المجيد
كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...
العاجُ: نابُ الفِيلِ، ولا يُسَمَّى غَيْرُ النَّابِ عاجاً. وأَصْلُ الكَلِمَةِ مِن العَوَجِ، وهو: الـمَيْلُ والانْحِناءُ، ومنه سُـمِّيَ نابُ الفِيلِ عاجاً؛ لِانْحِنائِهِ. وقِيل: العاجُ هو عَظْمُ الفِيلِ، وقِيلَ: هو ظَهْرُ السُّلَحْفاةِ البَحْرِيَّة. ويُقال لِلوَاحِدَةِ مِن العاجِ: عاجَةٌ، ويُصْنَعُ منها الأَمْشاطُ والأَساوِرُ وغَيْرُها. ويُقال لِبائِعِ العاجِ: عَوّاج.
يَرِد مُصْطلَح (عاج) في الفقه في عِدَّة مواضِعَ، منها: كتاب الطَّهارَةِ، باب: النَّجاسات، وكتاب البُيُوعِ، عند الكلام عن حُكْمِ بَيْعِ العاجِ، وفي كتاب الحُدُودِ، باب: حَدّ السَّرِقَةِ، عند الكلام عن حُكْمِ مَن سَرَقَ عاجاً.
عوج
اسمٌ لِعَظامٍ بَيْضاءَ تُؤْخَذُ مِنْ أَنْيابِ الفِيَلَةِ وعِظامِها، أو مِنْ صَدَفِ السَّلاحِفِ البَحْرِيَّةِ.
العاجُ: اسمٌ لِعَظامٍ بَيْضاءَ، شَدِيدَة الجَفافِ، ظَاهِرَة الرَّوْنَقِ، غالِيَةِ القِيمَةِ، تُؤْخَذُ مِن أَنْيابِ الفِيَلَةِ وعِظامِهَا، أو مِنْ صَدَفِ السَّلاحِفِ البَحْرِيَّةِ، يُصْنَعُ منها الحُلِيّ، كالأَمْشاطِ والأَساوِرِ وغَيْرِها. وهو قِسْمانِ: 1- عاجٌ حَيَوانِيٌّ، وهو: نابُ الفِيلِ. 2- عاجٌ نَباتِيٌّ، وهو: مادَّةٌ قَاسِيَّةٌ شَبِيهَةٌ بِالعاجِ يُحْصَلُ عليها مِنْ جَوْزِ العاجِ، وتُسْتَعْمَلُ في صِناعَةِ الأَشْياءِ الصَّغِيرَةِ، كالأَزْرارِ.
العاجُ: نابُ الفِيلِ، وقِيل: عَظْمُ الفِيلِ، أو ظَهْرُ السُّلَحْفاةِ البَحْرِيَّة. وأَصْلُ الكَلِمَةِ مِن العَوَجِ، وهو: الـمَيْلُ والانْحِناءُ.
* العين : (2/185)
* تهذيب اللغة : (2/32)
* المحكم والمحيط الأعظم : (2/283)
* مختار الصحاح : (ص 220)
* لسان العرب : (2/331)
* تاج العروس : (6/126)
* حياة الـحيوان الكبرى : (2/35)
* البناية شرح الهداية : (1/426)
* شرح مختصر خليل للخرشي : (1/90)
* الـمجموع شرح الـمهذب : (1/238)
* المبدع في شرح المقنع : (1/55)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (29/211) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْعَاجُ فِي اللُّغَةِ: أَنْيَابُ الْفِيل، وَلاَ يُسَمَّى غَيْرُ النَّابِ عَاجًا.
وَالْعَوَّاجُ: بَائِعُ الْعَاجِ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَفِي الصِّحَاحِ: وَالْعَاجُ: عَظْمُ الْفِيل، الْوَاحِدَةُ عَاجَةٌ، وَقَال شِمْرٌ: وَيُقَال لِلْمِسْكِ عَاجٌ.
قَال الأَْزْهَرِيُّ: وَالدَّلِيل عَلَى صِحَّةِ مَا قَال شِمْرٌ فِي الْعَاجِ: إِنَّهُ الْمِسْكُ، مَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال لِثَوْبَانَ: اشْتَرِ لِفَاطِمَةَ قِلاَدَةً مِنْ عَصَبٍ وَسِوَارَيْنِ مِنْ عَاجٍ (1) ، لَمْ يُرِدْ بِالْعَاجِ مَا يُخْرَطُ مِنْ أَنْيَابِ الْفِيَلَةِ، لأَِنَّ أَنْيَابَهَا مَيْتَةٌ، وَإِنَّمَا الْعَاجُ الذَّبْل، وَهُوَ ظَهْرُ السُّلَحْفَاةِ الْبَحْرِيَّةِ، فَأَمَّا الْعَاجُ الَّذِي هُوَ لِلْفِيل فَنَجِسٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَطَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (2) .
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لَهُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، فَالشَّافِعِيَّةُ قَالُوا عَنِ الْعَاجِ: إِنَّهُ الذَّبْل وَهُوَ عَظْمُ السُّلَحْفَاةِ الْبَحْرِيَّةِ (3) ، وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ قَالُوا إِنَّهُ الْمَأْخُوذُ مِنْ نَابِ الْفِيل (4) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الذَّبْل:
2 - فِي لِسَانِ الْعَرَبِ: الذَّبْل: ظَهْرُ السُّلَحْفَاةِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: جِلْدُ السُّلَحْفَاةِ الْبَرِّيَّةِ، وَقِيل: الْبَحْرِيَّةِ يُجْعَل مِنْهُ الأَْمْشَاطُ، وَيُجْعَل مِنْهُ الْمِسْكُ أَيْضًا، وَقِيل: الذَّبْل: عِظَامُ ظَهْرِ دَابَّةٍ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ تَتَّخِذُ مِنْهُ نِسَاءٌ أَسْوِرَةً، وَقَال ابْنُ شُمَيْلٍ: الذَّبْل الْقُرُونُ يُسَوَّى مِنْهُ الْمِسْكُ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: الذَّبْل: شَيْءٌ كَالْعَاجِ (5) .
ب - الْمِسْكُ:
3 - فِي اللِّسَانِ: الْمِسْكُ: الذَّبْل، وَالْمِسْكُ: الأَْسْوِرَةُ وَالْخَلاَخِيل مِنَ الذَّبْل وَالْقُرُونِ وَالْعَاجِ، وَاحِدَتُهُ مَسْكَةٌ.
قَال الْجَوْهَرِيُّ: الْمِسْكُ بِالتَّحْرِيكِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَبْلٍ أَوْ عَاجٍ (6) . الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَاجِ:
أَوَّلاً: حُكْمُهُ مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ:
اخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ فِي طَهَارَةِ الْعَاجِ أَوْ نَجَاسَتِهِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
4 - الأَْوَّل: أَنَّهُ نَجِسٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْل مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، قَالُوا: إِنَّ الْعَاجَ الْمُتَّخَذَ مِنْ عَظْمِ الْفِيل نَجِسٌ لأَِنَّ عَظْمَهُ نَجِسٌ، وَسَوَاءٌ أُخِذَ الْعَظْمُ مِنَ الْفِيل وَهُوَ حَيٌّ أَوْ وَهُوَ مَيِّتٌ، لأَِنَّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ، وَسَوَاءٌ أُخِذَ مِنْهُ بَعْدَ ذَكَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى نَجَاسَتِهِ بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ (7) } وَالْعَظْمُ مِنْ جُمْلَتِهَا فَيَكُونُ مُحَرَّمًا وَالْفِيل لاَ يُؤْكَل لَحْمُهُ، فَهُوَ نَجِسٌ عَلَى كُل حَالٍ.
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ كَذَلِكَ بِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُدْهِنَ فِي عَظْمِ فِيلٍ، لأَِنَّهُ مَيْتَةٌ، وَالسَّلَفُ يُطْلِقُونَ الْكَرَاهَةَ وَيُرِيدُونَ بِهَا التَّحْرِيمَ، وَلأَِنَّهُ جُزْءٌ مُتَّصِلٌ بِالْحَيَوَانِ اتِّصَال خِلْقَةٍ فَأَشْبَهَ الأَْعْضَاءَ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ امْتَشَطَ بِمُشْطٍ مِنْ عَاجٍ (8) ، وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ ﷺ طَلَبَ مِنْ ثَوْبَانَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قِلاَدَةً مِنْ عَصَبٍ وَسِوَارَيْنِ مِنْ عَاجٍ (9) ، فَلاَ دَلِيل فِي ذَلِكَ عَلَى الطَّهَارَةِ، لأَِنَّ الْعَاجَ هُوَ الذَّبْل وَهُوَ عَظْمُ ظَهْرِ السُّلَحْفَاةِ الْبَحْرِيَّةِ، كَذَا قَالَهُ الأَْصْمَعِيُّ وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْل اللُّغَةِ، وَقَال أَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ: الْعَرَبُ تُسَمِّي كُل عَظْمٍ عَاجًا (10) .
5 - الْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ طَاهِرٌ، قَال بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ - غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - وَهُوَ طَرِيقٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا الطَّهَارَةَ، قَال فِي الْفَائِقِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ، قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الْقَوْل بِالطَّهَارَةِ هُوَ الصَّوَابُ.
وَهُوَ قَوْل ابْنِ وَهْبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْعَظْمَ لَيْسَ بِمَيِّتٍ؛ لأَِنَّ الْمَيْتَةَ مِنَ الْحَيَوَانِ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ اسْمٌ لِمَا زَالَتْ حَيَاتُهُ لاَ بِصُنْعِ أَحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ، أَوْ بِصُنْعٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ وَلاَ حَيَاةَ فِي الْعَظْمِ فَلاَ يَكُونُ مَيْتَةً، كَمَا أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَيْتَاتِ لَيْسَتْ لأَِعْيَانِهَا، بَل لِمَا فِيهَا مِنَ الدِّمَاءِ السَّائِلَةِ وَالرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ، وَلَمْ تُوجَدْ فِي الْعَظْمِ (11) .
وَاسْتَدَلُّوا مِنَ السُّنَّةِ بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: {قُل لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} ، أَلاَ كُل شَيْءٍ مِنَ الْمَيْتَةِ حَلاَلٌ إِلاَّ مَا أُكِل مِنْهَا (12) وَبِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَمْتَشِطُ بِمُشْطٍ مِنْ عَاجٍ (13) .
6 - الْقَوْل الثَّالِثُ: وَهُوَ التَّفْصِيل بَيْنَ ذَكَاةِ الْحَيَوَانِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ الْعَاجُ - وَهُوَ الْفِيل - أَوْ عَدَمِ ذَكَاتِهِ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ، جَاءَ فِي الدَّرْدِيرِ وَحَاشِيَةِ الدُّسُوقِيِّ: الظَّاهِرُ مَا ذُكِّيَ مِنَ الْحَيَوَانِ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً، وَكَذَلِكَ جُزْؤُهُ مِنْ عَظْمِ لَحْمٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ وَجِلْدٍ إِلاَّ مُحَرَّمُ الأَْكْل كَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِيرِ وَالْخِنْزِيرِ، فَإِنَّ الذَّكَاةَ لاَ تَنْفَعُ فِيهَا (14) ، وَالنَّجِسُ مَا أُبِينَ مِنْ حَيَوَانٍ نَجِسِ الْمَيْتَةِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا مِنْ قَرْنٍ وَعَظْمٍ وَظِلْفٍ وَظُفْرٍ وَعَاجٍ أَيْ سِنِّ فِيلٍ (15) .
وَفِي الْمَوَّاقِ: قَال ابْنُ شَاسٍ: كُل حَيَوَانٍ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ يَطْهُرُ بِذَكَاتِهِ كُل أَجْزَائِهِ مِنْ لَحْمٍ وَعَظْمٍ وَجِلْدٍ (16) .
وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا أُخِذَ الْعَاجُ مِنْ عِظَامِ الْفِيل وَهُوَ حَيٌّ، أَوْ وَهُوَ مَيِّتٌ لَمْ يُذَكَّ فَهُوَ نَجِسٌ، وَإِذَا أُخِذَ بَعْدَ ذَكَاتِهِ فَهُوَ طَاهِرٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.
وَهُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
قَال النَّوَوِيُّ: فِي بَابِ الأَْطْعِمَةِ: وَجْهٌ شَاذٌّ أَنَّ الْفِيل يُؤْكَل لَحْمُهُ، فَعَلَى هَذَا إِذَا ذُكِّيَ كَانَ عَظْمُهُ طَاهِرًا (17) .
ثَانِيًا: حُكْمُ الاِنْتِفَاعِ بِالْعَاجِ:
أ - اتِّخَاذُ الآْنِيَةِ مِنْهُ:
7 - الْقَائِلُونَ بِطَهَارَةِ عَظْمِ الْفِيل - الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْهُ الْعَاجُ - وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ مَعَهُمْ يَجُوزُ عِنْدَهُمُ اتِّخَاذُ الآْنِيَةِ مِنْهُ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَمْتَشِطُ بِمُشْطٍ مِنْ عَاجٍ، وَهَذَا يَدُل عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ الآْنِيَةِ مِنْ عَظْمِ الْفِيل (18) .
وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلاَمِ الشَّافِعِيَّةِ وَهُمُ الْقَائِلُونَ بِنَجَاسَتِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ اتِّخَاذُ الآْنِيَةِ مِنْهُ، لَكِنْ لاَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي شَيْءٍ رَطْبٍ وَيَجُوزُ فِي يَابِسٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا: إِنَّ الْوُضُوءَ مِنَ الإِْنَاءِ الْمُعَوَّجِ - أَيِ الْمُضَبَّبِ بِقِطْعَةٍ مِنْ عَظْمِ الْفِيل - إِنْ أَصَابَ الْمَاءُ تَعْوِيجَهُ لَمْ يَجُزْ، وَإِلاَّ فَيَجُوزُ، وَالصُّورَةُ فِيمَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ.
وَقَالُوا: لَوِ اتَّخَذَ مُشْطًا مِنْ عَظْمِ الْفِيل فَاسْتَعْمَلَهُ فِي رَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ رُطُوبَةٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ تَنَجَّسَ شَعْرُهُ وَإِلاَّ فَلاَ، وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَلاَ يَحْرُمُ وَلَوْ جُعِل الدُّهْنُ فِي عَظْمِ الْفِيل لِلاِسْتِصْبَاحِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الاِسْتِعْمَال فِي غَيْرِ الْبَدَنِ فَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ (19) .
وَكَرِهَ الإِْمَامُ مَالِكٌ الأَْدْهَانَ فِي أَنْيَابِ الْفِيل وَالْمُشْطَ بِهَا.
وَقَال النَّفْرَاوِيُّ فِي الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي: وَقَعَ الْخِلاَفُ بَيْنَ الشُّيُوخِ فِي نَجَاسَةِ الزَّيْتِ الْمَوْضُوعِ فِي إِنَاءِ الْعَاجِ، وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ مِنْ كَلاَمِ أَهْل الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ لاَ يَتَحَلَّل مِنْهُ شَيْءٌ يَقِينًا فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَلَّل مِنْهُ شَيْءٌ فَلاَ شَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ (20) .
ب - حُكْمُ بَيْعِهِ وَالتِّجَارَةُ فِيهِ:
8 - الْقَائِلُونَ بِطَهَارَةِ عَظْمِ الْفِيل أَجَازُوا بَيْعَهُ وَالاِنْتِفَاعَ بِهِ.
جَاءَ فِي ابْنِ عَابِدِينَ: يَجُوزُ بَيْعُ عَظْمِ الْفِيل وَالاِنْتِفَاعُ بِهِ فِي الْحَمْل وَالرُّكُوبِ وَالْمُقَاتَلَةِ (21) .
وَفِي الإِْنْصَافِ: وَعَلَى الْقَوْل بِطَهَارَتِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ (22) .
وَفِي الْمُغْنِي: وَرَخَّصَ فِي الاِنْتِفَاعِ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَغَيْرُهُ وَابْنُ جُرَيْجٍ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ثَوْبَانَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ اشْتَرَى لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قِلاَدَةً مِنْ عَصَبٍ وَسِوَارَيْنِ مِنْ عَاجٍ (23) .
9 - أَمَّا الْقَائِلُونَ بِنَجَاسَتِهِ وَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَهُمْ.
قَال النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ: لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلاَ يَحِل ثَمَنُهُ، وَبِهَذَا قَال طَاوُسٍ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ (24) .
10 - وَاخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْمَالِكِيَّةِ فِي الاِنْتِفَاعِ بِهِ وَسَبَبُ اخْتِلاَفِهِمْ مَا جَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ الأَْدْهَانَ فِي أَنْيَابِ الْفِيل وَالْمُشْطَ بِهَا وَالتِّجَارَةَ فِيهَا أَيْ بَيْعَهَا وَشِرَاءَهَا وَلَمْ يُحَرِّمْهُ فَحَمَل بَعْضُهُمُ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَحَمَلَهَا بَعْضُهُمُ الآْخَرُ عَلَى التَّنْزِيهِ، قَال الدُّسُوقِيُّ: حَمْل الْكَرَاهَةِ عَلَى التَّنْزِيهِ أَحْسَنُ خُصُوصًا وَقَدْ نَقَل حَمْلَهَا عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ رُشْدٍ، وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونَ عَنِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْل الْمَذْهَبِ.
وَسَبَبُ هَذِهِ الْكَرَاهَةِ أَنَّ الْعَاجَ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَيْتَةٍ لَكِنْ أُلْحِقَ بِالْجَوَاهِرِ فِي التَّزَيُّنِ فَأُعْطِيَ حُكْمًا وَسَطًا وَهُوَ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ مُرَاعَاةً لِمَا قَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَرَبِيعَةُ وَعُرْوَةُ مِنْ جَوَازِ الاِمْتِشَاطِ بِهِ.
وَهَذَا الْخِلاَفُ فِي الْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَاجِ الْمُتَّخَذِ مِنْ فِيلٍ مَيِّتٍ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ أَمَّا الْمُذَكَّى فَلاَ خِلاَفَ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (25) .
__________
(1) حديث: " اشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج ". أخرجه أبو داود (4 / 420 تحقيق عزت عبيد دعاس) وفي إسناده جهالة راويين من رواته، كذا في مختصر السنن للمنذري (6 / 109 - نشر دار المعرفة) .
(2) لسان العرب والمصباح المنير.
(3) المجموع 1 / 238 ط. السلفية.
(4) الدردير على الدسوقي 1 / 54 - 55، والمغني 1 / 72.
(5) لسان العرب والمصباح المنير مادة (ذبل) .
(6) لسان العرب والمصباح المنير.
(7) سورة المائدة: الآية (3) .
(8) حديث: " أنه ﷺ امتشط بمشط من عاج ". أخرجه البيهقي في السنن (1 / 26 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أنس بن مالك وأشار إلى تضعيف إسناده.
(9) حديث: أنه ﷺ طلب من ثوبان أن يشتري لفاطمة. . . تقدم تخريجه فـ 1.
(10) المجموع شرح المهذب 1 / 23، 236، 238 ط. المطبعة السلفية، والمجموع 9 / 217، والإنصاف 1 / 92، والمغني 1 / 72 - 73 والبدائع 5 / 142.
(11) البدائع 1 / 63، وفتح القدير 1 / 85 نشر دار إحياء التراث، وابن عابدين 1 / 136 ومراقي الفلاح 89 - 90 والمجموع شرح المهذب 1 / 237 - 240 المطبعة السلفية والمغني لابن قدامة 1 / 72 - 73، والحطاب 1 / 103 ومنح الجليل 1 / 30 ومجموع فتاوى ابن تيمية 1 / 39 مطبعة كردستان العلمية.
(12) حديث: " قُل لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا ". أخرجه الدارقطني (1 / 48 - ط. شركة الطباعة الفنية) وأتبعه بتضعيف أحد رواته.
(13) حديث أنس أن النبي ﷺ كان يمتشط بمشط من عاج. تقدم تخريجه فـ / 4.
(14) الدسوقي 1 / 49.
(15) الدسوقي 1 / 54.
(16) المواق بهامش الحطاب 1 / 88.
(17) المجموع 9 / 217.
(18) مراقي الفلاح ص 89 - 90، وابن عابدين 1 / 136.
(19) المجموع 1 / 243.
(20) أسهل المدارك 1 / 38 - 39.
(21) ابن عابدين 4 / 114.
(22) الإنصاف 1 / 92.
(23) المغني 1 / 72. وحديث ثوبان تقدم تخريجه فـ 1.
(24) المجموع 9 / 217، والفروع 1 / 110، والإنصاف 1 / 92، والمغني 1 / 72.
(25) الدسوقي 1 / 55، ومنح الجليل 1 / 30.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 211/ 29