الشافي
كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...
القُنُوتُ: مَصدَر قنَتَ، ومَعناهُ: الطّاعَةُ، يُقال: قَنَتَ، يَقْنُتُ، قُنُوتًا، أيْ: أطاعَ اللهَ وخَضَعَ لهُ وأقَرَّ بِعُبُودِيَّتِةِ، وأصْلُهُ: لُزُومُ الطّاعَةِ مع الخُضُوعِ، وقِيل: طُولُ القِيامِ، ومِنهُ سُمِّيَ القِيامُ في الصَّلاةِ قُنُوتًا، ومِن مَعانِيهِ: السُّكُوتُ والدُّعاءُ والإمْساكُ عنِ الكَلامِ.
يَرِد مُصطلَح (قُنُوت) في عِدَّةِ أبوابٍ فقهيَّةٍ، منها: كتاب الصَّلاةِ، باب: صَلاة الفجر، وباب: صَلاة الوِتْرِ، وباب: سُجُود السَّهْوِ، وفي كتاب الصِّيام، باب: القيام في رمضان (التراويح)، وغير ذلك مِن الأبواب.
قَنَتَ
* العين : (5/129)
* تهذيب اللغة : (9/65)
* المحكم والمحيط الأعظم : (6/338)
* مختار الصحاح : (ص 260)
* لسان العرب : (2/73)
* تاج العروس : (5/45)
* أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء : (ص 29)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 275)
* المغرب في ترتيب المعرب : (ص 394)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 371)
* القاموس الفقهي : (ص 309) -
التَّعْرِيفُ:
1 - يُطْلَقُ الْقُنُوتُ فِي اللُّغَةِ عَلَى مَعَانٍ عِدَّةٍ، مِنْهَا:
- الطَّاعَةُ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} (1) .
- وَالصَّلاَةُ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2) .
وَطُول الْقِيَامِ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ: أَفْضَل الصَّلاَةِ طُول الْقُنُوتِ (3) أَيْ طُول الْقِيَامِ.
وَسُئِل ابْنُ عُمَرَ ﵄ عَنِ الْقُنُوتِ، فَقَال: مَا أَعْرِفُ الْقُنُوتَ إِلاَّ طُول الْقِيَامِ، ثُمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْل سَاجِدًا وَقَائِمًا} (4) . وَالسُّكُوتُ: حَيْثُ وَرَدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ﵁ قَال: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُل صَاحِبَهُ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلاَةِ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (5) فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلاَمِ (6) .
وَالدُّعَاءُ: وَهُوَ أَشْهَرُهَا، قَال الزَّجَّاجُ: الْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ أَنَّ الْقُنُوتَ الدُّعَاءُ، وَأَنَّ الْقَانِتَ الدَّاعِي، وَحَكَى النَّوَوِيُّ أَنَّ الْقُنُوتَ يُطْلَقُ عَلَى الدُّعَاءِ بِخَيْرٍ وَشَرٍّ، يُقَال: قَنَتَ لَهُ وَقَنَتَ عَلَيْهِ (7) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: قَال ابْنُ عَلاَّنَ: الْقُنُوتُ عِنْدَ أَهْل الشَّرْعِ اسْمٌ لِلدُّعَاءِ فِي الصَّلاَةِ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ مِنَ الْقِيَامِ (8) .
الْقُنُوتُ فِي الصَّلاَةِ:
2 - الْقُنُوتُ مُنْحَصِرٌ فِي ثَلاَثَةِ مَوَاطِنَ: صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَصَلاَةِ الْوِتْرِ، وَفِي النَّوَازِل، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي: أ - الْقُنُوتُ فِي الصُّبْحِ:
3 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْقُنُوتِ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
(الأَْوَّل) : لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالثَّوْرِيِّ: وَهُوَ أَنَّ الْقُنُوتَ فِي الصُّبْحِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ (9) ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، ﵃، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: الْقُنُوتُ فِي الْفَجْرِ بِدْعَةٌ (10) ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ (11) .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ: بِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَنَتَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ شَهْرًا يَدْعُو فِي قُنُوتِهِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، ثُمَّ تَرَكَهُ (12) ، قَالُوا: فَكَانَ مَنْسُوخًا، إِذِ التَّرْكُ دَلِيل النَّسْخِ، وَبِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ الأَْشْجَعِيِّ قَال: قُلْتُ لأَِبِي: يَا أَبَتِ، إِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَلْفَ رَسُول اللَّهِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ هَاهُنَا بِالْكُوفَةِ نَحْوًا مِنْ خَمْسِ سِنِينَ، أَكَانُوا يَقْنُتُونَ؟ قَال: أَيْ بُنَيَّ، مُحْدَثٌ. وَفِي لَفْظٍ: يَا بُنَيَّ إِنَّهَا بِدْعَةٌ (13) . قَال التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ.
(وَالثَّانِي) لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ: وَهُوَ أَنَّ الْقُنُوتَ فِي الصُّبْحِ مُسْتَحَبٌّ وَفَضِيلَةٌ (14) ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ (15) فِيمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَخَفَّافُ بْنُ إِيمَاءَ وَالْبَرَاءُ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. قَال أَنَسٌ: مَا زَال رَسُول اللَّهِ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا (16) ، وَقَال عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ بِوُجُوبِ الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ، فَمَنْ تَرَكَهُ فَسَدَتْ صَلاَتُهُ (17) .
وَيَجُوزُ قَبْل الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، غَيْرَ أَنَّ الْمَنْدُوبَ الأَْفْضَل كَوْنُهُ قَبْل الرُّكُوعِ عَقِبَ الْقِرَاءَةِ بِلاَ تَكْبِيرَةٍ قَبْلَهُ (18) ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّفْقِ بِالْمَسْبُوقِ، وَعَدَمِ الْفَصْل بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُكْنَيِ الصَّلاَةِ وَلأَِنَّهُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ عَمَل عُمَرَ ﵁ بِحُضُورِ الصَّحَابَةِ، قَال الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْبَغْدَادِيُّ " وَرُوِيَ عَنْ أَبِي رَجَا الْعُطَارِدِيِّ قَال: كَانَ الْقُنُوتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَصَيَّرَهُ عُمَرُ قَبْلَهُ لِيُدْرِكَ الْمُدْرِكُ وَرُوِيَ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَْنْصَارَ سَأَلُوهُ عُثْمَانَ، فَجَعَلَهُ قَبْل الرُّكُوعِ، لأَِنَّ فِي ذَلِكَ فَائِدَةً لاَ تُوجَدُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَهِيَ أَنَّ الْقِيَامَ يَمْتَدُّ فَيَلْحَقُ الْمُفَاوِتُ، وَلأَِنَّ فِي الْقُنُوتِ ضَرْبًا مِنْ تَطْوِيل الْقِيَامِ، وَمَا قَبْل الرُّكُوعِ أَوْلَى بِذَلِكَ، لاَ سِيَّمَا فِي الْفَجْرِ (19) .
وَيُنْدَبُ كَوْنُهُ بِلَفْظِ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ، وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ، وَنَتَوَكَّل عَلَيْكَ، وَنَخْضَعُ لَكَ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُكَ، اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَنَخَافُ عَذَابَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ الْجِدُّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ.
وَمَنْ تَرَكَ الْقُنُوتَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ سَجَدَ لِتَرْكِهِ قَبْل السَّلاَمِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. وَلَيْسَ لِدُعَاءِ الْقُنُوتِ حَدٌّ مَحْدُودٌ.
وَلاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ، كَمَا لاَ يَرْفَعُ فِي التَّأْمِينِ، وَلاَ فِي دُعَاءِ التَّشَهُّدِ (20) .
وَالإِْسْرَارُ بِهِ هُوَ الْمُسْتَحَبُّ فِي حَقِّ الإِْمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ، لأَِنَّهُ دُعَاءٌ، فَيَنْبَغِي الإِْسْرَارُ بِهِ حَذَرًا مِنَ الرِّيَاءِ (21) .
وَالْمَسْبُوقُ إِذَا أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ لاَ يَقْنُتُ فِي الْقَضَاءِ، لأَِنَّهُ إِنَّمَا يَقْضِي الرَّكْعَةَ الأُْولَى وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا قُنُوتٌ، قَال ابْنُ رُشْدٍ: إِنْ أَدْرَكَ قَبْل رُكُوعِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَقْنُتْ فِي قَضَائِهِ، سَوَاءٌ أَدْرَكَ قُنُوتَ الإِْمَامِ أَمْ لاَ (22) .
(الثَّالِثُ) لِلشَّافِعِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّ الْقُنُوتَ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ سُنَّةٌ، قَال النَّوَوِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْقُنُوتَ مَشْرُوعٌ عِنْدَنَا فِي الصُّبْحِ، وَهُوَ سُنَّةٌ مُتَأَكِّدَةٌ (23) ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ﵁: مَا زَال رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا (24) .
قَالُوا: وَلَوْ تَرَكَهُ لَمْ تَبْطُل صَلاَتُهُ، لَكِنْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، سَوَاءٌ تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا.
أَمَّا مَحَلُّهُ، فَبَعْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الصُّبْحِ، فَلَوْ قَنَتَ قَبْل الرُّكُوعِ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ عَلَى الأَْصَحِّ (25) ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ ثُمَّ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ (26) .
وَأَمَّا لَفْظُهُ، فَالاِخْتِيَارُ أَنْ يَقُول فِيهِ مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ﵄ قَال: عَلَّمَنِي رَسُول اللَّهِ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، وَأَنَّهُ لاَ يَذِل مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ (27) ، وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ: وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ قَبْل: تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ وَبَعْدَهُ: فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.
قَال النَّوَوِيُّ: قَال أَصْحَابُنَا: لاَ بَأْسَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَقَال أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَآخَرُونَ: مُسْتَحَبَّةٌ (28) .
وَيُسَنُّ أَنْ يَقُول عَقِبَ هَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ صَل عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آل مُحَمَّدٍ وَسَلِّمْ.
وَذَلِكَ فِي الْوَجْهِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ (29) .
قَال النَّوَوِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْقُنُوتَ لاَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ دُعَاءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ، فَأَيُّ دُعَاءٍ دَعَا بِهِ حَصَل الْقُنُوتُ، وَلَوْ قَنَتَ بِآيَةٍ أَوْ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الدُّعَاءِ حَصَل الْقُنُوتُ (30) ، وَلَكِنَّ الأَْفْضَل مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ (31) .
وَلَوْ قَنَتَ بِالْمَنْقُول عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ كَانَ حَسَنًا، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَنَتَ فِي الصُّبْحِ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقَال: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، اللَّهُمَّ الْعَنْ كَفَرَةَ أَهْل الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ، اللَّهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ، وَزَلْزِل أَقْدَامَهُمْ، وَأَنْزِل بِهِمْ بَأْسَكَ الَّذِي لاَ تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ وَلاَ نَكْفُرُكَ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَلَكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، وَنَخْشَى عَذَابَكَ الْجِدَّ، وَنَرْجُو رَحْمَتَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكَافِرِينَ مُلْحَقٌ (32) .
ثُمَّ إِنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ بَيْنَ قُنُوتِ عُمَرَ ﵁ وَمَا سَبَقَ، فَإِنْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا، فَالأَْصَحُّ تَأْخِيرُ قُنُوتِ عُمَرَ، وَإِنِ اقْتَصَرَ فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى الأَْوَّل، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا إِذَا كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إِمَامَ جَمَاعَةٍ مَحْصُورِينَ يَرْضَوْنَ بِالتَّطْوِيل (33) .
وَيُسْتَحَبُّ إِذَا كَانَ الْمُصَلِّي إِمَامًا أَلاَّ يَخُصَّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ، بَل يُعَمِّمَ، فَيَأْتِيَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ " اللَّهُمَّ اهْدِنَا. . . إِلَخْ "، لِمَا رُوِيَ عَنْ ثَوْبَانَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: لاَ يَؤُمُّ امْرُؤٌ قَوْمًا، فَيَخُصَّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَل فَقَدْ خَانَهُمْ (34) .
أَمَّا رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الْقُنُوتِ فَفِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ، أَصَحُّهُمَا اسْتِحْبَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِيهِ (35) .
وَأَمَّا مَسْحُ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدُّعَاءِ - إِنْ قُلْنَا بِالرَّفْعِ - فَفِيهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا عَدَمُ اسْتِحْبَابِ الْمَسْحِ (36) .
وَأَمَّا الْجَهْرُ بِالْقُنُوتِ أَوِ الإِْسْرَارُ بِهِ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْمُصَلِّي إِمَامًا، أَوْ مُنْفَرِدًا، أَوْ مَأْمُومًا.
فَإِنْ كَانَ إِمَامًا: فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْجَهْرُ بِالْقُنُوتِ فِي الأَْصَحِّ.
وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَيُسِرُّ بِهِ بِلاَ خِلاَفٍ.
وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا: فَإِنْ لَمْ يَجْهَرِ الإِْمَامُ قَنَتَ سِرًّا كَسَائِرِ الدَّعَوَاتِ، وَإِنْ جَهَرَ الإِْمَامُ بِالْقُنُوتِ، فَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ يَسْمَعُهُ أَمَّنَ عَلَى دُعَائِهِ، وَشَارَكَهُ فِي الثَّنَاءِ عَلَى آخِرِهِ، وَإِنْ كَانَ لاَ يَسْمَعُهُ قَنَتَ سِرًّا (37) .
ب - الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ:
4 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْقُنُوتِ فِي صَلاَةِ الْوِتْرِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
(الأَْوَّل) لأَِبِي حَنِيفَةَ: وَهُوَ أَنَّ الْقُنُوتَ وَاجِبٌ فِي الْوِتْرِ قَبْل الرُّكُوعِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، وَقَال الصَّاحِبَانِ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: هُوَ سُنَّةٌ فِي كُل السَّنَةِ قَبْل الرُّكُوعِ.
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِذَا فَرَغَ مُصَلِّي الْوِتْرِ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ كَبَّرَ رَافِعًا يَدَيْهِ، ثُمَّ يَقْرَأُ دُعَاءَ الْقُنُوتِ (38) ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ ﷺ قَنَتَ فِي آخِرِ الْوِتْرِ قَبْل الرُّكُوعِ (39) .
وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ مِقْدَارَ الْقِيَامِ فِي الْقُنُوتِ مِقْدَارُ سُورَةِ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْقُنُوتِ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ. . . إِلَخْ (40) " " اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ. . . إِلَخْ " وَكِلاَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ هَذِهِ السُّورَةِ (41) .
وَلَيْسَ فِي الْقُنُوتِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ، كَذَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلاَةِ، لأَِنَّهُ رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ أَدْعِيَةٌ فِي حَال الْقُنُوتِ، وَلأَِنَّ الْمُؤَقَّتَ مِنَ الدُّعَاءِ يَجْرِي عَلَى لِسَانِ الدَّاعِي مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجِهِ إِلَى إِحْضَارِ قَلْبِهِ وَصِدْقِ الرَّغْبَةِ مِنْهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَيَبْعُدُ عَنِ الإِْجَابَةِ، وَلأَِنَّهُ لاَ تَوْقِيتَ فِي الْقِرَاءَةِ لِشَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ، فَفِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ أَوْلَى، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَال: التَّوْقِيتُ فِي الدُّعَاءِ يُذْهِبُ رِقَّةَ الْقَلْبِ، وَقَال بَعْضُ مَشَايِخِنَا: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: لَيْسَ فِي الْقُنُوتِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ مَا سِوَى قَوْلِهِ: " اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ. . " لأَِنَّ الصَّحَابَةَ اتَّفَقُوا عَلَى هَذَا فِي الْقُنُوتِ، فَالأَْوْلَى أَنْ يَقْرَأَهُ، وَلَوْ قَرَأَ غَيْرَهُ جَازَ، وَلَوْ قَرَأَ مَعَهُ غَيْرَهُ كَانَ حَسَنًا، وَالأَْوْلَى أَنْ يَقْرَأَ بَعْدَهُ مَا عَلَّمَ رَسُول اللَّهِ ﷺ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ﵄ فِي قُنُوتِهِ " اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَا هَدَيْتَ (42) . . "، إِلَى آخِرِهِ (43) .
وَمَنْ لاَ يُحْسِنُ الْقُنُوتَ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ لاَ يَحْفَظُهُ، فَفِيهِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ مُخْتَارَةٍ، قِيل: يَقُول: " يَا رَبِّ " ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَرْكَعُ، وَقِيل: يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَقِيل: يَقُول: اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآْخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، قَال ابْنُ نُجَيْمٍ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الأَْقْوَال الثَّلاَثَةَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الاِخْتِلاَفَ فِي الأَْفْضَلِيَّةِ لاَ فِي الْجَوَازِ، وَأَنَّ الأَْخِيرَ أَفْضَل لِشُمُولِهِ، وَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَنْ لاَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَل يَجُوزُ لِمَنْ يَعْرِفُ الدُّعَاءَ الْمَعْرُوفَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ لَمَا عَلِمْتَ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَدَمُ تَوْقِيتِهِ (44) .
وَأَمَّا صِفَةُ دُعَاءِ الْقُنُوتِ مِنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ، فَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ مُخْتَصَرَ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ إِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ: إِنْ شَاءَ جَهَرَ وَأَسْمَعَ غَيْرَهُ، وَإِنْ شَاءَ جَهَرَ وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَسَرَّ كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ.
وَإِنْ كَانَ إِمَامًا يَجْهَرُ بِالْقُنُوتِ، لَكِنْ دُونَ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلاَةِ، وَالْقَوْمُ يُتَابِعُونَهُ هَكَذَا إِلَى قَوْلِهِ: إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ (45) .
قَال أَبُو يُوسُفَ: يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ الْمُقْتَدِي أَيْضًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ، لأَِنَّهُ دُعَاءٌ كَسَائِرِ الأَْدْعِيَةِ، وَقَال مُحَمَّدٌ: لاَ يَقْرَأُ بَل يُؤَمِّنُ لأَِنَّ لَهُ شُبْهَةَ الْقُرْآنِ احْتِيَاطًا.
وَقَال فِي الذَّخِيرَةِ: اسْتَحْسَنُوا الْجَهْرَ فِي بِلاَدِ الْعَجَمِ لِلإِْمَامِ لِيَتَعَلَّمُوا، كَمَا جَهَرَ عُمَرُ ﵁ بِالثَّنَاءِ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ الْعِرَاقِ، وَنَصَّ فِي الْهِدَايَةِ عَلَى أَنَّ الْمُخْتَارَ الْمُخَافَتَةُ، وَفِي الْمُحِيطِ عَلَى أَنَّهُ الأَْصَحُّ (46) .
وَفِي الْبَدَائِعِ: وَاخْتَارَ مَشَايِخُنَا بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ الإِْخْفَاءَ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ فِي حَقِّ الإِْمَامِ وَالْقَوْمِ جَمِيعًا (47) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} (48) وَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ (49) .
أَمَّا الصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي الْقُنُوتِ. فَقَدْ قَال أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ: لاَ يُفْعَل، لأَِنَّ هَذَا لَيْسَ مَوْضِعَهَا، وَقَال الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: يَأْتِي بِهَا، لأَِنَّ الْقُنُوتَ دُعَاءٌ، فَالأَْفْضَل أَنْ يَكُونَ فِيهِ الصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى (50) .
وَأَمَّا حُكْمُ الْقُنُوتِ إِذَا فَاتَ عَنْ مَحَلِّهِ، فَقَالُوا: إِذَا نَسِيَ الْقُنُوتَ حَتَّى رَكَعَ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لاَ يَعُودُ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقُنُوتُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ تَذَكَّرَهُ فِي الرُّكُوعِ، فَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّهُ يَعُودُ إِلَى الْقُنُوتِ، لأَِنَّ لَهُ شَبَهًا بِالْقِرَاءَةِ فَيَعُودُ، كَمَا لَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ أَوِ السُّورَةَ فَتَذَكَّرَهَا فِي الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَعُودُ وَيُنْتَقَضُ رُكُوعُهُ، كَذَا هَاهُنَا (51) .
(وَالثَّانِي) لِلْمَالِكِيَّةِ فِي الْمَشْهُورِ وَطَاوُسٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄: أَنَّهُ لاَ يُشْرَعُ الْقُنُوتُ فِي صَلاَةِ الْوِتْرِ مِنَ السَّنَةِ كُلِّهَا، فَعَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَال: الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ بِدْعَةٌ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ لاَ يَقْنُتُ فِي صَلاَةٍ بِحَالٍ، وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ كَرَاهَةُ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الأَْخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ (52) .
(وَالثَّالِثُ) لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ: وَهُوَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الأَْخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ خَاصَّةً، فَإِنْ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ قَنَتَ فِيهَا، وَإِنْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ قَنَتَ فِي الأَْخِيرَةِ (53) .
وَفِي وَجْهٍ لِلشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ يَقْنُتُ فِي جَمِيعِ رَمَضَانَ.
وَحَكَى الرُّويَانِيُّ وَجْهًا أَنَّهُ يَجُوزُ الْقُنُوتُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ بِلاَ كَرَاهَةٍ، وَلاَ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِتَرْكِهِ فِي غَيْرِ النِّصْفِ الأَْخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، قَال: وَهَذَا حَسَنٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ طَبَرِسْتَانَ (54) .
قَال الرَّافِعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلاَمِ الشَّافِعِيِّ كَرَاهَةُ الْقُنُوتِ فِي غَيْرِ النِّصْفِ الأَْخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ (55) .
أَمَّا مَحَل الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ، فَهُوَ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ (56) .
أَمَّا لَفْظُ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ فَكَالصُّبْحِ (57) .
وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيَّةُ أَنْ يَضُمَّ إِلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ دُعَاءِ الْقُنُوتِ قُنُوتَ عُمَرَ ﵁ (58) .
أَمَّا الْجَهْرُ بِالْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ وَمَسْحُ الْوَجْهِ فَحُكْمُهَا مَا سَبَقَ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ نَفْسِهِ (59) .
(وَالرَّابِعُ) لِلْحَنَابِلَةِ: وَهُوَ أَنَّهُ يُسَنُّ الْقُنُوتُ جَمِيعَ السَّنَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ الأَْخِيرَةِ مِنَ الْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ (60) ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ (61) ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ فِي تَعْلِيل مَشْرُوعِيَّتِهِ كُل السَّنَةِ: لأَِنَّهُ وِتْرٌ، فَيُشْرَعُ فِيهِ الْقُنُوتُ، كَالنِّصْفِ الأَْخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَلأَِنَّهُ ذِكْرٌ شُرِعَ فِي الْوِتْرِ، فَشُرِعَ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ كَسَائِرِ الأَْذْكَارِ (62) .
وَلَوْ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ قَنَتَ قَبْل الرُّكُوعِ جَازَ (63) ، لِمَا رَوَى أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَنَتَ فِي الْوِتْرِ قَبْل الرُّكُوعِ (64) .
وَهَيْئَةُ الْقُنُوتِ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ إِلَى صَدْرِهِ حَال قُنُوتِهِ وَيَبْسُطَهُمَا وَبُطُونَهُمَا نَحْوَ السَّمَاءِ وَلَوْ كَانَ مَأْمُومًا، وَيَقُول جَهْرًا - سَوَاءٌ أَكَانَ إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا -: " اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ، وَنَسْتَهْدِيكَ، وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنَتُوبُ إِلَيْكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ، وَنَتَوَكَّل عَلَيْكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، نَشْكُرُكَ وَلاَ نَكْفُرُكَ، اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَنَخْشَى عَذَابَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ، اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لاَ يَذِل مَنْ وَالَيْتَ، وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ، لاَ نُحْصَى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ".
وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ مَا شَاءَ مِمَّا يَجُوزُ بِهِ الدُّعَاءُ فِي الصَّلاَةِ، قَال الْمَجْدُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: فَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ ﵁ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ بِقَدْرِ مِائَةِ آيَةٍ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَيُفْرِدُ الْمُنْفَرِدُ الضَّمِيرَ، فَيَقُول اللَّهُمَّ اهْدِنِي.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعِيذُكَ. . . إِلَخْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ نَصَّ أَحْمَدُ، وَعِنْدَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، يَجْمَعُهُ، لأَِنَّهُ يَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ (65) .
وَالْمَأْمُومُ إِذَا سَمِعَ قُنُوتَ إِمَامِهِ أَمَّنَ عَلَيْهِ بِلاَ قُنُوتٍ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ دَعَا، وَهَل يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ إِذَا فَرَغَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (أَشْهَرُهُمَا) أَنَّهُ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، نَقَلَهُ أَحْمَدُ، وَاخْتَارَهُ الأَْكْثَرُ، لِمَا رَوَى السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا دَعَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ، مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ (66) ، وَكَخَارِجِ الصَّلاَةِ.
(وَالثَّانِيَةُ) لاَ، نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ، وَاخْتَارَهَا الآْجُرِّيُّ لِضَعْفِ الْخَبَرِ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، صَحَّحَهَا فِي الْوَسِيلَةِ، وَعَنْهُ: يُمِرُّهُمَا عَلَى صَدْرِهِ (67) ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا أَرَادَ السُّجُودَ، لأَِنَّ الْقُنُوتَ مَقْصُودٌ فِي الْقِيَامِ، فَهُوَ كَالْقِرَاءَةِ (68) .
ج - الْقُنُوتُ عِنْدَ النَّازِلَةِ:
5 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْقُنُوتِ عِنْدَ النَّوَازِل عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
(الأَْوَّل) لِلْحَنَفِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّهُ لاَ يَقْنُتُ فِي غَيْرِ الْوِتْرِ إِلاَّ لِنَازِلَةٍ: كَفِتْنَةٍ وَبَلِيَّةٍ، فَيَقْنُتُ الإِْمَامُ فِي الصَّلاَةِ الْجَهْرِيَّةِ (69) ، قَال الطَّحَاوِيُّ: إِنَّمَا لاَ يَقْنُتُ عِنْدَنَا فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ مِنْ دُونِ وُقُوعِ بَلِيَّةٍ، فَإِنْ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ أَوْ بَلِيَّةٌ فَلاَ بَأْسَ بِهِ، فَعَلَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ (70) .
وَهَل الْقُنُوتُ لِلنَّازِلَةِ قَبْل الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ؟ احْتِمَالاَنِ، اسْتَظْهَرَ الْحَمَوِيُّ فِي حَوَاشِي الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ كَوْنَهُ قَبْلَهُ، وَرَجَّحَ ابْنُ عَابِدِينَ مَا اسْتَظْهَرَهُ الشُّرُنْبُلاَلِيُّ فِي مَرَاقِي الْفَلاَحِ أَنَّهُ بَعْدَهُ (71) .
(وَالثَّانِي) لِلْمَالِكِيَّةِ فِي الْمَشْهُورِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي غَيْرِ الأَْصَحِّ: وَهُوَ أَنَّهُ لاَ يَقْنُتُ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ مُطْلَقًا (72) ، قَال الزَّرْقَانِيُّ: لاَ بِوِتْرٍ وَلاَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ خِلاَفًا لِزَاعِمِيهِ، لَكِنْ لَوْ قَنَتَ فِي غَيْرِهَا لَمْ تَبْطُل، وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ الْكَرَاهَةُ (73) ، وَدَلِيلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ﵄ أَنَّهُ ﷺ قَنَتَ شَهْرًا ثُمَّ تَرَكَهُ (74) .
(وَالثَّالِثُ) لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ، كَوَبَاءٍ، وَقَحْطٍ، أَوْ مَطَرٍ يَضُرُّ بِالْعُمْرَانِ أَوِ الزَّرْعِ، أَوْ خَوْفِ عَدُوٍّ، أَوْ أَسْرِ عَالِمٍ قَنَتُوا فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ، قَال النَّوَوِيُّ: مُقْتَضَى كَلاَمِ الأَْكْثَرِينَ أَنَّ الْكَلاَمَ وَالْخِلاَفَ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْجَوَازِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُشْعِرُ إِيرَادُهُ بِالاِسْتِحْبَابِ، قُلْتُ: الأَْصَحُّ اسْتِحْبَابُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْعُدَّةِ، وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الإِْمْلاَءِ (75) ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَازِلَةٌ فَلاَ قُنُوتَ إِلاَّ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ، قَال ابْنُ عَلاَّنَ: وَإِنْ لَمْ تَنْزِل فَلاَ يَقْنُتُوا، أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُرُودِ الدَّلِيل لِغَيْرِ النَّازِلَةِ، وَفَارَقَتِ الصُّبْحُ غَيْرَهَا بِشَرَفِهَا مَعَ اخْتِصَاصِهَا بِالتَّأْذِينِ قَبْل الْوَقْتِ، وَبِالتَّثْوِيبِ، وَبِكَوْنِهَا أَقْصَرَهُنَّ، فَكَانَتْ بِالزِّيَادَةِ أَلْيَقَ، وَلِيَعُودَ عَلَى يَوْمِهِ بِالْبَرَكَةِ، لِمَا فِيهِ - أَيِ الْقُنُوتِ - مِنَ الذِّلَّةِ وَالْخُضُوعِ (76) .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: قَنَتَ رَسُول اللَّهِ ﷺ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ، يَدْعُو عَلَى رَعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ فِي دُبُرِ كُل صَلاَةٍ إِذَا قَال سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الأَْخِيرَةِ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ (77) قَال ابْنُ عَلاَّنَ: إِنَّهُ ﷺ قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى قَاتِلِي أَصْحَابِهِ الْقُرَّاءِ بِبِئْرِ مَعُونَةَ، لِدَفْعِ تَمَرُّدِ الْقَاتِلِينَ، لاَ لِتَدَارُكِ الْمَقْتُولِينَ لِتَعَذُّرِهِ. وَقِيسَ غَيْرُ خَوْفِ الْعَدُوِّ عَلَيْهِ (78) .
وَإِذَا قَنَتَ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ مِنَ الْفَرَائِضِ لِنَازِلَةٍ، فَهَل يَجْهَرُ بِالْقُنُوتِ أَمْ يُسِرُّ بِهِ؟ قَال النَّوَوِيُّ: الرَّاجِحُ أَنَّهَا كُلَّهَا كَالصُّبْحِ، سِرِّيَّةً كَانَتْ أَمْ جَهْرِيَّةً، وَمُقْتَضَى إِيرَادِهِ فِي الْوَسِيطِ أَنَّهُ يُسِرُّ فِي السِّرِّيَّةِ، وَفِي الْجَهْرِيَّةِ الْخِلاَفُ (79) . (وَالرَّابِعُ) لِلْحَنَابِلَةِ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ: وَهُوَ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْقُنُوتُ فِي غَيْرِ وِتْرٍ إِلاَّ أَنْ تَنْزِل بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ - غَيْرُ الطَّاعُونِ - لأَِنَّهُ لَمْ يَثْبُتِ الْقُنُوتُ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ، وَلأَِنَّهُ شَهَادَةٌ لِلأَْخْيَارِ، فَلاَ يُسْأَل رَفْعُهُ (80) ، فَيُسَنُّ لِلإِْمَامِ الأَْعْظَمِ - وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ (81) - الْقُنُوتُ فِيمَا عَدَا الْجُمُعَةِ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ (82) - لِرَفْعِ تِلْكَ النَّازِلَةِ، ذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، ثُمَّ تَرَكَهُ (83) ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ أَنَّهُ قَنَتَ ثُمَّ قَال: إِنَّمَا اسْتَنْصَرْنَا عَلَى عَدُوِّنَا هَذَا (84) .
وَيَقُول الإِْمَامُ فِي قُنُوتِهِ نَحْوًا مِمَّا قَال النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ﵁ أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي الْقُنُوتِ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، اللَّهُمَّ الْعَنْ كَفَرَةَ أَهْل الْكِتَابِ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ، اللَّهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ، وَزَلْزِل أَقْدَامَهُمْ، وَأَنْزِل بِهِمْ بَأْسَكَ الَّذِي لاَ يُرَدُّ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ (85) . . . إِلَخْ
وَيَجْهَرُ بِالْقُنُوتِ لِلنَّازِلَةِ فِي صَلاَةٍ جَهْرِيَّةٍ، قَال ابْنُ مُفْلِحٍ وَظَاهِرُ كَلاَمِهِمْ مُطْلَقًا (86) ، وَلَوْ قَنَتَ فِي النَّازِلَةِ كُل إِمَامِ جَمَاعَةٍ أَوْ كُل مُصَلٍّ، لَمْ تَبْطُل صَلاَتُهُ. لأَِنَّ الْقُنُوتَ مِنْ جِنْسِ الصَّلاَةِ، كَمَا لَوْ قَال: آمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ (87) .
__________
(1) البقرة / 116.
(2) آل عمران / 43.
(3) حديث: " أفضل الصلاة طول القنوت ". أخرجه مسلم (1 / 520) من حديث جابر بن عبد الله.
(4) الزمر / 9، وانظر بصائر ذوي التمييز 4 / 298.
(5) البقرة / 238.
(6) حديث زيد بن أرقم " كنا نتكلم في الصلاة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 8 / 198) ، ومسلم (1 / 383) ، واللفظ لمسلم.
(7) انظر تحرير ألفاظ التنبيه للنووي (ط. دار القلم بدمشق) ص73، وبصائر ذوي التمييز للفيروز أبادي 4 / 298، وطلبة الطلبة للنسفي ص28، والمصباح المنير، وغرر المقالة في شرح غريب الرسالة للمفراوي (ط. دار الغرب الإسلامي) ص118، وحلية الفقهاء لابن فارس ص81، والمغرب للمطرزي، والزاهر للأزهري ص99، وأنيس الفقهاء ص95.
(8) الفتوحات الربانية على الأذكار النووية 2 / 286.
(9) المغني لابن قدامة (ط. هجر بالقاهرة 1986م) 2 / 585 وما بعدها، وكشاف القناع 1 / 493، وروضة الطالبين 1 / 254، والمجموع للنووي 3 / 494، وبدائع الصنائع 1 / 273، وشرح معاني الآثار 1 / 241 - 254، ومجمع الأنهر 1 / 129، وعقود الجواهر المنيفة للزبيدي (ط. مؤسسة الرسالة) 1 / 147، وبداية المجتهد (مط. مع الهداية في تخريج أحاديث البداية) 3 / 89، ومنح الجليل 1 / 157، ومواهب الجليل 1 / 539.
(10) مجمع الأنهر 1 / 129.
(11) شرح منتهى الإرادات 1 / 228، وكشاف القناع 1 / 493.
(12) حديث أن النبي ﷺ " قنت في صلاة الفجر شهرًا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 7 / 385) ، ومسلم (1 / 469) ، من حديث أنس بن مالك واللفظ المذكور مركب من عدة روايات لهما.
(13) حديث سعد بن طارق: " قلت لأبي: يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله ﷺ. . . ". أخرجه الترمذي (2 / 252) وقال: " حديث حسن صحيح "، واللفظ الآخر للنسائي (2 / 304) .
(14) مواهب الجليل 1 / 539، ومنح الجليل 1 / 157، وحاشيةالعدوي على كفاية الطالب الرباني 1 / 239، والقوانين الفقهية ط. الدار العربية للكتاب ص66.
(15) حديث: " كان يقنت في صلاة الصبح " تقدم بمعناه آنفًا
(16) حديث أنس: " ما زال رسول الله ﷺ يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا ". أخرجه أحمد (3 / 162) ، والبيهقي (2 / 201) ، وضعفه ابن التركماني كما في هامش سنن البيهقي، وكذا ابن الجوزي كما في (نصب الراية 2 / 132) .
(17) حاشية البناني على الزرقاني 1 / 212، ومنح الجليل 1 / 157، ومواهب الجليل 1 / 539.
(18) كفاية الطالب الرباني 1 / 239، ومواهب الجليل 1 / 539.
(19) الإشراف للقاضي عبد الوهاب 1 / 88.
(20) التفريع 1 / 266، والقوانين الفقهية ص67، ومواهب الجليل 1 / 540، وحاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني 1 / 239.
(21) العدوي على كفاية الطالب الرباني 1 / 239، ومواهب الجليل 1 / 539.
(22) كفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي عليه 1 / 239، ومختصر الدر الثمين لميّاره (ط. المغرب) ص139، والقوانين الفقهية ط. الدار العربية للكتاب بتونس ص66، والتفريع لابن الجلاب (ط. دار الغرب الإسلامي) 1 / 266، ومواهب الجليل والتاج والإكليل 1 / 539، والزرقاني على خليل وحاشية البناني عليه 1 / 212، ومنح الجليل 1 / 157، والإشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب (ط. تونس) 1 / 88، وبداية المجتهد (مط. مع الهداية في تخريج أحاديث البداية للصديق الغماري) 3 / 72 وما بعدها.
(23) الأذكار (ط. مكتبة دار البيان) ص86.
(24) حديث أنس بن مالك. تقدم آنفًا.
(25) المجموع شرح المهذب 3 / 495، والأذكار للنووي ص86.
(26) الفتوحات الربانية لابن علان 2 / 293.
(27) حديث الحسن بن علي: " علمني رسول الله ﷺ كلمات أقولهن في الوتر. . . ". أخرجه الترمذي (2 / 328) وقال: حديث حسن ولا نعرف عن النبي صلى الله عيه وسلم في القنوت شيئًا أحسن من هذا.
(28) روضة الطالبين 1 / 254، والمجموع 3 / 496.
(29) المجموع 3 / 499.
(30) المجموع شرح المهذب 3 / 497.
(31) الأذكار للنووي ص 88، وانظر روضة الطالبين 1 / 254.
(32) حديث " عمر في القنوت ". أخرجه البيهقي في سننه (2 / 210 - 211) وله ألفاظ أخرى في مصنف عبد الرزاق (3 / 110، 111) ومصنف ابن أبي شيبة (2 / 314) ، وانظر الأذكار 87، والمجموع شرح المهذب 3 / 498.
(33) المجموع 3 / 499.
(34) حديث: " لا يؤم امرؤ قومًا. . . ". أخرجه الترمذي (2 / 189) .
(35) الأذكار ص88.
(36) المجموع شرح المهذب 3 / 500 - 501.
(37) الأذكار للنووي (ط. دار البيان بدمشق) ص86 - 89، وروضة الطالبين 1 / 253 - 255، والمجموع شرح المهذب 3 / 492 - 511.
(38) البحر الرائق 2 / 43 - 45، والبدائع 1 / 273، ومجمع الأنهر 1 / 128.
(39) حديث أنه ﷺ " قنت في آخر الوتر قبل الركوع ". أخرجه الدارقطني (2 / 32) ، وذكر ابن حجر في الدراية (1 / 193) أن في إسناده عمرو بن شمر، وهو واهٍ.
(40) حديث أنه كان يقرأ في القنوت: " اللهم إنا نستعينك. . . ". وحديث: " اللهم اهدنا فيمن هديت. . . ". ذكر الدعاء الأول ورد من حديث ابن عباس، أورده ابن حجر في التلخيص (1 / 249 - 250) معزوًا إلى الحاكم وضعفه والآخر ورد من تعليمه الحسن بن علي، وقد تقدم في ف3.
(41) البحر الرائق 2 / 44، والبدائع 1 / 273.
(42) حديث " أن رسول الله ﷺ علم الحسن بن علي في قنوته ". تقدم ف3.
(43) البدائع 1 / 273.
(44) البحر الرائق 2 / 45.
(45) ابن عابدين 1 / 449، وبدائع الصنائع 1 / 274.
(46) البحر الرائق 2 / 46.
(47) بدائع الصنائع 1 / 274.
(48) سورة الأعراف / 55.
(49) حديث: " خير الذكي الخفي ". أخرجه أحمد (1 / 172) من حديث سعد بن أبي وقاص، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10 / 81) : فيه محمد بن عبد الرحمن ابن لبيبة، وثقه ابن حبان وضعفه ابن معين.
(50) بدائع الصنائع 1 / 274.
(51) البحر الرائق 2 / 45، وبدائع الصنائع 1 / 274، والدر المنتقي شرح الملتقى 1 / 128، وحاشية ابن عابدين 1 / 450.
(52) الكافي لابن عبد البر (ط. دار الكتب العلمية في بيروت) ص74، والتفريع لابن الجلاب 1 / 266، والقوانين الفقهية ص66، ومنح الجليل 1 / 157، والزرقاني على خليل 1 / 212، والمغني لابن قدامة 2 / 580، والمجموع للنووي 4 / 24.
(53) الأذكار للنووي ص86، والفتوحات الربانية لبن علان 2 / 291، وروضة الطالبين 1 / 253، 330، والمجموع شرح المهذب 4 / 15.
(54) المجموع 4 / 15، الروضة 1 / 330.
(55) المجموع 4 / 15، وانظر روضة الطالبين 1 / 330.
(56) روضة الطالبين 1 / 330، والمجموع 4 / 15.
(57) روضة الطالبين 1 / 253.
(58) الروضة 1 / 331.
(59) المجموع 4 / 16، الروضة 1 / 331.
(60) شرح منتهى الإرادات 1 / 226، وكشاف القناع 1 / 489، والمغني 2 / 580، وما بعدها (ط. هجر) والمبدع 2 / 7.
(61) حديث أبي هريرة " أن النبي ﷺ قنت بعد الركوع ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 284) ، ومسلم (1 / 468) ، وحديث أنس أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 489) ، ومسلم (1 / 468) .
(62) المغني 2 / 581.
(63) شرح منتهى الإرادات 1 / 226.
(64) حديث أُبي بن كعب " أن رسول الله ﷺ قنت في الوتر قبل الركوع ". أورده أبو داود (2 / 135) معلقًا، ثم ضعفه.
(65) (1) المبدع 2 / 12.
(66) حديث: " أن النبي ﷺ " كان دعا فرفع يديه مسح بهما وجهه ". أخرجه أبو داود (2 / 166) ، وفي إسناده راوٍ مجهول كما في الميزان للذهبي (1 / 569)
(67) المبدع 2 / 12، والمغني 4 / 585.
(68) كشاف القناع 1 / 489 - 493، وشرح منتهى الإرادات 1 / 226 - 228، والمبدع 2 / 7 - 12، والمغني لابن قدامة 2 / 580 - 585، (ط. هجر) وبدائع الفوائد 4 / 112، 113.
(69) البحر الرائق وحاشيته منحة الخالق لابن عابدين 2 / 47، 48، الدر المنتقى شرح الملتقى 1 / 129، مرقاة المفاتيح 1 / 163.
(70) عقود الجواهر المنيفة للزبيدي 1 / 147، ومنحة الخالق على البحر الرائق 2 / 47.
(71) منحة الخالق على البحر الرائق لابن عابدين 2 / 48.
(72) منح الجليل 1 / 157، ومواهب الجليل 1 / 539، والأذكار للنووي ص86، وروضة الطالبين 1 / 254، والمجموع شرح المهذب 3 / 494.
(73) شرح الزرقاني على خليل 1 / 212.
(74) حديث أنس: " أنه ﷺ قنت شهرًا ثم تركه ". أخرجه البخاري (فتح الباري 7 / 385) ، ومسلم (1 / 469) .
(75) روضة الطالبين 1 / 254، وانظر المجموع شرح المهذب 3 / 494.
(76) الفتوحات الربانية على الأذكار النووية 2 / 289، وانظر المجموع شرح المهذب3 / 494، 505، وروضة الطالبين 1 / 254، والأذكار ص86، ومواهب الجليل للحطاب 1 / 539.
(77) حديث ابن عباس: " قنت رسول الله ﷺ شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر ". أخرجه أبو داود (2 / 143) ، وحسنه ابن حجر كما في الفتوحات لابن علان (2 / 288) .
(78) الفتوحات الربانية 2 / 288.
(79) روضة الطالبين 1 / 255.
(80) كشاف القناع 1 / 494، وشرح منتهى الإرادات 1 / 229.
(81) المبدع 2 / 13.
(82) المغني 2 / 587، 588، والمبدع 2 / 13.
(83) حديث: " أنه ﷺ قنت شهرًا يدعو علي حي من أحياء العرب ثم تركه ". أخرجه مسلم (1 / 469) ، وبمعناه في البخاري (فتح الباري 7 / 490) .
(84) المغني 1 / 787 مع الشرح الكبير نشر الكتاب العربي. والأثر أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 2 / 310.
(85) المغني 2 / 587، والأثر أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2 / 210، 211) .
(86) المبدع 2 / 14، وشرح منتهى الإرادات 1 / 229.
(87) ) كشاف القناع 1 / 494، وشرح منتهى الإرادات 1 / 228، 229، والمغني 2 / 586 وما بعدها.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 57/ 34