُ الْهِلاَل وَشَهِدَ شُهُودٌ عِنْدَ الإِْمَامِ بِرُؤْيَةِ الْهِلاَل بَعْدَ الزَّوَال، وَإِمَّا بِدُونِ عُذْرٍ.
فَفِي حَالَةِ الْعُذْرِ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إِلَى الْيَوْمِ الثَّانِي سَوَاءٌ كَانَ الْعِيدُ عِيدَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى؛ لأَِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ: أَنَّ قَوْمًا شَهِدُوا بِرُؤْيَةِ الْهِلاَل فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ رَمَضَانَ، فَأَمَرَ ﵊ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى مِنَ الْغَدِ (30) .
وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فَيُشْرَعُ قَضَاءُ صَلاَةِ الْعِيدِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عِنْدَ تَأَخُّرِ الشَّهَادَةِ بِرُؤْيَةِ الْهِلاَل، أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ: فَقَدْ أَطْلَقُوا الْقَوْل بِعَدَمِ قَضَائِهَا فِي مِثْل هَذِهِ الْحَال (31) .
إِلاَّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ لاَ يَعْتَبِرُونَ صَلاَتَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي قَضَاءً إِذَا تَأَخَّرَتِ الشَّهَادَةُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ إِلَى مَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. بَل لاَ تُقْبَل الشَّهَادَةُ حِينَئِذٍ وَيُعْتَبَرُ الْيَوْمُ الثَّانِي أَوَّل أَيَّامِ الْعِيدِ، فَتَكُونُ الصَّلاَةُ قَدْ أُدِّيَتْ فِي وَقْتِهَا (32) . 9 - الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تُؤَخَّرَ صَلاَةُ الْعِيدِ عَنْ وَقْتِهَا بِدُونِ الْعُذْرِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. فَيُنْظَرُ حِينَئِذٍ: إِنْ كَانَ الْعِيدُ عِيدَ فِطْرٍ سَقَطَتْ أَصْلاً وَلَمْ تُقْضَ. وَإِنْ كَانَ عِيدَ أَضْحَى جَازَ تَأْخِيرُهَا إِلَى ثَالِثِ أَيَّامِ النَّحْرِ، أَيْ يَصِحُّ قَضَاؤُهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَإِلاَّ فَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ إِلَى أَوَّل الزَّوَال، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَكِنْ تَلْحَقُهُ الإِْسَاءَةُ إِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْذُورٍ بِذَلِكَ (33) .

مَكَانُ أَدَائِهَا:
10 - كُل مَكَان طَاهِرٍ، يَصْلُحُ أَنْ تُؤَدَّى فِيهِ صَلاَةُ الْعِيدِ، سَوَاءٌ كَانَ مَسْجِدًا أَوْ عَرْصَةً وَسَطَ الْبَلَدِ أَوْ مَفَازَةً خَارِجَهَا. إِلاَّ أَنَّهُ يُسَنُّ الْخُرُوجُ لَهَا إِلَى الصَّحْرَاءِ أَوْ إِلَى مَفَازَةٍ وَاسِعَةٍ خَارِجَ الْبَلَدِ تَأَسِّيًا بِمَا كَانَ يَفْعَلُهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ.
وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ الإِْمَامُ غَيْرَهُ فِي الْبَلْدَةِ لِيُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ بِالضُّعَفَاءِ الَّذِينَ لاَ طَاقَةَ لَهُمْ بِالْخُرُوجِ لَهَا إِلَى الصَّحْرَاءِ (34) .
وَلَمْ يُخَالِفْ أَحَدٌ مِنَ الأَْئِمَّةِ فِي ذَلِكَ، إِلاَّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَيَّدُوا أَفْضَلِيَّةَ الصَّلاَةِ فِي الصَّحْرَاءِ بِمَا إِذَا كَانَ مَسْجِدُ الْبَلَدِ ضَيِّقًا.
وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ وَاسِعًا لاَ يَتَزَاحَمُ فِيهِ النَّاسُ، فَالصَّلاَةُ فِيهِ أَفْضَل؛ لأَِنَّ الأَْئِمَّةَ لَمْ يَزَالُوا يُصَلُّونَ صَلاَةَ الْعِيدِ بِمَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ؛ وَلأَِنَّ الْمَسْجِدَ أَشْرَفُ وَأَنْظَفُ. وَنَقَل صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلَهُ: إِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ وَاسِعًا فَصَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ فَلاَ بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَصَلَّى فِيهِ وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى الصَّحْرَاءِ كُرِهَتْ؛ لأَِنَّهُ إِذَا تَرَكَ الْمَسْجِدَ وَصَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ ضَرَرٌ، وَإِذَا تَرَكَ الصَّحْرَاءَ وَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الضَّيِّقِ تَأَذَّوْا بِالزِّحَامِ، وَرُبَّمَا فَاتَ بَعْضَهُمُ الصَّلاَةُ (35) .

كَيْفِيَّةُ أَدَائِهَا:
أَوَّلاً - الْوَاجِبُ مِنْ ذَلِكَ:
11 - صَلاَةُ الْعِيدِ، لَهَا حُكْمُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ الْمَشْرُوعَةِ؛ فَيَجِبُ وَيُفْرَضُ فِيهَا كُل مَا يَجِبُ وَيُفْرَضُ فِي الصَّلَوَاتِ الأُْخْرَى.
وَيَجِبُ فِيهَا - زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ - مَا يَلِي:
أَوَّلاً: - أَنْ تُؤَدَّى فِي جَمَاعَةٍ وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
ثَانِيًا: - الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا، وَذَلِكَ لِلنَّقْل الْمُسْتَفِيضِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
ثَالِثًا: أَنْ يُكَبِّرَ الْمُصَلِّي ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ زَوَائِدَ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ وَالرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى، وَأَنْ يُكَبِّرَ مِثْلَهَا - أَيْضًا - بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ.
وَسِيَّانِ (بِالنِّسْبَةِ لأَِدَاءِ الْوَاجِبِ) أَنْ تُؤَدَّى هَذِهِ التَّكْبِيرَاتُ قَبْل الْقِرَاءَةِ أَوْ بَعْدَهَا، مَعَ رَفْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ بِدُونِهِمَا، وَمَعَ السُّكُوتِ بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ أَوْ الاِشْتِغَال بِتَسْبِيحٍ وَنَحْوِهِ (36) .
أَمَّا الأَْفْضَل فَسَنَتَحَدَّثُ عَنْهُ عِنْدَ الْبَحْثِ فِي كَيْفِيَّتِهَا الْمَسْنُونَةِ.
فَمَنْ أَدْرَكَ الإِْمَامَ بَعْدَ أَنْ كَبَّرَ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتِ: فَإِنْ كَانَ لاَ يَزَال فِي الْقِيَامِ كَبَّرَ الْمُؤْتَمُّ لِنَفْسِهِ بِمُجَرَّدِ الدُّخُول فِي الصَّلاَةِ، وَتَابَعَ الإِْمَامَ. أَمَّا إِذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا فَلْيَرْكَعْ مَعَهُ، وَلْيُكَبِّرْ تَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ أَثْنَاءَ رُكُوعِهِ بَدَلٌ مِنْ تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ (37) .
وَهَذِهِ التَّكْبِيرَاتُ الزَّائِدَةُ قَدْ خَالَفَ فِي وُجُوبِهَا الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتِ وَمَكَانِهَا.
فَالشَّافِعِيَّةُ قَالُوا: هِيَ سَبْعٌ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ وَبَدْءِ الْقِرَاءَةِ، وَخَمْسٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ وَبَدْءِ الْقِرَاءَةِ أَيْضًا.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهَا سِتُّ تَكْبِيرَاتٍ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ، وَخَمْسٌ فِي الثَّانِيَةِ عَقِبَ الْقِيَامِ إِلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ قَبْل الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَالْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ وَاجِبٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَقَطْ. وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ (38) .

ثَانِيًا: الْمَنْدُوبُ مِنْ ذَلِكَ:
12 - يُنْدَبُ فِي صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ كُل مَا يُنْدَبُ فِي الصَّلَوَاتِ الأُْخْرَى: فِعْلاً كَانَ، أَوْ قِرَاءَةً، وَتَخْتَصُّ صَلاَةُ الْعِيدَيْنِ بِمَنْدُوبَاتٍ أُخْرَى نُجْمِلُهَا فِيمَا يَلِي:
أَوَّلاً - يُسَنُّ أَنْ يَسْكُتَ بَيْنَ كُل تَكْبِيرَتَيْنِ مِنَ التَّكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ قَدْرَ ثَلاَثِ تَسْبِيحَاتٍ وَلاَ يُسَنُّ أَنْ يَشْتَغِل بَيْنَهُمَا بِذِكْرٍ أَوْ تَسْبِيحٍ.
ثَانِيًا - يُسَنُّ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ عِنْدَ التَّكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ، بِخِلاَفِ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ فَلاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَهَا.
ثَالِثًا - يُسَنُّ أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُكَبِّرَ التَّكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدَ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى قَبْل الْقِرَاءَةِ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَهَا، فَتَكُونُ الْقِرَاءَتَانِ مُتَّصِلَتَيْنِ عَلَى ذَلِكَ.
رَابِعًا - يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى سُورَةَ الأَْعْلَى وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سُورَةَ الْغَاشِيَةِ وَلاَ يَلْتَزِمُهُمَا دَائِمًا كَيْ لاَ يَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ هَجْرُ بَقِيَّةِ سُوَرِ الْقُرْآنِ.
خَامِسًا - يُسَنُّ أَنْ يَخْطُبَ بَعْدَهَا خُطْبَتَيْنِ، لاَ يَخْتَلِفُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا عَنْ خُطْبَتَيِ الْجُمُعَةِ. إِلاَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْتَتِحَ الأُْولَى مِنْهُمَا بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ مُتَتَابِعَاتٍ وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ مِثْلَهَا (39) .
هَذَا وَلاَ يُشْرَعُ لِصَلاَةِ الْعِيدِ أَذَانٌ وَلاَ إِقَامَةٌ، بَل يُنَادَى لَهَا: الصَّلاَةَ جَامِعَةً.
13 - وَلَهَا - أَيْضًا - سُنَنٌ تَتَّصِل بِهَا وَهِيَ قَبْل الصَّلاَةِ أَوْ بَعْدَهَا نُجْمِلُهَا فِيمَا يَلِي:
أَوَّلاً: أَنْ يَطْعَمَ شَيْئًا قَبْل غُدُوِّهِ إِلَى الصَّلاَةِ إِذَا كَانَ الْعِيدُ عِيدَ فِطْرٍ، وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ الْمَطْعُومُ حُلْوًا كَتَمْرٍ وَنَحْوِهِ، لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ ﷺ كَانَ لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُل تَمَرَاتٍ (40) .
ثَانِيًا: يُسَنُّ أَنْ يَغْتَسِل وَيَتَطَيَّبَ وَيَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ.
ثَالِثًا: يُسَنُّ الْخُرُوجُ إِلَى الْمُصَلَّى مَاشِيًا، فَإِذَا عَادَ نُدِبَ لَهُ أَنْ يَسِيرَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى غَيْرَ الَّتِي أَتَى مِنْهَا. وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَعُودَ رَاكِبًا.
ثُمَّ إِنْ كَانَ الْعِيدُ فِطْرًا سُنَّ الْخُرُوجُ إِلَى الْمُصَلَّى بِدُونِ جَهْرٍ بِالتَّكْبِيرِ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (41) .
رَابِعًا: إِنْ كَانَ أَضْحَى فَيُسَنُّ الْجَهْرُ بِالتَّكْبِيرِ فِي الطَّرِيقِ إِلَيْهِ.
قَال فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: قِيل: وَفِي الْمُصَلَّى أَيْضًا وَعَلَيْهِ عَمَل النَّاسِ الْيَوْمَ (42) .
وَاتَّفَقَتْ بَقِيَّةُ الأَْئِمَّةِ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ فِي اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى مَاشِيًا وَالْعَوْدِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، وَأَنْ يَطْعَمَ شَيْئًا يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ قَبْل خُرُوجِهِ إِلَى الصَّلاَةِ، وَأَنْ يَغْتَسِل وَيَتَطَيَّبَ وَيَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ.
أَمَّا التَّكْبِيرُ فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْمُصَلَّى فَقَدْ خَالَفَ الْحَنَفِيَّةَ فِي ذَلِكَ كُلٌّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ عِنْدَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى وَالْجَهْرُ بِهِ فِي كُلٍّ مِنْ عِيدَيِ الْفِطْرِ وَالأَْضْحَى.
وَأَمَّا التَّكْبِيرُ فِي الْمُصَلَّى: فَقَدْ ذَهَبَتِ الشَّافِعِيَّةُ (فِي الأَْصَحِّ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلاَثَةٍ) إِلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لِلنَّاسِ الاِسْتِمْرَارُ فِي التَّكْبِيرِ إِلَى أَنْ يُحْرِمَ الإِْمَامُ بِصَلاَةِ الْعِيدِ (43) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ - أَيْضًا - إِلَى ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا. قَال الْعَلاَّمَةُ الدُّسُوقِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الشَّرْحِ الْكَبِيرِ: وَأَمَّا التَّكْبِيرُ جَمَاعَةً وَهُمْ جَالِسُونَ فِي الْمُصَلَّى فَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتُحْسِنَ، وَهُوَ رَأْيٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا (44) .
وَأَمَّا التَّكْبِيرَاتُ الزَّوَائِدُ فِي الصَّلاَةِ: فَقَدْ خَالَفَ الْحَنَفِيَّةَ فِي اسْتِحْبَابِ مُوَالاَتِهَا، وَعَدَمِ فَصْل أَيِّ ذِكْرٍ بَيْنَهَا كُلٌّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ ذَهَبَ هَؤُلاَءِ جَمِيعًا إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْصِل بَيْنَهَا بِذِكْرٍ، وَأَفْضَلُهُ أَنْ يَقُول: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ. أَوْ يَقُول: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً.
كَمَا خَالَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الأَْفْضَل عَدَمُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ شَيْءٍ مِنْهَا. كَمَا خَالَفَ الْمَالِكِيَّةُ، فِي عَدَدِ التَّكْبِيرَاتِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ افْتِتَاحُ الْخُطْبَةِ بِهَا. وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَهُمْ أَنْ تُفْتَتَحَ الْخُطْبَةُ بِالتَّكْبِيرِ وَلاَ تَحْدِيدَ لِلْعَدَدِ عِنْدَهُمْ (45) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ سُنَّةَ لَهَا قَبْلِيَّةً وَلاَ بَعْدِيَّةً، وَلاَ تُصَلَّى أَيُّ نَافِلَةٍ قَبْلَهَا وَقَبْل الْفَرَاغِ مِنْ خُطْبَتِهَا؛ لأَِنَّ الْوَقْتَ وَقْتُ كَرَاهَةٍ، فَلاَ يُصَلَّى فِيهِ غَيْرُ الْعِيدِ. أَمَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْخُطْبَةِ فَلاَ بَأْسَ بِالصَّلاَةِ (46) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ التَّنَفُّل قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا لِمَا عَدَا الإِْمَامَ، سَوَاءٌ صُلِّيَتْ فِي الْمَسْجِدِ أَوِ الْمُصَلَّى (47) . وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: يُكْرَهُ التَّنَفُّل قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا إِلَى الزَّوَال، إِنْ أُدِّيَتْ فِي الْمُصَلَّى وَلاَ يُكْرَهُ إِنْ أُدِّيَتْ فِي الْمَسْجِدِ (48) .
وَلِلْحَنَابِلَةِ تَفْصِيلٌ آخَرُ فَقَدْ قَالُوا: لاَ يَتَنَفَّل قَبْل الصَّلاَةِ وَلاَ بَعْدَهَا كُلٌّ مِنَ الإِْمَامِ وَالْمَأْمُومِ، فِي الْمَكَانِ الَّذِي صُلِّيَتْ فِيهِ، فَأَمَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا فَلاَ بَأْسَ (49) .

مُفْسِدَاتُ صَلاَةِ الْعِيدِ:
14 - لِصَلاَةِ الْعِيدِ مُفْسِدَاتٌ مُشْتَرَكَةٌ وَمُفْسِدَاتٌ خَاصَّةٌ.
أَمَّا مُفْسِدَاتُهَا الْمُشْتَرَكَةُ: فَهِيَ مُفْسِدَاتُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ. (رَاجِعْ: صَلاَة)
وَأَمَّا مُفْسِدَاتُهَا الْخَاصَّةُ بِهَا، فَتُلَخَّصُ فِي أَمْرَيْنِ:
الأَْوَّل: أَنْ يَخْرُجَ وَقْتُهَا أَثْنَاءَ أَدَائِهَا بِأَنْ يَدْخُل وَقْتُ الزَّوَال، فَتَفْسُدَ بِذَلِكَ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: أَيْ يَفْسُدُ وَصْفُهَا وَتَنْقَلِبُ نَفْلاً، اتِّفَاقًا إِنْ كَانَ الزَّوَال قَبْل الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، وَعَلَى قَوْل الإِْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ إِنْ كَانَ بَعْدَهُ (50) .
الثَّانِي: انْفِسَاخُ الْجَمَاعَةِ أَثْنَاءَ أَدَائِهَا.
فَذَلِكَ - أَيْضًا - مِنْ مُفْسِدَاتِ صَلاَةِ الْعِيدِ. وَهَل يُشْتَرَطُ لِفَسَادِهَا أَنْ تُفْسَخَ الْجَمَاعَةُ قَبْل أَنْ تُقَيَّدَ الرَّكْعَةُ الأُْولَى بِالسَّجْدَةِ، أَمْ تَفْسُدُ مُطْلَقًا؟ يَرِدُ فِي ذَلِكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلُهُ فِي مُفْسِدَاتِ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ (ر: صَلاَةُ الْجُمُعَةِ) . وَخَالَفَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ لاِنْفِسَاخِ الْجَمَاعَةِ.

مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى فَسَادِهَا:
15 - قَال صَاحِبُ الْبَدَائِعِ: إنْ فَسَدَتْ صَلاَةُ الْعِيدِ بِمَا تَفْسُدُ بِهِ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ مِنَ الْحَدَثِ الْعَمْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، يَسْتَقْبِل الصَّلاَةَ عَلَى شَرَائِطِهَا، وَإِنْ فَسَدَتْ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، أَوْ فَاتَتْ عَنْ وَقْتِهَا مَعَ الإِْمَامِ سَقَطَتْ وَلاَ يَقْضِيهَا عِنْدَنَا (51) .
وَسَائِرُ الأَْئِمَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ صَلاَةَ الْعِيدِ إِذَا فَسَدَتْ بِمَا تَفْسُدُ بِهِ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ الأُْخْرَى، تُسْتَأْنَفُ مِنْ جَدِيدٍ.
أَمَّا إِنْ فَسَدَتْ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ قَضَائِهَا أَوْ إِعَادَتِهَا، وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيل الْبَحْثِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَلَى وَقْتِ صَلاَةِ الْعِيدِ ف 7 وَمَا بَعْدَهَا.

شَعَائِرُ وَآدَابُ الْعِيدِ:
16 - أَمَّا شَعَائِرُهُ فَأَبْرَزُهَا: التَّكْبِيرُ.
وَصِيغَتُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (52) .
وَخَالَفَتِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، فَذَهَبُوا إِلَى جَعْل التَّكْبِيرَاتِ الأُْولَى فِي الصِّيغَةِ ثَلاَثًا بَدَل ثِنْتَيْنِ.
ثُمَّ إِنَّ هَذَا التَّكْبِيرَ يُعْتَبَرُ شِعَارًا لِكُلٍّ مِنْ عِيدَيِ الْفِطْرِ وَالأَْضْحَى، أَمَّا مَكَانُ التَّكْبِيرِ وَحُكْمُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ فَقَدْ مَرَّ الْحَدِيثُ عَنْهُ ف / 12.
وَأَمَّا حُكْمُهُ وَمَكَانُهُ فِي عِيدِ الأَْضْحَى، فَيَجِبُ التَّكْبِيرُ مُرَّةً عَقِبَ كُل فَرْضٍ أُدِّيَ جَمَاعَةً، أَوْ قُضِيَ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مَتْرُوكًا فِيهَا، مِنْ بَعْدِ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى مَا بَعْدِ عَصْرِ يَوْمٍ الْعِيدِ.
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ (وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ) إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ بَعْدَ كُل فَرْضٍ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا أَوْ مُسَافِرًا أَوِ امْرَأَةً، مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى مَا بَعْدَ عَصْرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (53) .
أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ التَّكْبِيرِ: فَسَائِرُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ سُنَّةٌ أَوْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ.
وَالْمَالِكِيَّةُ يُشْرَعُ التَّكْبِيرُ عِنْدَهُمْ إِثْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ صَلاَةً تَبْدَأُ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ (54) .
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِنَوْعِ الصَّلاَةِ الَّتِي يُشْرَعُ بَعْدَهَا التَّكْبِيرُ: فَقَدِ اخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ الْمَذَاهِبُ:
فَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ التَّكْبِيرُ عَقِبَ كُل الصَّلَوَاتِ فَرْضًا كَانَتْ أَمْ نَافِلَةً عَلَى اخْتِلاَفِهَا لأَِنَّ التَّكْبِيرَ شِعَارُ الْوَقْتِ فَلاَ يَخْتَصُّ بِنَوْعٍ مِنَ الصَّلاَةِ دُونَ آخَرَ (55) .
وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْفُرُوضِ الْمُؤَدَّاةِ جَمَاعَةً مِنْ صَلاَةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَلاَ يُشْرَعُ عَقِبَ مَا أُدِّيَ فُرَادَى مِنَ الصَّلَوَاتِ (56) .
وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ عَقِبَ الْفَرَائِضِ الَّتِي تُصَلَّى أَدَاءً، فَلاَ يُشْرَعُ عَقِبَ مَا صُلِّيَ مِنْ ذَلِكَ قَضَاءً مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَتْرُوكَاتِ الْعِيدِ أَمْ لاَ (57) . ر: تَكْبِير ج 13 ف 7، 14، 15. مِنَ الْمَوْسُوعَةِ

17 - وَأَمَّا آدَابُهُ فَمِنْهَا: الاِغْتِسَال وَيَدْخُل وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْل، وَالتَّطَيُّبُ، وَالاِسْتِيَاكُ، وَلُبْسُ أَحْسَنِ الثِّيَابِ. وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْل الصَّلاَةِ، وَأَدَاءُ فِطْرَتِهِ قَبْل الصَّلاَةِ.
وَمِنْ آدَابِ الْعِيدِ: إِظْهَارُ الْبَشَاشَةِ وَالسُّرُورِ فِيهِ أَمَامَ الأَْهْل وَالأَْقَارِبِ وَالأَْصْدِقَاءِ، وَإِكْثَارُ الصَّدَقَاتِ (58) . قَال فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: وَالتَّهْنِئَةُ بِتَقَبَّل اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ لاَ تُنْكَرُ.
وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ الْخِلاَفَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ صَحَّحَ الْقَوْل بِأَنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ لاَ يُنْكَرُ، وَاسْتَنَدَ فِي تَصْحِيحِهِ هَذَا إِلَى مَا نَقَلَهُ عَنِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ مِنْ قَوْلِهِ: بِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ فِي الْجُمْلَةِ. وَقَاسَ عَلَى ذَلِكَ مَا اعْتَادَهُ أَهْل الْبِلاَدِ الشَّامِيَّةِ وَالْمِصْرِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِمْ لِبَعْضٍ: عِيدٌ مُبَارَكٌ (59) .
وَذَكَرَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ - أَيْضًا - أَنَّ هَذِهِ التَّهْنِئَةَ عَلَى اخْتِلاَفِ صِيَغِهَا مَشْرُوعَةٌ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ الْبَيْهَقِيُّ عَقَدَ لَهُ بَابًا فَقَال: بَابُ مَا رُوِيَ فِي قَوْل النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي الْعِيدِ: تَقَبَّل اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَسَاقَ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَخْبَارٍ وَآثَارٍ ضَعِيفَةٍ لَكِنْ مَجْمُوعُهَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي مِثْل ذَلِكَ، ثُمَّ قَال الشِّهَابُ: وَيُحْتَجُّ لِعُمُومِ التَّهْنِئَةِ بِسَبَبِ مَا يَحْدُثُ مِنْ نِعْمَةٍ، أَوْ يَنْدَفِعُ مِنْ نِقْمَةٍ بِمَشْرُوعِيَّةِ سُجُودِ الشُّكْرِ (1) ، وَبِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ تَوْبَتِهِ لَمَّا تَخَلَّفَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: أَنَّهُ لَمَّا بُشِّرَ بِقَبُول تَوْبَتِهِ مَضَى إِلَى النَّبِيِّ ﷺ قَامَ إِلَيْهِ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَهَنَّأَهُ (2) .
كَمَا يُكْرَهُ حَمْل السِّلاَحِ فِيهِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَخَافَةَ عَدُوٍّ مَثَلاً؛ لِمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ (3) .
__________
(1) حجة الله البالغة للدهلوي 2 / 23.
(2) حديث: " كان لكم يومان. . . ". أخرجه النسائي (3 / 179 - 180 ط المكتبة التجارية) .
(3) انظر بدائع الصنائع 1 / 274، 275، والهداية 1 / 60 وتحفة الفقهاء 1 / 283.
(4) حديث الأعرابي: " هل علي غيرهن. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 5 / 287 - ط. السلفية) ومسلم (1 / 41 - ط. مسلم) من حديث طلحة بن عبيد الله.
(5) انظر المجموع للنووي 5 / 3، وجواهر الإكليل شرح مختصر خليل 1 / 101.
(6) سورة الكوثر 2.
(7) المغني لابن قدامة 2 / 304.
(8) بدائع الصنائع 1 / 275، المبسوط 2 / 37، وتحفة الفقهاء 1 / 284.
(9) كشاف القناع 1 / 455.
(10) حاشية الصفتي على الجواهر الزكية: 104.
(11) انظر مغني المحتاج: 1 / 301.
(12) انظر مغني المحتاج: 1 / 301.
(13) حاشية ابن عابدين 1 / 555.
(14) الدسوقي 1 / 396، وما بعدها، وأسنى المطالب 1 / 279، وما بعدها، وكشاف القناع 1 / 455، 2 / 50.
(15)
(16) حاشية ابن عابدين 1 / 555.
(17) الدسوقي 1 / 396، وما بعدها، وأسنى المطالب 1 / 279، وما بعدها، وكشاف القناع 1 / 455، 2 / 50.
(18) ) العواتق جمع عاتق، وهي الفتاة التي تجاوزت الحلم، وحديث أم عطية أخرجه البخاري (الفتح 3 / 504 - ط. السلفية) ومسلم (2 / 606 ط. الحلبي) .
(19) المجموع للنووي 5 / 6، 8 والمغني لابن قدامة 2 / 310، 311، وحاشية الصفتي: 104.
(20) المبسوط للسرخسي 2 / 41، والبدائع للكاساني 1 / 275.
(21) سورة الأحزاب / 33.
(22) انظر بدائع الصنائع 1 / 275، 276، ولعل المقصود من خروج المرأة لصلاة العيد تحقيق كلا الأمرين، فمن كانت طاهرة تصلي مع الجماعة، ومن كانت حائضا تعتزل جانبا وتسمع الموعظة وتكثر سواد المسلمين، وهكذا كان الأمر على عهد رسول الله ﷺ.
(23) تحفة الفقهاء 1 / 284، والهداية 1 / 60، والدر المختار 1 / 583، والدسوقي 1 / 396، وكشاف القناع 2 / 50.
(24) انظر نهاية المحتاج للرملي 2 / 276.
(25) راجع الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 1 / 583، والدسوقي 1 / 396، والمجموع للنووي 5 / 3، والمغني لابن قدامة 2 / 312.
(26) حديث: " أن رسول الله ﷺ كتب إلى بعض أصحابه: أن يقدم صلاة الأضحى ". أخرجه الشافعي في الأم (1 / 232 نشر دار المعرفة) وضعفه ابن حجر في التلخيص (2 / 83 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(27) البدائع 1 / 276، والدسوقي 1 / 396، 400.
(28) المجموع: 5 / 27 و 28.
(29) المغني لابن قدامة 2 / 324.
(30) حديث: " أن قوما شهدوا برؤية الهلال في آخر يوم من أيام رمضان ". أخرجه أبو داود (1 / 586 - 587 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، والدارقطني (2 / 170 ط. دار المحاسن) وحسنه الدارقطني.
(31) انظر بداية المجتهد 1 / 212.
(32) انظر المحلى على المنهاج 1 / 309.
(33) درر الحكام في شرح غرر الأحكام 1 / 103، 104، ومجمع الأنهر 1 / 169، والبدائع 1 / 276.
(34) انظر الدر المختار 1 / 581، مع حاشية ابن عابدين عليه. وبدائع الصنائع 1 / 275.
(35) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي مع شرحه المجموع للنووي 5 / 4.
(36) انظر الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 1 / 584، 585، والهداية 1 / 60، والبدائع 1 / 277.
(37) الدر المختار 1 / 584، 585.
(38) راجع حاشية الصفتي على الجواهر الزكية: 104، والمغني لابن قدامة 2 / 314، 318.
(39) انظر البدائع 1 / 277، والدر المختار 1 / 285، ومجمع الأنهر 1 / 169، والمبسوط 2 / 39.
(40) حديث: " كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ". أخرجه البخاري (الفتح2 / 446 - ط. السلفية) من حديث أنس.
(41) حاشية ابن عابدين 1 / 581.
(42) الدر المختار 1 / 586.
(43) انظر المجموع للنووي 5 / 32
(44) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 320، والمغني لابن قدامة 1 / 310.
(45) انظر جواهر الإكليل شرح مختصر الشيخ خليل 1 / 103.
(46) تحفة الفقهاء 1 / 294، والمبسوط 2 / 41، والبدائع 1 / 280.
(47) المجموع للنووي 5 / 13.
(48) شرح الدردير على متن خليل 1 / 322.
(49) المغني لابن قدامة 2 / 321، 323.
(50) ابن عابدين على الدر المختار 1 / 583.
(51) بدائع الصنائع 1 / 279.
(52) راجع الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 1 / 587
(53) الدر المختار 1 / 587، 588، ومجمع الأنهر 1 / 170، 171.
(54) انظر شرح الدردير 1 / 322.
(55) انظر المحلى على المنهاج 1 / 309.
(56) المغني لابن قدامة 2 / 328.
(57) شرح الدردير على متن خليل 1 / 322.
(58) الدر المختار 1 / 581، والهداية 1 / 60، وتحفة الفقهاء 1 / 295، ومجمع الأنهر 1 / 167.
(59) انظر الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 1 / 581.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 240/ 27